عبدالحليم
02-18-2006, 01:28 AM
السلام عليكم ..
هذا الموضوع المنشور (ظواهر اجتماعية شيعية يساء فهمها) كتبه العلامة المنار في شبكة
هجر الثقافية قبل سنوات .. ولا اعلم ان نشر هنا ولكن ارتأيت وضعه في منتدى منار ليطلع
ويستفيد القراء على بعض الظواهر الاجتماعية المرافقة لعزاء الامام الحسين (ع) ..
--------------------------------------------------------------------------------
بـــســـم الله الرحمن الرحيم
سادتي الكرام
في هذه الفترة تشتد الصراعات المذهبية بشكل ملحوظ، فما أن تهدأ قليلا إلا ونجد أبطال السلفية يثيرونها من جديد وكأن هناك مخططا لعدم تهدئة الأمور بين المسلمين. ويبدو أن السكوت وعدم التوضيح أصبح بنفسه مشجعا لهؤلاء على التطاول وتأجيج الفتن.
وقد قررت أن أتبرع بتوضيحات مختصرة لبعض الأمور المستحدثة الهامشية التي شاءت السلفية وأتباعها أن تجعلها من أساسيات التشيع وتنتقدها وتشتم الشيعة والتشيع على أساسها.
فإن لقي تبرعي رضىً من الأخوة الشيعة فذلك بحمد الله ومنه وإن لم يلق ترحيبا فهذا رأيي ولا أطرح إلا ما أعرف.
بين الفترة والفترة وخصوصا قبل شهر محرم أو أثناءه أو بعده قليلا تندفع جيوش السلفية الآيلة للسقوط بإغراق المجتمعات بمواضيع مثل التطبير ومواكب العزاء والجنزير والحسينيات وما شابه ذلك من المواضيع فيتناولها المتناولون بكثير من التشويش والسطحية والإساءة.
وقبل أن أجيب أود أن اطرح فكرة ونصيحة للسلفيين ليفهموا ما أقول. فأقول لهم بأن هذه الهجمات على الشيعة بهذا الشكل سيقلب الموازين ليس عليكم فقط (فأنتم قيد الشطب العالمي ومِن أقرب ذوي القربى)، فإذا كنتم مخلصين لمذاهبكم فعليكم أن تحسبوا عواقب ما تفعلون للمستقبل. ولعلكم تجهلون (وهذا ليس عجيبا) أنه لحد هذا التاريخ لا يوجد هناك مؤسسات شيعية هجومية على المخالفين وكل ما هو موجود بضع مؤسسات دفاعية اغلبها شبه خامل ولا تقوم بالدفاع كما يجب. والبقية مجرد أشخاص عاديين مثلي و أمثالي غير متفرغين لمثل هذه الأعمال. وسلوككم شديد الحركة سوف يجابه بردة فعل قوية قد تبدأ بعد عشر سنوات أو اكثر فيما لو استمر هذا النهج التخريبي منكم. وسيكون الوضع مؤلم وستكونون بحالة لا تعرفون رأسكم من رجليكم. وهذه ليست نصيحة عادية أو حبا بالسلام فأنا شخصيا أراكم تستحقون هجوما كبيرا ولهذا لن يضيرني أبدا زيادة مواضيعكم التحرشية وكثرة هذيانكم فهذا مما سيسرع من توقعي بإنشاء مؤسسات هجومية أقوى من مؤسساتكم ألف مرة وأنا اعرف ما أقول وليس هذا للدعاية وأسأل الله أن يهدي على أيدكم المسؤولين الشيعة ليقرروا بدء الهجوم الفكري وسترون المصائب. ولعل مثال العاملي حفظه الله خير دليل على ما أقول , فهو من الواضح عليه غير متفرغ للدفاع فضلا عن الهجوم على فكر المتهجمين العدوانيين ولكنه بعد عدة سنوات من الحوار التبرعي على النت قد لا يتجاوز الخمس سنوات بدأ بمشروع شخصي للهجوم وهو يحضر لمشروع الألف إشكال الذي طرح بعضه في شبكة الميزان . وهذا لم يأتي من فراغ إنما أنتم ضغطتم عليه ليتحول إلى الهجوم، ومشروعه هذا غاية في الخطورة حين يكون أساسا لقاعدة بيانات خطيرة ستخضع للتعديل والزيادة والنقصان حتى تستقر بمتانة لا ينفع معها ألاعيبكم المكشوفة وقد يتطور لعشرات آلاف الإشكالات. ولهذا إن كنتم تريدون البقاء الفكري فعليكم أن تفكروا بطريقة ثانية بعيدة عن الاستفزاز وأن تفكروا بطريقة لإصلاح مناهجكم ونفوسكم العدوانية فقد أصبحت غير مقبولة من أقرب المقربين لكم. وأن تبدلوا ثوبكم العدائي للشيعة وتحسنوا من نوع الحوار .وأن تثقفوا أنفسكم بعلوم تحصنكم من هذه الأخطاء السخيفة التي تقعون بها وأن تقرؤوا الفكر السني وزواياه قبل أن تحاولوا الخوض مع الفكر الشيعي الذي لا تفهمون منطلقاته ولا تعرفون مداخله.
وقد يعتب عليَّ بعض أخوتي الشيعة لهذه النصيحة ولهذه القراءة للأحداث -والحق معهم على العتب - ولكن هذه النصيحة ليست بسبب نجاتكم أو تقليل الهجوم علينا فهذا غير منظور عندي و أنا أراكم منقرضين قريبا لانتفاء الحاجة منكم عند الأسياد. ولا خطر أبدا على التشيع، والخطر الحقيقي هو ما يحدق بكم.
ولكن الذي دعاني لهذه النصيحة هو حبي للمسلمين عموما سنة وشيعة وحب الوئام بينهم ولعل بعضكم ينتمي إلى الإسلام ولكنه يغفل عما يقوم به من شرور في قلب المجتمع الإسلامي, وقد تطاله يد الوعي الإسلامي لتنفيه، نتيجة قرار عالمي لنفي الشر المركب في هذه الشخصية العدوانية.
أقول نصيحتي هذه ولا يهمني أن لا تعوها جميعا فلعل هناك واحد يفكر بينه وبين نفسه وربه وهذا يكفي عندي.
نأتي الآن إلى بعض المظاهر الشيعية المتأخرة ونبحث فيها . وسأبدأ بموضوع متشابك جداً حتى عند بعض الشيعة ، حيث أن له مؤيدين ومعارضين بالإضافة لكونه موضوعا لشتم الشيعة من قبل أعداء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
إنه موضوع التطبير:
وهو موضوع يستحق التوضيح من وجهات نظر متعددة. وعلى إخوتي الشيعة مؤيدين ومعارضين أن يفهموا ما أقول فإنه في غاية الأهمية لهما بلا استثناء، وهذا ما سأبحثه اختصارا وعليكم الفهم والتفكير العميق. ودعونا من مهاترات الموضوع والتي لا تقوم على معرفة حقيقية للأمر.
--------------------------------------------------------------------------------
التطبير
التطبير لفظ عامي مأخوذ من طبر الشيء بالسكين واللفظ مستخدم في العراق وما جاوره من عرب الجزيرة الشمالية والجنوبية والخليج والأهواز فيقولون طبر الخشبة أو العظم بالطبر (الفأس أو القدوم أو الساطور في الشام) ويقصدون الضرب بالساطور وغيره من الأدوات الحادة، ولكنه بهذا المعنى لم أعثر عليه في كتب اللغة، ولعله لفظ تركي أو من أصول بابلية آكدية لأن طَبَرَ في العربية بمعنى قفز واختبأ. والله أعلم.
ويقصد به فصد أو شرط جلدة الرأس بآلة حادة كالموسى. وهو ما يقوم به بنسبة واحد مما يزيد عن مائة ألف من عدد الشيعة تقريبا.(ففي كل العالم الشيعي يمارس التطبير بضع مئات وقد يصل الى بضع ألوف من أصل أربعمائة مليون) والذي يحاول أعداء التشيع تصعيده إلى الصدارة والى حد العقيدة، كما أن بعض الشيعة المتأخرين يعتقدون أن محاربة هذا الأمر يعد من باب الحرب لأسس التشيع اشتباها منهم. بينما يحاربه بعض الشيعة اعتقادا منهم بأنه عمل مضر بالتشيع ويجلب سمعة سيئة.
وقبل كل كلام أقول بأن هذه الظاهرة هي ظاهرة طارئة لم يُسمع بها قبل 130 سنة . فليس لها علاقة بالفكر الشيعي من قريب أو بعيد بل ليس لها علاقة بالممارسة الشيعية وقد انتقلت إلى الشيعة عبر حركة صوفية تركية إبّان الحكم التركي وهي سنية المنشأ والرعاية إلى حد ما.
وقبل الكلام عن حكمها وتصويرها بدقة في واقعنا الحالي اقدم نبذة عن أصلها عبر أوثق المصادر الشيعية والروايات المحفوظة.
بعد أن انتشرت دعوة الحاج بكتاش (تركي تبريزي المولد درس في خراسان وأصبح داعية إصلاح في عموم بلاد الأتراك) . ووصل انتشار دعوته أن التزم بمبادئها السلطان العثماني السلطان الغازي مراد خان الأول الأشعري ابن السلطان أورخان الغازي وأسس الجيش الإنكشاري في سنة 736 هجرية وفق تعليمات السيد محمد الرضوي التبريزي المعروف بالحاج بكتاش. وأسماهم الجيش الجديد (يكي جري) الذي صحف فيما بعد بـ (إنكشاري) وكان وفق تعليمات الحاج بكتاش تأسيس (تكية -صالة) في كل ثكنة عسكرية للتوجيه المعنوي والديني. وبقيت هذه التكيات مرتبطة بالجيش الإنكشاري مدة ثم انفصلت عنها وتحولت إلى صالات مستقلة للتوجيه الديني (الصوفي في الغالب سني وشيعي ) في طول وعرض البلاد العثمانية. غير أنها من جهة ثانية لم تنفصل عن الجيش العثماني حتى بعد انحراف الإنكشارية والقضاء عليهم فقد بقيت التكايا البكتاشية في كثير من ثكنات الجيش خصوصا الجحافل الشرقية والتي قاتلت مئات السنين للجيوش الروسية في القفقاس .
ويبدو أن هذه الثكنات حسب رواية الأتراك عانت في القرن الثالث عشر الهجري من مشكلة عويصة بعد انتشار الأسلحة النارية وهي أن التدريبات بالسلاح الناري الحي تستدعي وفاة بعض الأفراد وهذا مسموح به في الجيوش حسب العرف العسكري الحديث المعمول به لحد الآن. وقد أشكل هذا الأمر على المتدينين في التكايا العسكرية في الجهات الشرقية والتي تحوي على الجنود الشيعة والسنة، وجرت بينهم مداولات أدت إلى ما يلي:
بما أن التدريب العسكري للقتال الحقيقي يستدعي رؤية أشد ما يرعب الإنسان وهو الدم والموت حتى يكون المقاتل جاهزا وغير مبال بما يراه حين المعركة لشد عزيمته فإن الجهات الدينية في التكايا اقترحت أن يقوم بعض الجنود بنوع من حجامة الرأس المكشوفة (الفصد) لأنها غير محرمة وقد فعلها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عدة مرات وفيها أحاديث عن الاستطباب بها. ويكون ذلك بمناسبات دينية فاختاروا أن يكون يوم قتل الحسين عليه السلام وهو يوم عاشوراء. وقد نجح هذا الأمر فعلا في تقوية قلوب الجنود وإزالة بعض عوائق الإقدام في الحرب وهي العوائق النفسية. وهكذا بدأ الانتشار تدريجيا من تكية إلى تكية حتى وصل إلى تكيات خارج حدود الجيش العثماني وهي التكيات الدينية الشعبية المنفصلة عن الجيش الإنكشاري من مدة طويلة. وقد كان الأمر محصورا في تكيات القفقاس وأذربايجان وتبريز وفي نهاية القرن الثالث عشر وصل إلى تكية البكتاشية في كربلاء وبعده بقليل في النجف الأشرف في العراق أي بحدود سنة 1890 ميلادي أو أكثر قليلا. ولكنه كان في تكيات البكتاشية في مصر قبل ذلك ببضع عشرات السنين وكان التطبير موجودا في مصر قبل سنة 1870م ويتم في باحات مسجد رأس الحسين عليه السلام. ويبدو أنه كان موجودا إلى ما بعد سنة 1900م بشهادة بعض المعمرين في مصر لأحد العلماء في النصف الأول من القرن العشرين وقد اخبرني بذلك شخصيا.
المهم لقد فاجأت هذه الحركة علماء الشيعة في وقتها فاستدعوا الأتراك من هيئة إدارة التكية البكتاشية وسألوهم فشرحوا لهم الأمر بأن هذا الأمر إنما وجد لتقوية القلوب وهو لا يحتوي على اكثر من الحجامة ولكن بدون كاسات (فهو فصد) والمقصود به ربط الوجدان الشعبي بحب أهل البيت عليهم السلام مع الفائدة الأساسية وهي تقليل النفرة من منظر الكوارث وبشاعة الحروب. بالإضافة إلى المعاني المرتبطة بها مثل الاستعداد للفداء والتضحية وبذل الدم رخيصا للعقيدة كما هو لبس الأكفان وإجراء الدماء والهتاف بالتضحية والمحبة لمبادئ الإسلام التي قدم الحسين نفسه من أجلها. فاقتنع الفقهاء بعدم وجود دليل على التحريم وعلى فائدة مهمة جدا وهي تقوية القلوب وإزالة الخوف والمعاني الرمزية فيها. ولهذا سكتوا عنه .
الحقيقة لقد اثبت سلوك التطبير كفاءته في تقوية القلوب وفي التزويد بالشجاعة في مواقف تاريخية كثيرة . ويبدو بأن هذا هو ما لتفت نظر قوى الاحتلال الفرنسي والإنجليزي فقد حاربت هذه القوى هذا الموضوع بكل ما أوتيت من قوة، وصل إلى حد الإعدامات في العراق ولبنان لأجل إيقاف هذه الظاهرة وكلما ازداد المنع ازداد الإصرار وازدادت القناعة بأن المحتلين يخافون من هذه الظاهرة وهي ذات مغزى عسكري يفهمه العسكريون بصورة إيجابية ويعتبرونه من مصادر الممانعة الشعبية والمقاومة العسكرية الشعبية. وقد استخدم الفرنسيون أسلوبا آخر غير المنع وهو أسلوب التشنيع وتهمة التخلف للشيعة نتيجة هذه الحالة ونشروا صور ومقالات للسخرية والسب والشتم. وقد وصل هذا التشنيع لبعض الفقهاء الذين لا يعرفون خلفيات الأمور فاستفظعوا التشنيع وقالوا بالحرمة بعنوان ثانوي لأنه يؤدي إلى الشنعة. ولكن بقية العارفين لم يلتفتوا إلى هذا الحكم لوجود قصور في مقدمات الحكم ظاهرة فإن المشنعين وهم من المسيحيين الذين لديهم كنائس رهبانية يقومون فيها بتعذيب أنفسهم بما هو مستبشع وينتشر بينهم رجال السيرك الذين يدخلون السيوف في وجناتهم ومنهم من يدخل الشيش في البلعوم .
وكذلك فأنهم يهيجون بمقالاتهم رجال السنة... والسنة عندهم في وقتها التطبير في تركيا ومصر والقفقاس وبنفس المناسبة وبنفس الشروط وعندهم بعض الحركات الصوفية التي يعملون بها الأعمال السحرية وتعذيب النفس وغرز السكاكين في البطون وغير ذلك ولا يستنكره منهم أحد. فالقضية إذن تتعلق بالتفكير العسكري من هذا التطبير الذي استمر رغم سقوط الدولة الراعية للتكية البكتاشية.
واليوم نحن نعرف أهمية التطبير جيدا, حين واجهنا العدو الصهيوني الخبيث. حين عرفنا ونظرنا بأم أعيننا بأن خير من يقدم على الإنقاذ أو القتال هم من يعيش حالة التطبير سواء كان ناظرا أم فاعلا . وقد حارب الصهاينة التطبير حربا شبيهة بحرب السلفيين له بل قذفوا قنابل على مواكب التطبير وقتل بعض المؤمنين ولم يؤثر ذلك إلا إصرارا على طرد اليهود وقد تم بحمد الله.
وقد جرت أمام عيني حوادث عجيبة في جنوب لبنان أدهشتني مما جعلني أؤمن بعبقرية مخترع التطبير حيث جرت أمامي حوادث قصف وقتل من العدو الصهيوني وكان أشجع الرجال وأسرعهم للإنقاذ وللرد هم أهل التطبير ومشاركيهم . بينما مثلي ممن لا يستطيع النظر إلى المتطبرين لا أستطيع نفسيا النظر إلى الأجسام المقطعة والبيوت المهدمة على أهلها . ولهذا عرفت أن لا مفر في هذه الزمن الصعب المليء بالشرور أن أنظر للمتطبرين بعد أن كنت لا أستطيع النظر وقد أمرت أولادي أن يأمروا أنفسهم وأولادهم بمشاهدة التطبير بل المشاركة إن رغبوا . لأجل أن يبنوا عقولا قادرة على المقاومة ويزول منهم الخوف ويسارعون في إنقاذ المحتاجين بسخاء نفس وقوة قلب.
وتعسا للذين يريدون للإنسانية الموت وينشرون الرعب والدمار على الآمنين.
ورغم أنوف السلفية (وليدة الشبهات والتكفير وحب المجازر والجرائم.) يجب أن ننظر إلى المتطبيرين لتقوى قلوبنا ونصنع من نفوسنا مقاومة حقيقية للباطل . ونصنع من مجتمعنا مجتمعا لا يهاب الموت ولا يخشى من مجازر الوحوش. وله ممانعة الأبطال في رفض ما لا يقتنعون به. حتى لو كنا غير مقتنعين بالتطبير.
حكم التطبير:
لولا شبهة الشنعة التي آمن بها بعض الفقهاء فهو لا يحتوي على أكثر من عمل عمله رسول الله عدة مرات بشهادة أحاديث الفريقين بل جوّز بعض أهل السنة الحجامة للمحرِم. والحجامة تكون في الكاهل والأخدعين (عرقان في جانبي العنق) والرأس وهي مندوبة حسب بعض الروايات وقيل فيها فوائد صحية. وقد قلنا أن الشنعة إنما هي لمنعنا مما فيه منفعة الأمة الإسلامية وضرر القوى الكافرة المهيمنة. ولهذا فمثل هذه الشنعة غير معتنى بها عقليا. ومن اعتنى بها وقال بأنها لازمة ملزمة فهو يوجه نصيحته لمقلديه حسب قواعد سلوك الفقهاء بتوجيه نصائحهم الثمينة بحسب ما يتوصل إليه بنظره الشريف .
وما تمسك به بعضهم للضرر فذلك مردود فهو من قبيل لا يجوز إجراء عمليات جراحية لأن بعضهم تضرر بها ؟ وهذا واضح البعد، ووجه الشبه هو النص على كون الحجامة علاجا و التطبير نفس الحجامة في حقيقتها فهو من باب العلاج أيضا . وقد أعتبر بعض فقهاء السنة مجرد التشريط بالموسى هو بديل للحجامة فقال فيما لا يفطر الصائم : ( فأمور منها الفصد ولو خرج دم، ومنها التشريط بالموسى بدل الحجامة للتداوي) الفقه على المذاهب الأربعة للجزيري. الجزء الأول. كتاب الصيام. ما يوجب القضاء دون الكفارة وما لا يوجب شيئاً
ولا أريد هنا أن اشرح أحكام الضرر وحدودها . ونحن نطالب المشنعين من السلفيين وأمثالهم أن يأتونا بدليل فقهي على المنع أو عليهم أن ينتهوا من شتائمهم الحيوانية . ومن لا يستطيع أن يأتي بدليل حرمة فعليه أن يلزم بيته ويسكت.
وفي المقابل فهناك من حاول الاستدلال على استحباب التطبير بما فعلته مولاتنا زينب عليها السلام ريحانة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حسب رواية ضرب رأسها بالمحمل وشج جبينها. وهذا الفعل لا يستفاد منه أكثر من الإباحة وعذر من وقعت عليه مصيبة بهذا الحجم كما وقع للسيدة زينب عليها السلام بمصابها بريحانة رسول الله وثقل أهل الإسلام.
وأعتقد أن لا حاجة لهذا الاستدلال في حلية نفس الفعل لأن نفس الفعل وهو الحجامة والفصد مباح ومحبوب بذاته في الشريعة الإسلامية ولا خلاف في ذلك، ولكن يمكن أن يستفاد من الحديث صحة الربط بين التطبير وبين حب الحسين وإظهار الجزع عليه و هذه الحادثة كاشفة بنفسها عن واقعية إظهار الجزع على الحسين، وقد صدر ممن قال لها الإمام زين العابدين عليه السلام: يا عمة أنت عالمة غير معلمة. وهي صحابية جليلة وراوية عظيمة وفقيهة أهل البيت عليها وعليهم السلام.
وقد يتساءل بعضهم كيف يصوّر المتطبرون الربط بين التطبير وبين ولائهم للإسلام؟
هذا أمر بسيط يراه أبسط الناس، فإن نفس إظهار مظاهر الاستعداد للتضحية والفداء من لبس الكفن واستخراج الدم الذي يصور لنفس الفاعل فضلا عن الناظر بأنه حالة استعداد تام لبذل الغالي والرخيص من أجل مبادئ الإسلام التي ضحى من أجلها سبط رسول الله وريحانته بمهجته وعياله بالغالي والنفيس ولم يهن ولم ينكل لمبادئ الإسلام. إن هذا الربط ليس ربطا بعيد التصور وليس خيالا، ففي هذه الأزمان يعبّر في كثير من الأحيان بلبس الكفن وتوقيع وثيقة بالدم عن الاستعداد للتضحية أو التعبير عن الموت كما هو حال الكثير من المظاهرات الداعية للسلم ونبذ التسلح أو في حالة الحروب والتهييج الشعوب، وهذا يدل من ناحية ثانية على أن التطبير ليس هو الحالة الوحيدة للتعبير عن الفداء للإسلام فهناك آلاف الصور للتعبير، وحين لا نكون بحاجة إلى التطبير فهناك طرق أخرى للتعبير متعارف عليها بين الإنسانية.
وهذا في مجال التعبير عن الحالة ولعل التطبير يزيد فيه التعبير إلى درجة الممارسة لحالة الفداء والاستعداد للتضحية، والممارسة أقوى تعبيرا من الرمز كما هو معلوم، فنحن الآن لا نستطيع أن نخفي سرورنا بزوال الخوف من قلب الشعب الفلسطيني من الطغمة الصهيونية وتعبير هذا الشعب عن إرادة الرفض التعامل مع الدم والبارود والنار وإظهار روح التضحية مما يبشر بأن حق المسلمين سوف يسترجع على أيدي هؤلاء المتطبرين عمليا على يد القوات الغازية والمجاهدين بأنفسهم وأموالهم وما يعز على الإنسان. فألف تحية إكبار وإعزاز للشعب الفلسطيني. الذي يزيدنا بمنظر دمائه وحروقه إصرارا على النصر وعلى طلب الحق الشرعي المهدور بقرارات دولية جائرة أنشأت الكيان الغاصب.
وهنا أوجه الكلام إلى اخوتي الشيعة :
أيها المعارضون لا تعارضوا أمرا فيه مصلحة لكم . ولا تكونوا عونا لأعدائكم على أمر فيه عزكم. على انه ليس ضروريا ولا قيمة له من ناحية فقهية . وعلينا أن نحترم رأي الفقهاء الذين لا يرون في ذلك قيمة لضرر أو تشنيع مفتعل.
أيها المؤيدون يوجد بينكم الآن من يقول بأن شتم التطبير هو تنصل عن التشيع وعن حب أهل البيت وعداء لهم، وهذا خطأ ووهم كبير ، فهو فكرة مستحدثة لها ظروف آنية .
ولا يحق لنا اعتبار المستحدثات شبيهة بالأصول فهذا خلاف التشيع وخلاف محبة أهل البيت عليهم الصلاة والسلام . وعليكم أن تحسنوا الجواب لمن يعترض، وعليكم احترام الفقهاء الذين يرون أن في التطبير الضرر والشنعة وإن كانوا قلة قليلة جدا.
نحن رأينا أن خير التطبير - بعد كونه حجامة - إنما هو من جهة تقوية القلوب واحتواء عناصر المقاومة بين جوانح المؤمن. فإذا كان التطبير مصدر خلاف فهذا نوع من الإضعاف لجماعة المؤمنين . فلا بد من معالجة ذلك وتحويل السلبيات إلى إيجابيات، فغاية ما يمكن أن نتحاور حوله هو أن نضع ضوابط فلا نزيد أعداد المتطبرين عما هو عليه عنادا ، ولا نسمح لتطبير الأطفال حتى يبلغوا وهم من يتخذ القرار . وأن نجعل التطبير بين الأخوة الشيعة فقط ولا يسمح بالتصوير والمقالات الصحفية فهو أمر داخلي لا دخل لأحد به خصوصا وهو مختلف فيه في المجتمع الشيعي. والسماح بالتصوير يقوي رأي من يقول بالشنعة. رغم أن رأيي بأن الصور لها مفعول قريب من الواقع فلا مشكلة ولكن احترام رأي من يقول بالشنعة مما تقتضيه الأخلاق ومنهج التمسك الديني.
وأقول للسلفيين كلما زدتم من عرض الصور علينا، فإننا نرتاح لذلك وننظر إليها لتتقوى قلوبنا ونتقي من شروركم . وسنشكركم تمام الشكر. فتقبلوا شكرنا سلفا، وإذا أسأتم الأدب في التعليق فكل إناء بالذي فيه ينضح. ولا أنصحكم بالتطبير حتى لا يزول خوف إسرائيل من قلوبكم فذلك مضر بمبادئكم.
ولكن يجب أن تعلموا بأن التطبير لا دليل على حرمته سلفيا ولو كان دليلكم هو حرمة تقوية قلوب أهل البدع (كما تسمونهم) بذلك . فنقول موتوا بغيضكم. ودليلكم هواء وفراغ وهو أدعى للتمسك بالتطبير من تركه. لأنه يزعجكم ويقوي شوكة من تكرهون وهذا فيه رضا لله تعالى وحبيبه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الشفيع المنقذ لأمته حيا وميتا.
--------------------------------------------------------------------------------
ملحق :
لمن يتشدق ويقول بأن الحجامة لا علاقة لها بالتطبير من جهة الفعل أو يقول بأن الحجامة في الرأس لم يفعلها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . فهذه بعض النصوص بلا تعليق تكفي لبيان ضلال من يكفر الشيعة لأن بعض مئات من أصل مئات الملايين يعمل بالحجامة الجماعية وهذه الحجامة فعلها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
قبل كل شيء أحاول أن أبين - لمن لا يعرف ما هي الحجامة وما هو التطبير ؟- ما هي العلاقة بين الاثنين؟
التطبير كما قلنا هو شرط جلدة الرأس بآلة حادة كالموسى يخرج بها الدم.
والحجامة والفصد لها نفس الصورة ونفس المضمون .
وقد يسأل سائل فيقول بأن القصد من الحجامة والفصد الاستطباب بينما هذه لم يقصد منها ذلك ، فأقول بأن الاستطباب يحصل بحصول نفس خروج الدم وهو أمر وضعي تكويني لا يحتاج إلى نية تكليفية فهو كما لو أشتبه المريض فشرب الدواء بدل الماء فحصول التداوي حصل تكويناً ، كما يمثل الفقهاء بزوال النجاسة الخبثية بمجرد الغسل حتى لو كان اشتباها أو اضطرارا ، فلا علاقة للنية بالاستطباب .
ثم أن التطبير لا يأخذ مشروعيته الإباحية من الحجامة لأنه بنفسه لا مانع منه وكل ما لم يمنع منه الشرع فهو حلال ، نعم مشروعية الندب للحجامة ينطبق على التطبير قهرا لأنه من بابه موضوعا وليس قياسا ، فلا يبعد أن يشمله الندب لوحدة الموضوع واتحاد العنوان .
والوحدة تعرف بوحدة المآل والغرض ووحدة الصورة وكلاهما واحدة في الحالتين ، على أن بعضهم كما صرح لي يقصد الاستطباب وقد قال لي بأنه إذا لم يفعل ذلك سنويا فأنه يشعر ببعض التوعك الصحي وهذا يدل على اتحاد القصد عند بعضهم بل أدعى أحدهم بأن هذه مقولة أغلب العائدين للتطبير، بالإضافة للتعبير عن النصرة والاستعداد لبذل الدم والشهادة في سبيل الحق والعدل الذي جسده الحسين عليه السلام في قضيته العادلة التي كانت بمثابة هزة كبرى لكل محاولات محو الإسلام وإعلان كذب الرسالة المحمدية.
وهذه بعض النصوص في الموضوع معنونة بعناوين عامة .
ما معنى الفصد والحجامة ؟
الفصد : هو قطع عرق مخصوص وإخراج الدم منه ، وله عروق خاصة.
الحجامة : هو تشريط اللحم بموسى حاد ومص الدم بمحجمة خاصة ، ولها أماكن متعددة وتشترك مع الفصد عمليا في حجامة الأخدعين وهما عرقا الرقبة وهو فصد ويسمى حجامة .
صحيح البخاري، للإمام البخاري : الجزء الأول.1 - بدء الوحي.1 - باب: كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(ليتفصد) يسيل، من الفصد وهو قطع العرق لإسالة الدم،
لسان العرب، للعلامة ابن المنظور : متن الكتاب: لسان العرب.
فصد: الفصدُ: شَقُّ العِرْقِ؛ فَصدَه يَفْصِدُه فَصْداً وفِصاداً، فهو
مَفْصُودٌ وفَصِيدٌ. وفَصَدَ الناقةَ: شَقَّ عِرْقَها ليستخرِجَ دَمَهَ
فيشرَبَه. وقال الليث: الفَصْدُ قطع العُروق
لسان العرب
والحَجْمُ: المَصّ. يقال: حَجَمَ الصبيُّ ثَدي أُمه إذا مصه.
وما حَجَمَ الصبيُّ ثدي أُمه أَي ما مَصَّه. وثَدْيٌ مَحْجوم أَي ممصوص.
والحَجَّامُ: المَصَّاص. قال الأَزهري: يقال للحاجم حَجَّامٌ لامْتِصاصه فم
المِحْجَمَة، وقد حَجَمَ يَحْجِمُ ويَحْجُم حَجْماً وحاجِمٌ حَجُومٌ ومِحْجَمٌ رَفيقٌ.
والمِحْجَمُ والمِحْجَمَةُ: ما يُحْجَم به. قال الأَزهري: المحْجَمَةُ قارُورَتُهُ،
وتطرح الهاء فيقال مِحْجَم، وجمعه مَحاجِم.
هذا الموضوع المنشور (ظواهر اجتماعية شيعية يساء فهمها) كتبه العلامة المنار في شبكة
هجر الثقافية قبل سنوات .. ولا اعلم ان نشر هنا ولكن ارتأيت وضعه في منتدى منار ليطلع
ويستفيد القراء على بعض الظواهر الاجتماعية المرافقة لعزاء الامام الحسين (ع) ..
--------------------------------------------------------------------------------
بـــســـم الله الرحمن الرحيم
سادتي الكرام
في هذه الفترة تشتد الصراعات المذهبية بشكل ملحوظ، فما أن تهدأ قليلا إلا ونجد أبطال السلفية يثيرونها من جديد وكأن هناك مخططا لعدم تهدئة الأمور بين المسلمين. ويبدو أن السكوت وعدم التوضيح أصبح بنفسه مشجعا لهؤلاء على التطاول وتأجيج الفتن.
وقد قررت أن أتبرع بتوضيحات مختصرة لبعض الأمور المستحدثة الهامشية التي شاءت السلفية وأتباعها أن تجعلها من أساسيات التشيع وتنتقدها وتشتم الشيعة والتشيع على أساسها.
فإن لقي تبرعي رضىً من الأخوة الشيعة فذلك بحمد الله ومنه وإن لم يلق ترحيبا فهذا رأيي ولا أطرح إلا ما أعرف.
بين الفترة والفترة وخصوصا قبل شهر محرم أو أثناءه أو بعده قليلا تندفع جيوش السلفية الآيلة للسقوط بإغراق المجتمعات بمواضيع مثل التطبير ومواكب العزاء والجنزير والحسينيات وما شابه ذلك من المواضيع فيتناولها المتناولون بكثير من التشويش والسطحية والإساءة.
وقبل أن أجيب أود أن اطرح فكرة ونصيحة للسلفيين ليفهموا ما أقول. فأقول لهم بأن هذه الهجمات على الشيعة بهذا الشكل سيقلب الموازين ليس عليكم فقط (فأنتم قيد الشطب العالمي ومِن أقرب ذوي القربى)، فإذا كنتم مخلصين لمذاهبكم فعليكم أن تحسبوا عواقب ما تفعلون للمستقبل. ولعلكم تجهلون (وهذا ليس عجيبا) أنه لحد هذا التاريخ لا يوجد هناك مؤسسات شيعية هجومية على المخالفين وكل ما هو موجود بضع مؤسسات دفاعية اغلبها شبه خامل ولا تقوم بالدفاع كما يجب. والبقية مجرد أشخاص عاديين مثلي و أمثالي غير متفرغين لمثل هذه الأعمال. وسلوككم شديد الحركة سوف يجابه بردة فعل قوية قد تبدأ بعد عشر سنوات أو اكثر فيما لو استمر هذا النهج التخريبي منكم. وسيكون الوضع مؤلم وستكونون بحالة لا تعرفون رأسكم من رجليكم. وهذه ليست نصيحة عادية أو حبا بالسلام فأنا شخصيا أراكم تستحقون هجوما كبيرا ولهذا لن يضيرني أبدا زيادة مواضيعكم التحرشية وكثرة هذيانكم فهذا مما سيسرع من توقعي بإنشاء مؤسسات هجومية أقوى من مؤسساتكم ألف مرة وأنا اعرف ما أقول وليس هذا للدعاية وأسأل الله أن يهدي على أيدكم المسؤولين الشيعة ليقرروا بدء الهجوم الفكري وسترون المصائب. ولعل مثال العاملي حفظه الله خير دليل على ما أقول , فهو من الواضح عليه غير متفرغ للدفاع فضلا عن الهجوم على فكر المتهجمين العدوانيين ولكنه بعد عدة سنوات من الحوار التبرعي على النت قد لا يتجاوز الخمس سنوات بدأ بمشروع شخصي للهجوم وهو يحضر لمشروع الألف إشكال الذي طرح بعضه في شبكة الميزان . وهذا لم يأتي من فراغ إنما أنتم ضغطتم عليه ليتحول إلى الهجوم، ومشروعه هذا غاية في الخطورة حين يكون أساسا لقاعدة بيانات خطيرة ستخضع للتعديل والزيادة والنقصان حتى تستقر بمتانة لا ينفع معها ألاعيبكم المكشوفة وقد يتطور لعشرات آلاف الإشكالات. ولهذا إن كنتم تريدون البقاء الفكري فعليكم أن تفكروا بطريقة ثانية بعيدة عن الاستفزاز وأن تفكروا بطريقة لإصلاح مناهجكم ونفوسكم العدوانية فقد أصبحت غير مقبولة من أقرب المقربين لكم. وأن تبدلوا ثوبكم العدائي للشيعة وتحسنوا من نوع الحوار .وأن تثقفوا أنفسكم بعلوم تحصنكم من هذه الأخطاء السخيفة التي تقعون بها وأن تقرؤوا الفكر السني وزواياه قبل أن تحاولوا الخوض مع الفكر الشيعي الذي لا تفهمون منطلقاته ولا تعرفون مداخله.
وقد يعتب عليَّ بعض أخوتي الشيعة لهذه النصيحة ولهذه القراءة للأحداث -والحق معهم على العتب - ولكن هذه النصيحة ليست بسبب نجاتكم أو تقليل الهجوم علينا فهذا غير منظور عندي و أنا أراكم منقرضين قريبا لانتفاء الحاجة منكم عند الأسياد. ولا خطر أبدا على التشيع، والخطر الحقيقي هو ما يحدق بكم.
ولكن الذي دعاني لهذه النصيحة هو حبي للمسلمين عموما سنة وشيعة وحب الوئام بينهم ولعل بعضكم ينتمي إلى الإسلام ولكنه يغفل عما يقوم به من شرور في قلب المجتمع الإسلامي, وقد تطاله يد الوعي الإسلامي لتنفيه، نتيجة قرار عالمي لنفي الشر المركب في هذه الشخصية العدوانية.
أقول نصيحتي هذه ولا يهمني أن لا تعوها جميعا فلعل هناك واحد يفكر بينه وبين نفسه وربه وهذا يكفي عندي.
نأتي الآن إلى بعض المظاهر الشيعية المتأخرة ونبحث فيها . وسأبدأ بموضوع متشابك جداً حتى عند بعض الشيعة ، حيث أن له مؤيدين ومعارضين بالإضافة لكونه موضوعا لشتم الشيعة من قبل أعداء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
إنه موضوع التطبير:
وهو موضوع يستحق التوضيح من وجهات نظر متعددة. وعلى إخوتي الشيعة مؤيدين ومعارضين أن يفهموا ما أقول فإنه في غاية الأهمية لهما بلا استثناء، وهذا ما سأبحثه اختصارا وعليكم الفهم والتفكير العميق. ودعونا من مهاترات الموضوع والتي لا تقوم على معرفة حقيقية للأمر.
--------------------------------------------------------------------------------
التطبير
التطبير لفظ عامي مأخوذ من طبر الشيء بالسكين واللفظ مستخدم في العراق وما جاوره من عرب الجزيرة الشمالية والجنوبية والخليج والأهواز فيقولون طبر الخشبة أو العظم بالطبر (الفأس أو القدوم أو الساطور في الشام) ويقصدون الضرب بالساطور وغيره من الأدوات الحادة، ولكنه بهذا المعنى لم أعثر عليه في كتب اللغة، ولعله لفظ تركي أو من أصول بابلية آكدية لأن طَبَرَ في العربية بمعنى قفز واختبأ. والله أعلم.
ويقصد به فصد أو شرط جلدة الرأس بآلة حادة كالموسى. وهو ما يقوم به بنسبة واحد مما يزيد عن مائة ألف من عدد الشيعة تقريبا.(ففي كل العالم الشيعي يمارس التطبير بضع مئات وقد يصل الى بضع ألوف من أصل أربعمائة مليون) والذي يحاول أعداء التشيع تصعيده إلى الصدارة والى حد العقيدة، كما أن بعض الشيعة المتأخرين يعتقدون أن محاربة هذا الأمر يعد من باب الحرب لأسس التشيع اشتباها منهم. بينما يحاربه بعض الشيعة اعتقادا منهم بأنه عمل مضر بالتشيع ويجلب سمعة سيئة.
وقبل كل كلام أقول بأن هذه الظاهرة هي ظاهرة طارئة لم يُسمع بها قبل 130 سنة . فليس لها علاقة بالفكر الشيعي من قريب أو بعيد بل ليس لها علاقة بالممارسة الشيعية وقد انتقلت إلى الشيعة عبر حركة صوفية تركية إبّان الحكم التركي وهي سنية المنشأ والرعاية إلى حد ما.
وقبل الكلام عن حكمها وتصويرها بدقة في واقعنا الحالي اقدم نبذة عن أصلها عبر أوثق المصادر الشيعية والروايات المحفوظة.
بعد أن انتشرت دعوة الحاج بكتاش (تركي تبريزي المولد درس في خراسان وأصبح داعية إصلاح في عموم بلاد الأتراك) . ووصل انتشار دعوته أن التزم بمبادئها السلطان العثماني السلطان الغازي مراد خان الأول الأشعري ابن السلطان أورخان الغازي وأسس الجيش الإنكشاري في سنة 736 هجرية وفق تعليمات السيد محمد الرضوي التبريزي المعروف بالحاج بكتاش. وأسماهم الجيش الجديد (يكي جري) الذي صحف فيما بعد بـ (إنكشاري) وكان وفق تعليمات الحاج بكتاش تأسيس (تكية -صالة) في كل ثكنة عسكرية للتوجيه المعنوي والديني. وبقيت هذه التكيات مرتبطة بالجيش الإنكشاري مدة ثم انفصلت عنها وتحولت إلى صالات مستقلة للتوجيه الديني (الصوفي في الغالب سني وشيعي ) في طول وعرض البلاد العثمانية. غير أنها من جهة ثانية لم تنفصل عن الجيش العثماني حتى بعد انحراف الإنكشارية والقضاء عليهم فقد بقيت التكايا البكتاشية في كثير من ثكنات الجيش خصوصا الجحافل الشرقية والتي قاتلت مئات السنين للجيوش الروسية في القفقاس .
ويبدو أن هذه الثكنات حسب رواية الأتراك عانت في القرن الثالث عشر الهجري من مشكلة عويصة بعد انتشار الأسلحة النارية وهي أن التدريبات بالسلاح الناري الحي تستدعي وفاة بعض الأفراد وهذا مسموح به في الجيوش حسب العرف العسكري الحديث المعمول به لحد الآن. وقد أشكل هذا الأمر على المتدينين في التكايا العسكرية في الجهات الشرقية والتي تحوي على الجنود الشيعة والسنة، وجرت بينهم مداولات أدت إلى ما يلي:
بما أن التدريب العسكري للقتال الحقيقي يستدعي رؤية أشد ما يرعب الإنسان وهو الدم والموت حتى يكون المقاتل جاهزا وغير مبال بما يراه حين المعركة لشد عزيمته فإن الجهات الدينية في التكايا اقترحت أن يقوم بعض الجنود بنوع من حجامة الرأس المكشوفة (الفصد) لأنها غير محرمة وقد فعلها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عدة مرات وفيها أحاديث عن الاستطباب بها. ويكون ذلك بمناسبات دينية فاختاروا أن يكون يوم قتل الحسين عليه السلام وهو يوم عاشوراء. وقد نجح هذا الأمر فعلا في تقوية قلوب الجنود وإزالة بعض عوائق الإقدام في الحرب وهي العوائق النفسية. وهكذا بدأ الانتشار تدريجيا من تكية إلى تكية حتى وصل إلى تكيات خارج حدود الجيش العثماني وهي التكيات الدينية الشعبية المنفصلة عن الجيش الإنكشاري من مدة طويلة. وقد كان الأمر محصورا في تكيات القفقاس وأذربايجان وتبريز وفي نهاية القرن الثالث عشر وصل إلى تكية البكتاشية في كربلاء وبعده بقليل في النجف الأشرف في العراق أي بحدود سنة 1890 ميلادي أو أكثر قليلا. ولكنه كان في تكيات البكتاشية في مصر قبل ذلك ببضع عشرات السنين وكان التطبير موجودا في مصر قبل سنة 1870م ويتم في باحات مسجد رأس الحسين عليه السلام. ويبدو أنه كان موجودا إلى ما بعد سنة 1900م بشهادة بعض المعمرين في مصر لأحد العلماء في النصف الأول من القرن العشرين وقد اخبرني بذلك شخصيا.
المهم لقد فاجأت هذه الحركة علماء الشيعة في وقتها فاستدعوا الأتراك من هيئة إدارة التكية البكتاشية وسألوهم فشرحوا لهم الأمر بأن هذا الأمر إنما وجد لتقوية القلوب وهو لا يحتوي على اكثر من الحجامة ولكن بدون كاسات (فهو فصد) والمقصود به ربط الوجدان الشعبي بحب أهل البيت عليهم السلام مع الفائدة الأساسية وهي تقليل النفرة من منظر الكوارث وبشاعة الحروب. بالإضافة إلى المعاني المرتبطة بها مثل الاستعداد للفداء والتضحية وبذل الدم رخيصا للعقيدة كما هو لبس الأكفان وإجراء الدماء والهتاف بالتضحية والمحبة لمبادئ الإسلام التي قدم الحسين نفسه من أجلها. فاقتنع الفقهاء بعدم وجود دليل على التحريم وعلى فائدة مهمة جدا وهي تقوية القلوب وإزالة الخوف والمعاني الرمزية فيها. ولهذا سكتوا عنه .
الحقيقة لقد اثبت سلوك التطبير كفاءته في تقوية القلوب وفي التزويد بالشجاعة في مواقف تاريخية كثيرة . ويبدو بأن هذا هو ما لتفت نظر قوى الاحتلال الفرنسي والإنجليزي فقد حاربت هذه القوى هذا الموضوع بكل ما أوتيت من قوة، وصل إلى حد الإعدامات في العراق ولبنان لأجل إيقاف هذه الظاهرة وكلما ازداد المنع ازداد الإصرار وازدادت القناعة بأن المحتلين يخافون من هذه الظاهرة وهي ذات مغزى عسكري يفهمه العسكريون بصورة إيجابية ويعتبرونه من مصادر الممانعة الشعبية والمقاومة العسكرية الشعبية. وقد استخدم الفرنسيون أسلوبا آخر غير المنع وهو أسلوب التشنيع وتهمة التخلف للشيعة نتيجة هذه الحالة ونشروا صور ومقالات للسخرية والسب والشتم. وقد وصل هذا التشنيع لبعض الفقهاء الذين لا يعرفون خلفيات الأمور فاستفظعوا التشنيع وقالوا بالحرمة بعنوان ثانوي لأنه يؤدي إلى الشنعة. ولكن بقية العارفين لم يلتفتوا إلى هذا الحكم لوجود قصور في مقدمات الحكم ظاهرة فإن المشنعين وهم من المسيحيين الذين لديهم كنائس رهبانية يقومون فيها بتعذيب أنفسهم بما هو مستبشع وينتشر بينهم رجال السيرك الذين يدخلون السيوف في وجناتهم ومنهم من يدخل الشيش في البلعوم .
وكذلك فأنهم يهيجون بمقالاتهم رجال السنة... والسنة عندهم في وقتها التطبير في تركيا ومصر والقفقاس وبنفس المناسبة وبنفس الشروط وعندهم بعض الحركات الصوفية التي يعملون بها الأعمال السحرية وتعذيب النفس وغرز السكاكين في البطون وغير ذلك ولا يستنكره منهم أحد. فالقضية إذن تتعلق بالتفكير العسكري من هذا التطبير الذي استمر رغم سقوط الدولة الراعية للتكية البكتاشية.
واليوم نحن نعرف أهمية التطبير جيدا, حين واجهنا العدو الصهيوني الخبيث. حين عرفنا ونظرنا بأم أعيننا بأن خير من يقدم على الإنقاذ أو القتال هم من يعيش حالة التطبير سواء كان ناظرا أم فاعلا . وقد حارب الصهاينة التطبير حربا شبيهة بحرب السلفيين له بل قذفوا قنابل على مواكب التطبير وقتل بعض المؤمنين ولم يؤثر ذلك إلا إصرارا على طرد اليهود وقد تم بحمد الله.
وقد جرت أمام عيني حوادث عجيبة في جنوب لبنان أدهشتني مما جعلني أؤمن بعبقرية مخترع التطبير حيث جرت أمامي حوادث قصف وقتل من العدو الصهيوني وكان أشجع الرجال وأسرعهم للإنقاذ وللرد هم أهل التطبير ومشاركيهم . بينما مثلي ممن لا يستطيع النظر إلى المتطبرين لا أستطيع نفسيا النظر إلى الأجسام المقطعة والبيوت المهدمة على أهلها . ولهذا عرفت أن لا مفر في هذه الزمن الصعب المليء بالشرور أن أنظر للمتطبرين بعد أن كنت لا أستطيع النظر وقد أمرت أولادي أن يأمروا أنفسهم وأولادهم بمشاهدة التطبير بل المشاركة إن رغبوا . لأجل أن يبنوا عقولا قادرة على المقاومة ويزول منهم الخوف ويسارعون في إنقاذ المحتاجين بسخاء نفس وقوة قلب.
وتعسا للذين يريدون للإنسانية الموت وينشرون الرعب والدمار على الآمنين.
ورغم أنوف السلفية (وليدة الشبهات والتكفير وحب المجازر والجرائم.) يجب أن ننظر إلى المتطبيرين لتقوى قلوبنا ونصنع من نفوسنا مقاومة حقيقية للباطل . ونصنع من مجتمعنا مجتمعا لا يهاب الموت ولا يخشى من مجازر الوحوش. وله ممانعة الأبطال في رفض ما لا يقتنعون به. حتى لو كنا غير مقتنعين بالتطبير.
حكم التطبير:
لولا شبهة الشنعة التي آمن بها بعض الفقهاء فهو لا يحتوي على أكثر من عمل عمله رسول الله عدة مرات بشهادة أحاديث الفريقين بل جوّز بعض أهل السنة الحجامة للمحرِم. والحجامة تكون في الكاهل والأخدعين (عرقان في جانبي العنق) والرأس وهي مندوبة حسب بعض الروايات وقيل فيها فوائد صحية. وقد قلنا أن الشنعة إنما هي لمنعنا مما فيه منفعة الأمة الإسلامية وضرر القوى الكافرة المهيمنة. ولهذا فمثل هذه الشنعة غير معتنى بها عقليا. ومن اعتنى بها وقال بأنها لازمة ملزمة فهو يوجه نصيحته لمقلديه حسب قواعد سلوك الفقهاء بتوجيه نصائحهم الثمينة بحسب ما يتوصل إليه بنظره الشريف .
وما تمسك به بعضهم للضرر فذلك مردود فهو من قبيل لا يجوز إجراء عمليات جراحية لأن بعضهم تضرر بها ؟ وهذا واضح البعد، ووجه الشبه هو النص على كون الحجامة علاجا و التطبير نفس الحجامة في حقيقتها فهو من باب العلاج أيضا . وقد أعتبر بعض فقهاء السنة مجرد التشريط بالموسى هو بديل للحجامة فقال فيما لا يفطر الصائم : ( فأمور منها الفصد ولو خرج دم، ومنها التشريط بالموسى بدل الحجامة للتداوي) الفقه على المذاهب الأربعة للجزيري. الجزء الأول. كتاب الصيام. ما يوجب القضاء دون الكفارة وما لا يوجب شيئاً
ولا أريد هنا أن اشرح أحكام الضرر وحدودها . ونحن نطالب المشنعين من السلفيين وأمثالهم أن يأتونا بدليل فقهي على المنع أو عليهم أن ينتهوا من شتائمهم الحيوانية . ومن لا يستطيع أن يأتي بدليل حرمة فعليه أن يلزم بيته ويسكت.
وفي المقابل فهناك من حاول الاستدلال على استحباب التطبير بما فعلته مولاتنا زينب عليها السلام ريحانة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حسب رواية ضرب رأسها بالمحمل وشج جبينها. وهذا الفعل لا يستفاد منه أكثر من الإباحة وعذر من وقعت عليه مصيبة بهذا الحجم كما وقع للسيدة زينب عليها السلام بمصابها بريحانة رسول الله وثقل أهل الإسلام.
وأعتقد أن لا حاجة لهذا الاستدلال في حلية نفس الفعل لأن نفس الفعل وهو الحجامة والفصد مباح ومحبوب بذاته في الشريعة الإسلامية ولا خلاف في ذلك، ولكن يمكن أن يستفاد من الحديث صحة الربط بين التطبير وبين حب الحسين وإظهار الجزع عليه و هذه الحادثة كاشفة بنفسها عن واقعية إظهار الجزع على الحسين، وقد صدر ممن قال لها الإمام زين العابدين عليه السلام: يا عمة أنت عالمة غير معلمة. وهي صحابية جليلة وراوية عظيمة وفقيهة أهل البيت عليها وعليهم السلام.
وقد يتساءل بعضهم كيف يصوّر المتطبرون الربط بين التطبير وبين ولائهم للإسلام؟
هذا أمر بسيط يراه أبسط الناس، فإن نفس إظهار مظاهر الاستعداد للتضحية والفداء من لبس الكفن واستخراج الدم الذي يصور لنفس الفاعل فضلا عن الناظر بأنه حالة استعداد تام لبذل الغالي والرخيص من أجل مبادئ الإسلام التي ضحى من أجلها سبط رسول الله وريحانته بمهجته وعياله بالغالي والنفيس ولم يهن ولم ينكل لمبادئ الإسلام. إن هذا الربط ليس ربطا بعيد التصور وليس خيالا، ففي هذه الأزمان يعبّر في كثير من الأحيان بلبس الكفن وتوقيع وثيقة بالدم عن الاستعداد للتضحية أو التعبير عن الموت كما هو حال الكثير من المظاهرات الداعية للسلم ونبذ التسلح أو في حالة الحروب والتهييج الشعوب، وهذا يدل من ناحية ثانية على أن التطبير ليس هو الحالة الوحيدة للتعبير عن الفداء للإسلام فهناك آلاف الصور للتعبير، وحين لا نكون بحاجة إلى التطبير فهناك طرق أخرى للتعبير متعارف عليها بين الإنسانية.
وهذا في مجال التعبير عن الحالة ولعل التطبير يزيد فيه التعبير إلى درجة الممارسة لحالة الفداء والاستعداد للتضحية، والممارسة أقوى تعبيرا من الرمز كما هو معلوم، فنحن الآن لا نستطيع أن نخفي سرورنا بزوال الخوف من قلب الشعب الفلسطيني من الطغمة الصهيونية وتعبير هذا الشعب عن إرادة الرفض التعامل مع الدم والبارود والنار وإظهار روح التضحية مما يبشر بأن حق المسلمين سوف يسترجع على أيدي هؤلاء المتطبرين عمليا على يد القوات الغازية والمجاهدين بأنفسهم وأموالهم وما يعز على الإنسان. فألف تحية إكبار وإعزاز للشعب الفلسطيني. الذي يزيدنا بمنظر دمائه وحروقه إصرارا على النصر وعلى طلب الحق الشرعي المهدور بقرارات دولية جائرة أنشأت الكيان الغاصب.
وهنا أوجه الكلام إلى اخوتي الشيعة :
أيها المعارضون لا تعارضوا أمرا فيه مصلحة لكم . ولا تكونوا عونا لأعدائكم على أمر فيه عزكم. على انه ليس ضروريا ولا قيمة له من ناحية فقهية . وعلينا أن نحترم رأي الفقهاء الذين لا يرون في ذلك قيمة لضرر أو تشنيع مفتعل.
أيها المؤيدون يوجد بينكم الآن من يقول بأن شتم التطبير هو تنصل عن التشيع وعن حب أهل البيت وعداء لهم، وهذا خطأ ووهم كبير ، فهو فكرة مستحدثة لها ظروف آنية .
ولا يحق لنا اعتبار المستحدثات شبيهة بالأصول فهذا خلاف التشيع وخلاف محبة أهل البيت عليهم الصلاة والسلام . وعليكم أن تحسنوا الجواب لمن يعترض، وعليكم احترام الفقهاء الذين يرون أن في التطبير الضرر والشنعة وإن كانوا قلة قليلة جدا.
نحن رأينا أن خير التطبير - بعد كونه حجامة - إنما هو من جهة تقوية القلوب واحتواء عناصر المقاومة بين جوانح المؤمن. فإذا كان التطبير مصدر خلاف فهذا نوع من الإضعاف لجماعة المؤمنين . فلا بد من معالجة ذلك وتحويل السلبيات إلى إيجابيات، فغاية ما يمكن أن نتحاور حوله هو أن نضع ضوابط فلا نزيد أعداد المتطبرين عما هو عليه عنادا ، ولا نسمح لتطبير الأطفال حتى يبلغوا وهم من يتخذ القرار . وأن نجعل التطبير بين الأخوة الشيعة فقط ولا يسمح بالتصوير والمقالات الصحفية فهو أمر داخلي لا دخل لأحد به خصوصا وهو مختلف فيه في المجتمع الشيعي. والسماح بالتصوير يقوي رأي من يقول بالشنعة. رغم أن رأيي بأن الصور لها مفعول قريب من الواقع فلا مشكلة ولكن احترام رأي من يقول بالشنعة مما تقتضيه الأخلاق ومنهج التمسك الديني.
وأقول للسلفيين كلما زدتم من عرض الصور علينا، فإننا نرتاح لذلك وننظر إليها لتتقوى قلوبنا ونتقي من شروركم . وسنشكركم تمام الشكر. فتقبلوا شكرنا سلفا، وإذا أسأتم الأدب في التعليق فكل إناء بالذي فيه ينضح. ولا أنصحكم بالتطبير حتى لا يزول خوف إسرائيل من قلوبكم فذلك مضر بمبادئكم.
ولكن يجب أن تعلموا بأن التطبير لا دليل على حرمته سلفيا ولو كان دليلكم هو حرمة تقوية قلوب أهل البدع (كما تسمونهم) بذلك . فنقول موتوا بغيضكم. ودليلكم هواء وفراغ وهو أدعى للتمسك بالتطبير من تركه. لأنه يزعجكم ويقوي شوكة من تكرهون وهذا فيه رضا لله تعالى وحبيبه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الشفيع المنقذ لأمته حيا وميتا.
--------------------------------------------------------------------------------
ملحق :
لمن يتشدق ويقول بأن الحجامة لا علاقة لها بالتطبير من جهة الفعل أو يقول بأن الحجامة في الرأس لم يفعلها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . فهذه بعض النصوص بلا تعليق تكفي لبيان ضلال من يكفر الشيعة لأن بعض مئات من أصل مئات الملايين يعمل بالحجامة الجماعية وهذه الحجامة فعلها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
قبل كل شيء أحاول أن أبين - لمن لا يعرف ما هي الحجامة وما هو التطبير ؟- ما هي العلاقة بين الاثنين؟
التطبير كما قلنا هو شرط جلدة الرأس بآلة حادة كالموسى يخرج بها الدم.
والحجامة والفصد لها نفس الصورة ونفس المضمون .
وقد يسأل سائل فيقول بأن القصد من الحجامة والفصد الاستطباب بينما هذه لم يقصد منها ذلك ، فأقول بأن الاستطباب يحصل بحصول نفس خروج الدم وهو أمر وضعي تكويني لا يحتاج إلى نية تكليفية فهو كما لو أشتبه المريض فشرب الدواء بدل الماء فحصول التداوي حصل تكويناً ، كما يمثل الفقهاء بزوال النجاسة الخبثية بمجرد الغسل حتى لو كان اشتباها أو اضطرارا ، فلا علاقة للنية بالاستطباب .
ثم أن التطبير لا يأخذ مشروعيته الإباحية من الحجامة لأنه بنفسه لا مانع منه وكل ما لم يمنع منه الشرع فهو حلال ، نعم مشروعية الندب للحجامة ينطبق على التطبير قهرا لأنه من بابه موضوعا وليس قياسا ، فلا يبعد أن يشمله الندب لوحدة الموضوع واتحاد العنوان .
والوحدة تعرف بوحدة المآل والغرض ووحدة الصورة وكلاهما واحدة في الحالتين ، على أن بعضهم كما صرح لي يقصد الاستطباب وقد قال لي بأنه إذا لم يفعل ذلك سنويا فأنه يشعر ببعض التوعك الصحي وهذا يدل على اتحاد القصد عند بعضهم بل أدعى أحدهم بأن هذه مقولة أغلب العائدين للتطبير، بالإضافة للتعبير عن النصرة والاستعداد لبذل الدم والشهادة في سبيل الحق والعدل الذي جسده الحسين عليه السلام في قضيته العادلة التي كانت بمثابة هزة كبرى لكل محاولات محو الإسلام وإعلان كذب الرسالة المحمدية.
وهذه بعض النصوص في الموضوع معنونة بعناوين عامة .
ما معنى الفصد والحجامة ؟
الفصد : هو قطع عرق مخصوص وإخراج الدم منه ، وله عروق خاصة.
الحجامة : هو تشريط اللحم بموسى حاد ومص الدم بمحجمة خاصة ، ولها أماكن متعددة وتشترك مع الفصد عمليا في حجامة الأخدعين وهما عرقا الرقبة وهو فصد ويسمى حجامة .
صحيح البخاري، للإمام البخاري : الجزء الأول.1 - بدء الوحي.1 - باب: كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(ليتفصد) يسيل، من الفصد وهو قطع العرق لإسالة الدم،
لسان العرب، للعلامة ابن المنظور : متن الكتاب: لسان العرب.
فصد: الفصدُ: شَقُّ العِرْقِ؛ فَصدَه يَفْصِدُه فَصْداً وفِصاداً، فهو
مَفْصُودٌ وفَصِيدٌ. وفَصَدَ الناقةَ: شَقَّ عِرْقَها ليستخرِجَ دَمَهَ
فيشرَبَه. وقال الليث: الفَصْدُ قطع العُروق
لسان العرب
والحَجْمُ: المَصّ. يقال: حَجَمَ الصبيُّ ثَدي أُمه إذا مصه.
وما حَجَمَ الصبيُّ ثدي أُمه أَي ما مَصَّه. وثَدْيٌ مَحْجوم أَي ممصوص.
والحَجَّامُ: المَصَّاص. قال الأَزهري: يقال للحاجم حَجَّامٌ لامْتِصاصه فم
المِحْجَمَة، وقد حَجَمَ يَحْجِمُ ويَحْجُم حَجْماً وحاجِمٌ حَجُومٌ ومِحْجَمٌ رَفيقٌ.
والمِحْجَمُ والمِحْجَمَةُ: ما يُحْجَم به. قال الأَزهري: المحْجَمَةُ قارُورَتُهُ،
وتطرح الهاء فيقال مِحْجَم، وجمعه مَحاجِم.