المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عطلة عاشوراء.. ضرورة! ......سليمان الفهد



زهير
02-12-2006, 04:24 PM
https://gate.ahram.org.eg/Media/News/2013/6/9/2013-635063919393075855-307_main.jpg


سليمان الفهد - القبس


ما زلت اذكر ذلك اليوم المحفور في الذاكرة، حين يقل كثيرا عدد التلاميذ في الفصول بمناسبة عاشوراء، كنا في مرحلة الدراسة الابتدائية منذ ستين عاما، كانت بعض الفصول ينقصها نصف التلاميذ وبعضها الآخر ثلثهم او ربعهم، كان التلاميذ الغائبون من اخوتنا الشيعة بمناسبة ذكرى استشهاد سيدنا الحسين رضي الله عنه، سبط الرسول محمد خاتم الانبياء صلى الله عليه وسلم، ولم يكن غياب التلاميذ الشيعة يشكل اي مخالفة في نظر الادارة المدرسية، لكونه كان يتم كحق عرفي تقليدي يمارسه التلاميذ الشيعة بمعرفة الادارة وموافقتها، صحيح ان العطلة غير رسمية تشمل كل تلاميذ المدرسة، لكنها عرفية يحظى بها التلاميذ الشيعة فحسب، ولم يكن احد منا - نحن التلاميذ السنة - يتذمر او يبدي اي بادرة احتجاج لكون العطلة خاصة بالتلاميذ الشيعة، وكان بعض التلاميذ المشاغبين يهتبل هذه المناسبة ليغيب عن الدراسة، زاعما انه شيعي صرف، وهو بواقع الحال ليس كذلك.

الحق ان اليوم الدراسي - يومذاك - كان يمر بدون دراسة، كان ناظرنا في مدرسة المرقاب الابتدائية المربي الفاضل الاستاذ عبدالعزيز الدوسري، حازما حاسما يخشاه التلاميذ والمعلمون على حد سواء.

وكان لا يتردد في معاقبة التلميذ الكاذب بواسطة فراشين شداد غلاظ يضعون قدمي المخالف في «الجحيشة»، او «الفلقة»، كما ينعتونها في بعض الاقطار العربية.

كنا نتمنى لو ان ادارة المدرسة صرفتنا وسمحت لنا بالعودة الى منازلنا، ولاسيما ان اليوم الدراسي يضيع ويمضي بدون دراسة حقيقية، وكنا نقوم بضجيج وصخب سعيا الى «لوي» ذراع ادارة المدرسة لترضخ الى رغبتنا في العطلة، لكن مجرد حضور ناظر المدرسة كان يخرسنا في التو والحين، متمنين على الله سبحانه الا يضطر الاستاذ الدوسري الى ان «يجحشنا» جميعا غير عابئ بكثرتنا، وكان مدرس الدين الملا العم ابو يوسف محمد الشايجي، رحمه الله، انسانا سمحا محبوبا مستنيرا، طلق المحيا باسم الثغر، واسع الصدر لأسئلة التلاميذ النزقة ويتصدى بالاجابة عنها وفق مقولة ان لاحياء في الدين، ومن هنا وجدتني يوم العاشر من محرم أتأسى بزملائي التلاميذ الشيعة، وأمنح نفسي اجازة «تضامنية» مع الدكتور «سيف عباس عبدالله دهراب» صديق الطفولة والصبا والشباب، الى حين واتاه الاجل، رحمه الله. امضيت سحابة نهاري في التسكع مع ثلة من التلاميذ السنة الذين اختاروا - هم الآخرون - التأسي بموقفي.

ولم يكن ثمة وسيلة لهو نلعب بها سوى «ساحة الصفاة» نمارس فيها العابنا الشعبية الصبيانية السائدة آنذاك. وحين يحين موعد الانصراف نعود الى بيوتنا ونحن نلهج بالدعاء لسيدنا الحسين - رضي الله عنه، الذي منحتنا ذكرى استشهاده اجازة بدون ان نحتسب!.

في صباح اليوم التالي: كان الاستاذ «الشايجي» يترصدنا امام مدخل المدرسة. وما ان اقتربت وهممت بأن اسلم عليه اذ به يفاجئني بالسؤال: اين كنت يوم امس؟ وبدون تفكير او تلجلج قلت له: كنت في «الحسينية» طال عمرك! قال - ساخرا - تقول حسينية؟ اي حسينية هذه التي تضم واحدا مثلك؟! حسينية «القصيم»؟! حسينية «نجد وبريدة»؟! قلت له - وكأني لقيت لقية: لا هذه.. ولا تلك.. بل «حسينية المرقاب»!

قال - مستفزا - حسينية المرقاب؟! هذه لازم حسينية جديدة انشأها التلاميذ السنة الاشقياء الذين يتهربون من المدرسة، ويسعون الى تبرير غيابهم بالافتراء والكذب ورغم انه يعرف اصلي واهلي وفصلي عن كثب الا انه سألني: سليمانوه، ما هو مذهبك؟! فكرت مليا، ثم قلت له: انا «شني»، ضحك وقال هذه اول مرة اسمع فيها تلميذا يلدغ بالشين! ثم اردف قائلا: قصدك تقول: سني.. بالسين؟! قلتك لأ يا ملانا: قصدي اقولها «شني» بالشين! زادت جرعة السخرية

وهو يسألني: تقول انك «شني» وهو مذهب لم اسمع به قط، اهو مذهب جديد؟!

قلت له نعم: انه - ان صحت التسمية كان بها، وان لم تسمح فإن صدر الكويت الرحب يسمح بحضورها! واستطردنا «سيف عباس والعبدلله - قائلين: إن التسمية من نحتنا، دلالة على اننا واحد، وان فرقتنا الفروع والتفاصيل وتسييس الدين، وتديين السياسة! قال: انتما الاثنان شاطران في دروس الانشاء بخاصة، وفي اللغة العربية والدين بعامة، لذا سوف ابلع مذهب «الشنية» بطيب خاطر.

ثم غادرنا وهو يحدث نفسه: قال «شني» قال.. لعلها من ثمار دروسي في فقه التسامح الاسلامي. وهذا صحيح. واضيف اليه كذلك ان فضاء الكويت الطينية مسور بالتسامح وعدم التشدد! متأسين بقولة الرسول صلى الله عليه وسلم «ان هذا الدين متين فأتوه برفق».

ورغم مرور كل هذه السنوات ما زالت عطلة العاشر من محرم تتم بصورة عرفية كما كان شأنها ايام طفولتنا! والسؤال: لم لا تكون عطلة رسمية تجسيدا لشعار «الأسرة الواحدة»؟ كما تجلى ذلك الشعار فعلا وممارسة ابان الاحتلال في الكويت المحتلة؟

موالى
02-05-2010, 03:42 PM
جزاه الله خيرا

الله يعطيه العافيه

وان كنا سابقا نعارض الاجازة المذكورة الا اننا نطالب بها الآن

yasmeen
07-21-2023, 01:52 PM
الله يرحم الكاتب الساخر سليمان الفهد بواسع رحمته