المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حرب «الهويات القاتلة» والفتن المتنقلة! .......محمد صادق الحسيني



سلسبيل
03-05-2006, 11:57 AM
محمد صادق الحسيني

الحياة - 05/03/06//


... إيران تستهلك الوقت لـ «النفاد» ببرنامجها النووي بعيداً عن أعين المجتمع الدولي، وبذلك تكتسب الخبرات الكافية للتعلم ومعرفة علوم هذه التكنولوجيا المتطورة... ولذلك يجب الاستعجال في معاقبتها ووقفها عند حدها الآن وقبل فوات الأوان.

هكذا يحذر الأميركيون وبعض الدوائر الغربية.

على «حماس» أن تختار بين «الإرهاب» والسياسة، وإلا فإن مقولة صناديق الاقتراع والديموقراطية لن تحمي الشعب الفلسطيني من سياسة التجويع والحصار! هكذا يتعامل المجتمع الدولي الحر والديموقراطي مع مسار الديموقراطية في فلسطين.

على سورية أن تتعامل بشكل كامل مع كل القرارات الدولية التي تدينها وتحمّلها كل ما يجري في لبنان والعراق من مسلسل للعنف والاغتيالات الكبرى والصغرى، وإلا فإن مطلب تغيير «سلوك النظام» سيتحول عاجلاً أو آجلاً الى ضرورة اسقاط هذا النظام.

هكذا يتصرف التحالف الأميركي - الفرنسي مع دمشق عندما تبدي ممانعة للمشروع الشرق أوسطي الكبير.

على العراقيين أن يشكلوا في كل مرحلة من مراحل «تحررهم» الجديد الحكومة المناسبة لأجندة «قوات التحالف المتعددة الجنسية»، وإلا فإن أمامهم مزيداً من عمليات التفخيخ الطائفي والمذهبي والإمعان في قتل الوطن الواحد والتهديد بحرب أهلية قد تنفجر في أي لحظة.

هكذا يتصرف «المنتدبون» على مستقل العراق الجديد، رضي بذلك الشعب العراقي أم لم يرضَ، ومن يسأل عنه أصلاً.

على لبنان أن ينسى تماماً نموذج المقاومة والتحرير، وعلى جيشه أن يتخلى عن العقيدة الوطنية الجديدة المكتسبة «لبنان قوي بنهج المقاومة»، وإلا فإن الاقتتال وسيف الحرب الأهلية واشعال الفتن الطائفية والدينية وفيديرالية الطوائف الضعيفة هي البديل المستحدث لعقيدة «لبنان قوي بضعفه».

هكذا يتصرف الفرانكفونيون الجدد في إطار تحالف وثيق مع مروجي سياسات المحافظين الجدد في بلاد الشام.

ثمة شعور عام بأن يداً «سحرية» ما تحرك كل هذه الأحداث في إطار «فتنة متنقلة» توظف خلالها مجمل معاناة شعوبنا وفي التاريخ المعاصر باتجاه منع أي تقدم ملموس نحو التحرر أو الوحدة أو الاستقلال الناجز.

إيران تُعاقب اليوم لأنها ذهبت بعيداً في سياسة الابتعاد عن مذهب «دول الإطار» التي كانت تحمي إسرائيل في زمن الشاه البائد الى جانب تركيا والحبشة آنذاك.

وسورية تُعاقب لأنها أغلقت خط أنبوب كركوك - بانياس في العام 1982 دعماً لإيران في مواجهة الحرب العبثية التي فرضها النظام العراقي البائد على الشعبين العراقي والإيراني آنذاك.

والعراق يعاقب لأنه لم يقدم البديل المناسب لخط كركوك - بانياس لا عبر العقبة ولا غيرها، كما حاول دونالد رامسفيلد مراراً عندما كان نائباً لوزير الدفاع.

ولبنان يُعاقب لأنه قرر الطلاق النهائي مع مقولة «لبنان قوي بضعفه» واختار نهج «لبنان قوي بمقاومته وتضامنه مع جيرانه وأشقائه».

وفلسطين تُعاقب بالطبع لأنها تريد احياء أصحاب الأرض الحقيقيين ووضعهم على الخريطة السياسية والجغرافية كما يجب.

أليس كذلك؟ وإلا ما معنى أن تتوحد الرسائل وتتقاطع وتتواتر وتجتمع وتتشابك عند عنوان واحد مفاده «مستعدون لشن حرب نووية من أجل إسرائيل والنفط»، والذي بات مضمون كل التهديدات والاغراءات التي تصل الى مطابخ صناعة القرار في منطقتنا العربية والإسلامية.

رب قائل يقول، وماذا عن مساهمات الاستبداد والديكتاتورية والطغيان والوصاية وأحادية الحزب الواحد والقهر الإنساني هنا والقهر الطائفي هناك وطغيان الأكثرية العرقية هنا أو تجاهل التنوع الديني أو المذهبي أو القومي هناك... مساهمات كل هذه التظاهرات التي كانت ولا يزال بعضها متصلاً بوضعنا الراهن فيما آلت اليه أوضاعنا الراهنة؟ نقول: «إن ما يدعوننا اليه أو ما يسوقوننا اليه ما هو في الواقع إلا الوجه الآخر القبيح للعملة أو الصورة المشوهة لحقيقة ما يجب أن نكون عليه».

بمعنى آخر، فإن ما يخطط لنا هو: إما أن نأكلكم جميعاً أو نأكلكم فرادى! المهم أن نأكلكم! انظروا الى نوع الشروط المطروحة على كل طرف من أطراف المواجهة المعنية بشكل أو بآخر بمقولة النفط وإسرائيل: «الفلسطينيون ممنوع عليهم أن يستنجدوا بأبناء جلدتهم من العرب أو بأشقائهم المسلمين، ومن يتجرأ من العرب أو المسلمين من التضامن معهم فهو داعم للإرهاب ان لم يكن «المصرف المركزي للإرهاب». وما على الفلسطينيين إلا تسليم أوراقهم كافة الى من بيده «خريطة الطريق» ليقدم لهم فتات المساعدات الدولية. في حين أن إسرائيل يجب أن تكون بوابة العبور لكل من يريد الانتماء للحظيرة الدولية المتحررة.

والعرب ممنوع عليهم أن يتفهموا الطموح النووي الإيراني وإلا فإنهم سيتهمون بالمشاركة في «حرب لا سامية» تخطط لإبادة الدولة الديموقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط!

والإيرانيون ممنوع عليهم أن يخرجوا من حدودهم الجغرافية القومية أو أن يتدخلوا في ما لا يعنيهم في العراق أو لبنان أو سورية أو فلسطين، وخصوصاً الأخيرة، فهي من المحرمات التي يغفر ما دونها حتى النووي ان اردتم بشرط توقيع صك الاعتراف بالدولة العبرية، كما هو مضمون أكثر من رسالة غربية تصل باستمرار الى طهران مباشرة أو بالوساطة. إنه قانون الغلبة واختلال موازين القوى وسياسة الاجحاف المترافقة بكم هائل من الاذلال المتعمد. ومن لا يصدق القول إلا بالصور فليتأمل طويلاً بقصص التعذيب التي لا تنتهي فصولها في أبو غريب والبصرة و... غوانتانامو.

نعم، ليس هناك من عاقل واحد ينكر أن للأكراد حقوقاً يجب أن يستوفوها، وأن للسنّة حقوقاً يجب أن يستوفوها، وأن للشيعة حقوقاً أن يستوفوها وأن للتركمان وان للمسيحيين وأن... وأن للبنانيين طموحات استقلالية وسيادية، وأن للأفارقة من السودانيين حقوقاً، وأن للأمازيغيين من المغاربة حقوقاً وأن للأقباط حقوقاً وأن للأرمن حقوقاً، وأن... وأن لهذه الفئة أو تلك حقوقاً... ولكن ذلك كله لا يتحقق بتمزيق حقوق الآخرين ولا باشاعة حروب ابادة متبادلة ولا باستنهاض ما هو نائم من فتن. والأهم من كل هذا وذاك لا يتم من خلال توظيف هذه المشاعر المحقة والعادلة في برنامج حرب «الهويات القاتلة» والفتن المتنقلة من أجل إسرائيل والنفط واستراتيجية «أمن الطاقة» التي يقودها فريق المحافظين الجدد على أرض الشرق الأوسط الكبير!




* كاتب متخصص في شؤون الشرق الأوسط.

سلسبيل
03-05-2006, 12:04 PM
بات واضحا ان العر ب والمسلمين لا يمتلكون اسباب القوة الموجودة لدى الغربيين الذين اجتهدوا طوال قرون للحصول على التكنلوجيا المتفوقة والتي مكنتهم من بناء اقتصاديات عملاقة وقوية بسطت سيطرتهم السياسية على كثير من دول العالم الثالث والمتخلف .

العرب والمسلمين مطالبون ببناء انفسهم لبنة لبنة حتى يكون تعاملها من القوى الكبرى من منطلق الند للند وليس من منطلق التابع الى المتبوع .