المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كيف نغلق السماء في وجه الأطفال!



جمال
02-14-2006, 11:56 AM
انيس منصور


هات موقع هيئة الفضاء الأميركية على جهاز الكومبيوتر، وسوف تجد ما يبهرك من المعلومات والصور، ولكن أكثر ما يدعو للإعجاب أنهم جعلوا مواقع للأطفال، أي كيف يقدمون معلومات سهلة عن موضوعات صعبة بحيث تكون في متناول أي طفل، ليس هذا فقط وإنما هناك مستويات للمعرفة:

مثلا إذا أردت أن تعرف الرحلات القادمة على الكواكب الأخرى أو إلى الأقمار حول الكواكب، فسوف تجد أن هناك سلالم للمعرفة، معلومات للأطفال، نفس المعلومات للطلبة، ونفس المعلومات للمدرسين ونفس المعلومات للمتخصصين.. إنها نفس المعلومة ولكن بعبارات مختلفة تبدأ على هذا الشكل للأطفال: هاي أيها الأطفال، نحن نتكلم إليكم من القمر تيتان، والرحلة إليه استغرقت كذا، وكان شكل السماء، وكان شكل الأرض.

بل هناك مواقع للكتب المقدسة، كيف يحكون قصة البشرية، وقصص الأنبياء كلها للأطفال، بالرسوم البسيطة أو بالمكعبات، المهم أن يفهم الطفل وأن يحب المعرفة والقراءة، فإذا أحب المعرفة ووقع في غرام العلم، انفتح الطريق أمام الموهبة.

أذكر ونحن صغار وفي الليالي القمرية كنا ننظر إلى القمر ونرى وجهاً ضاحكاً وكان بعضنا يراه غير ضاحك، وكان علماء النفس يستخدمون هذا الفارق في النظرة إلى شيء واحد، دليلاً على الحالة النفسية للطفل، ونحن أطفال كنا نندهش كيف أن القمر يمشي معنا، أو يجري معنا.

وفي هذا الأسبوع قرأت مرثية للعالم الفلكي البريطاني الكبير سير باتريك مور، يرثي معرض القبة السماوية في لندن الذي حولوه إلى متحف، وبذلك قضوا على أروع متعة تبهر الطفل كما بهرته هو من نصف قرن، فهذه القبة السماوية وما رآه فيها من كواكب وأقمار ونجوم كانت نقطة التحول في حياته، وقد بدأ حياته بالنظر إلى القبة السماوية والبحث عن كتب وشراء تليسكوب خاص، وهو أول من اكتشف أن هناك مسطحات وقنوات جافة على سطح القمر، وأطلقوا اسمه على أحد النيازك.

وكتب الأديب البريطاني كولن ويلسون أحد زعماء مدرسة «الأدباء الساخطين» أن جدته كانت تقضي الليالي في جنوب أفريقيا تتفرج على النجوم، وفي السماء الصافية كانت تمد يدها إلى السماء كأنها تستطيع أن تمسكها، وكانت تنصحه بأنه عندما يكبر ويكون له أولاد لا بد أن يربطهم بنجوم السماء وكواكبها، لأن مستقبل البشرية هناك فوق، وسوف تضيق بنا وتضيق عنا هذه الأرض.

يقول الفلكي البريطاني الكبير سير باتريك مور: إنني حزين جداً لأننا أقفلنا أبواب السماء في وجه أطفال كان من الممكن أن يكونوا علماء عظماء يضعون أصابعهم على أسرار الكون!