المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جدل في أميركا حول قوانين لمعاقبة المحلات التي تقدم لحما حلالا «مزيفا»



فاطمي
02-27-2006, 03:33 PM
في تشريعات جديدة قد تثير خلافات مع المحكمة الدستورية


ريتشموند (فرجينيا)

مع أن موسى عبد السلام حريص كل الحرص على ألا يرتكب أية خطيئة من شأنها أن تجعله مسلما غير مثالي، الا أن موسى ارتكب خطيئة اكل سندويتش «تشيز برغر»، والمشكلة هى ان لحم هذا السندويتش لم يكن حلالا أو مذبوحا على الطريقة الاسلامية، بالرغم من ان المطعم قال إن اللحم حلال، اذ بعد أن تناول موسى مع أسرته الساندويتشات منذ عام واحد، اكتشف لاحقا ان المطعم كان يكذب، وأن اللحم غير حلال، وأنه بالتالي خرق تعاليم القرآن. وقال عبد السلام «إنه خطيئة كبيرة في ديننا». وبسبب هذا المشكلة التى باتت تكرر فى فيرجينيا وغيرها من المدن الاميركية، بسبب تزايد الطلب على اللحم الحلال من المسلمين الذين يتزايد عددهم، اقترح عدد من ابناء الجالية الاسلامية فى الولايات المتحدة الاميركية ومن بينهم موسى في حث السلطات على وضع قوانين جنائية، تعاقب المطاعم التي تكذب بشأن اللحم الحلال الذي تقدمه. وهذه المساعي يشترك فيها يهود ايضا، بسبب أن اليهود أيضا لا يأكلون غير اللحم الحلال المذبوح. وتقوم ولاية فرجينيا التي يقيم فيها 350 ألف مسلم بتدارس عدة اقتراحات تتعلق بلحم الحلال. الأول، جعل بيع لحم الحلال المزيف «جنحة» يعاقب عليها القانون بغرامة تبلغ 500 دولار. وقال كينيث ألكسندر من نورفولك، الذي يقف وراء مسودة هذا القانون، «خلال بحثي أدركت أن فرجينيا لا تمتلك أي برنامج لمنح التراخيص للحم الكوشر (الخاص باليهود)، أو أي لحم آخر يقدم وفقا لتعاليم دينية محددة». أما التشريع المقترح الثاني، فيجبر الباعة على تقديم معلومات عن الترخيص التي تؤكد ان لحومهم مذبوحة بطريقة دينية، مع معلومات عن أطعمة الحلال أو الكوشر عبر مواقع الويب. وقد يواجه الشخص الذي يتحايل على هذا القانون فترة سجن تصل إلى ستة أشهر مع غرامة تبلغ 1000 دولار.
وهذه القوانين التي تجرم المخادعين في تقديم اللحم الحلال ما زالت موضع دراسة للجنة تشريعية في فيرجينيا، غير ان ولايات اميركية أخرى تبحث او اصدرت قوانين مشابهة. ففي الصيف الماضي أصدرت نيويورك قانونا يطلب من موزعي أطعمة الحلال أن يسجلوا مع الولاية، وذلك كي يمكن مراقبتهم ومحاسبتهم على أية مخالفة، والتشريع الذي ستتم المصادقة عليه سيغرِّم الباعة الذين يتم ضبطهم وهو يضعون علامة «حلال» على طعام لا يمتلك هذه الصفة.

وهناك قوانين مطروحة في ولايات أخرى، تتعلق بأطعمة الحلال، وهذا يشمل ولاية كاليفورنيا والينوى ومتشيغان. لكن مع هذا هناك شكوك من البعض يرون أن حكام الولايات المختلفة، لا يجب عليهم اقرار قوانين لها صبغة دينية على اساس الفصل بين الدين والدولة، وعلى اساس ان تشريعات من هذا النوع، يمكن ان تحاجج المحكمة الدستورية بعدم شرعيتها او دستوريتها. غير أن عماد دماج رئيس ائتلاف مسلمي فرجينيا يعترض على هذه الحجة، ويقول إن تزايد عدد المسلمين في هذه الولاية جعل حاجاتهم اساسية. وأشار إلى استطلاع للرأي جرى عام 1994، وفيه تم تحديد 11 مسجدا ما بين ريتشموند وشمال فرجينيا، أما الآن «فأصبح العدد ليس أقل من 45 مسجدا، والضوء مسلط على الجالية أكثر الآن». وتعتبر أطعمة الحلال موضوعا اساسيا للجالية المسلمة، التي يتزايد عددها في اميركا. وتوضع كلمة «حلال» على كل الأطعمة، وما يضاف لها من مواد مثل البطاطا المقلية وأطعمة البحر.

وكان عبد السلام قبل عدة سنوات يسافر إلى مدن بعيدة مثل فيلادلفيا، كي يحصل على اكل حلال. أما الآن فأصبحت الاطعمة الحلال معروضة في الكثير من محلات اللحوم، وعلى قوائم الأطعمة وحتى في محلات الأطعمة السريعة. ومع تزايد محلات الاطعمة الحلال، تزايد ايضا الغش في هذه الاطعمة، وتزايدت اشكاله، اذ يقوم بعض الباعة على سبيل المثال بمزج اللحم العادي غير المذبوح على الطريقة الاسلامية مع القليل من اللحم الحلال، ليس فقط لتبرير وضع لافته «حلال عليه»، بل ايضا لتبرير الأسعار المرتفعة له. والبعض الآخر يكذب تماما، اذ يضع اللافتة دون ان يكون هناك أية مكونات للحم الحلال، وذلك مستغلا ثقة المسلمين حسبما قال حبيب غانم رئيس غرفة التجارة الأميركية للاطعمة الحلال. وقال «هنا (الولايات المتحدة) ليس مثل بلدان العالم الثالث، حيث يمكنك أن تذبح خروفا في حديقة بيتك الخلفية وتطعم عائلتك به». وقال إن لحم الحلال ليس فيه رائحة أو مظهر خاصان به. وتقوم غرفة التجارة الاميركية للاطعمة الحلال بالكشف عن الباعة المخالفين، والذين يقومون بانتاج لحوم يقولون انها حلال، وذلك من خلال طرح الأسئلة عليهم. وأحيانا تعطي الإجراءات نتائج إيجابية. ففي عام 1997 تم تغريم شركة «سبرنغفيلدز واشنطن لامب» مبلغ 10 آلاف دولار، بعد اتضاح أن الشركة تزعم كذبا أن منتجاتها حلال. ويمكن لمسؤولي الزراعة الفيدراليين أن يرفعوا دعاوى قضائية ضد أية شركة تضع علامة على منتجاتها تخالف ما هي عليه حقا، إذ يعتبر ذلك خرقا لإجراءات التفتيش على المستوى الفيدرالي.

لكن وضع قوانين بهذا الشكل قد يجعل السلطات المحلية في وضع حساس من حيث تأويل القواعد الدينية وعلاقتها بالدولة العلمانية، حسبما قال باري لين المدير التنفيذي للاتحاد الأميركيين لفصل الكنيسة عن الدولة، الذي حاجج بأن على أفراد الجالية أنفسهم أن يواجهوا الباعة. وأضاف «ذلك أكثر فعالية من أن يسعى بعض الشباب في المحكمة المحلية لتغريم ام معاقبة المخالفين». مع ذلك فإنه بدون ما يترتب عن هذه القوانين من نتائج قضائية، فإنه من المستحيل التأكد مائة في المائة من أن الباعة المخالفين لن يعودوا مرة اخرى الى مخالفتهم. أما الإداري المحلي من الحزب الإسلامي السياسي لأميركا، فإنه يروج لقانون ألكسندر وقال «في ديننا إذا شاهدنا عملا منكرا فعلينا أن نقومه. نحن لا نستطيع أن نقف مكتوفي الأيدي فقط، مؤملين النفس بأن تختفي المشكلة وحدها».