سلسبيل
02-18-2006, 01:10 PM
«أبو حمزة» في السجن و«أبو قتادة» مُهدد بالترحيل وعمر بكري حل جماعته ورحل...
لندن - كميل الطويل الحياة - 18/02/06//
«لندنستان»، كما يسمّيها الفرنسيون تهكماً، تفقد بريقها. إسلاميوها الذين لمعت أسماؤهم في تسعينات القرن الماضي، إما صمتوا أو ارتحلوا أو صاروا حبيسي السجون.
تغيّرت لندن كثيراً، لكنها لم تتغير فجأة. في البدء فتحت بريطانيا ذراعيها لهؤلاء الإسلاميين. أتوا من أفغانستان بعد انتهاء «الجهاد» ضد الروس وانقضاض المجاهدين على بعضهم بعضاً في بدايات التسعينات. جاء الجزائريون بعد إلغاء فوز الإسلاميين في الانتخابات العام 1992. ولحق بهم، في الفترة ذاتها، إسلاميون من مصر وتونس وليبيا وبعض الخليجيين ( بين جنسيات أخرى).
كانت تلك «حقبة ذهبية» لهؤلاء. فبريطانيا، الفخورة بتقاليدها في استضافة اللاجئين وحرّية التعبير، كانت ترفض باستمرار شكاوى الدول العربية من أن هؤلاء «إرهابيون» وليسوا «لاجئين». وعلى رغم انشغال أجهزة الأمن البريطانية، في تلك الفترة، بـ «إرهاب» الجيش الجمهوري الايرلندي، إلا ان نشاط الإسلاميين كان دائماً تحت المجهر. وليس سرّاً ان ضباطاً في الاستخبارات البريطانية كانوا يلتقون، باستمرار، قادة هؤلاء الإسلاميين. أحياناً لسؤالهم «رأيهم» في ما يجري في بلدانهم. وأحياناً لـ «تحذيرهم» من مغبة خرق قوانين البلاد: المعارضة ضد بلدانكم مسموحة، لكن التخطيط للإرهاب انطلاقاً من بريطانيا غير مقبول.
كانت «الجماعة المسلحة» الجزائرية أول من «اختبر» هذا «الخط الأحمر» البريطاني. فنشرة «الأنصار» المؤيدة لها تباهت في صيف 1995 بتفجيرات محطات «المترو» في باريس. واضطر البريطانيون آنذاك لاتخاذ «اجراء»، هو الأول من نوعه في حق مؤيدي «الجماعة»، واعتقلوا مسؤولاً في «الأنصار» هو الجزائري رشيد رمدة بناء على طلب فرنسي لتسلمه في قضية تفجيرات المترو. وخشي الأمن البريطاني حينذاك خشية كبيرة ان يلجأ أنصار «الجماعة» الى نقل المعركة من باريس الى لندن، وابلغ مناصرين لهذه الجماعة ان لا نيّة للحد من حريتهم في معارضة أنظمتهم... ما داموا لا يخرقون القوانين البريطانية.
ثم تتالت «الاختبارات». أولاً كانت شكوى مصر ضد المعارض الإسلامي ياسر السري بسبب مساهمته في نقل مواقف تيار متشدد في «الجماعة الإسلامية» يقوده رفاعي طه (الذي تبنى مذبحة الأقصر ضد السياح العام 1997). وتجاهلت لندن الشكوى المصرية. «الاختبار الثاني» جاء في صيف 1998 عندما فجّر تنظيم «القاعدة» سفارتي الولايات المتحدة في نيروبي ودار السلام. واضطرت لندن آنذاك الى التحرك، واعتقلت، بناء على طلب رسمي أميركي، السعودي خالد الفواز والمصريين عادل عبدالمجيد وابراهيم عيدروس للاشتباه بأن لهم علاقة بالتفجيرين. وكان اعتقال الثلاثة (الأول محسوب على «القاعدة» والآخران على «جماعة الجهاد») مؤشراً على «الطلاق» الذي بدأ يلوح في الأفق بين بريطانيا والإسلاميين.
وفي 1999، اعتقل البريطانيون «أبو حمزة المصري» وياسر السري على خلفية مقتل سياح غربيين في مواجهة بين قوات الأمن اليمنية وجماعة مسلحة. لكن لم توجه اي اتهامات الى الرجلين، علماً ان أقرباء لـ «أبي حمزة» حوكموا ضمن افراد هذه الجماعة في اليمن.
وظل الأمر يتطور حتى جاء «الطلاق بالثلاثة» إثر هجمات 11 سبتمبر 2001 ضد نيويورك وواشنطن، ووجدت بريطانيا نفسها جزءاً من الحرب على «الإرهاب». في ظل هذا الوضع الجديد، سنّ البريطانيون تشريعات جديدة بالغة التشدد بينها السماح باعتقال مُشتبه في علاقتهم بالإرهاب لفترات غير محددة ومن دون عرضهم على القضاء لمحاكمتهم. واستهدف هذا التشريع أساساً الفلسطيني «أبو قتادة» الذي يُوصف في وسائل إعلام غربية بـ «سفير أسامة بن لادن في أوروبا».
وبعد رفض مجلس اللوردات البريطاني هذا التشريع العام الماضي، لجأت حكومة توني بلير الى وضع «ابو قتادة» ورفاقه في ظل اقامات جبرية في منازلهم، ثم اعتقالهم مجدداً بنية ترحيلهم الى دولهم. ثم اعتُقل «ابو حمزة المصري» بتهمة التحريض على الإرهاب والكراهية (حكم عليه أخيراً بالسجن سبع سنوات). وعرف عمر بكري محمد، زعيم «المهاجرون»، ان دوره لا بد آت، فحل تنظيمه ورحل الى لبنان.
لكن تفجيرات «مترو لندن»، في صيف 2005، كشفت ان مشكلة بريطانيا لم تعد مع هؤلاء «الضيوف الأجانب» (مثل «أبو قتادة» ورفاقه)، بل مع بريطانيين مولداً ونشأة. فسنّت حكومة بلير تشريعاً جديداً يستهدف هؤلاء تحديداً من خلال قانون «تمجيد الإرهاب» الذي تبناه مجلس العموم قبل أيام، في انتظار ان يقره مجلس اللوردات لاحقاً.
لندن - كميل الطويل الحياة - 18/02/06//
«لندنستان»، كما يسمّيها الفرنسيون تهكماً، تفقد بريقها. إسلاميوها الذين لمعت أسماؤهم في تسعينات القرن الماضي، إما صمتوا أو ارتحلوا أو صاروا حبيسي السجون.
تغيّرت لندن كثيراً، لكنها لم تتغير فجأة. في البدء فتحت بريطانيا ذراعيها لهؤلاء الإسلاميين. أتوا من أفغانستان بعد انتهاء «الجهاد» ضد الروس وانقضاض المجاهدين على بعضهم بعضاً في بدايات التسعينات. جاء الجزائريون بعد إلغاء فوز الإسلاميين في الانتخابات العام 1992. ولحق بهم، في الفترة ذاتها، إسلاميون من مصر وتونس وليبيا وبعض الخليجيين ( بين جنسيات أخرى).
كانت تلك «حقبة ذهبية» لهؤلاء. فبريطانيا، الفخورة بتقاليدها في استضافة اللاجئين وحرّية التعبير، كانت ترفض باستمرار شكاوى الدول العربية من أن هؤلاء «إرهابيون» وليسوا «لاجئين». وعلى رغم انشغال أجهزة الأمن البريطانية، في تلك الفترة، بـ «إرهاب» الجيش الجمهوري الايرلندي، إلا ان نشاط الإسلاميين كان دائماً تحت المجهر. وليس سرّاً ان ضباطاً في الاستخبارات البريطانية كانوا يلتقون، باستمرار، قادة هؤلاء الإسلاميين. أحياناً لسؤالهم «رأيهم» في ما يجري في بلدانهم. وأحياناً لـ «تحذيرهم» من مغبة خرق قوانين البلاد: المعارضة ضد بلدانكم مسموحة، لكن التخطيط للإرهاب انطلاقاً من بريطانيا غير مقبول.
كانت «الجماعة المسلحة» الجزائرية أول من «اختبر» هذا «الخط الأحمر» البريطاني. فنشرة «الأنصار» المؤيدة لها تباهت في صيف 1995 بتفجيرات محطات «المترو» في باريس. واضطر البريطانيون آنذاك لاتخاذ «اجراء»، هو الأول من نوعه في حق مؤيدي «الجماعة»، واعتقلوا مسؤولاً في «الأنصار» هو الجزائري رشيد رمدة بناء على طلب فرنسي لتسلمه في قضية تفجيرات المترو. وخشي الأمن البريطاني حينذاك خشية كبيرة ان يلجأ أنصار «الجماعة» الى نقل المعركة من باريس الى لندن، وابلغ مناصرين لهذه الجماعة ان لا نيّة للحد من حريتهم في معارضة أنظمتهم... ما داموا لا يخرقون القوانين البريطانية.
ثم تتالت «الاختبارات». أولاً كانت شكوى مصر ضد المعارض الإسلامي ياسر السري بسبب مساهمته في نقل مواقف تيار متشدد في «الجماعة الإسلامية» يقوده رفاعي طه (الذي تبنى مذبحة الأقصر ضد السياح العام 1997). وتجاهلت لندن الشكوى المصرية. «الاختبار الثاني» جاء في صيف 1998 عندما فجّر تنظيم «القاعدة» سفارتي الولايات المتحدة في نيروبي ودار السلام. واضطرت لندن آنذاك الى التحرك، واعتقلت، بناء على طلب رسمي أميركي، السعودي خالد الفواز والمصريين عادل عبدالمجيد وابراهيم عيدروس للاشتباه بأن لهم علاقة بالتفجيرين. وكان اعتقال الثلاثة (الأول محسوب على «القاعدة» والآخران على «جماعة الجهاد») مؤشراً على «الطلاق» الذي بدأ يلوح في الأفق بين بريطانيا والإسلاميين.
وفي 1999، اعتقل البريطانيون «أبو حمزة المصري» وياسر السري على خلفية مقتل سياح غربيين في مواجهة بين قوات الأمن اليمنية وجماعة مسلحة. لكن لم توجه اي اتهامات الى الرجلين، علماً ان أقرباء لـ «أبي حمزة» حوكموا ضمن افراد هذه الجماعة في اليمن.
وظل الأمر يتطور حتى جاء «الطلاق بالثلاثة» إثر هجمات 11 سبتمبر 2001 ضد نيويورك وواشنطن، ووجدت بريطانيا نفسها جزءاً من الحرب على «الإرهاب». في ظل هذا الوضع الجديد، سنّ البريطانيون تشريعات جديدة بالغة التشدد بينها السماح باعتقال مُشتبه في علاقتهم بالإرهاب لفترات غير محددة ومن دون عرضهم على القضاء لمحاكمتهم. واستهدف هذا التشريع أساساً الفلسطيني «أبو قتادة» الذي يُوصف في وسائل إعلام غربية بـ «سفير أسامة بن لادن في أوروبا».
وبعد رفض مجلس اللوردات البريطاني هذا التشريع العام الماضي، لجأت حكومة توني بلير الى وضع «ابو قتادة» ورفاقه في ظل اقامات جبرية في منازلهم، ثم اعتقالهم مجدداً بنية ترحيلهم الى دولهم. ثم اعتُقل «ابو حمزة المصري» بتهمة التحريض على الإرهاب والكراهية (حكم عليه أخيراً بالسجن سبع سنوات). وعرف عمر بكري محمد، زعيم «المهاجرون»، ان دوره لا بد آت، فحل تنظيمه ورحل الى لبنان.
لكن تفجيرات «مترو لندن»، في صيف 2005، كشفت ان مشكلة بريطانيا لم تعد مع هؤلاء «الضيوف الأجانب» (مثل «أبو قتادة» ورفاقه)، بل مع بريطانيين مولداً ونشأة. فسنّت حكومة بلير تشريعاً جديداً يستهدف هؤلاء تحديداً من خلال قانون «تمجيد الإرهاب» الذي تبناه مجلس العموم قبل أيام، في انتظار ان يقره مجلس اللوردات لاحقاً.