زوربا
02-18-2006, 01:01 AM
المستقبل: 28 كانون الثاني 2006م
باسمة عطوي
يمتلك تصوراً لكيفية فك الاشتباك بين الغرب والإعلام
ثمة حرص لدى المرجع الديني العلامة السيد محمد حسين فضل الله، على أن تكون علاقاته متوازنة وودية مع الديبلوماسيين الغربيين، من دون أن يعني ذلك إحجاماً أو مسايرةً في إطلاق أي موقف سياسي، هو من الثوابت الأساسية للدفاع عن القضايا العربية الإسلامية، حتى لو أدى ذلك إلى امتعاض بعض هؤلاء الديبلوماسيين أو مصارحة بعضهم الآخر له، بأن هذه المواقف قد تكون قاسية في بعض الأحيان.
وتشير مصادر مقربة من السيد فضل الله، إلى أن العلاقة التي تربطه بالسفارة البريطانية هي نموذج للعلاقة الودية والعاتبة أحياناً، بحيث كان السفراء البريطانيون ولا يزالون، يحرصون على إيصال خطابات ولي العهد البريطاني الأمير تشارلز، التي تتعلق بنظرة البريطانيين الى الإسلام، والتي كان يدعو فيها إلى الحوار مع الإسلام باعتباره ديناً متسامحاً وليس إرهابياً، وكان السيد فضل الله يرد على بعض هذه الخطابات.
وتلاحظ المصادر، أن علاقة السيد فضل الله بالسفراء الأجانب هي جزء من استراتيجيته الحوارية التي ترى أن أفضل السبل لإبراز المواقف حتى المتباينة منها، هي الحوار مع الآخرين، وتعطي مثلاً على ذلك، الحوار المطول بين السيد فضل الله والسفير الفرنسي السابق في لبنان فيليب لوكورتييه حول موضوع الحجاب في فرنسا بعد القرار الفرنسي بحظره في المدارس الفرنسية، بحيث كان هذا الحوار موضوعياً إلى آخر الحدود، وإلى المستوى الذي أُعجب فيه لوكورتييه بالطريقة المنطقية التي يدير فيها فضل الله الحوار المفترض أن يلقى آذاناً صاغية في العقلية الأوروبية.
في العلاقة مع السفير البريطاني جيمس واط، تذكر هذه المصادر أن واط جاء في بعض الجلسات معاتباً السيد فضل الله على مواقفه التي ينتقد فيها بعض ما صدر من الدول الأوروبية، ومنها بريطانيا، حول مسألة تعديل بعض القوانين البريطانية لإتاحة الفرص أكثر لملاحقة من تسميهم "الإرهابيين"، وهذا ما انتقده السيد فضل الله واعتبره يستهدف الإسلام بطريقة أو بأخرى. وكان تعليق واط، أن السيد فضل الله يتحدث عن السلبيات من دون الإيجابيات، فكان ردّه أنه معنيّ بتصحيح الأخطاء ونقد التجارب السلبية حتى في الوسط الإسلامي، فكيف إذا كانت خارج هذا الوسط، وأنه معني بالدفاع عن الإسلام في مواجهة ما يثار ضده من الخارج، تماماً كما هو معني بالدفاع عن الإسلام من خلال حملات التشويه التي قد تنطلق من داخل الواقع الإسلامي وتؤثر على صورة الإسلام في العالم سلباً، وأن مواقفه السياسية والفكرية هي محاولة لوضع الإصبع على الجرح لجهة مواجهة الخرافة و"الأسطرة" داخل الساحة الإسلامية الشيعية والسنية على السواء.
في الآونة الأخيرة، تساءلت بعض المصادر عن سبب عدم استقبال السيد فضل الله لوزير الخارجية البريطاني جاك سترو خلال زيارته لبيروت، والتي كانت لها أسباب تقنية بحتة أوضحها المكتب الإعلامي للسيد فضل الله، علماً أن بعض الأوساط الشيعية أبدت ارتياحاً لعدم حصول هذا اللقاء، خصوصاً بعد تصريح سترو الذي دعا فيه إلى شفاء رئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون. أما الحوار الحالي بين البريطانيين والسيد فضل الله، فيتركز كما تقول المصادر، على الموضوع اللبناني، وضرورة إيجاد موقف أوروبي حاسم يقيد "الهيجان" الأميركي ضد المنطقة، خصوصاً أن بريطانيا "أدرى بالمنطقة من الولايات المتحدة"، إضافة إلى المسؤولية الأخلاقية الملقاة على عاتقها لدورها التاريخي في المسألة الفلسطينية ودعمها لليهود على حساب الشعب الفلسطيني.
ولا تنفي المصادر نفسها، أن الحوار يدخل في الملف العراقي، إضافة إلى شعور بعض المعنيين في لبنان، بأن البريطانيين معنيون على ما يبدو أكثر من غيرهم بمقاربة الملف الشيعي من العراق إلى لبنان، وحرصهم المستمر على معرفة آراء كبار العلماء والمراجع الشيعية بهذا الخصوص، وبشكل أساسي السيد فضل الله، الذي تقول مصادر ديبلوماسية لبنانية، إن الأوروبيين يتعاطون معه على أساس أنه شخصية فكرية وروحية وسياسية وثقافية في آن، وأن الحوار معه ممتع بقدر ما هو جدي أيضاً.
ثمة رسائل يحرص السيد فضل الله على إيصالها إلى الأميركيين من خلال البريطانيين، أولها في الموضوع الفلسطيني لجهة الحض على محاورة حركة "حماس"، كما تحاور فصائل المقاومة العراقية ومن يمثلها، مثلما فعل البريطانيون بفتح حوار مع "حماس" بناءً على نصيحة السيد فضل الله، ومعطيات أخرى لم تستمر نتيجة العرقلة الإسرائيلية. فالسيد فضل الله يحرص دائماً على تقديم رؤيته للوضع والحوار الإسلامي، ويعطي تصوراً حول "كيفية العمل لفك الاشتباك بين الغرب والإسلام"، خصوصاً في القضايا السياسية المعقّدة، أو في القضايا الفكرية التي تثار من وقت إلى آخر.
في موضوع العراق، يحرص السيد فضل الله على التأكيد أمام الديبلوماسيين الأجانب، أن الحل يأتي من خلال الأمم المتحدة التي لا بد من أن تُسند لها قيادة الوضع في العراق، وأن يصار بعدها إلى استيعاب كل أطياف الشعب العراقي في حكومة وطنية شاملة، وألا يستخدم الموضوع السني كموضوع للإثارة. ويصر السيد فضل الله على التأكيد أن الساحة العراقية لن تدخل في صراع الفتنة مهما عملت الجهات التكفيرية أو قوات الاحتلال على تحريك المسألة المذهبية، بحيث تصر المراجع الشيعية على عدم إعطاء أي فتوى، أو عدم جواز التعرض لأخوانهم من السنّة، إضافة إلى الحرص المستمر على العلاقة الوطيدة بين العقلاء من الطائفتين هناك.
باسمة عطوي
يمتلك تصوراً لكيفية فك الاشتباك بين الغرب والإعلام
ثمة حرص لدى المرجع الديني العلامة السيد محمد حسين فضل الله، على أن تكون علاقاته متوازنة وودية مع الديبلوماسيين الغربيين، من دون أن يعني ذلك إحجاماً أو مسايرةً في إطلاق أي موقف سياسي، هو من الثوابت الأساسية للدفاع عن القضايا العربية الإسلامية، حتى لو أدى ذلك إلى امتعاض بعض هؤلاء الديبلوماسيين أو مصارحة بعضهم الآخر له، بأن هذه المواقف قد تكون قاسية في بعض الأحيان.
وتشير مصادر مقربة من السيد فضل الله، إلى أن العلاقة التي تربطه بالسفارة البريطانية هي نموذج للعلاقة الودية والعاتبة أحياناً، بحيث كان السفراء البريطانيون ولا يزالون، يحرصون على إيصال خطابات ولي العهد البريطاني الأمير تشارلز، التي تتعلق بنظرة البريطانيين الى الإسلام، والتي كان يدعو فيها إلى الحوار مع الإسلام باعتباره ديناً متسامحاً وليس إرهابياً، وكان السيد فضل الله يرد على بعض هذه الخطابات.
وتلاحظ المصادر، أن علاقة السيد فضل الله بالسفراء الأجانب هي جزء من استراتيجيته الحوارية التي ترى أن أفضل السبل لإبراز المواقف حتى المتباينة منها، هي الحوار مع الآخرين، وتعطي مثلاً على ذلك، الحوار المطول بين السيد فضل الله والسفير الفرنسي السابق في لبنان فيليب لوكورتييه حول موضوع الحجاب في فرنسا بعد القرار الفرنسي بحظره في المدارس الفرنسية، بحيث كان هذا الحوار موضوعياً إلى آخر الحدود، وإلى المستوى الذي أُعجب فيه لوكورتييه بالطريقة المنطقية التي يدير فيها فضل الله الحوار المفترض أن يلقى آذاناً صاغية في العقلية الأوروبية.
في العلاقة مع السفير البريطاني جيمس واط، تذكر هذه المصادر أن واط جاء في بعض الجلسات معاتباً السيد فضل الله على مواقفه التي ينتقد فيها بعض ما صدر من الدول الأوروبية، ومنها بريطانيا، حول مسألة تعديل بعض القوانين البريطانية لإتاحة الفرص أكثر لملاحقة من تسميهم "الإرهابيين"، وهذا ما انتقده السيد فضل الله واعتبره يستهدف الإسلام بطريقة أو بأخرى. وكان تعليق واط، أن السيد فضل الله يتحدث عن السلبيات من دون الإيجابيات، فكان ردّه أنه معنيّ بتصحيح الأخطاء ونقد التجارب السلبية حتى في الوسط الإسلامي، فكيف إذا كانت خارج هذا الوسط، وأنه معني بالدفاع عن الإسلام في مواجهة ما يثار ضده من الخارج، تماماً كما هو معني بالدفاع عن الإسلام من خلال حملات التشويه التي قد تنطلق من داخل الواقع الإسلامي وتؤثر على صورة الإسلام في العالم سلباً، وأن مواقفه السياسية والفكرية هي محاولة لوضع الإصبع على الجرح لجهة مواجهة الخرافة و"الأسطرة" داخل الساحة الإسلامية الشيعية والسنية على السواء.
في الآونة الأخيرة، تساءلت بعض المصادر عن سبب عدم استقبال السيد فضل الله لوزير الخارجية البريطاني جاك سترو خلال زيارته لبيروت، والتي كانت لها أسباب تقنية بحتة أوضحها المكتب الإعلامي للسيد فضل الله، علماً أن بعض الأوساط الشيعية أبدت ارتياحاً لعدم حصول هذا اللقاء، خصوصاً بعد تصريح سترو الذي دعا فيه إلى شفاء رئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون. أما الحوار الحالي بين البريطانيين والسيد فضل الله، فيتركز كما تقول المصادر، على الموضوع اللبناني، وضرورة إيجاد موقف أوروبي حاسم يقيد "الهيجان" الأميركي ضد المنطقة، خصوصاً أن بريطانيا "أدرى بالمنطقة من الولايات المتحدة"، إضافة إلى المسؤولية الأخلاقية الملقاة على عاتقها لدورها التاريخي في المسألة الفلسطينية ودعمها لليهود على حساب الشعب الفلسطيني.
ولا تنفي المصادر نفسها، أن الحوار يدخل في الملف العراقي، إضافة إلى شعور بعض المعنيين في لبنان، بأن البريطانيين معنيون على ما يبدو أكثر من غيرهم بمقاربة الملف الشيعي من العراق إلى لبنان، وحرصهم المستمر على معرفة آراء كبار العلماء والمراجع الشيعية بهذا الخصوص، وبشكل أساسي السيد فضل الله، الذي تقول مصادر ديبلوماسية لبنانية، إن الأوروبيين يتعاطون معه على أساس أنه شخصية فكرية وروحية وسياسية وثقافية في آن، وأن الحوار معه ممتع بقدر ما هو جدي أيضاً.
ثمة رسائل يحرص السيد فضل الله على إيصالها إلى الأميركيين من خلال البريطانيين، أولها في الموضوع الفلسطيني لجهة الحض على محاورة حركة "حماس"، كما تحاور فصائل المقاومة العراقية ومن يمثلها، مثلما فعل البريطانيون بفتح حوار مع "حماس" بناءً على نصيحة السيد فضل الله، ومعطيات أخرى لم تستمر نتيجة العرقلة الإسرائيلية. فالسيد فضل الله يحرص دائماً على تقديم رؤيته للوضع والحوار الإسلامي، ويعطي تصوراً حول "كيفية العمل لفك الاشتباك بين الغرب والإسلام"، خصوصاً في القضايا السياسية المعقّدة، أو في القضايا الفكرية التي تثار من وقت إلى آخر.
في موضوع العراق، يحرص السيد فضل الله على التأكيد أمام الديبلوماسيين الأجانب، أن الحل يأتي من خلال الأمم المتحدة التي لا بد من أن تُسند لها قيادة الوضع في العراق، وأن يصار بعدها إلى استيعاب كل أطياف الشعب العراقي في حكومة وطنية شاملة، وألا يستخدم الموضوع السني كموضوع للإثارة. ويصر السيد فضل الله على التأكيد أن الساحة العراقية لن تدخل في صراع الفتنة مهما عملت الجهات التكفيرية أو قوات الاحتلال على تحريك المسألة المذهبية، بحيث تصر المراجع الشيعية على عدم إعطاء أي فتوى، أو عدم جواز التعرض لأخوانهم من السنّة، إضافة إلى الحرص المستمر على العلاقة الوطيدة بين العقلاء من الطائفتين هناك.