ابوقاسم
09-06-2003, 02:58 AM
اغتيال القادة ومزيد من الاستسلام العربي
بسم الله الرحمن الرحيم
خطبة الجمعة لسماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله
8 رجب 1424هـ / 5 أيلول-سبتمبر 2003م
الخطبة الثانية
بسم الله الرحمن الرحيم
عباد الله.. اتقوا الله وواجهوا المرحلة التي أقبلت فيها الفتن كقطع الليل المظلم، يزحم بعضها بعضاً، وتحركت فيها القوى المعادية المضادّة من أجل أن تثير الفوضى في بلادنا، وأن تخلق الفتنة في كلِّ أوضاعنا، حتى يربحوا بالفتنة أكثر ممّا يربحونه بالحرب. لذلك، لا بد لنا أن نواجه الموقف بالمزيد من الوعي والحذر واليقظة، ولا تزال المشاكل في منطقتنا تتوالى، من دون أيّ حلّ، فلنعرف ماذا هناك:
اغتيال القادة ومزيد من الاستسلام العربي
لا تزال أمريكا وإسرائيل تتحركان في عملية اغتيال وإبادة للمجاهدين الذين يعملون لتحرير بلدهم، فيما الاتحاد الأوروبي وروسيا والأمم المتحدة تستهلك الحديث عن خارطة الطريق، من دون أن تملك أية قدرة على إحراز أيّ تقدّم في تنفيذها، لأن دورها في اللجنة الرباعية على الهامش لمصلحة الدور الأمريكي الخاضع للدور الصهيوني..
ولذلك، فإن اللعبة تدار ضد الشعب الفلسطيني بمبادرة دولية تتحدث عن الحلّ، ولكنها تحرس تعقيدات المشكلة، وتبقى المشكلة لدى هؤلاء ـ بقيادة أمريكية ـ هي مقاومة الاحتلال التي اعتبروها "إرهاباً"، لا الاحتلال نفسه الذي اعتبروه "دفاعاً عن النفس"؟!
ومن جانب آخر، فإن العرب ـ برؤسائهم ـ لا يحرّكون ساكناً، بل يستقبل بعضهم الذي يترأس "لجنة القدس" وزير خارجية إسرائيل من أجل إعادة العلاقات مع العدو، في حجة مبكية مضحكة وهي تقوية المساعي لحل المشكلة الفلسطينية، ولا سيما اقتراح رئيس حكومة السلطة الفلسطينية على المغرب إعادة العلاقات..
إنقاذ المقدسات مسؤولية مَن؟؟
إن الجميع يعرف أن "لجنة القدس" تحوّلت إلى ملهاة تارة، والى حائط مبكى تارة أخرى، ثم تطوّر التهويد في القدس وانتهكت حرمة المسجد الأقصى من قِبَل اليهود الذين يفكرون في السيطرة عليه، ولم يستطع المغرب ولا العرب تقديم أية مبادرة إنقاذية لمقدّسات المسلمين، بالرغم من العلاقات القوية مع العدو، لأنهم لا يملكون قوةً للضغط بل هم الخاضعون للضغط..
والسؤال عن هذا الاستقبال الملوكي لوزير خارجية العدو: هل هو التشجيع العربي والإسلامي لإهراق الدم الفلسطيني، أطفالاً ونساءً وشيوخاً، وإبادة المجاهدين بالطائرات الأمريكية؟؟ وتتساءل الأمة كلها: أيّ عرب هؤلاء؟ وأيّ مسلمين هؤلاء؟ وهل تحوّل العالم العربي إلى حليف للدول المستكبرة للتحرر من فلسطين الحرية بدلاً من تحمّل المسؤولية لإنقاذها؟ إنهم يحشدون الأسلحة المتطوّرة في بلدانهم، ولكنهم لا يستخدمونها لإنقاذ الأمة، لأن الأمة ماتت في وجدانهم.
المال العربي والعقل الصهيوني؟؟
وفي موقع آخر، فإنّ رجال الأعمال العرب يلهثون الآن لحضور المؤتمر الاقتصادي الصهيوني، من أجل المزيد من التعاون العربي ـ الإسرائيلي الاقتصادي الذي سوف يفسح في المجال للسيطرة الصهيونية على مفاصل المال العربي، انسجاماً مع حديث بعض الملوك العرب الذي يقول: "إن العرب يملكون مالاً بلا عقل، وإن اليهود يملكون عقلاً بلا مال، فلنعمل على التزاوج بين العقل اليهودي والمال العربي"!! ولكنه كان يعرف أن المال اليهودي يتفوّق على حجم المال العربي بالرغم من البترول.. إن هذا كلّه يمثل الضعف والعجز والسقوط النفسي والروحي والحركي العربي، حتى لم يعد لهذا العالم أيّ وزن في سياسة المنطقة فضلاً عن سياسة العالم، فأيّ زمن هو هذا الزمن العربي الرديء؟؟
وتبقى الكلمة الحاسمة للشعب الفلسطيني أن يأخذ بأسباب الوعي والحذر الشديد من هذه الدوّامة الجديدة التي تتحرك في داخلها القضية الفلسطينية، في الخلافات الداخلية الواقعة تحت تأثير الضغوط الدولية والإسرائيلية والعربية، من أجل إيجاد مناخ للفتنة ومأزق للحركة السياسية التحريرية في هذه المرحلة الصعبة التي قد تحدد المستقبل كله للشعب الفلسطيني، ومن خلال ذلك للأمة كلها.
مجزرة النجف تجديد للفتنة
أما في العراق، فإن المجزرة الوحشية الهمجية التي استهدفت آية الله الشهيد السيد محمد باقر الحكيم والمصلّين المؤمنين معه، وانتهكت حرمة الحرم العلوي الشريف، أدخلت الوضع العراقي في متاهات أمنية وسياسية جديدة لا تخلو من الخطورة، لأن أكثر من جهة داخلية وخارجية تحرك أصابع الفتنة من خلال أطماعها وخططها ومصالحها، من دون تحديد دقيق للمجرم المسؤول بشكل مباشر، ولأن هناك خططاً جهنمية لإيقاع الفتنة بين المسلمين، في تبادل الاتهام هنا وهناك، من خلال تغذية مخابراتية إعلامية واستكبارية وتعصبية..
إننا نحذّر العراقيين من السقوط أمام هذه المحاولات، لأن ذلك يؤدي إلى سقوط الهيكل على رؤوس الجميع، كما نحذِّر العالم الإسلامي ـ بعلمائه وفعالياته السياسية والثقافية والاجتماعية ـ من إفساح المجال للمتعصبين والمتطرفين الذين يكيدون للإسلام والمسلمين، فإن المرحلة الخطرة التي يمر بها العالم الإسلامي في التحديات والضغوط المطبقة عليه، هي من أكثر المراحل خطورةً ضد المستقبل الإسلامي على أكثر من صعيد.
مستقبل الحكومة العراقية الجديدة
وفي اتجاه آخر، فإنّ الحكومة العراقية الجديدة التي رحّب بها البعض وتحفّظ عنها بعضٌ آخر، لا تبعث على الكثير من التفاؤل، لأن أكثر من علامة استفهام تحيط بها في سيطرة المستشارين الأمريكيين على كل وزير ووزارته، وفي الإمكانات التي تملكها في تحقيق برنامجها في تأسيس عراق جديد في أمنه وحاجاته وخدماته وحرياته، لا سيما أننا استمعنا إلى وزير الخارجية الأمريكية يقول بأن أمريكا "تريد السيطرة حتى على الدول التي تشرف عليها الأمم المتحدة"، على حدّ قوله..
إن أمريكا لم تبدأ في جني الأرباح الاقتصادية والسياسية والأمنية في احتلالها للعراق على مستوى المنطقة، لذلك فقد يتساءل الناس: هل تسمح أمريكا في المرحلة الحاضرة ـ على الأقل ـ للعراقيين أن يديروا أمورهم بأنفسهم إلا على مستوى تخفيف الأعباء الأمنية وبعض الأعباء الاقتصادية عنها؟
إننا نتمنى للشعب العراقي كل تقدّم وازدهار، ولكن الأخطبوط الاحتلالي لا يزال يمدُّ أذرعه إلى كل مقدّرات العراق في امتداد المنطقة، فالحذر الحذر، والوعي الوعي، واليقظة اليقظة، ولا سيما أن إسرائيل بدأت في افتراس العراق اقتصادياً، وفي النفاذ إلى مفاصله الأمنية، ولا ندري هل أن تفجير النجف والأمم المتحدة كان إسرائيلياً بغطاء أمريكي؟ لمَ لا..
الإخلاص للشعب اللبناني
أما في لبنان، فإن الشعب كله يطلب من المسؤولين التكامل في التخطيط وفي التنفيذ، والإخلاص للشعب ليستقر في وطنه الذي لا بد له من الانفتاح على الإنسان المواطن لا الطائفي، وعلى التخطيط لحلِّ المشاكل التي تطبق على البلد، لا معالجة كل مشكلة كما لو كانت مفصولة عن القضايا الاقتصادية والمعيشية والسياسية..
إن على الشعب توجيه الإنذار إلى كل الذين يحكمون البلد أنه سوف يسلب الثقة منهم، على طريقة الآية القرآنية: {وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم}.
http://www.bayynat.org.lb/www/arabi.../kh05092003.htm
بسم الله الرحمن الرحيم
خطبة الجمعة لسماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله
8 رجب 1424هـ / 5 أيلول-سبتمبر 2003م
الخطبة الثانية
بسم الله الرحمن الرحيم
عباد الله.. اتقوا الله وواجهوا المرحلة التي أقبلت فيها الفتن كقطع الليل المظلم، يزحم بعضها بعضاً، وتحركت فيها القوى المعادية المضادّة من أجل أن تثير الفوضى في بلادنا، وأن تخلق الفتنة في كلِّ أوضاعنا، حتى يربحوا بالفتنة أكثر ممّا يربحونه بالحرب. لذلك، لا بد لنا أن نواجه الموقف بالمزيد من الوعي والحذر واليقظة، ولا تزال المشاكل في منطقتنا تتوالى، من دون أيّ حلّ، فلنعرف ماذا هناك:
اغتيال القادة ومزيد من الاستسلام العربي
لا تزال أمريكا وإسرائيل تتحركان في عملية اغتيال وإبادة للمجاهدين الذين يعملون لتحرير بلدهم، فيما الاتحاد الأوروبي وروسيا والأمم المتحدة تستهلك الحديث عن خارطة الطريق، من دون أن تملك أية قدرة على إحراز أيّ تقدّم في تنفيذها، لأن دورها في اللجنة الرباعية على الهامش لمصلحة الدور الأمريكي الخاضع للدور الصهيوني..
ولذلك، فإن اللعبة تدار ضد الشعب الفلسطيني بمبادرة دولية تتحدث عن الحلّ، ولكنها تحرس تعقيدات المشكلة، وتبقى المشكلة لدى هؤلاء ـ بقيادة أمريكية ـ هي مقاومة الاحتلال التي اعتبروها "إرهاباً"، لا الاحتلال نفسه الذي اعتبروه "دفاعاً عن النفس"؟!
ومن جانب آخر، فإن العرب ـ برؤسائهم ـ لا يحرّكون ساكناً، بل يستقبل بعضهم الذي يترأس "لجنة القدس" وزير خارجية إسرائيل من أجل إعادة العلاقات مع العدو، في حجة مبكية مضحكة وهي تقوية المساعي لحل المشكلة الفلسطينية، ولا سيما اقتراح رئيس حكومة السلطة الفلسطينية على المغرب إعادة العلاقات..
إنقاذ المقدسات مسؤولية مَن؟؟
إن الجميع يعرف أن "لجنة القدس" تحوّلت إلى ملهاة تارة، والى حائط مبكى تارة أخرى، ثم تطوّر التهويد في القدس وانتهكت حرمة المسجد الأقصى من قِبَل اليهود الذين يفكرون في السيطرة عليه، ولم يستطع المغرب ولا العرب تقديم أية مبادرة إنقاذية لمقدّسات المسلمين، بالرغم من العلاقات القوية مع العدو، لأنهم لا يملكون قوةً للضغط بل هم الخاضعون للضغط..
والسؤال عن هذا الاستقبال الملوكي لوزير خارجية العدو: هل هو التشجيع العربي والإسلامي لإهراق الدم الفلسطيني، أطفالاً ونساءً وشيوخاً، وإبادة المجاهدين بالطائرات الأمريكية؟؟ وتتساءل الأمة كلها: أيّ عرب هؤلاء؟ وأيّ مسلمين هؤلاء؟ وهل تحوّل العالم العربي إلى حليف للدول المستكبرة للتحرر من فلسطين الحرية بدلاً من تحمّل المسؤولية لإنقاذها؟ إنهم يحشدون الأسلحة المتطوّرة في بلدانهم، ولكنهم لا يستخدمونها لإنقاذ الأمة، لأن الأمة ماتت في وجدانهم.
المال العربي والعقل الصهيوني؟؟
وفي موقع آخر، فإنّ رجال الأعمال العرب يلهثون الآن لحضور المؤتمر الاقتصادي الصهيوني، من أجل المزيد من التعاون العربي ـ الإسرائيلي الاقتصادي الذي سوف يفسح في المجال للسيطرة الصهيونية على مفاصل المال العربي، انسجاماً مع حديث بعض الملوك العرب الذي يقول: "إن العرب يملكون مالاً بلا عقل، وإن اليهود يملكون عقلاً بلا مال، فلنعمل على التزاوج بين العقل اليهودي والمال العربي"!! ولكنه كان يعرف أن المال اليهودي يتفوّق على حجم المال العربي بالرغم من البترول.. إن هذا كلّه يمثل الضعف والعجز والسقوط النفسي والروحي والحركي العربي، حتى لم يعد لهذا العالم أيّ وزن في سياسة المنطقة فضلاً عن سياسة العالم، فأيّ زمن هو هذا الزمن العربي الرديء؟؟
وتبقى الكلمة الحاسمة للشعب الفلسطيني أن يأخذ بأسباب الوعي والحذر الشديد من هذه الدوّامة الجديدة التي تتحرك في داخلها القضية الفلسطينية، في الخلافات الداخلية الواقعة تحت تأثير الضغوط الدولية والإسرائيلية والعربية، من أجل إيجاد مناخ للفتنة ومأزق للحركة السياسية التحريرية في هذه المرحلة الصعبة التي قد تحدد المستقبل كله للشعب الفلسطيني، ومن خلال ذلك للأمة كلها.
مجزرة النجف تجديد للفتنة
أما في العراق، فإن المجزرة الوحشية الهمجية التي استهدفت آية الله الشهيد السيد محمد باقر الحكيم والمصلّين المؤمنين معه، وانتهكت حرمة الحرم العلوي الشريف، أدخلت الوضع العراقي في متاهات أمنية وسياسية جديدة لا تخلو من الخطورة، لأن أكثر من جهة داخلية وخارجية تحرك أصابع الفتنة من خلال أطماعها وخططها ومصالحها، من دون تحديد دقيق للمجرم المسؤول بشكل مباشر، ولأن هناك خططاً جهنمية لإيقاع الفتنة بين المسلمين، في تبادل الاتهام هنا وهناك، من خلال تغذية مخابراتية إعلامية واستكبارية وتعصبية..
إننا نحذّر العراقيين من السقوط أمام هذه المحاولات، لأن ذلك يؤدي إلى سقوط الهيكل على رؤوس الجميع، كما نحذِّر العالم الإسلامي ـ بعلمائه وفعالياته السياسية والثقافية والاجتماعية ـ من إفساح المجال للمتعصبين والمتطرفين الذين يكيدون للإسلام والمسلمين، فإن المرحلة الخطرة التي يمر بها العالم الإسلامي في التحديات والضغوط المطبقة عليه، هي من أكثر المراحل خطورةً ضد المستقبل الإسلامي على أكثر من صعيد.
مستقبل الحكومة العراقية الجديدة
وفي اتجاه آخر، فإنّ الحكومة العراقية الجديدة التي رحّب بها البعض وتحفّظ عنها بعضٌ آخر، لا تبعث على الكثير من التفاؤل، لأن أكثر من علامة استفهام تحيط بها في سيطرة المستشارين الأمريكيين على كل وزير ووزارته، وفي الإمكانات التي تملكها في تحقيق برنامجها في تأسيس عراق جديد في أمنه وحاجاته وخدماته وحرياته، لا سيما أننا استمعنا إلى وزير الخارجية الأمريكية يقول بأن أمريكا "تريد السيطرة حتى على الدول التي تشرف عليها الأمم المتحدة"، على حدّ قوله..
إن أمريكا لم تبدأ في جني الأرباح الاقتصادية والسياسية والأمنية في احتلالها للعراق على مستوى المنطقة، لذلك فقد يتساءل الناس: هل تسمح أمريكا في المرحلة الحاضرة ـ على الأقل ـ للعراقيين أن يديروا أمورهم بأنفسهم إلا على مستوى تخفيف الأعباء الأمنية وبعض الأعباء الاقتصادية عنها؟
إننا نتمنى للشعب العراقي كل تقدّم وازدهار، ولكن الأخطبوط الاحتلالي لا يزال يمدُّ أذرعه إلى كل مقدّرات العراق في امتداد المنطقة، فالحذر الحذر، والوعي الوعي، واليقظة اليقظة، ولا سيما أن إسرائيل بدأت في افتراس العراق اقتصادياً، وفي النفاذ إلى مفاصله الأمنية، ولا ندري هل أن تفجير النجف والأمم المتحدة كان إسرائيلياً بغطاء أمريكي؟ لمَ لا..
الإخلاص للشعب اللبناني
أما في لبنان، فإن الشعب كله يطلب من المسؤولين التكامل في التخطيط وفي التنفيذ، والإخلاص للشعب ليستقر في وطنه الذي لا بد له من الانفتاح على الإنسان المواطن لا الطائفي، وعلى التخطيط لحلِّ المشاكل التي تطبق على البلد، لا معالجة كل مشكلة كما لو كانت مفصولة عن القضايا الاقتصادية والمعيشية والسياسية..
إن على الشعب توجيه الإنذار إلى كل الذين يحكمون البلد أنه سوف يسلب الثقة منهم، على طريقة الآية القرآنية: {وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم}.
http://www.bayynat.org.lb/www/arabi.../kh05092003.htm