زهير
02-17-2006, 08:48 AM
يثير تحديات أمام الديموقراطية الوليدة
بقلم - روبرت ورث تعريب نبيل زلف
نيويورك تايمز
في ساعة متأخرة من ليلة التصويت الحاسمة لاختيار رئيس جديد للحكومة العراقية المقبلة، اتصل احد مؤيدي مقتدى الصدر هاتفياً بشخصية عراقية سياسية بارزة، وأبلغها بنبرة تتسم بالتهديد بأن حرباً أهلية ستندلع بين الشيعة إذا لم يتم اختيار المرشح الذي يفضله الصدر. وبعد أقل من 12 ساعة، ومكالمات اخرى مماثلة مع زعماء شيعة كبار، حقق الصدر ما أراد. فقد خسر المرشح الذي يحظى بتأييد واسع بفارق صوت واحد، وجرى انتخاب ابراهيم الجعفري، الذي يقود الآن الحكومة المؤقتة، ليتولى رئاسة الحكومة المقبلة.
عضو كبير في التحالف العراقي المتحد، الذي يضم تآلفا من أحزاب شيعية رئيسية، علق على ما حدث بالقول: كان انقلاباً مذهلاً.
لكنه كان ايضا لحظة تتويج للصدر، الذي يثير صعوده الى المسرح السياسي الآن، مجموعة جديدة من التحديات أمام الديموقراطية الوليدة في العراق.
فهذا الرجل، الذي قاد جيش المهدي في انتفاضتين خطيرتين ضد الجنود الأمريكيين في العراق عام 2004، بات يسيطر الآن على 32 مقعداً في البرلمان العراقي، أي ما يكفي لجعله صانع الملوك.
وبالإضافة لامتلاكه رؤية إسلامية لمستقبل العراق، يتخذ الصدر موقفاً معادياً جداً للعراقيين المقربين من الولايات المتحدة، وأبرزهم بالطبع الأكراد العلمانيون وإياد علاوي رئيس الحكومة السابق.
في الوقت الراهن يتخذ مقاتلو الصدر موقفاً هادئاً، لكن هناك اشتباها بتورطهم بعدد من الاغتيالات السياسية المستمرة وأعمال مسيئة اخرى دفعت المسؤولين الامريكيين للتعهد بوقفها. بل ان القوات الامريكية اتهمت الصدر نفسه بالوقوف وراء بعض أعمال القتل في عام 2004، لكنها لم تتقدم بمذكرة اعتقال ضده.
والآن يقول مسؤول غربي يعمل في بغداد: أصبح من الصعب اليوم القيام بأي عمل ضد جيش المهدي مع تولي الجعفري رئاسة الحكومة. فمن الواضح ان الجعفري ما كان ليصبح رئيساً للحكومة لولا تأييد الصدر.
بيد ان ما حدث برأي بعض المحللين، يمثل تحقيقاً لهدف رئيسي امريكي يتمثل في إبعاد الشخصيات الشعبية التي تستخدم العنف - سواء كانت سنية او شيعية - عن ساحة المواجهة، ودفعها للانخراط بالحياة السياسية الديموقراطية.
بل ان نفوذ الصدر الجديد وجذوره الشعبية يمكن ان يساعدا في تحقيق الهدف الأمريكي المتمثل بإقامة حكومة ذات قاعدة واسعة تضم كل فئات العراق ومجموعاته العرقية.
فالمسؤولون الأمريكيون عملوا كثيراً لإدراج العرب السنة، الذين يهيمنون على العمليات المسلحة، في الحكومة.
كما ان السنة اكثر قرباً من الصدر من اقترابهم من منافسيه الشيعة.
ومثل السنة، اعلن الصدر عن معارضته إقامة مناطق حكم ذاتي في العراق، ولو في الوقت الراهن على الأقل. وهو يتفق مع السنة في عدائهم للوجود الأمريكي بل وبعث بعض مؤيديه للقتال الى جانب العرب السنة في الفلوجة عام .2004
هذا الإحساس في التوافق على الهدف ربما يكون اكثر اهمية من الكراهية التي يكنها العديدون من زعماء السنة للجعفري، ويتهمون حكومته بأنها معادية لهم.
بل وحتى بالنسبة لموضوع النفوذ الإيراني فإن موقف الصدر ليس اسوأ من وجهة النظر الامريكية بل ربما افضل من منافسيه الشيعة الذين تولوا الحكم خلال العام الماضي. صحيح ان الصدر زار طهران في الفترة الاخيرة، وأعلن نفسه مدافعاً عنها، إلا ان جزءاً من جاذبيته الشعبية ينبعث من موقفه الوطني البحت.
تاريخ النشر: الجمعة 17/2/2006
بقلم - روبرت ورث تعريب نبيل زلف
نيويورك تايمز
في ساعة متأخرة من ليلة التصويت الحاسمة لاختيار رئيس جديد للحكومة العراقية المقبلة، اتصل احد مؤيدي مقتدى الصدر هاتفياً بشخصية عراقية سياسية بارزة، وأبلغها بنبرة تتسم بالتهديد بأن حرباً أهلية ستندلع بين الشيعة إذا لم يتم اختيار المرشح الذي يفضله الصدر. وبعد أقل من 12 ساعة، ومكالمات اخرى مماثلة مع زعماء شيعة كبار، حقق الصدر ما أراد. فقد خسر المرشح الذي يحظى بتأييد واسع بفارق صوت واحد، وجرى انتخاب ابراهيم الجعفري، الذي يقود الآن الحكومة المؤقتة، ليتولى رئاسة الحكومة المقبلة.
عضو كبير في التحالف العراقي المتحد، الذي يضم تآلفا من أحزاب شيعية رئيسية، علق على ما حدث بالقول: كان انقلاباً مذهلاً.
لكنه كان ايضا لحظة تتويج للصدر، الذي يثير صعوده الى المسرح السياسي الآن، مجموعة جديدة من التحديات أمام الديموقراطية الوليدة في العراق.
فهذا الرجل، الذي قاد جيش المهدي في انتفاضتين خطيرتين ضد الجنود الأمريكيين في العراق عام 2004، بات يسيطر الآن على 32 مقعداً في البرلمان العراقي، أي ما يكفي لجعله صانع الملوك.
وبالإضافة لامتلاكه رؤية إسلامية لمستقبل العراق، يتخذ الصدر موقفاً معادياً جداً للعراقيين المقربين من الولايات المتحدة، وأبرزهم بالطبع الأكراد العلمانيون وإياد علاوي رئيس الحكومة السابق.
في الوقت الراهن يتخذ مقاتلو الصدر موقفاً هادئاً، لكن هناك اشتباها بتورطهم بعدد من الاغتيالات السياسية المستمرة وأعمال مسيئة اخرى دفعت المسؤولين الامريكيين للتعهد بوقفها. بل ان القوات الامريكية اتهمت الصدر نفسه بالوقوف وراء بعض أعمال القتل في عام 2004، لكنها لم تتقدم بمذكرة اعتقال ضده.
والآن يقول مسؤول غربي يعمل في بغداد: أصبح من الصعب اليوم القيام بأي عمل ضد جيش المهدي مع تولي الجعفري رئاسة الحكومة. فمن الواضح ان الجعفري ما كان ليصبح رئيساً للحكومة لولا تأييد الصدر.
بيد ان ما حدث برأي بعض المحللين، يمثل تحقيقاً لهدف رئيسي امريكي يتمثل في إبعاد الشخصيات الشعبية التي تستخدم العنف - سواء كانت سنية او شيعية - عن ساحة المواجهة، ودفعها للانخراط بالحياة السياسية الديموقراطية.
بل ان نفوذ الصدر الجديد وجذوره الشعبية يمكن ان يساعدا في تحقيق الهدف الأمريكي المتمثل بإقامة حكومة ذات قاعدة واسعة تضم كل فئات العراق ومجموعاته العرقية.
فالمسؤولون الأمريكيون عملوا كثيراً لإدراج العرب السنة، الذين يهيمنون على العمليات المسلحة، في الحكومة.
كما ان السنة اكثر قرباً من الصدر من اقترابهم من منافسيه الشيعة.
ومثل السنة، اعلن الصدر عن معارضته إقامة مناطق حكم ذاتي في العراق، ولو في الوقت الراهن على الأقل. وهو يتفق مع السنة في عدائهم للوجود الأمريكي بل وبعث بعض مؤيديه للقتال الى جانب العرب السنة في الفلوجة عام .2004
هذا الإحساس في التوافق على الهدف ربما يكون اكثر اهمية من الكراهية التي يكنها العديدون من زعماء السنة للجعفري، ويتهمون حكومته بأنها معادية لهم.
بل وحتى بالنسبة لموضوع النفوذ الإيراني فإن موقف الصدر ليس اسوأ من وجهة النظر الامريكية بل ربما افضل من منافسيه الشيعة الذين تولوا الحكم خلال العام الماضي. صحيح ان الصدر زار طهران في الفترة الاخيرة، وأعلن نفسه مدافعاً عنها، إلا ان جزءاً من جاذبيته الشعبية ينبعث من موقفه الوطني البحت.
تاريخ النشر: الجمعة 17/2/2006