زهير
02-17-2006, 09:41 AM
الأفضل اتباع سلوكيات نمط الحياة الصحية في مراحل مبكرة من العمر
الرياض: «الشرق الاوسط»
أثارت دراسة سبق لـ«الشرق الأوسط» الحديث عنها قبل عدة أيام لغطاً علمياً واسعاً لما من نتائجها المبدئية من مخالفة واضحة للعديد من النصائح الطبية الراسخة بعد دراسات واسعة وقوية. الدراسة الحديثة التي نشرتها اخيراً مجلة رابطة الطب الباطني الأميركية تحدثت عن عدم ثبوت فائدة تناول وجبات غذائية قليلة الدسم في الوقاية من سرطان الثدي أو القولون أو حتى أمراض القلب. والعناوين الصحافية التي طرحت الدراسة بأسلوب مثير خلفت بلبلة من المفهوم حولها.
* دراسة واسعة
* الحقيقة أن الدراسة القومية الأميركية الواسعة، ذات الميزانية التي تجاوزت 400 مليون دولار، واستمرت أكثر من 15 سنة بمعدل متابعة لثماني سنوات، وشملت حوالي 50 ألف شخص، كانت موجهة حصرا نحو النساء ممن تجاوزن سن اليأس من المحيض فقط. وأظهرت نتائجها المبدئية أن بدء النساء بعد سن اليأس في تناول أطعمة ذات محتوى قليل من الدهون وعالية من الحبوب والخضار والفواكه، لم يُظهر أن ذلك يخفف بنسبة عالية ومهمة وفق معايير علم الإحصاء في تقليل الإصابة بالسرطان في الثدي أو القولون أو أمراض شرايين القلب. فالنقص في الإصابة بسرطان الثدي بنسبة 9% هو بحسب ضوابط علم الإحصاء لا يعني نقصاً مهماً. ولم يكن هناك نقص بنسبة مهمة في نسبة الإصابة بسرطان القولون، لكن النقص المهم حصل في حالة تكون حويصلات القولون. والنقص المتوسط خلال ثماني سنوات من اتباع هذه الحمية الغذائية لم يقلل من ظهور أمراض شرايين القلب لكنه قلل بدرجة متوسطة من بعض عوامل خطورة الإصابة بها كالدهون الثلاثية، وقلل بنسبة مهمة من مقدار ارتفاع ضغط الدم ونسبة الكولسترول الخفيف الضار على الشرايين.
النقاط المهمة عند قراءة نتائج الدراسات التي تتحدث عنها الأخبار الطبية تحتاج إلى ضوابط في التعليق والتحليل والقراءة أيضاً، فالدراسة التي بين أيدينا مثلاً كانت محصورة في النساء وتحديداً في سن متأخر نسبياً، وتتبعت النتائج النهائية لأمراض معينة ومدى ظهورها بشكل كامل. وتناولت جانب مجرد خفض تناول الدهون دون تحديد نسب الخفض في الأنواع المختلفة منها كالدهون المشبعة تحديداً. ومع ذلك فإن ما يسبق ظهور أورام القولون قلت نسبته، وما يؤدي إلى أمراض شرايين القلب يقيناً من ارتفاع ضغط الدم وارتفاع الكولسترول الخفيف قل أيضاً. كما أن نسبة النقص في سرطان الثدي تحقق لكن بدرجة غير كافية نسبياً.
* عوامل مهمة
* العوامل المهمة في مثل هذه الدراسة مرتبطة بكيفية تصميمها، وهو ما عليه ملاحظات كثيرة، والكلفة المادية الباهظة لها فرضت كأحد العوامل إخراج نتائجها، فالبدء في إتباع سلوكيات نمط الحياة الصحية وخاصة في الغذاء لا يُمكن تقيمه ضمن مرحلة محددة فقط وفي عمر محدد، بخلاف ما لو كان الأمر متعلقاً بعادة معينة كالتدخين مثلاً. وتخفيف تناول الدهون لا يتم بترك الأمر اختيارياً بل النصائح الطبية التي نصحت بتقليل تناول الدهون ذكرت في نفس سياق جُملها زيادة تناول الدهون غير المشبعة كالزيوت النباتية وتقليل الدهون المشبعة كالمصادر الحيوانية لها.
والأمراض التي تمت دراستها وإن كانت تبدو في مراحل متأخرة من العمر في الغالب إلا أن بداياتها لا تبدأ من بعد سن اليأس، فأمراض الشرايين مثلاً وعوامل الخطورة المسببة لها كارتفاع ضغط الدم ومرض السكري و اضطرابات الدهون و الكولسترول تبدأ في مراحل تسبق سن اليأس بكثير، والشيء الوحيد في أمر الشرايين والنساء هو أن التغيرات الهرمونية بعد سن اليأس تؤثر في تساوي عرضة إصابة الرجال والنساء بأمراض القلب، أي بعد زوال العامل الواقي للنساء نسبياً مقارنة بالرجال وهو الهرمونات الأنثوية. والأولى حينها تصميم دراسة تشمل مراحل بداية تكون ترسبات الشرايين.
كما أن اتباع وسائل الكشف الوقائي في تحديد من هو عرضة أو لديه بدايات هذه الأمراض بالذات لم يتم الالتفات إليه بشكل قوي في الدراسة. ومع ذلك فإن من الواجب عدم توقف الدراسة عند هذا الحد لأن الخفض المهم بحسب الدارسين في ضغط الدم ونسبة الكولسترول الخفيف يحتاج إلى متابعة لمعرفة الجدوى في وقت أطول.
من جانب آخر فإن الجمع بين نتائج الدراسات هو الأولى حينما تكون كل منها موجهة إلى جانب معين، فالدراسة تقول لنا بصريح العبارة إن تأخير إتباع سلوكيات نمط الحياة الصحية لا يُجدي بدرجة مهمة، بخلاف إتباعها في مراحل مبكرة من العمر.
والأمر أشبه ما يكون بمقارنة من يقود سيارة بسرعة عالية وآخر بسرعة معتدلة لمدة ساعتين، فإننا لو اخترنا ربع الساعة الأخيرة للمقارنة قد لا نجد هناك فرقاً في نسبة حوادث المرور بينهما أو قد نجد، ولو أننا لم نجد فرقاً فهل من المعقول أن نقول إن القيادة بسرعة عالية في أي وقت لا تحمينا من حوادث السير؟! الدراسة منذ بداياتها كانت محصورة ضمن عمر معين، ونتائجها المبدئية حتى اليوم تفرض بدء الاهتمام من الصغر لا إهمال الحمية الغذائية بالنسبة للدهون.
ومثل هذه الدراسات ذات النتائج المخالفة للمعتاد قد تكون معتبرة بدرجة عالية وقد لا تكون، وهناك ضوابط في الفهم واستخلاص النتائج منها. ومثلاً حينما ظهرت دراسات البيض وأن تناوله لا يرفع من عرضة الإصابة بأمراض الشرايين القلبية فإنها كانت مخالفة للمعتاد لكنها شملت أشخاصاً في أعمار مختلفة والمقارنة كانت محددة، والعدد تجاوز في دراسة هارفارد 120 ألف شخص، وأكدت نتائجها دراسات تمت بعدها. ولنا عودة لموضوع الدهون بشكل مفصل.
الرياض: «الشرق الاوسط»
أثارت دراسة سبق لـ«الشرق الأوسط» الحديث عنها قبل عدة أيام لغطاً علمياً واسعاً لما من نتائجها المبدئية من مخالفة واضحة للعديد من النصائح الطبية الراسخة بعد دراسات واسعة وقوية. الدراسة الحديثة التي نشرتها اخيراً مجلة رابطة الطب الباطني الأميركية تحدثت عن عدم ثبوت فائدة تناول وجبات غذائية قليلة الدسم في الوقاية من سرطان الثدي أو القولون أو حتى أمراض القلب. والعناوين الصحافية التي طرحت الدراسة بأسلوب مثير خلفت بلبلة من المفهوم حولها.
* دراسة واسعة
* الحقيقة أن الدراسة القومية الأميركية الواسعة، ذات الميزانية التي تجاوزت 400 مليون دولار، واستمرت أكثر من 15 سنة بمعدل متابعة لثماني سنوات، وشملت حوالي 50 ألف شخص، كانت موجهة حصرا نحو النساء ممن تجاوزن سن اليأس من المحيض فقط. وأظهرت نتائجها المبدئية أن بدء النساء بعد سن اليأس في تناول أطعمة ذات محتوى قليل من الدهون وعالية من الحبوب والخضار والفواكه، لم يُظهر أن ذلك يخفف بنسبة عالية ومهمة وفق معايير علم الإحصاء في تقليل الإصابة بالسرطان في الثدي أو القولون أو أمراض شرايين القلب. فالنقص في الإصابة بسرطان الثدي بنسبة 9% هو بحسب ضوابط علم الإحصاء لا يعني نقصاً مهماً. ولم يكن هناك نقص بنسبة مهمة في نسبة الإصابة بسرطان القولون، لكن النقص المهم حصل في حالة تكون حويصلات القولون. والنقص المتوسط خلال ثماني سنوات من اتباع هذه الحمية الغذائية لم يقلل من ظهور أمراض شرايين القلب لكنه قلل بدرجة متوسطة من بعض عوامل خطورة الإصابة بها كالدهون الثلاثية، وقلل بنسبة مهمة من مقدار ارتفاع ضغط الدم ونسبة الكولسترول الخفيف الضار على الشرايين.
النقاط المهمة عند قراءة نتائج الدراسات التي تتحدث عنها الأخبار الطبية تحتاج إلى ضوابط في التعليق والتحليل والقراءة أيضاً، فالدراسة التي بين أيدينا مثلاً كانت محصورة في النساء وتحديداً في سن متأخر نسبياً، وتتبعت النتائج النهائية لأمراض معينة ومدى ظهورها بشكل كامل. وتناولت جانب مجرد خفض تناول الدهون دون تحديد نسب الخفض في الأنواع المختلفة منها كالدهون المشبعة تحديداً. ومع ذلك فإن ما يسبق ظهور أورام القولون قلت نسبته، وما يؤدي إلى أمراض شرايين القلب يقيناً من ارتفاع ضغط الدم وارتفاع الكولسترول الخفيف قل أيضاً. كما أن نسبة النقص في سرطان الثدي تحقق لكن بدرجة غير كافية نسبياً.
* عوامل مهمة
* العوامل المهمة في مثل هذه الدراسة مرتبطة بكيفية تصميمها، وهو ما عليه ملاحظات كثيرة، والكلفة المادية الباهظة لها فرضت كأحد العوامل إخراج نتائجها، فالبدء في إتباع سلوكيات نمط الحياة الصحية وخاصة في الغذاء لا يُمكن تقيمه ضمن مرحلة محددة فقط وفي عمر محدد، بخلاف ما لو كان الأمر متعلقاً بعادة معينة كالتدخين مثلاً. وتخفيف تناول الدهون لا يتم بترك الأمر اختيارياً بل النصائح الطبية التي نصحت بتقليل تناول الدهون ذكرت في نفس سياق جُملها زيادة تناول الدهون غير المشبعة كالزيوت النباتية وتقليل الدهون المشبعة كالمصادر الحيوانية لها.
والأمراض التي تمت دراستها وإن كانت تبدو في مراحل متأخرة من العمر في الغالب إلا أن بداياتها لا تبدأ من بعد سن اليأس، فأمراض الشرايين مثلاً وعوامل الخطورة المسببة لها كارتفاع ضغط الدم ومرض السكري و اضطرابات الدهون و الكولسترول تبدأ في مراحل تسبق سن اليأس بكثير، والشيء الوحيد في أمر الشرايين والنساء هو أن التغيرات الهرمونية بعد سن اليأس تؤثر في تساوي عرضة إصابة الرجال والنساء بأمراض القلب، أي بعد زوال العامل الواقي للنساء نسبياً مقارنة بالرجال وهو الهرمونات الأنثوية. والأولى حينها تصميم دراسة تشمل مراحل بداية تكون ترسبات الشرايين.
كما أن اتباع وسائل الكشف الوقائي في تحديد من هو عرضة أو لديه بدايات هذه الأمراض بالذات لم يتم الالتفات إليه بشكل قوي في الدراسة. ومع ذلك فإن من الواجب عدم توقف الدراسة عند هذا الحد لأن الخفض المهم بحسب الدارسين في ضغط الدم ونسبة الكولسترول الخفيف يحتاج إلى متابعة لمعرفة الجدوى في وقت أطول.
من جانب آخر فإن الجمع بين نتائج الدراسات هو الأولى حينما تكون كل منها موجهة إلى جانب معين، فالدراسة تقول لنا بصريح العبارة إن تأخير إتباع سلوكيات نمط الحياة الصحية لا يُجدي بدرجة مهمة، بخلاف إتباعها في مراحل مبكرة من العمر.
والأمر أشبه ما يكون بمقارنة من يقود سيارة بسرعة عالية وآخر بسرعة معتدلة لمدة ساعتين، فإننا لو اخترنا ربع الساعة الأخيرة للمقارنة قد لا نجد هناك فرقاً في نسبة حوادث المرور بينهما أو قد نجد، ولو أننا لم نجد فرقاً فهل من المعقول أن نقول إن القيادة بسرعة عالية في أي وقت لا تحمينا من حوادث السير؟! الدراسة منذ بداياتها كانت محصورة ضمن عمر معين، ونتائجها المبدئية حتى اليوم تفرض بدء الاهتمام من الصغر لا إهمال الحمية الغذائية بالنسبة للدهون.
ومثل هذه الدراسات ذات النتائج المخالفة للمعتاد قد تكون معتبرة بدرجة عالية وقد لا تكون، وهناك ضوابط في الفهم واستخلاص النتائج منها. ومثلاً حينما ظهرت دراسات البيض وأن تناوله لا يرفع من عرضة الإصابة بأمراض الشرايين القلبية فإنها كانت مخالفة للمعتاد لكنها شملت أشخاصاً في أعمار مختلفة والمقارنة كانت محددة، والعدد تجاوز في دراسة هارفارد 120 ألف شخص، وأكدت نتائجها دراسات تمت بعدها. ولنا عودة لموضوع الدهون بشكل مفصل.