على
02-23-2006, 12:29 AM
كتب محمـد النغيمش
ما أصعب أن تعمل تحت إمرة مدير ضعيف الشخصية. ربما يتقبل البعض زميلا في العمل يتصف بهذه الصفة ولكن أن يكون مدير جميع الموظفين كذلك فهو بحق معضلة كبيرة. تجارب الموظفين تثبت أنه ليس كل موظف يصلح أن يكون مديرا فعالاً، فأحد أهم صفات المدير أن يتسم بالحد الأدنى من الحزم والقدرة على ضبط الموظفين.
مشكلة المدير الضعيف أنه يخشى الموظفين الأقوياء! فهو يعتقد في قرارة نفسه أن أيامه معدودة ويحسب أن «كل صيحة عليه« وأن حياته الوظيفية سيهددها هؤلاء الذين يراهم أقوى منه. وربما يتطرف هذا المدير في محاربة هؤلاء الموظفين الذين يتفوقون عليه من حيث تفانيهم وشخصيتهم القوية (الكاريزماتية) وهو لا يعي أن هؤلاء نعمة وليسوا نقمة، ولا يدرك أن محاولة إضعافهم أو تهميشهم هي في نهاية المطاف زيادة في ضعفه وتخلف إدارته.
بعض المديرين الضعفاء ربما يتطرفون في محاربة البارزين من الموظفين وذلك بإعطائهم تقديرا متدنيا في نهاية العام لا يتناسب مع مجهوداتهم، وهم بذلك يفتحون على أنفسهم باب الشكوى والتذمر الواسع التي ستصل أخباره إلى الإدارة العليا فينكشف أمر المدير. وعلى النقيض قد يلجأ بعض المديرين إلى إعطاء تقدير مرتفع لا يتناسب وأداء العاملين وهو تصرف غير عادل وضار بالعمل نفسه.
أخشى ما يخشاه المدير الضعيف الشخصية هي سهام النقد، خصوصا إذا كانت مكتوبة. فانتقادات الصحافة أو شكاوى العمل الداخلية المكتوبة تقض مضجعه ـ إن جاز التعبير ـ فتشعره بأن هجوما أو مكيدة تتربص به، وأسوأ سيناريو يتخذه هذا المدير عندما يسارع بردة فعل مستعجلة غير مدروسة ليطفئ نيران النقد، كأن يعمل تغييرات جذرية غير سليمة أو يتهم موظفا لديه بالتقصير أو يفصل آخر لأي سبب من دون التحقق من سلامة إجراءاته. ولتجنب ذلك فإن هذا المدير يحتاج إلى أن يصغي إلى المقربين وأهل الشأن في العمل قبل اتخاذ قرار غير موفق.
يجد المدير الضعيف صعوبة في مقارعة الحجة بالحجة عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن نفسه أو عن العاملين معه، عندما توجه إليهم انتقادات أو اتهامات كيدية أو في غير محلها من داخل العمل أو خارجه. وفي بعض الأحيان لا يستطيع المدير الضعيف إقناع الإدارة العليا بأن موظفا منتجا لديه يستحق الترقية أو علاوة، لذا فإن العاملين معه لا يشعرون بالأمان الوظيفي وكأنهم يعملون تحت سقيفة هشة لا تحمي رؤوسهم.
ليست المشكلة أن يكون أحدنا ضعيف الشخصية، فمن منا خالٍ من العيوب، ولكن المشكلة أن يصر هذا النوع من المديرين على أن يعضوا بالنواجذ على كراسيهم ليطول أمد بقائهم فيها غير آبهين باقتراحات الموظفين أو انتقادات الإدارة العليا بشأن المشكلات التي تعترض طريقة إدارتهم.
بعض الموظفين يحاولون عبثا تغيير طبائع هذا النوع من المديرين، غير أنه يصعب لأحد أن يغير سلوكيات آخر ما لم يغير المعني نفسه. وإذا أدركنا أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم تتضح لنا حقيقة قدرتنا على حل هذه المشكلة القديمة والجديدة في الوقت نفسه.
والملاحظ أن المدير الضعيف يحيط نفسه بالموظفين الضعاف الذين يقدمون له الولاء والسمع والطاعة العمياء ولذا فهو يقربهم إليه متجاهلا أنهم بطانة سيئة. كما لا يمكن توقع تطوير حقيقي يذكر من المدير «القلق« دائما، لأنه يفضل سياسة «الهون أبرك« كما يقال، بمعنى أنه مادام العمل يسير، حتى لو في الحد الأدنى، فلا حاجه لاتخاذ أي قرارات تطويرية أو تجديد بيئة العمل، فهو يخاف من أي جديد مادام المساهمون راضين عن النتيجة، لكن في ظل المنافسة الشديدة المتنامية بين الشركات ينبغي أن تختار القيادة العليا مديرا قويا وصاحب فكر خلاق، والأهم «صاحب قرار«.. أي أنه قادر على اتخاذ القرارات الصعبة والضرورية لمصلحة العمل والعاملين فيه.
الإدارة وتطوير الذات
(زاوية أسبوعية متخصصة في شؤون الادارة وتطوير الذات)
mohammed@nughaimish.com
ما أصعب أن تعمل تحت إمرة مدير ضعيف الشخصية. ربما يتقبل البعض زميلا في العمل يتصف بهذه الصفة ولكن أن يكون مدير جميع الموظفين كذلك فهو بحق معضلة كبيرة. تجارب الموظفين تثبت أنه ليس كل موظف يصلح أن يكون مديرا فعالاً، فأحد أهم صفات المدير أن يتسم بالحد الأدنى من الحزم والقدرة على ضبط الموظفين.
مشكلة المدير الضعيف أنه يخشى الموظفين الأقوياء! فهو يعتقد في قرارة نفسه أن أيامه معدودة ويحسب أن «كل صيحة عليه« وأن حياته الوظيفية سيهددها هؤلاء الذين يراهم أقوى منه. وربما يتطرف هذا المدير في محاربة هؤلاء الموظفين الذين يتفوقون عليه من حيث تفانيهم وشخصيتهم القوية (الكاريزماتية) وهو لا يعي أن هؤلاء نعمة وليسوا نقمة، ولا يدرك أن محاولة إضعافهم أو تهميشهم هي في نهاية المطاف زيادة في ضعفه وتخلف إدارته.
بعض المديرين الضعفاء ربما يتطرفون في محاربة البارزين من الموظفين وذلك بإعطائهم تقديرا متدنيا في نهاية العام لا يتناسب مع مجهوداتهم، وهم بذلك يفتحون على أنفسهم باب الشكوى والتذمر الواسع التي ستصل أخباره إلى الإدارة العليا فينكشف أمر المدير. وعلى النقيض قد يلجأ بعض المديرين إلى إعطاء تقدير مرتفع لا يتناسب وأداء العاملين وهو تصرف غير عادل وضار بالعمل نفسه.
أخشى ما يخشاه المدير الضعيف الشخصية هي سهام النقد، خصوصا إذا كانت مكتوبة. فانتقادات الصحافة أو شكاوى العمل الداخلية المكتوبة تقض مضجعه ـ إن جاز التعبير ـ فتشعره بأن هجوما أو مكيدة تتربص به، وأسوأ سيناريو يتخذه هذا المدير عندما يسارع بردة فعل مستعجلة غير مدروسة ليطفئ نيران النقد، كأن يعمل تغييرات جذرية غير سليمة أو يتهم موظفا لديه بالتقصير أو يفصل آخر لأي سبب من دون التحقق من سلامة إجراءاته. ولتجنب ذلك فإن هذا المدير يحتاج إلى أن يصغي إلى المقربين وأهل الشأن في العمل قبل اتخاذ قرار غير موفق.
يجد المدير الضعيف صعوبة في مقارعة الحجة بالحجة عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن نفسه أو عن العاملين معه، عندما توجه إليهم انتقادات أو اتهامات كيدية أو في غير محلها من داخل العمل أو خارجه. وفي بعض الأحيان لا يستطيع المدير الضعيف إقناع الإدارة العليا بأن موظفا منتجا لديه يستحق الترقية أو علاوة، لذا فإن العاملين معه لا يشعرون بالأمان الوظيفي وكأنهم يعملون تحت سقيفة هشة لا تحمي رؤوسهم.
ليست المشكلة أن يكون أحدنا ضعيف الشخصية، فمن منا خالٍ من العيوب، ولكن المشكلة أن يصر هذا النوع من المديرين على أن يعضوا بالنواجذ على كراسيهم ليطول أمد بقائهم فيها غير آبهين باقتراحات الموظفين أو انتقادات الإدارة العليا بشأن المشكلات التي تعترض طريقة إدارتهم.
بعض الموظفين يحاولون عبثا تغيير طبائع هذا النوع من المديرين، غير أنه يصعب لأحد أن يغير سلوكيات آخر ما لم يغير المعني نفسه. وإذا أدركنا أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم تتضح لنا حقيقة قدرتنا على حل هذه المشكلة القديمة والجديدة في الوقت نفسه.
والملاحظ أن المدير الضعيف يحيط نفسه بالموظفين الضعاف الذين يقدمون له الولاء والسمع والطاعة العمياء ولذا فهو يقربهم إليه متجاهلا أنهم بطانة سيئة. كما لا يمكن توقع تطوير حقيقي يذكر من المدير «القلق« دائما، لأنه يفضل سياسة «الهون أبرك« كما يقال، بمعنى أنه مادام العمل يسير، حتى لو في الحد الأدنى، فلا حاجه لاتخاذ أي قرارات تطويرية أو تجديد بيئة العمل، فهو يخاف من أي جديد مادام المساهمون راضين عن النتيجة، لكن في ظل المنافسة الشديدة المتنامية بين الشركات ينبغي أن تختار القيادة العليا مديرا قويا وصاحب فكر خلاق، والأهم «صاحب قرار«.. أي أنه قادر على اتخاذ القرارات الصعبة والضرورية لمصلحة العمل والعاملين فيه.
الإدارة وتطوير الذات
(زاوية أسبوعية متخصصة في شؤون الادارة وتطوير الذات)
mohammed@nughaimish.com