مقاتل
02-25-2006, 08:06 PM
GMT 8:00:00 2006 السبت 25 فبراير
محمد سعيد المخزومي
الجريمة النكراء والكارثة الكبرى التي حلت بالمسلمين بتفجير وتدمير مرقدي أئمة المسلمين الهادي والعسكري عليهما الصلاة والسلام إنما هو حدث كارثي وتاريخي كبير، وحدث جلل بدأ بالهجوم الأول على بيت رسول الله وقتل ابنته فاطمة الصديقة، إلى سلسلة الاحداث التاريخية التي حدثت بعده حتى ذبحوا الإمام الحسين عليه السلام، وهدموا مراقد ائمة أهل البيت عليهم السلام في المدينة المنورة، مرورا بهدم البعثيين لمرقد أمير المؤمنين عليه السلام في النجف وولده الحسين عليه السلام في كربلاء، وانعطافا بالتفجيرات الاخيرة لمرقد الإمام علي عليه السلام حيث تمخض عن قتل المئات من الناس والعلماء الاعلام، واستتباعا بتفجير مرقد الإمام الحسين عليه السلام وذبح زائريه في محرم الحرام، ووصولا إلى هدم وتدمير وتفجير مرقدي الامامين الهادي والعسكري عليهما الصلاة والسلام هذا اليوم.
أنه حدث جلل رأيت الناس فيه من سياسيين وغيرهم يتخبطون في التصريح وينتهجون أحد سبيلين:
أحدهما: يعمل على تصغير حجم الكارثة وتوجيه اصابع الاتهام بالفعل المباشر إلى قوى الاحتلال في العراق بالتالي يريدون من العراقيين أن يخرجوا بتظاهرات لاسنية لا شيعية ووحدة وحدة إسلامية حتى يخرج بعدها العلماء الطائفيون وسياسيوهم ليهددوا بالمزيد من التفجير والتدمير والوعد والوعيد من اجل المزيد من الابتزاز السياسي كما هو دأبهم في كل يوم، وهذا رأي الضعفاء ومنهجه المنهزومين.
وثانيهما: يرى إبادة أهل السنة تحت كل حجر ومدر وهذا اضعف لانه الرأي السقيم، وما بين الرأي السياسي الخانع وبين الرأي الفوضوي السقيم لابد من طرح الرأي العقلائي السليم.
من هنا وجب علينا أن نبين للعالم اجمع اللازم اتخاذه على اثر هذه الحادثة الفاجعة الاليمة التي تنم عن وحشية في الفكر السياسي ودموية في المنتهج الديني، فنقول كلمة في خصوص التعامل بما يناسب الحدث والجريمة في قراءة الموقف والتعامل بما يناسب الحدث، بكلمة اخرى على الصعيد الشيعي، وثالثة على الصعيد السني، وكلمة رابعة على الصعيد السياسي والحكومي ونلخص ذلك بما يلي:
الكلمة الأولى: أن يكون الموقف بما يناسب حجم الجريمة
حيث يجب على الجميع بما فيه العالم الإسلامي والعراقيين جميعا:
أن يعلموا أن اتخاذ اللازم بما يناسب حجم الجريمة النكراء والاعتداء الاثيم على مراقد لحم رسول الله ودمه، وعدم الاكتفاء بمجرد الاستنكار عن الجريمة لأن مجرد الاستنكار عن الجريمة جريمة أخرى من أية جهة صدر الاستنكار، لأنه سبيل العاجز عن محاكمة الجهات الفاعلة والمروجة والمهيئة لاسباب الجريمة والداعية إليه والعاملة عليه،و ليس القاء اللوم على الافراد الفاعلين مباشرة أو اشباح لأن الفعل يشير إلى عوامل عديدة منها الجو السياسي والتصريح السياسي والمدجينة التي صارت حاضنة للارهاب والطائفية والتدمير، والاختراق الأمني والحكومي، والتعاون المحلي في سامراء مع الارهابيين والدمويين الطائفيين، واتاحة قوات الاحتلال للتردي السياسي وفسحها المجال للارهابيين والتحاور معهم واحتضانهم، وفرضهم على الواقع العراقي والى غيرها من العوامل التي اجتمعت فأنجزت الفعل الطائفي البغيض والكارثي الحاقد.
على جميع السياسيين والدينيين من الشيعة والسنة أن لا يقللوا من شأن الحدث والجريمة، لأنها تمثل الهجوم على مرقد الرسول وهدمها، وبناءا على ذلك فكيف يجب أن يكون رد الفعل؟ من هنا كان الجميع أن يفهموا أن ما قد حصل هو تجرؤ على رسول الإسلام بعينه وهدم قبته الشريفه، لأن الذي في هذه القبة هو عين دم الرسول ولحمه المقدس وذات بدنه الطاهر في سامراء، كما أنه انتهاك لحرمة اثنين من أبناء الرسول واوصياءه وذراريهم ونسائهم وامهاتهم.
فما قد حصل يا ايها العقلاء كارثة عظيمة وانتهاك كبير يجب أن لا ينظر إليه إلى انه انتهاك لحرمة مسجد من مساجد الشيعة أو أحد مراكزهم العبادية، بل هو انتهاك لحرمة الإسلام، وطعن في قلوب المسلمين، وانتهاك لمقدسات الدين.
ليعلم العالم الشيعي والسني باجمعه أن رجلا مسيحيا يجهل الإسلام والمسلمين قد انتهك حرمة الرسول في قضية الرسوم فرسم شيئا عن العنف والتدمير والإرهاب الذي يقع في المسلمين ونسبه إلى الساحة المقدسة للرسول الأعظم صَلَّى الله عَلَيةِ وَآلِهِ وَسَلَّمَِّ، وقد اعتذر الرسام وعبر عن اسفه وجهله بالقضية وحجمها،وقد هاجت الملايين المسلمين منددة. بينما أن الذي أساء إلى الرسول ليس ذلك الرجل الجاهل بالاسلام وانما هم المسلمون الجهلاء وعلماء الفتوى الدمويين الذي عرضوا للعالم عن الإسلام صورة الدم والقتل وارهاق الارواح والتفجير، وبهجومهم الاخير على مرقدي الامامين الهادي والعسكري عليهما السلام في سامراء يريدون أن يثبتوا ويبرهنوا للعالم أن الإسلام دين الإرهاب والتفجير والمفخخات، وأن فكره فكر الدم، وثقافته ثقافة الإبادة، وعقيدته عقيدة التدمير، وأنه دين يتعدى حدود قتل الإنسان فيوغل في انتهاك حرمات المساجد والحسينيات ودور العبادة ليصل إلى انتهاك حرمة أئمة اهل بيت نبي الرحمة ورسول الإنسانية محمد صَلَّى الله عَلَيةِ وَآلِهِ وَسَلَّمَِّ. وعليه فليعرف السنة والشيعة على حد سواء أن الذي أساء إلى الرسول ليس الرسام الجاهل بالاسلام بل هو انتهاج فكر العنف وسياسة الإقصاء والتطرف والتحزب والدموية والطائفية.
الكلمة الثانية: الموقف على الصعيد الشيعي
وهذا يتضمن الواجبات التالية:
أن يتماسك شيعة أهل البيت عليهم السلام فيما بينهم ولا تفرقهم الأهواء الحزبية والقومية والإقليمية وغيرها لأن العدو شرس يتعامل معهم على الهوية والعقيدة ويحاسب على الإيمان ويحاكم على ما في القلوب.
على الشيعة أن يتمسكوا بالثوابت الحضارية التي أمرهم بها أئمتهم عليهم السلام وفي مقدمتها دعوة البشرية إلى حضارية الدين الذي يحمله الامامين اللذين تعرض ضريحاهما إلى هذا الاعتداء الجاهلي الذي يكشف عن بربرية الفكر ووحشية السياسة وجاهلية المنطق.
على شيعة أهل البيت عليهم السلام أن يكشفوا للعالم الابعاد الإنسانية التي يحملها الامامين اللذين تعرض مرقداهما إلى التدمير الجاهلي البشع، ويبينوا همجية المباديء التي يحمله الفكر التدميري المتعشعش في هذه ثنايا هذه الأمة بإسم الإسلام..
إذا ما أريد اعادة عمارة المراقد الشريفة فليعلم كل المسؤولين العراقيين أن اصلاح العمارة سوف لن يصلح النفوس ولن يداوي القلوب الجريحة لمئات الملايين من المسلمين على وجه الأرض، وسيبقى هذا الفعل عارا ووصمة سوداء في جبين كل من يحمل فكر العداوة والبغضاء لمحمد وآل محمد صلوات الله عليهم اجمعين.
وإذا أريد اعادة عمارة المراقد الشريفة في سامراء فيجب عمارتها بما يناسب حجم التدمير وحجم الاهانة التي لحقت بالاسلام ورسوله والمسلمين، وإن كان ذلك الاعمار لن يوفي بمقدار ما قد حصل من إهانة لحجر واحد من هذه المراقد المقدسة، فيجب على الحكومة العراقية التي تماهلت في الاقتصاص من الدمويين والارهابيين القابعين في السجون واتباعهم على الساحة العراقية، بان تعمل على توسعة حرم الامامين الشريفين بشراء مساحات واسعة مما يحيط بالروضة المباركة وضمها إليها وتوسيع الشوارع المحيطة والمؤدية إلى الحرم الشريف على أن لا تقل عن مساحة الحرم المكي الشريف، ذلك ليعلم ذووا الفكر التدميري أن حرمة المؤمن اعز من الكعبة، فكيف بحرمة إثنين من أعاظم أئمة المسلمين والمؤمنين وأبناء رسول رب العالمين. فلا يستغرب أحد من هذا الطلب.
وقبل التبجح باعادة بناء مراقد الائمة عليهم السلام يجب هدم كافة قلوب البعثيين والارهابيين القابعين في فنادق الاحتلال والمعروفة بسجون الديمقراطية الجديدة التي يقبع فيها صدام واعوانه المئات وليس السبعة كما يظهرونه في وسائل الإعلام.
كما على الحكومة العراقية تشديد الحماية على بقية العتبات المقدسة في بلد والتي فيها الروضة المقدسة للسيد محمد بن الإمام علي الهادي عليهما السلام، وبقية العتبات الشريفة في كافة انحاء العراق.
على الحكومة العراقية ارسال افواج كبيرة من الحرس والشرطة والجيش لحماية الدمار الذي صار نهبا في سامراء الآن، لأن الفعلة والمجرمين ما زالوا موجودون في المنطقة وخير دليل على ذلك ما تعرض له وزير الاعمار ورجال الصحافة اثناء توجههم إلى تفقد كارثة ومعطيات الفكر الطائفي المقيت، وقتل الزوار الوافدين إلى تلك المراقد الشريفة.
على الحكومة العراقية جعل منطقة سامراء ومنطقة بلد والمحيطة بها بلدا آمنا كما ارادها الله ورسوله وأهل البيت عليهم السلام، كي يتمكن المسلمون من الذهاب إلى تلك المزارات الشريفة بأمن وأمان، وحمايتها من كل الضواري وقطاع الطرق وعشاق الدم والذبح وانتهاك الحرمات التي حرمتها رسالات السماء.
على الحكومة العراقية أن تعجل بجعل الاشراف على هذه المراقد المقدسة تحت ولاية المرحعية الدينية ويتعاون معها الوقف الشيعي لأن من غير المنطق السليم أن يكون مسجدا سنيا في منطقة شيعية تحت اشراف الوقف السني بينما تكون العتبات المقدسة الشريفة في سامراء وضواحيها تحت اشراف الوقف السني، وتخلوا من الحماية الحكومية، فيجب الاسراع في اتخاذ الازم بهذا الشأن.
الكلمة الثالثة: الموقف على الصعيد السني
وهذا الموقف يتضمن النقاط التالية:
إذْ يجب على أهل الشرفاء من السنة دون الطائفيين والتكفيريين وايتام النظام البعثي البائد، أن لا يبقوا ساكتين أمام الهجمة والحشية التي طالت المراقد المقدسة لأبناء نبيّهم الذي ينتسبون بالهوية اليه وبالسنة التي يتسمّون إليها.
يجب أن يعلم أهل السنة أن ما قد حصل هو انتهاك وتعدي على حرمات لحم رسول الله ودمه الطاهر، وبضعته التي ضمّنها بقعة سامراء، وجعلهم مؤتمنين عليها.
كما يجب على أهل السنة أن يعلموا أن ما حصل هو طعن لجسد النبي الذي يقولون انهم ينتمون إلى الاستنان بسنته، فهل من سنته انتهاك دماء واجساد وقبور ابناءه الميامين، وهل من سنته انتهاك مراقد أهل بيته؟
يجب على أهل السنة الشرفاء وحدهم دون غيرهم أن لا يبقوا ضحية جرائم مجرمين ينتهكون حرمات الإنسانية وحرمات أهل بيت نبيهم تحت عنوان التسنن، لأن سنة الله ورسوله ابعد ما تكون عن قتلة أهل بيته ومنهتكي حرمات بيوته التي أمر الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه، تلك البيوت التي طهرها الله تطهيرا.
على أهل السنة الشرفاء دو غيرهم أن لا يؤيدوا هذه العصابات المجرمة التي احترفت قتل أهل بيت نبي الإسلام، ولا يؤونهم ولا يعينونهم ولو بشطر كلمة، لأن اعانتهم إعانة على < الاثم والعدوان ومعصية الرسول > كما صرح القرآن بذلك.
يجب على أهل السنة أن يراجعوا التاريخ الأموي الدموي جيدا ويقرأوا حقائق التاريخ والشواهد على مثل هذه الافعال وما شاكلها ليكونوا سنة حقيقيين على سنة رسول الله، والاحترام بل الاعتزاز باهل بيته وليس الانتقام منهم وممن يحبهم وينتمي إليهم. وليكونوا في صف نبيهم الذي يحب أهل بيته الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، ويبرأوا من سنة الامويين وثقاقة الدمويين ومجرميهم على طول التاريخ.
يجب على كافة الشرفاء من أهل السنة دون غيرهم أن يبرأوا من أئمة الطائفية التكفيرية التي وَلَعَتْ بدماء آل محمد على طول التاريخ. وأن يضعوا يدهم بيد الحضاريين من المؤمنين بالله ورسوله وأهل بيته الاطهار كي تطهر البلاد من الارجاس والعراق من أئمة الحقد والمتعطشين إلى الدماء.
الكلمة الرابعة: الموقف على الصعيد الحكومة العراقية
أما على صعيد الحكومة العراقية فيجب التذكير بالامور التالية:
الحكومة الحالية ضعيفة جدا وأن كانت قد ورثت تركة كبيرة وميراثا ضخما من المآسي، وسبب ضعفها يرجع إلى أنها أدارت ظهرها لكل العناصر الخيرة والقوى المؤمنة التي دفعت الثمن باهضا في جهادها لنظام القومية الطائفية السابق، وصدّقت بقوى الاحتلال وغفلت عن نواياه التاريخية الكامنة بالحقد ضد التشيع الذي يرفع لواء الحضارة والتحضر والاستقلال.
على القائمة التي حازت على اغلبية الأصوات الشعبية وفازت بالانتخابات الاخيرة أن تسرع في تشكيل حكومة عراقية مخلصة لشعبها وأن تعمل على مبدأ الاستحقاق الانتخابي وحده لأنه الكفيل بصيانة مصلحة العراق، وهو الذي يسميه الغرب بالديمقراطية.
على قائمة الائتلاف الفائزة باغلبية أصوات الشعب عدم تضييع الوقت من خلال الانجرار إلى سياسة التدويخ البريطاني الأمريكي الهادفة إلى تذويب إرادة الشعب بتأسيس احزاب طائفية بعثية دموية تحت مسميات ( الوفاق الوطني، والحوار الوطني، والحكومة الوطنية، وامثالها) حيث أن معنى الوطنية عند هؤلاء يعني النفاق والاتيان باعداء الوطن ومنتهكي حرمات المقدسات ومراقد أهل البيت عليهم السلام. كما يجب افهام الشعب أن ما يسمونه حكومة الوفاق الوطني هو إلغاء صريح لإرادة الشعب وإسقاط للديمقراطية التي يزعمون انهم يريدها للعراق، وذلك كي يقول الشعب كلمته الفصل.
هل فهمت القوى السياسية الحاكمة وغيرها أن العراقيين الآن يدفعون ثمن البيانات المشفّرة التي كان يبعث بها صدام عبر محكمة الديمقراطية الكارتونية إلى حزبه من خلال الخطابات التي كان يلقيها في كل جلسة، ولقد كنت والله متوجسا خيفة من أن تقع هذه الكارثة وامثالها بعد بيان صدام الاخير في المحكمة حينما قال ( قاتلوهم يعذبهم الله بايديكم...) وتلا خطابه الدموي الطائفي المقيت؟
هل قرأ السياسييون والحكومة الموقرة منطق الحياة القائل في وجوب الاقتصاص من (المفسدين في الأرض)، ذلك المنطق الذي يقول بقتلهم وتقطيع ارجلهم وأيديهم من خلاف، والاكتفاء بالادلة البديهية الدامغة على جريمتهم، لأن جرائم المفسدين واضحة ولا تحتاج إلى المزيد من المماطلة الديمقراطية في التبرير للطواغيت المخلصين للاستعمار؟
هل قرأ السياسييون والحكومة الموقرة منطق الحياة الذي يقول يجب الإجهاز على أئمة الظلم وزعماء الفتنة ثم العفو عن الاذناب الذين لم يكن لهم مدد وعون كما قام أمير المؤمنين عليه السلام بالاجهاز على جرحى معركة صفين وعفى عن جرحة معركة الجمل وحينما سُئل عن ذلك الإمام علي الهادي عليه الصلاة والسلام عن الأمر قال لسائل:
وأما قولك: إن عليا عليه السلام قتل أهل الصفين مقبلين ومدبرين وأجاز على جريحهم، وإنه يوم الجمل لم يتبع موليا ولم يجز على جريح ومن ألقى سلاحه آمنه ومن دخل داره آمنه، فإن أهل الجمل قتل إمامهم ولم تكن لهم فئة يرجعون إليها وإنما رجع القوم إلى منازلهم غير محاربين ولا مخالفين ولا منابذين، رضوا بالكف عنهم، فكان الحكم فيهم رفع السيف عنهم والكف عن أذاهم، إذ لم يطلبوا عليه أعوانا، وأهل صفين كانوا يرجعون إلى فئة مستعدة وإمام يجمع لهم السلاح الدروع والرماح والسيوف ويسني لهم العطاء يهيئ لهم الانزال ويعود مريضهم ويجبر كسيرهم ويداوي جريحهم ويحمل راجلهم ويكسوا حاسرهم ويردهم فيرجعون إلى محاربتهم وقتالهم، فلم يساو بين الفريقين في الحكم لما عرف من الحكم في قتال أهل التوحيد لكنه شرح ذلك لهم، فمن رغب عرض على السيف أو يتوب من ذلك)
وها هم أئمة الجور ما زالوا يجهزون اعوانهم بالاموال والمدد والسلاح، وها هو إمام الطغاة ما وال حيا يتمتع بالحياة آمنا بالحياة الديمقراطية الجديدة (!)، وما زال اذنابه يخطبون ويهددون ويتوعدون آمنين غير آبهين ولا وجلين بل تقوى شوكتهم يوما بعد يوم، وفي عدم العمل بمقتضى فعل أمير المؤمنين عليه السلام خلل كبير وفساد للحياة كثير.
هل قرأ السياسييون والحكومة الموقرة منطق الحياة القائل أن التفريط بليوث الكريهة واخوان المحنة يعني إضعاف لجبهتكم وتقليل الناصر لكم، وأن الظلم أمر قد أردى الحكام الذين بين ايديكم الان، فانتبهوا ايها الاخوة إلى المستقبل الخطير ولا تقولوا نرفض التيار المرجعي الفلاني لأننا لا نرغب فيه حزبيا، أو أن دولة الاحتلال لا تريد أن يشارك التيار المرجعي الكذائي في العملية السياسية، أو نرفض هذ الكتلة السياسية المؤمنة لأنها لا تنتمي إلى حزبنا، فإن من ضيع التبر سوف يرضى بسهولة بالتبن. وشتان بين التبر والتبن، ومن لم يضع يده بيد المؤمنين فسوف يضع يده بيد النواصب والبعثيين والطائفيين الدمويين ويخذلونه شر خذلان. وأأمل من جميع القوى السياسية المؤمنة الخيّرة أن ترقى إلى مستوى المسؤوليات الحضارية الجسام، والتعامل بمستوى حجم التحديات التاريخية القاسية.
على كتلة الائتلاف (لكونها الفائزة بالاغلبية) أن تجمع إليها كل القوى المؤمنة والخيرة التي تريد الخير للعراق وكل المواطنين الاحرار وتعمل على تشكيل الحكومة سريعا وعاجلا، لأن امامها تحديات كبيرة يجب الانتهاء من النجاح فيها والتخلص من تبعاتها، ابرزها ما يلي:
التحدي الأول: تحدي البناء وإعمار العراق الذي اخربه نظام القومية الطائفية المقيت، والذي لاتريد قوى الاحتلال انجازه إلا وفق المنهج الذي ترتضيه لمصلحتها وليس لمصلحة العراق.
التحدي الثاني: تحدي الملف الأمني الذي تريد القوات الاجنبية الامساك به بغية الحفاظ على النظام البائد ورموزه لأغراض سياسية للضغط على كل حكومة عراقية وطنية تريد بالوطن الخير وللعراق الاستقلال.
التحدي الثالث: التحدي السياسي الذي تريد حكومات الاحتلال الهيمنة عليه وبناء العراق على قواعد التبعية للاجنبي وإبعاد كل القوى السياسية الخيّرة الفاعلة، وبناء التكوين السياسي العراقي على أساس الوفاق (ضد) الوطني للجمع بين الجلاد والضحية ليمارس الجلاد دوره من جديد، لأن حكم الجلادين هو الأنفع للاحتلال والاستعمار، وأن الضحية هو الذي ما كانت لترغب به ايام نظام حكم عميلها البائد الذي ارست قواعده على أساس ذبج الأكثرية الشعبية والاغلبية السياسية.
وفي ختام ما قد تقدم أقول:
إذا ما شعرت الكتل السياسية من عجز في تشكيل حكومة الاستحقاق الانتخابي وفق المنطق الديمقراطي الذي تتبجح به قوات الاحتلال، أو عانت من اعواد تعويق العجلة السياسية بسبب إرادة قوى الاحتلال، فيجب أن ترجيء الأمر إلى الشعب الذي انتخبها، ذلك الشعب الذي يراد له أن يكون الضحية القديمة الجديدة، وعند ذلك فإن الشعب هو الذي سيلتزم واجبه المقدس بنفسه في أخذ حقوقه بيده، وأن قوات الاحتلال ما كانت لتسقط النظام السابق إلا لأن الشعب سكت عنه وخذله لأنه قد مارس معه سياسة الخذلان والذبح فخذله الشعب، ولو وقف الشعب معه لما تمكن الاحتلال من دخول شبر من أرض العراق.
وما ثورة العشرين عنا ببعيد.
محمد سعيد المخزومي
محمد سعيد المخزومي
الجريمة النكراء والكارثة الكبرى التي حلت بالمسلمين بتفجير وتدمير مرقدي أئمة المسلمين الهادي والعسكري عليهما الصلاة والسلام إنما هو حدث كارثي وتاريخي كبير، وحدث جلل بدأ بالهجوم الأول على بيت رسول الله وقتل ابنته فاطمة الصديقة، إلى سلسلة الاحداث التاريخية التي حدثت بعده حتى ذبحوا الإمام الحسين عليه السلام، وهدموا مراقد ائمة أهل البيت عليهم السلام في المدينة المنورة، مرورا بهدم البعثيين لمرقد أمير المؤمنين عليه السلام في النجف وولده الحسين عليه السلام في كربلاء، وانعطافا بالتفجيرات الاخيرة لمرقد الإمام علي عليه السلام حيث تمخض عن قتل المئات من الناس والعلماء الاعلام، واستتباعا بتفجير مرقد الإمام الحسين عليه السلام وذبح زائريه في محرم الحرام، ووصولا إلى هدم وتدمير وتفجير مرقدي الامامين الهادي والعسكري عليهما الصلاة والسلام هذا اليوم.
أنه حدث جلل رأيت الناس فيه من سياسيين وغيرهم يتخبطون في التصريح وينتهجون أحد سبيلين:
أحدهما: يعمل على تصغير حجم الكارثة وتوجيه اصابع الاتهام بالفعل المباشر إلى قوى الاحتلال في العراق بالتالي يريدون من العراقيين أن يخرجوا بتظاهرات لاسنية لا شيعية ووحدة وحدة إسلامية حتى يخرج بعدها العلماء الطائفيون وسياسيوهم ليهددوا بالمزيد من التفجير والتدمير والوعد والوعيد من اجل المزيد من الابتزاز السياسي كما هو دأبهم في كل يوم، وهذا رأي الضعفاء ومنهجه المنهزومين.
وثانيهما: يرى إبادة أهل السنة تحت كل حجر ومدر وهذا اضعف لانه الرأي السقيم، وما بين الرأي السياسي الخانع وبين الرأي الفوضوي السقيم لابد من طرح الرأي العقلائي السليم.
من هنا وجب علينا أن نبين للعالم اجمع اللازم اتخاذه على اثر هذه الحادثة الفاجعة الاليمة التي تنم عن وحشية في الفكر السياسي ودموية في المنتهج الديني، فنقول كلمة في خصوص التعامل بما يناسب الحدث والجريمة في قراءة الموقف والتعامل بما يناسب الحدث، بكلمة اخرى على الصعيد الشيعي، وثالثة على الصعيد السني، وكلمة رابعة على الصعيد السياسي والحكومي ونلخص ذلك بما يلي:
الكلمة الأولى: أن يكون الموقف بما يناسب حجم الجريمة
حيث يجب على الجميع بما فيه العالم الإسلامي والعراقيين جميعا:
أن يعلموا أن اتخاذ اللازم بما يناسب حجم الجريمة النكراء والاعتداء الاثيم على مراقد لحم رسول الله ودمه، وعدم الاكتفاء بمجرد الاستنكار عن الجريمة لأن مجرد الاستنكار عن الجريمة جريمة أخرى من أية جهة صدر الاستنكار، لأنه سبيل العاجز عن محاكمة الجهات الفاعلة والمروجة والمهيئة لاسباب الجريمة والداعية إليه والعاملة عليه،و ليس القاء اللوم على الافراد الفاعلين مباشرة أو اشباح لأن الفعل يشير إلى عوامل عديدة منها الجو السياسي والتصريح السياسي والمدجينة التي صارت حاضنة للارهاب والطائفية والتدمير، والاختراق الأمني والحكومي، والتعاون المحلي في سامراء مع الارهابيين والدمويين الطائفيين، واتاحة قوات الاحتلال للتردي السياسي وفسحها المجال للارهابيين والتحاور معهم واحتضانهم، وفرضهم على الواقع العراقي والى غيرها من العوامل التي اجتمعت فأنجزت الفعل الطائفي البغيض والكارثي الحاقد.
على جميع السياسيين والدينيين من الشيعة والسنة أن لا يقللوا من شأن الحدث والجريمة، لأنها تمثل الهجوم على مرقد الرسول وهدمها، وبناءا على ذلك فكيف يجب أن يكون رد الفعل؟ من هنا كان الجميع أن يفهموا أن ما قد حصل هو تجرؤ على رسول الإسلام بعينه وهدم قبته الشريفه، لأن الذي في هذه القبة هو عين دم الرسول ولحمه المقدس وذات بدنه الطاهر في سامراء، كما أنه انتهاك لحرمة اثنين من أبناء الرسول واوصياءه وذراريهم ونسائهم وامهاتهم.
فما قد حصل يا ايها العقلاء كارثة عظيمة وانتهاك كبير يجب أن لا ينظر إليه إلى انه انتهاك لحرمة مسجد من مساجد الشيعة أو أحد مراكزهم العبادية، بل هو انتهاك لحرمة الإسلام، وطعن في قلوب المسلمين، وانتهاك لمقدسات الدين.
ليعلم العالم الشيعي والسني باجمعه أن رجلا مسيحيا يجهل الإسلام والمسلمين قد انتهك حرمة الرسول في قضية الرسوم فرسم شيئا عن العنف والتدمير والإرهاب الذي يقع في المسلمين ونسبه إلى الساحة المقدسة للرسول الأعظم صَلَّى الله عَلَيةِ وَآلِهِ وَسَلَّمَِّ، وقد اعتذر الرسام وعبر عن اسفه وجهله بالقضية وحجمها،وقد هاجت الملايين المسلمين منددة. بينما أن الذي أساء إلى الرسول ليس ذلك الرجل الجاهل بالاسلام وانما هم المسلمون الجهلاء وعلماء الفتوى الدمويين الذي عرضوا للعالم عن الإسلام صورة الدم والقتل وارهاق الارواح والتفجير، وبهجومهم الاخير على مرقدي الامامين الهادي والعسكري عليهما السلام في سامراء يريدون أن يثبتوا ويبرهنوا للعالم أن الإسلام دين الإرهاب والتفجير والمفخخات، وأن فكره فكر الدم، وثقافته ثقافة الإبادة، وعقيدته عقيدة التدمير، وأنه دين يتعدى حدود قتل الإنسان فيوغل في انتهاك حرمات المساجد والحسينيات ودور العبادة ليصل إلى انتهاك حرمة أئمة اهل بيت نبي الرحمة ورسول الإنسانية محمد صَلَّى الله عَلَيةِ وَآلِهِ وَسَلَّمَِّ. وعليه فليعرف السنة والشيعة على حد سواء أن الذي أساء إلى الرسول ليس الرسام الجاهل بالاسلام بل هو انتهاج فكر العنف وسياسة الإقصاء والتطرف والتحزب والدموية والطائفية.
الكلمة الثانية: الموقف على الصعيد الشيعي
وهذا يتضمن الواجبات التالية:
أن يتماسك شيعة أهل البيت عليهم السلام فيما بينهم ولا تفرقهم الأهواء الحزبية والقومية والإقليمية وغيرها لأن العدو شرس يتعامل معهم على الهوية والعقيدة ويحاسب على الإيمان ويحاكم على ما في القلوب.
على الشيعة أن يتمسكوا بالثوابت الحضارية التي أمرهم بها أئمتهم عليهم السلام وفي مقدمتها دعوة البشرية إلى حضارية الدين الذي يحمله الامامين اللذين تعرض ضريحاهما إلى هذا الاعتداء الجاهلي الذي يكشف عن بربرية الفكر ووحشية السياسة وجاهلية المنطق.
على شيعة أهل البيت عليهم السلام أن يكشفوا للعالم الابعاد الإنسانية التي يحملها الامامين اللذين تعرض مرقداهما إلى التدمير الجاهلي البشع، ويبينوا همجية المباديء التي يحمله الفكر التدميري المتعشعش في هذه ثنايا هذه الأمة بإسم الإسلام..
إذا ما أريد اعادة عمارة المراقد الشريفة فليعلم كل المسؤولين العراقيين أن اصلاح العمارة سوف لن يصلح النفوس ولن يداوي القلوب الجريحة لمئات الملايين من المسلمين على وجه الأرض، وسيبقى هذا الفعل عارا ووصمة سوداء في جبين كل من يحمل فكر العداوة والبغضاء لمحمد وآل محمد صلوات الله عليهم اجمعين.
وإذا أريد اعادة عمارة المراقد الشريفة في سامراء فيجب عمارتها بما يناسب حجم التدمير وحجم الاهانة التي لحقت بالاسلام ورسوله والمسلمين، وإن كان ذلك الاعمار لن يوفي بمقدار ما قد حصل من إهانة لحجر واحد من هذه المراقد المقدسة، فيجب على الحكومة العراقية التي تماهلت في الاقتصاص من الدمويين والارهابيين القابعين في السجون واتباعهم على الساحة العراقية، بان تعمل على توسعة حرم الامامين الشريفين بشراء مساحات واسعة مما يحيط بالروضة المباركة وضمها إليها وتوسيع الشوارع المحيطة والمؤدية إلى الحرم الشريف على أن لا تقل عن مساحة الحرم المكي الشريف، ذلك ليعلم ذووا الفكر التدميري أن حرمة المؤمن اعز من الكعبة، فكيف بحرمة إثنين من أعاظم أئمة المسلمين والمؤمنين وأبناء رسول رب العالمين. فلا يستغرب أحد من هذا الطلب.
وقبل التبجح باعادة بناء مراقد الائمة عليهم السلام يجب هدم كافة قلوب البعثيين والارهابيين القابعين في فنادق الاحتلال والمعروفة بسجون الديمقراطية الجديدة التي يقبع فيها صدام واعوانه المئات وليس السبعة كما يظهرونه في وسائل الإعلام.
كما على الحكومة العراقية تشديد الحماية على بقية العتبات المقدسة في بلد والتي فيها الروضة المقدسة للسيد محمد بن الإمام علي الهادي عليهما السلام، وبقية العتبات الشريفة في كافة انحاء العراق.
على الحكومة العراقية ارسال افواج كبيرة من الحرس والشرطة والجيش لحماية الدمار الذي صار نهبا في سامراء الآن، لأن الفعلة والمجرمين ما زالوا موجودون في المنطقة وخير دليل على ذلك ما تعرض له وزير الاعمار ورجال الصحافة اثناء توجههم إلى تفقد كارثة ومعطيات الفكر الطائفي المقيت، وقتل الزوار الوافدين إلى تلك المراقد الشريفة.
على الحكومة العراقية جعل منطقة سامراء ومنطقة بلد والمحيطة بها بلدا آمنا كما ارادها الله ورسوله وأهل البيت عليهم السلام، كي يتمكن المسلمون من الذهاب إلى تلك المزارات الشريفة بأمن وأمان، وحمايتها من كل الضواري وقطاع الطرق وعشاق الدم والذبح وانتهاك الحرمات التي حرمتها رسالات السماء.
على الحكومة العراقية أن تعجل بجعل الاشراف على هذه المراقد المقدسة تحت ولاية المرحعية الدينية ويتعاون معها الوقف الشيعي لأن من غير المنطق السليم أن يكون مسجدا سنيا في منطقة شيعية تحت اشراف الوقف السني بينما تكون العتبات المقدسة الشريفة في سامراء وضواحيها تحت اشراف الوقف السني، وتخلوا من الحماية الحكومية، فيجب الاسراع في اتخاذ الازم بهذا الشأن.
الكلمة الثالثة: الموقف على الصعيد السني
وهذا الموقف يتضمن النقاط التالية:
إذْ يجب على أهل الشرفاء من السنة دون الطائفيين والتكفيريين وايتام النظام البعثي البائد، أن لا يبقوا ساكتين أمام الهجمة والحشية التي طالت المراقد المقدسة لأبناء نبيّهم الذي ينتسبون بالهوية اليه وبالسنة التي يتسمّون إليها.
يجب أن يعلم أهل السنة أن ما قد حصل هو انتهاك وتعدي على حرمات لحم رسول الله ودمه الطاهر، وبضعته التي ضمّنها بقعة سامراء، وجعلهم مؤتمنين عليها.
كما يجب على أهل السنة أن يعلموا أن ما حصل هو طعن لجسد النبي الذي يقولون انهم ينتمون إلى الاستنان بسنته، فهل من سنته انتهاك دماء واجساد وقبور ابناءه الميامين، وهل من سنته انتهاك مراقد أهل بيته؟
يجب على أهل السنة الشرفاء وحدهم دون غيرهم أن لا يبقوا ضحية جرائم مجرمين ينتهكون حرمات الإنسانية وحرمات أهل بيت نبيهم تحت عنوان التسنن، لأن سنة الله ورسوله ابعد ما تكون عن قتلة أهل بيته ومنهتكي حرمات بيوته التي أمر الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه، تلك البيوت التي طهرها الله تطهيرا.
على أهل السنة الشرفاء دو غيرهم أن لا يؤيدوا هذه العصابات المجرمة التي احترفت قتل أهل بيت نبي الإسلام، ولا يؤونهم ولا يعينونهم ولو بشطر كلمة، لأن اعانتهم إعانة على < الاثم والعدوان ومعصية الرسول > كما صرح القرآن بذلك.
يجب على أهل السنة أن يراجعوا التاريخ الأموي الدموي جيدا ويقرأوا حقائق التاريخ والشواهد على مثل هذه الافعال وما شاكلها ليكونوا سنة حقيقيين على سنة رسول الله، والاحترام بل الاعتزاز باهل بيته وليس الانتقام منهم وممن يحبهم وينتمي إليهم. وليكونوا في صف نبيهم الذي يحب أهل بيته الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، ويبرأوا من سنة الامويين وثقاقة الدمويين ومجرميهم على طول التاريخ.
يجب على كافة الشرفاء من أهل السنة دون غيرهم أن يبرأوا من أئمة الطائفية التكفيرية التي وَلَعَتْ بدماء آل محمد على طول التاريخ. وأن يضعوا يدهم بيد الحضاريين من المؤمنين بالله ورسوله وأهل بيته الاطهار كي تطهر البلاد من الارجاس والعراق من أئمة الحقد والمتعطشين إلى الدماء.
الكلمة الرابعة: الموقف على الصعيد الحكومة العراقية
أما على صعيد الحكومة العراقية فيجب التذكير بالامور التالية:
الحكومة الحالية ضعيفة جدا وأن كانت قد ورثت تركة كبيرة وميراثا ضخما من المآسي، وسبب ضعفها يرجع إلى أنها أدارت ظهرها لكل العناصر الخيرة والقوى المؤمنة التي دفعت الثمن باهضا في جهادها لنظام القومية الطائفية السابق، وصدّقت بقوى الاحتلال وغفلت عن نواياه التاريخية الكامنة بالحقد ضد التشيع الذي يرفع لواء الحضارة والتحضر والاستقلال.
على القائمة التي حازت على اغلبية الأصوات الشعبية وفازت بالانتخابات الاخيرة أن تسرع في تشكيل حكومة عراقية مخلصة لشعبها وأن تعمل على مبدأ الاستحقاق الانتخابي وحده لأنه الكفيل بصيانة مصلحة العراق، وهو الذي يسميه الغرب بالديمقراطية.
على قائمة الائتلاف الفائزة باغلبية أصوات الشعب عدم تضييع الوقت من خلال الانجرار إلى سياسة التدويخ البريطاني الأمريكي الهادفة إلى تذويب إرادة الشعب بتأسيس احزاب طائفية بعثية دموية تحت مسميات ( الوفاق الوطني، والحوار الوطني، والحكومة الوطنية، وامثالها) حيث أن معنى الوطنية عند هؤلاء يعني النفاق والاتيان باعداء الوطن ومنتهكي حرمات المقدسات ومراقد أهل البيت عليهم السلام. كما يجب افهام الشعب أن ما يسمونه حكومة الوفاق الوطني هو إلغاء صريح لإرادة الشعب وإسقاط للديمقراطية التي يزعمون انهم يريدها للعراق، وذلك كي يقول الشعب كلمته الفصل.
هل فهمت القوى السياسية الحاكمة وغيرها أن العراقيين الآن يدفعون ثمن البيانات المشفّرة التي كان يبعث بها صدام عبر محكمة الديمقراطية الكارتونية إلى حزبه من خلال الخطابات التي كان يلقيها في كل جلسة، ولقد كنت والله متوجسا خيفة من أن تقع هذه الكارثة وامثالها بعد بيان صدام الاخير في المحكمة حينما قال ( قاتلوهم يعذبهم الله بايديكم...) وتلا خطابه الدموي الطائفي المقيت؟
هل قرأ السياسييون والحكومة الموقرة منطق الحياة القائل في وجوب الاقتصاص من (المفسدين في الأرض)، ذلك المنطق الذي يقول بقتلهم وتقطيع ارجلهم وأيديهم من خلاف، والاكتفاء بالادلة البديهية الدامغة على جريمتهم، لأن جرائم المفسدين واضحة ولا تحتاج إلى المزيد من المماطلة الديمقراطية في التبرير للطواغيت المخلصين للاستعمار؟
هل قرأ السياسييون والحكومة الموقرة منطق الحياة الذي يقول يجب الإجهاز على أئمة الظلم وزعماء الفتنة ثم العفو عن الاذناب الذين لم يكن لهم مدد وعون كما قام أمير المؤمنين عليه السلام بالاجهاز على جرحى معركة صفين وعفى عن جرحة معركة الجمل وحينما سُئل عن ذلك الإمام علي الهادي عليه الصلاة والسلام عن الأمر قال لسائل:
وأما قولك: إن عليا عليه السلام قتل أهل الصفين مقبلين ومدبرين وأجاز على جريحهم، وإنه يوم الجمل لم يتبع موليا ولم يجز على جريح ومن ألقى سلاحه آمنه ومن دخل داره آمنه، فإن أهل الجمل قتل إمامهم ولم تكن لهم فئة يرجعون إليها وإنما رجع القوم إلى منازلهم غير محاربين ولا مخالفين ولا منابذين، رضوا بالكف عنهم، فكان الحكم فيهم رفع السيف عنهم والكف عن أذاهم، إذ لم يطلبوا عليه أعوانا، وأهل صفين كانوا يرجعون إلى فئة مستعدة وإمام يجمع لهم السلاح الدروع والرماح والسيوف ويسني لهم العطاء يهيئ لهم الانزال ويعود مريضهم ويجبر كسيرهم ويداوي جريحهم ويحمل راجلهم ويكسوا حاسرهم ويردهم فيرجعون إلى محاربتهم وقتالهم، فلم يساو بين الفريقين في الحكم لما عرف من الحكم في قتال أهل التوحيد لكنه شرح ذلك لهم، فمن رغب عرض على السيف أو يتوب من ذلك)
وها هم أئمة الجور ما زالوا يجهزون اعوانهم بالاموال والمدد والسلاح، وها هو إمام الطغاة ما وال حيا يتمتع بالحياة آمنا بالحياة الديمقراطية الجديدة (!)، وما زال اذنابه يخطبون ويهددون ويتوعدون آمنين غير آبهين ولا وجلين بل تقوى شوكتهم يوما بعد يوم، وفي عدم العمل بمقتضى فعل أمير المؤمنين عليه السلام خلل كبير وفساد للحياة كثير.
هل قرأ السياسييون والحكومة الموقرة منطق الحياة القائل أن التفريط بليوث الكريهة واخوان المحنة يعني إضعاف لجبهتكم وتقليل الناصر لكم، وأن الظلم أمر قد أردى الحكام الذين بين ايديكم الان، فانتبهوا ايها الاخوة إلى المستقبل الخطير ولا تقولوا نرفض التيار المرجعي الفلاني لأننا لا نرغب فيه حزبيا، أو أن دولة الاحتلال لا تريد أن يشارك التيار المرجعي الكذائي في العملية السياسية، أو نرفض هذ الكتلة السياسية المؤمنة لأنها لا تنتمي إلى حزبنا، فإن من ضيع التبر سوف يرضى بسهولة بالتبن. وشتان بين التبر والتبن، ومن لم يضع يده بيد المؤمنين فسوف يضع يده بيد النواصب والبعثيين والطائفيين الدمويين ويخذلونه شر خذلان. وأأمل من جميع القوى السياسية المؤمنة الخيّرة أن ترقى إلى مستوى المسؤوليات الحضارية الجسام، والتعامل بمستوى حجم التحديات التاريخية القاسية.
على كتلة الائتلاف (لكونها الفائزة بالاغلبية) أن تجمع إليها كل القوى المؤمنة والخيرة التي تريد الخير للعراق وكل المواطنين الاحرار وتعمل على تشكيل الحكومة سريعا وعاجلا، لأن امامها تحديات كبيرة يجب الانتهاء من النجاح فيها والتخلص من تبعاتها، ابرزها ما يلي:
التحدي الأول: تحدي البناء وإعمار العراق الذي اخربه نظام القومية الطائفية المقيت، والذي لاتريد قوى الاحتلال انجازه إلا وفق المنهج الذي ترتضيه لمصلحتها وليس لمصلحة العراق.
التحدي الثاني: تحدي الملف الأمني الذي تريد القوات الاجنبية الامساك به بغية الحفاظ على النظام البائد ورموزه لأغراض سياسية للضغط على كل حكومة عراقية وطنية تريد بالوطن الخير وللعراق الاستقلال.
التحدي الثالث: التحدي السياسي الذي تريد حكومات الاحتلال الهيمنة عليه وبناء العراق على قواعد التبعية للاجنبي وإبعاد كل القوى السياسية الخيّرة الفاعلة، وبناء التكوين السياسي العراقي على أساس الوفاق (ضد) الوطني للجمع بين الجلاد والضحية ليمارس الجلاد دوره من جديد، لأن حكم الجلادين هو الأنفع للاحتلال والاستعمار، وأن الضحية هو الذي ما كانت لترغب به ايام نظام حكم عميلها البائد الذي ارست قواعده على أساس ذبج الأكثرية الشعبية والاغلبية السياسية.
وفي ختام ما قد تقدم أقول:
إذا ما شعرت الكتل السياسية من عجز في تشكيل حكومة الاستحقاق الانتخابي وفق المنطق الديمقراطي الذي تتبجح به قوات الاحتلال، أو عانت من اعواد تعويق العجلة السياسية بسبب إرادة قوى الاحتلال، فيجب أن ترجيء الأمر إلى الشعب الذي انتخبها، ذلك الشعب الذي يراد له أن يكون الضحية القديمة الجديدة، وعند ذلك فإن الشعب هو الذي سيلتزم واجبه المقدس بنفسه في أخذ حقوقه بيده، وأن قوات الاحتلال ما كانت لتسقط النظام السابق إلا لأن الشعب سكت عنه وخذله لأنه قد مارس معه سياسة الخذلان والذبح فخذله الشعب، ولو وقف الشعب معه لما تمكن الاحتلال من دخول شبر من أرض العراق.
وما ثورة العشرين عنا ببعيد.
محمد سعيد المخزومي