المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حقيقة الوهّابية ......دكتور علي المحز



المهدى
02-28-2006, 07:54 AM
دكتور على المحز


كاتب وأستاذ جامعي كويتي

jalfuhaid@hotmail.com



منذ فترة ليست بالقصيرة اخذ مصطلح الوهابية يتردد بكثرة في الخطاب الاعلامي العربي، وغدا مصطلح «الوهابية» مرادفا للارهاب والتكفير، وكثيرا ما جاءت هذه الاوصاف الثلاثة في نسق واحد «التكفيريون الارهابيون الوهابيون»، حتى غدا الوسم بنعت الوهابية تهمة سياسية خطيرة تبيح دم صاحبها، فما حقيقة هذا الوصف ولم تم حبسه في سياق الاجرام والارهاب؟ لاسيما بعد ان بات واضحا ان ثمة جهات معينة تسعى الى ترويج هذا الموقف من الوهابية وتعمل على تسويقه متى وجدت الى ذلك سبيلا لتنجح في تنفير عامة الناس منه واستعداء الغرباء عليه فنبذ «الوهابية» اجتهد في ترويجه وتسويقه منذ عقود خصوم المصلح المجدد محمد بن عبدالوهاب المتوفى 1206 هجرية محاولين عبر هذا اللقب تصوير دعوة الرجل، وكأنها طريقة ابتدعها هذا الامام من عنده، كما هي الحال في الطرق الصوفية المنسوبة الى اصحابها من نقشبندية ومولوية وتيجانية وبريليوية,,,!


لقد صنف هذا العالم الجليل كتابه «التوحيد» لدعوة الناس الى اصول الاسلام النقية بعد ان رأى الانحراف الكبير الذي عمّ الجزيرة العربية في ذلك العصر، اذ انتشرت مظاهر الشرك والبدع وشاعت ثقافة الخرافة والجهل، فجمع في كتابه النافع نصوص القرآن الكريم والاحاديث النبوية التي تبين معالم الدين الحق والعقيدة الصحيحة، واستشهد بها بطريقة لا لبس فيها ولا غموض بما يوافق اصول الاستدلال وقواعد الفقه والاستنباط وفق قوانين اللغة العربية واحكامها فلم يفسر شيئا منها بالرؤى او الاذواق او الكشف والالهام، كما يفعل كثير من ارباب الاهواء الذين يفسرون القرآن وفق امزجتهم ومصالحهم بعد ان يصرفوا ظاهره المحكم الى معان باطنية مقفلة مفاتيحها بأيدهم هم دون غيرهم، ولذا فقد وجد كتاب «التوحيد» رواجا كبيرا في العالم الاسلامي شرقا وغربا لما حفل به من وفرة الادلة الشرعية الساطعة ومنهج الاستدلال الميسر المفهوم.


وبالطبع، فان هذا الكتاب لم يرق لانصار الجهل والخرافة الذين وجدوا في دعوة الشيخ ما يسحب البساط من تحت ارجلهم فحاربوها ونعتوها بابشع النعوت والالقاب تنفيرا للناس منها، فعبر عصور الجهل تحول الدين الى بقرة حلوب يتم استغلالها من قبل الذين نصبوا انفسهم رجال كهنوت حشروا انفسهم واسطة بين تطبيق احكام الدين وعامة الناس، وجنوا من ذلك منافع طائلة، الم يقولوا ان على المريد ان يكون عند شيخه كالميت بين يدي الغاسل! ألم يسبغوا على ذواتهم اثواب القدسية والتعظيم حيث يتمسح الجهلة بثيابهم طالبين البركة والشفاء ويمدون ايديهم بكل صلف ليشبعها المغرر بهم لثما ورشفا! لقد جاءت دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب لتحرر جهلة المسلمين من سلطان العبودية للمخلوقين وتخلص عقولهم من قيود الخرافة والدجل التي اشاعها اولئك الكهنوتيون لتحقيق مآربهم الخاصة!
ان ما نراه الان من اعادة لاحياء تهمة الوهابية من جديد ونفض للغبار عنها بعد ان ثبت كسادها وبان كذبها منذ عقود لا يخلو من توظيف لآليات قديمة في صراع متجدد، غير انه اتخذ بعدا اخر حين استغل ما يسمى بالحملة الدولية على الارهاب للتخلص من خصوم لم يتمكن من التغلب عليهم في ميدان الحجاج والجدال، فاستعاض عن بريق البرهان بسيف الاميركيين.