المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ثاني أغنى رجل في الصين بدأ بـ10 دولارات



مجاهدون
02-18-2006, 12:41 PM
تركيزه على الشركات المفلسة أوصله لثروة 1.6 مليار دولار وقصة نجاحه أثارت جدلاً


باوتو (الصين): بيتر غودمان *

كانت لدى المسؤولون في الحزب الشيوعي الصيني الذين يديرون هذه بلدة باوتو المتخصصة في صناعة الصلب في منغوليا الداخلية، طموحات كبيرة لكنهم كانوا يفتقرون للتمويل، ولذلك اتصلوا بواحد من انجح رجال الاعمال في الصين، يان جيهي، وتركوه يدير كل شيء.
استخدم يان نفس الخطة التي يطبقها عبر مناطق مختلفة في الصين وجعلته يجمع واحدة من اكبر الثروات الشخصية في الصين. فقد قدمت شركته «تشاينا باسيفيك كونستراكشن» كل الاموال تقريبا، وعينت العمال واشترت المواد. وفي الطرق المتربة والمظلمة اقام العمال ارصفة ونصبوا اعمدة كهرباء على شكل زهور، وفي وسط المدينة، أنشأوا ستة ميادين وتماثيل لجينكيز خان. ومقابل هذا، ستدفع سلطات المدينة نفقات المشروع بالتقسيط.

هذه الخطة البسيطة التي يطبقها يان جعلت شركته تنفذ مشروعات قيمتها 50 مليار دولار في مجال المقاولات منذ اسس شركته قبل 4 سنوات، وهو ما جعل الشركة اكبر مستخدم خاص في الصين، حيث يعمل بها اكثر من 100 الف شخص. وقد اصبح يان يحتل المرتبة الثانية في قائمة اغنى اغنياء الصين في القائمة التي اعدها هو ران، المحلل الذي اصبحت قائمته السنوية عن اكثر الناس غنى حدثاً في الصين. وتقدر الثروة الشخصية ليان بـ1.6 مليار دولار مقارنة بـ1.75 مليار دولار قيمة ثروة هوانغ غوانغيو مؤسس شركة «غوم»، وهي عبارة عن سلسلة محلات لبيع المواد الالكترونية.

وقال يان البالغ من العمر 45 سنة في مقابلة صحافية: «كنت سأصبح اغنى رجل في الصين. لدي فيلات وشقق في نانجينغ وشنغهاي. اقود سيارة بي ام دبليو، ولدي مرسيدس وكاديلاك ولينكون تاون كار. لدي كل شيء. لكن في الصين كلما كانت الشجرة كبيرة، كلما زادت الرياح التي تتعرض لها. أعرف ان تربعي على قائمة اغنى الصينيين سيجر علي المتاعب، ولذلك سعيت لاحتل مرتبة اقل».

واثار انتشار المعلومات عن ثروة يان في وسائل الاعلام الصينية في الاسابيع الاخيرة، جدلا. فقد اشار منتقدون الى ان الرجل حقق ثروته من خلال استغلال غرور المسؤولين في الاماكن المتخلفة، وتركيزهم على المشاريع الشكلية بدلا من استثمار الاموال في الخدمات للفقراء. وقال زيو دابي، احد المحللين بمعهد دراسات في بكين: «انني اكره رجال الاعمال مثل يان. انهم يحتالون على المسؤولين المحليين. الكثير من المسؤولين في المناطق المعزولة غير مؤهلين ونواياهم الحسنة يجري استغلالها من قبل رجال اعمال دهاة».

ولد يان في عام 1960 في اقليم جينانغسو الساحلي، وهو اصغر اخوته التسعة. كان والداه يعملان في التدريس، والاسرة كلها تعيش في بيت مريح بالقرب من منزل رئيس الوزراء الراحل شوين لاي. لكن مع الفوضى التي انتشرت خلال «الثورة الثقافية» في منتصف الستينات، تم ارسال اسرته الي قرية فقيرة، وهناك عاشوا بدون اغطية كافية لمواجهة البرد القارس، وكانت الاسرة تأكل قشور الارز الذي يستخدم كعلف للخنازير.

وقال يان في مقابلة وهو جالس علي مقعد من الجلد في مكتبة فندق خمسة نجوم في شنغهاي: «بعد كل تلك الصعوبات، اردت حياة جيدة». كان يرتدي ملابس عادية وبذلة وبنطلون غامقا وحذاء من الجلد الاسود.

عندما كان يان في العشرينات من عمره كان مدرسا، قبل ان يصبح اداريا في مدرسة عليا في مسقط رأسه في هيويان. وكان مرتبه حوالي 150 دولارا شهريا، بالاضافة الى التأمين الصحي والمعاش. لكن في عام 1986 عندما كانت الصين في بداية التحول الاقتصادي، انضم الى «اولئك الذين قفزوا في البحر» وتخلى عن الاستقرار الذي توفره الوظيفة الحكومية، ليدخل عالم الأعمال.

حصل على وظيفة كاتب في مصنع محلي للاسمنت، بمرتب 10 دولارات في الشهر. شعر اقرباؤه عندها بالقلق، لكنه خلال ثلاثة اشهر اصبح مديرا بمرتب 500 دولار في الشهر، وكانت تلك نقطة انطلاق أسس من خلالها امبراطورية.

توسع يان في مجال مواد البناء بشراء تعاونية حكومية مفلسة. وفي عام 1992، حصل على عقد بقيمة مليون دولار في نانيانغ، العاصمة الاقليمية. وفي العام التالي، حصل على حق مد جزء من طريق سريع يربط شنغهاي بنانيانغ. وبدأ اول اعماله الخاصة في عام 1995، هي «شركة جيانغ باسيفيك انجنيرينغ» وهي شركة مقاولات تركز على المشاريع في الاقاليم.

وقد تبلور النموذج الذي سيجعله ثريا في عام 2002 بإنشاء شركة «تشاينا باسيفيك كونستراكشن». وسيطر يان على 17 شركة حكومية تصل قيمتها الى 750 مليون دولار، طبقا للصحف المحلية. وفي حالات عديدة، اشترا تلك الشركات بدون أي مبلغ عن طريق اعداد عمليات ناجحة مع المصانع المفلسة، ووفر علي المسؤولين المحليين دفع معاشات للمتقاعدين وتعويض المطرودين.

ويشار الى ان الكثير من الاعمال الخاصة انطلقت عبر شركات حكومية. ورفض يان القول من اين حصل على رأس ماله، واكتفى بالقول: «عندما ينجح مشروع، استثمر الارباح في كشروع اكبر».

وفي باوتو، وهي مدينة تأسست في منطقة مراعي متاخمة للصحراء، عثر يان على زبون. فالمنطقة بها كميات كبيرة من المعادن النفيسة، والمسؤولون يريدون تحسين الطريق فيها لجذب الاستثمارات، ويأملون في اقامة طريق علوي من الاسمنت يربط الطريق الاقليمي بمدينتهم. وقال مسؤول في وزارة النقل بالمدينة، تحدث شريطة عدم الاشارة الى اسمه بسبب الاجراءات التي تمنع التحدث مع الصحافيين الاجانب: «هذا مدخل مدينتنا. اما الطريق العلوي فيقدم للزائرين الانطباع بأننا مدينة حضرية».

طرحت باوتو المشروع في البداية ثم منحته الى شركة حكومية، لكن القيود المفروضة على رأس المال حرمت هذه الشركة من التمويل المصرفي الذي تحتاجه، الامر الذي فتح الباب امام يان.

ومنذ تأسيسه مكتبا هنا في ربيع 2004، دعي يان وممثلوه الى احتفالات على الطريقة المنغولية التقليدية في خيام، وشربوا انخابا من مشروب كحولي من حليب الخيول وتناولوا اكلات محلية مثل اقدام الجمل (كوارع). وفي ربيع 2004، حصلت شركته علي عقد بقيمة 23 مليون دولار لبناء الطريق العلوي، وانتهى المشروع في يوليو (تموز) الماضي. وبعد ذلك جددت شركته طريقا يعرف باسم «شارع الفساد» ومدت طريقا من 10 احياء من الاسمنت يربط قاعة البلدية بمحطة السكك الحديدية، ثم اضافت الاضاءة ومدخلا كبيرا لمركز الحكومة. وهذا العام تنوي الشركة انشاء كورنيش على النهر.

وبالنسبة ليان وشركته، فإن المدينة المعزولة اصبحت مصدرا الآن لعقود قيمتها 1.5 مليار دولار. وقال يان: «إنه مال أمين. وسائل الاعلام الصينية تسأل ما اذا كنت قد حصلت على هذه العقود عبر الابواب المغلقة. الا ان المحققين لم يبحثوا عن اية متاعب. كل شيء شفاف».

* خدمة «واشنطن بوست» ـ (خاص بـ«الشرق الأوسط»)