مجاهدون
02-24-2006, 04:15 AM
كتابات - عبدالكريم كاظم
لا زلت أقول و بمنتهى الجزم أن الطائفية هي العنصر الاساسي في تركيبة الدولة العراقية منذ تكوينها في عشرينيات القرن الماضي و حتى وقتنا الحاضر ، لذلك يجب العمل بصورة جادة و بمثابرة متواصلة للقضاء عليها للخروج بالجسد العراقي المريض سليماً معافى من كل أنواع البكتيريا و تحديداً .. الطائفية . فالشراسة و الجنون اللتان تُظهرهما الطوائف المتقاتلة على الساحة العراقية اليوم ما هي إلا محاولة أخرى لإنقاذ النظام الطائفي نفسه ضمن تصورات جديدة و تحالفات شكلية غير متزنة تحاول أن تعيد توزيع الأدوار الوهمية داخل هذه التركيبة ، و على الرغم من أن هذا السلوك لا يلغي الحالة الطائفية المستفحلة بقدر ما يمدها بدماء جديدة و وجوه جديدة أيضاً لتستكمل إداء الدور المناط لها و بهذا سيكون كل من المواطن و الدولة المتضررين الوحيدين من لعبة التوازنات الطائفية التي يعتقد منظروها أنهم بهذا السلوك يمكنهم الوصول إلى ما يحلمون به من تغير جذري في بنية الدولة العراقية الجديدة / القادمة .
المسألة الطائفية .. هذا المرض الخطير سيبقى ضد أي تحديث أو ممارسة فكرية تنويرية تُخرجنا من شروط الولاءات الحزبية ، القبلية ، القومية ، المناطقية و وصولاً إلى المذهبية ، فالذي يترصد حركية الواقع المجتمعي / الحياتي في عراق اليوم سيرى بصورة واضحة لا تغفلها البصيرة التضخيم الطائفي المستفحل الذي يبرز على سطح الأحداث الواقعية منها و حتى الخرافية ، إضافة إلى تلك الذي يغذيها الاحتلال و عرابوه و على رأس القائمة السفير المعتوه ( زلماي خليل زادة ) و الأدهى من ذلك بروز أصحاب الاتجاه الذي يميل لغلبة كفة الإنتماء إلى الطائفة اكثر من موضوعة الإنتماء إلى الوطن و كأن بالوطن العراقي قد أختزل إلى مجموعة من الطوائف و التجمعات ، و بهذا سيبدو هذا الوطن ـ الذي أسمه العراق ـ أشبه بمجموعة من التجمعات السكانية أكثر مما هو دولة لها جميع المقومات الأساسية التي تظهرها دولة حضارية لها مكانتها المتميزة بين الأمم الأخرى ، فمسألة الإنتماءات السالفة الذكر لا ترفع من شان الفرد / المواطن أو تقلل من قيمته و لا تُشعرك ـ أيضاً ـ بالمواطنة .
الكثير من الكتابات التي تحمل النفس و الميل الطائفي تسخدم المكر ، أسلوباً في الكتابة ، لغرض التمويه عن آرائها الطائفية المنحرفة و البعض الآخر يعلنها صراحة و بمنتهى الوعي و الادراك دون أي أعتبار لنتائج الكارثة المحدقة بنا جراء ذلك الاسلوب و تلك الصراحة ، و انا هنا لست بصدد الرد او التشخيص فلا وقت لدي لمثل هكذا كتابات ، ثمة من يحاول أن يكثر من ذكر الآيات القرآنية و الأحاديث النبوية ليدّعموا آرائهم و انطباعاتهم الطائفية و يموهوا أصحاب العقول الصغيرة و الوعي القاصر ، و ثمة فئة أخرى يتشدقون / تتشدق بالحيف الذي عانوا منه منذ سنوات طويلة إذ تحول لديهم هذا الشعور إلى ما يشبه الحالة المرضية أو ما نصطلح عليه تسمية ( ثقافة التظلم ) و كم كنت أتمنى على هؤلاء .. لو انهم ادركوا حقيقة مقاصدهم الواضحة بغير الاسلوب الميكافيلي .
ليست الحركات السلفية ـ الأصولية ـ الطائفية بظاهرة مرحلة عابرة كما يظن البعض ، بل هي احدى نتائج التحولات السياسية ، الفكرية ، الاجتماعية ، الثقافية و الأيديولوجية على مر السنين ، لذلك أرى انها تندرج في خانة التضاد مع الدين من جهة و مع الحياة من الجهة الأخرى ، فأغلب العمليات التخريبة و التدميرية التي تطول الناس الابرياء ، الاماكن المقدسة و المباني و جميع ما يتعلق ببنية المجتمع التحتية لا تقوم على أسس دينية بحتة بل العكس تماماً ، فجميع هذه الممارسات تتم على أسس طائفية ضمن نطاق الدين الواحد إضافة إلى غياب الحكمة في النظر إلى المتغيرات الحاصلة الآن في عموم العالم المتحضرببصيرة نافذة و كما أن إنعدام السعة في تقبل فكر الآخر هو الذي أدى إلى مثل هذه النتيجة ، ناهيك عن غياب الممارسات الديمقراطية الحقة و الكيفية الصحيحة للتعامل معها أدت إلى ظهور مجتمعاً يكون القتل فيه و التهميش و مصادرة الرأي أساس و منهج حياة بدلاً من الحوار و التحاور ، و بهذا سوف لا نستطيع أن نتصور أو حتى نتخيل .. كيف سيكون عليه المستقبل ؟ و عليه سوف أجزم يقيناً ـ مرة أخرى ـ و أقول : أن الطائفية ستبقى رهينة هذه النقائض المتكاملة و المتعاضدة مع الجهل و التي ستخفي معها كل مظاهر المحبة و التطور و الانحياز إلى جهة الوطن ، يبدو أن الطائفية بحلتها الجديدة اليوم قد نجمت عن فشل مشاريع جميع القوى السياسية التي تدعي في أدبياتها و برامجها السياسية إنشاء دولة مستقلة ذات سيادة يضمنها دستور حقيقي و ترتبط بالمدنية و المعاصرة كي يستطيع المرء من خلالها العيش بسلام .
**********
مختارات
1ـ أي أحمق في العالم يمكنه ان يقول الحقيقة و لكن لابد من مزايا عديدة لاتقان موهبة الكذب .
صموئيل بتلر
2ـ إنما إبليس رفض الاعتراف بالتعددية ، فتشبث بأن لا يسجد لغير الواحد و بذلك أعطى للصفر قيمة تضاهي قيمة الواحد بل اكثر من ذلك ، جعل الواحد يفقد قيمته ‘ إذا انعدم الصفر و تحول كل ماعدا الواحد إلى صفر و كل ماعدا الصفر إلى واحد .
الطاهر وطار
3ـ يمكن فهم القتلة بكل سهولة .. و لكن الذي لايفهم أن تحمل الذات موتها .
ريلكة
4ـ من تكلم قتلناه .. و من سكت مات بدائه غماً .
الحجاج
5ـ الجوعُ سحابٌ ، فإذا جاع العبدُ ، مطر القلب الحكمة .
أبو يزيد البسطامي
22/2/2006
لا زلت أقول و بمنتهى الجزم أن الطائفية هي العنصر الاساسي في تركيبة الدولة العراقية منذ تكوينها في عشرينيات القرن الماضي و حتى وقتنا الحاضر ، لذلك يجب العمل بصورة جادة و بمثابرة متواصلة للقضاء عليها للخروج بالجسد العراقي المريض سليماً معافى من كل أنواع البكتيريا و تحديداً .. الطائفية . فالشراسة و الجنون اللتان تُظهرهما الطوائف المتقاتلة على الساحة العراقية اليوم ما هي إلا محاولة أخرى لإنقاذ النظام الطائفي نفسه ضمن تصورات جديدة و تحالفات شكلية غير متزنة تحاول أن تعيد توزيع الأدوار الوهمية داخل هذه التركيبة ، و على الرغم من أن هذا السلوك لا يلغي الحالة الطائفية المستفحلة بقدر ما يمدها بدماء جديدة و وجوه جديدة أيضاً لتستكمل إداء الدور المناط لها و بهذا سيكون كل من المواطن و الدولة المتضررين الوحيدين من لعبة التوازنات الطائفية التي يعتقد منظروها أنهم بهذا السلوك يمكنهم الوصول إلى ما يحلمون به من تغير جذري في بنية الدولة العراقية الجديدة / القادمة .
المسألة الطائفية .. هذا المرض الخطير سيبقى ضد أي تحديث أو ممارسة فكرية تنويرية تُخرجنا من شروط الولاءات الحزبية ، القبلية ، القومية ، المناطقية و وصولاً إلى المذهبية ، فالذي يترصد حركية الواقع المجتمعي / الحياتي في عراق اليوم سيرى بصورة واضحة لا تغفلها البصيرة التضخيم الطائفي المستفحل الذي يبرز على سطح الأحداث الواقعية منها و حتى الخرافية ، إضافة إلى تلك الذي يغذيها الاحتلال و عرابوه و على رأس القائمة السفير المعتوه ( زلماي خليل زادة ) و الأدهى من ذلك بروز أصحاب الاتجاه الذي يميل لغلبة كفة الإنتماء إلى الطائفة اكثر من موضوعة الإنتماء إلى الوطن و كأن بالوطن العراقي قد أختزل إلى مجموعة من الطوائف و التجمعات ، و بهذا سيبدو هذا الوطن ـ الذي أسمه العراق ـ أشبه بمجموعة من التجمعات السكانية أكثر مما هو دولة لها جميع المقومات الأساسية التي تظهرها دولة حضارية لها مكانتها المتميزة بين الأمم الأخرى ، فمسألة الإنتماءات السالفة الذكر لا ترفع من شان الفرد / المواطن أو تقلل من قيمته و لا تُشعرك ـ أيضاً ـ بالمواطنة .
الكثير من الكتابات التي تحمل النفس و الميل الطائفي تسخدم المكر ، أسلوباً في الكتابة ، لغرض التمويه عن آرائها الطائفية المنحرفة و البعض الآخر يعلنها صراحة و بمنتهى الوعي و الادراك دون أي أعتبار لنتائج الكارثة المحدقة بنا جراء ذلك الاسلوب و تلك الصراحة ، و انا هنا لست بصدد الرد او التشخيص فلا وقت لدي لمثل هكذا كتابات ، ثمة من يحاول أن يكثر من ذكر الآيات القرآنية و الأحاديث النبوية ليدّعموا آرائهم و انطباعاتهم الطائفية و يموهوا أصحاب العقول الصغيرة و الوعي القاصر ، و ثمة فئة أخرى يتشدقون / تتشدق بالحيف الذي عانوا منه منذ سنوات طويلة إذ تحول لديهم هذا الشعور إلى ما يشبه الحالة المرضية أو ما نصطلح عليه تسمية ( ثقافة التظلم ) و كم كنت أتمنى على هؤلاء .. لو انهم ادركوا حقيقة مقاصدهم الواضحة بغير الاسلوب الميكافيلي .
ليست الحركات السلفية ـ الأصولية ـ الطائفية بظاهرة مرحلة عابرة كما يظن البعض ، بل هي احدى نتائج التحولات السياسية ، الفكرية ، الاجتماعية ، الثقافية و الأيديولوجية على مر السنين ، لذلك أرى انها تندرج في خانة التضاد مع الدين من جهة و مع الحياة من الجهة الأخرى ، فأغلب العمليات التخريبة و التدميرية التي تطول الناس الابرياء ، الاماكن المقدسة و المباني و جميع ما يتعلق ببنية المجتمع التحتية لا تقوم على أسس دينية بحتة بل العكس تماماً ، فجميع هذه الممارسات تتم على أسس طائفية ضمن نطاق الدين الواحد إضافة إلى غياب الحكمة في النظر إلى المتغيرات الحاصلة الآن في عموم العالم المتحضرببصيرة نافذة و كما أن إنعدام السعة في تقبل فكر الآخر هو الذي أدى إلى مثل هذه النتيجة ، ناهيك عن غياب الممارسات الديمقراطية الحقة و الكيفية الصحيحة للتعامل معها أدت إلى ظهور مجتمعاً يكون القتل فيه و التهميش و مصادرة الرأي أساس و منهج حياة بدلاً من الحوار و التحاور ، و بهذا سوف لا نستطيع أن نتصور أو حتى نتخيل .. كيف سيكون عليه المستقبل ؟ و عليه سوف أجزم يقيناً ـ مرة أخرى ـ و أقول : أن الطائفية ستبقى رهينة هذه النقائض المتكاملة و المتعاضدة مع الجهل و التي ستخفي معها كل مظاهر المحبة و التطور و الانحياز إلى جهة الوطن ، يبدو أن الطائفية بحلتها الجديدة اليوم قد نجمت عن فشل مشاريع جميع القوى السياسية التي تدعي في أدبياتها و برامجها السياسية إنشاء دولة مستقلة ذات سيادة يضمنها دستور حقيقي و ترتبط بالمدنية و المعاصرة كي يستطيع المرء من خلالها العيش بسلام .
**********
مختارات
1ـ أي أحمق في العالم يمكنه ان يقول الحقيقة و لكن لابد من مزايا عديدة لاتقان موهبة الكذب .
صموئيل بتلر
2ـ إنما إبليس رفض الاعتراف بالتعددية ، فتشبث بأن لا يسجد لغير الواحد و بذلك أعطى للصفر قيمة تضاهي قيمة الواحد بل اكثر من ذلك ، جعل الواحد يفقد قيمته ‘ إذا انعدم الصفر و تحول كل ماعدا الواحد إلى صفر و كل ماعدا الصفر إلى واحد .
الطاهر وطار
3ـ يمكن فهم القتلة بكل سهولة .. و لكن الذي لايفهم أن تحمل الذات موتها .
ريلكة
4ـ من تكلم قتلناه .. و من سكت مات بدائه غماً .
الحجاج
5ـ الجوعُ سحابٌ ، فإذا جاع العبدُ ، مطر القلب الحكمة .
أبو يزيد البسطامي
22/2/2006