المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بيرنتسين: حاصرت بن لادن في تورا بورا.. ولو لبى رؤسائي طلبي لكان الآن بين أيدينا



المهدى
02-17-2006, 02:31 PM
http://www.asharqalawsat.com/2006/02/17/images/news.348781.jpg


ضابط «سي. آي. ايه» السابق يروي في «تحطيم الفك» تجربة تعقبه زعيم «القاعدة»


نيويورك: ريتشارد ليبي *


غاري بيرنتسين كان معروفا في مقر وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي. آي. ايه)، باعتباره ضابط استخبارات ميدانيا نشيطا، أي من النوع الذي يميل للعمل اولا، ثم طلب الاذن لاحقاً. لكنه كان يملك المزيج الشخصي من القدرات الجسدية والذهنية للمهام الصعبة. ويتذكر الآن انه عندما طلب لمركز مكافحة التجسس في اكتوبر (تشرين الاول) 2001، كانت اوامر رئيسه بسيطة، فقد قال له حينها: «غاري اريد منك قتل العدو فورا».
اتجه الى افغانستان في اليوم التالي للقضاء على شخص واحد بصفة خاصة. وطبقا لروايته، كان بامكانه قتل اسامة بن لادن، لو قدموا القوات الكافية والوقت اللازم. ويقول انه كلما يشاهد الآن زعيم «القاعدة» يهدد بهجمات ضد الولايات المتحدة فانه يشعر «بالاشمئزاز». واضاف: «اشعر بأنني مطارد لأنني لم انفذ مهمتي. لقد فعلت كل ما يمكن القيام به هناك».

لكن ماذا فعل بعد ذلك؟ لقد ألف كتاباً بعنوان «تحطيم الفك»، تطرق فيه للكيفية التي تمكن بها بن لادن من تجنب الاعتقال في تورا بورا، في ديسمبر (كانون الاول) 2001. ويتضمن الكتاب على غلافه عبارة: «الكتاب الذي لا تريد وكالة الاستخبارات الاميركية منك الاطلاع عليه».

وظل اسامة بن لادن تحت نظر بيرنتسين منذ عام 1998 عندما بدأ هذا الرجل التحقيق في علاقات القاعدة بتفجير السفارتين الاميركيتين في شرق افريقيا. وفي كتابه يتذكر بيرنتسين حياته في مكافحة الارهاب، التي استمرت 23 سنة، لكنه يقول ان ما نشر عن «فرار بن لادن عبر الممرات الجبلية المغطاة بالثلوج الى باكستان، يعود لرفض الجنرالات الاميركيين طلبه بإمداده بـ 800 جندي».

وتختلف رواية بيرنتسين اختلافا كبيرا عن رواية الجنرال تومي فرانكس، الرئيس السابق للقيادة المركزية الاميركية، الذي قال ان بن لادن «لم يكن ابدا في متناول يدنا»، غير ان بيرنتسين يوضح انه مع الاحترام لفرانكس «فقد كنت انا الرجل الموجود في الميدان، والرجل الذي كان يقود اكبر عملية شبه عسكرية لوكالة «سي. آي. ايه» ضد طالبان وبن لادن». ويقول: «كان يمكننا انهاء العملية هناك».

كانت مهمة بيرنتسين السرية بسيطة: العثور على عناصر «القاعدة» وطالبان وقتلهم. اما الآن فقد اصبحت مهمته العلنية هي الترويج لنفسه: فهو يجري مقابلات مع الصحافيين ويظهر في برامج الدردشة التلفزيونية، ويقدم لقطات على شبكة «سي ان ان» ويبذل كل ما في وسعه لزيادة مبيعات «تحطيم الفك: الهجوم علي بن لادن والقاعدة: رواية شخصية من قائد ميداني لوكالة الاستخبارات المركزية»، بالاشتراك مع رالف تزولو.

ويشتق الكتاب عنوانه، من الاسم الذي تطلقه الوكالة على الوحدات التي تعمل في افغانستان حتي قبل الحرب، ثم عملت جنبا الى جنب مع القوات الخاصة وقوات العمليات الخاصة، وقامت بعمليات قتالية. وبالرغم من ان عنوان «تحطيم الفك» يشير الي صورة بيرنتسين، الرجل القوي، فإنه يقول، انها كانت كلمة شيفرة اختارها الكومبيوتر. وقد تأخر صدور الكتاب لاكثر من اربعة أشهر، بسبب مكتب دراسة المنشورات التابع لوكالة «سي. آي. ايه»، الذي يفحص المطبوعات التي ينشرها العاملون السابقون والحاليون في الوكالة. وقد رفع بيرنتسين قضيتين على الوكالة للافراج عن نص الكتاب.

يشار الى ان «تحطيم الفك»، هو آخر ما صدر من كتب عن خبراء في مجال مكافحة الارهاب يحملون السياسيين والبيروقراطيين في وكالة «ٍسي. آي. ايه»، عدم تقديرهم الكامل لتهديدات «القاعدة» قبل 11 سبتمبر (ايلول). وهذا الكتاب هو الثاني من واحد من فريق «تحطيم الفك». ففي العام الماضي قدم الضابط السابق في الوكالة غاري شروين، الذي سبق بيرنتسين في المنطقة كتابا، بعنوان «الاول: كيف قادت وكالة الاستخبارات المركزية الحرب على الارهاب في افغانستان». وكان شروين قد اشار في مذكرات، الى تعليمات من كوفر بلاك، مدير مركز مكافحة الارهاب في الوكالة آنذاك عندما قال له: «اريد شحن رأس بن لادن في صندوق مليء بالثلج، وعرضه على الرئيس».

ويقول بيرنتسين انه يعرف على وجه التحديد أين تراجعت القوة المكونة من 1000 مقاتل في المنطقة الجبلية بالقرب من الحدود مع باكستان، في اواخر عام 2001. وافيد بان فريق المتابعة سمع حينها اسامة بن لادن يتحدث عبر جهاز اتصال لاسلكي كان بحوزة مقاتل لقي مصرعه، وكان زعيم «القاعدة» في ذلك الوقت يحث اتباعه على القتال وفي جزء من الحديث اعتذر لهم «عن المأزق الذي وضعهم فيه وتعريضهم للضربات الجوية الاميركية»، حسبما كتب بيرنتسين.

وطبقا لتقديرات بيرنتسين، كان هناك 40 فردا من قوات العمليات الخاصة وحوالي 12 آخرين من القوات الخاصة لوقف توجه اسامة بن لادن المحتمل «عبر مئات الأميال من الكهوف والممرات الجبلية». وأورد بيرنتسين في هذا السياق: «كنا في حاجة الى جنود اميركيين على الأرض. بعثت طلبا لإرسال 800 فرد من أفراد قوات رينجرز الاميركية وظللنا في الانتظار. كررت للجميع في مقر القيادة: نريد قوات رينجرز الآن، وفرصة إلقاء القبض على بن لادن ورجاله تضيع من ايدينا». ويتذكر بيرنتسين انه صاح في وجه جنرال في الجيش بكابل قال له بوضوح انه لن يرسل قوات ارضية «خوفا من إثارة استياء حلفائهم الأفغان»، وطلب منه ان يصرف النظر عن هذا الأمر. وطبقا لوجهة نظر بيرنتسين، فإن الميليشيات الأفغانية، التي كان يعتمد عليها فرانكس «لا يعتمد عليها» و«جرى تجمعيها في اللحظات الأخيرة». وكتب ايضا: «اوضحت في تقاريري ان حلفاءنا الأفغان لم يكونوا يشعرون بقلق يذكر إزاء الانقضاض على القاعدة في تورا بورا».

وتنسجم هذه الرواية على ما يبدو مع ما اورده مرشح الرئاسة الديمقراطي جون كيري، خلال حملته الانتخابية عام 2004، عندما قال ان الرئيس بوش أوكل مهمة اصطياد اسامة بن لادن لزعماء الحرب الأفغان، إلا ان فرانكس دافع في افتتاحية لصحيفة «نيويورك تايمز» في اكتوبر 2004 عن الرئيس بوش قائلا: «يمكنني ان أقول ان فهم السناتور (كيري) لسير الأحداث لا ينسجم مع الواقع. لا نعرف حتى الآن ما اذا كان اسامة بن لادن في تورا بورا ام لا في ديسمبر 2001».

إلا ان بيرنتسين كتب ان فرانكس «إما انه حصل على معلومات خاطئة من العاملين معه او ان ضباب الحرب أعماه».

ويقول بيرنتسين، انه جمهوري يؤيد بقوة الرئيس بوش، ومنهجه في الحرب ضد الإرهاب. وأضاف: «الهجوم على جورج بوش لا يساعد. يمكن رمي الكثير من الناس بأقذع الأشياء، لكن هذا لا يساعد. لا اريد ان اضعف قدرة الرئيس على خوض هذه الحرب». يفضل بيرنتسين وصف الحملة العسكرية على أفغانستان بالفشل بسبب إفلات اسامة بن لادن.

وحسب وجهة نظر بيرنتسين، فإن وكالة «سي. آي. ايه»، ضلت طريقها خلال فترة الرئيس الاميركي السابق بيل كلينتون، خصوصا خلال فترتي ترؤس جون دويتش وجورج تينيت للوكالة. ويرى بيرنتسين ان عمل الوكالة خلال تلك الفترة اتسم بالاخفاق. ومثلما جاء في كتاب See No Evil، الذي ألفه ضابط سابق بقسم مكافحة الإرهاب، تعكس مذكرات بيرنتسين إخفاق عمل الوكالة بسبب البيروقراطية والخمول عقب انتهاء الحرب البادرة وضعف استعدادها لاختراق الجماعات الإرهابية. وكتب بيرنتسين ايضا ان «إدارة وتنفيذ العمليات خلال إدارة جورج تينيت للوكالة كانت أقل اهمية من التطورات السياسية في واشنطن والمسائل الأخرى الفنية في الطابق السابع بمقر الوكالة (في لانغلي). كان ضباط الوكالة الذين يعملون في وظائف ليس فيها مخاطر يحصلون على ترقياتهم على نحو اسرع من الضباط الذين يخاطرون بحياتهم في العمل الميداني». إلا ان بيل هارلو، المتحدث السابق باسم وكالة «سي. آي. ايه»، الذي ساعد تينيت في كتابة مذكراته، لم يدل بأي تعليق، وقال انه لا تعليق لتينيت على أي كتب، سواء كانت جيدة او سيئة.

يقوم بيرنتسين الآن باعداد كتاب يتناول فيه السياسات الخاصة بمكافحة الإرهاب، ويفكر في تحويله الى برنامج تلفزيوني وثائقي ثم فيلم سينمائي، كما يفكر في العودة للعمل في الحكومة ولا يزال على اتصال بساسة الحزب الجمهوري، ويرغب في ترشيح نفسه مستقبلا للكونغرس. ويرى ان الحرب لن تنتهي بالقاء القبض على بن لادن، وانما «ستتواصل خلال العقدين المقبلين»، مؤكدا انه يفكر في ان يكون جزءا منها. لكن هناك شيئاً تعلمه منذ ان غادر ميدان المعركة هو «ضرورة التهدئة والابتعاد عن الغضب».


* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»