yasmeen
02-11-2006, 08:06 AM
كتب:علي يوسف المتروك
قبل شهر تقريباً كتبت مقالاً في «الوطن» الغراء بعنوان المباهلة، «اول لقاء بين المسيحية والاسلام»، فاستشهدت بالآية الكرية «فمن حاجك فيه من بعدما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع ابناءنا وابناءكم ونساءنا ونساءكم وانفسنا وانفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين» آية 60 من سورة آل عمران.
كانت السياسة الاموية والعباسية ترى في تعظيم اهل البيت والحديث عنهم واعلاء مكانتهم خطوطاً حمراء، وجريمة لا تغتفر، تطير لها الرؤوس، وتقطع عليها الايدي، والقصة التالية التي تعتبر تكملة للمقال الاول بعنوان المباهلة، تعطيك مثلاً صارخاً على تلك السياسة، فقد قدم الشعبي وهو من كبار فقهاء الكوفة، ومن رواة الحديث، ومن التابعين، على الحجاج يوم عيد الاضحى، فقال له الحجاج:
يا شعبي بماذا يضحي الناس في مثل هذا اليوم، فرد عليه قائلاً: يضحون بما تعارفوا عليه من الاضاحي، فقال: سأضحي اليوم برجل عظيم، فقال له الشعبي: دع عنك هذا يا امير، فنحن في يوم مبارك فقال الحجاج: لابد من ذلك وسترى بأم عينيك ما سأفعل، وامر بإحضار سجين لديه هو موضوع هذا المقال.
دخل الحراس يقودون رجلاً يرسف بالاغلال، واذا به يحيى بن يعمر، وهو قاض مشهور وعالم من علماء البصرة، وفقهائها، فابتدره الحجاج قائلاً له: هل مازلت مصراً على قولك ان الحسن والحسين ابناء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال ابن يعمر: نعم، فقال الحجاج:
ان لم تأتني اليوم بدليل قاطع من القرآن على قولك هذا قتلتك شر قتلة، ولا اريد آية «ابناءنا وابناءكم». بل اريد دليلاً آخر من القرآن، فقال له يحيى بن يعمر: وما العيب في هذه الآية اليست آية في كتاب الله، فقال: نعم هي كذلك، ولكن آتني بغيرها ان كنت تريد النجاة والا قتلتك، فإن اقنعتني بالدليل من القرآن اطلقت سراحك، واعطيتك بدرتين من المال، فقال: نعم يا امير قد قبلت هذا الشرط، فافتتح القرآن على سورة الانعام واقرأ من الآية 82، فقرأ الحجاج «وتلك حجتنا آتيناها ابراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء ان ربك حكيم عليم. ووهبنا له اسحاق ويعقوب كلا هدينا ونوحاً هدينا من قبل ومن ذريته داوود وسليمان وايوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين ثم توقف الحجاج عند هذه الآية، فقال له ابن يعمر:
اكمل يا امير فقرأ الآية 84 وزكريا ويحيى وعيسى والياس كل من الصالحين فسأله ابن يعمر، ان بين عيسى وابراهيم ما لا يقل عن الف سنة، فمن اين دخل عيسى بنسب ابراهيم، وليس له اب، الم يدخل بنسب ابراهيم عن طريق امه مريم، وليس بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين الحسن والحسين الا ابنته فاطمة، فلماذا تشكك في انهما ابناه، فسكت الحجاج بعد ان الجمته الحجة، وامر بإطلاق سراحه،، وامر ان يعطى بدرتين من المال قائلاً: خذهما لا بارك الله لك فيهما، فأخذ البدرتين وذهب الى المسجد ليقسم تلك الاموال بين فقراء المسلمين، وهو يقول خذوا هذه الاموال ببركة الحسن والحسين. ودخل يحيى بن يعمر الى مجلس الحجاج يوماً، وكان الحجاج ضليعاً باللغة العربية، وخطيباً مفوهاً، فقال لابن يعمر: اسمعتني يوماً الحن في القرآن وانا اخطب، فقال له: نعم فتعجب الحجاج وقال له: ويحك! متى كان ذلك؟ فقال له: سمعتك وانت تقرأ هذه الآية وهي الآية 23 من سورة التوبة «قل ان كان آباؤكم وابناؤكم واخوانكم وازواجكم وعشيرتكم واموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها احب اليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره».
وكنت يا امير قد رفعت كلمة احب بدل ان تنصبها، وهي خبر لكلمة كان التي جاءت في اول الآية، فقال له الحجاج: والله لا تساكنني في بلد بعد اليوم، ونفاه الى خراسان.
يأتيني الكثير من التعليقات على بعض مقالاتي في التراث الاسلامي والكثير من القراء يطالبون بالمزيد من هذه المقالات ليطلعوا على هذا التراث بدلاً من ان يكون حبيس الكتب المصفوفة في الارفف، والناس محرمون من الاستفادة منها، وانا بدوري اسأل الله التوفيق للكتابة بما ينفع الناس وينير عقولهم ويجمعهم على كلمة سواء.
تاريخ النشر: السبت 11/2/2006
قبل شهر تقريباً كتبت مقالاً في «الوطن» الغراء بعنوان المباهلة، «اول لقاء بين المسيحية والاسلام»، فاستشهدت بالآية الكرية «فمن حاجك فيه من بعدما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع ابناءنا وابناءكم ونساءنا ونساءكم وانفسنا وانفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين» آية 60 من سورة آل عمران.
كانت السياسة الاموية والعباسية ترى في تعظيم اهل البيت والحديث عنهم واعلاء مكانتهم خطوطاً حمراء، وجريمة لا تغتفر، تطير لها الرؤوس، وتقطع عليها الايدي، والقصة التالية التي تعتبر تكملة للمقال الاول بعنوان المباهلة، تعطيك مثلاً صارخاً على تلك السياسة، فقد قدم الشعبي وهو من كبار فقهاء الكوفة، ومن رواة الحديث، ومن التابعين، على الحجاج يوم عيد الاضحى، فقال له الحجاج:
يا شعبي بماذا يضحي الناس في مثل هذا اليوم، فرد عليه قائلاً: يضحون بما تعارفوا عليه من الاضاحي، فقال: سأضحي اليوم برجل عظيم، فقال له الشعبي: دع عنك هذا يا امير، فنحن في يوم مبارك فقال الحجاج: لابد من ذلك وسترى بأم عينيك ما سأفعل، وامر بإحضار سجين لديه هو موضوع هذا المقال.
دخل الحراس يقودون رجلاً يرسف بالاغلال، واذا به يحيى بن يعمر، وهو قاض مشهور وعالم من علماء البصرة، وفقهائها، فابتدره الحجاج قائلاً له: هل مازلت مصراً على قولك ان الحسن والحسين ابناء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال ابن يعمر: نعم، فقال الحجاج:
ان لم تأتني اليوم بدليل قاطع من القرآن على قولك هذا قتلتك شر قتلة، ولا اريد آية «ابناءنا وابناءكم». بل اريد دليلاً آخر من القرآن، فقال له يحيى بن يعمر: وما العيب في هذه الآية اليست آية في كتاب الله، فقال: نعم هي كذلك، ولكن آتني بغيرها ان كنت تريد النجاة والا قتلتك، فإن اقنعتني بالدليل من القرآن اطلقت سراحك، واعطيتك بدرتين من المال، فقال: نعم يا امير قد قبلت هذا الشرط، فافتتح القرآن على سورة الانعام واقرأ من الآية 82، فقرأ الحجاج «وتلك حجتنا آتيناها ابراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء ان ربك حكيم عليم. ووهبنا له اسحاق ويعقوب كلا هدينا ونوحاً هدينا من قبل ومن ذريته داوود وسليمان وايوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين ثم توقف الحجاج عند هذه الآية، فقال له ابن يعمر:
اكمل يا امير فقرأ الآية 84 وزكريا ويحيى وعيسى والياس كل من الصالحين فسأله ابن يعمر، ان بين عيسى وابراهيم ما لا يقل عن الف سنة، فمن اين دخل عيسى بنسب ابراهيم، وليس له اب، الم يدخل بنسب ابراهيم عن طريق امه مريم، وليس بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين الحسن والحسين الا ابنته فاطمة، فلماذا تشكك في انهما ابناه، فسكت الحجاج بعد ان الجمته الحجة، وامر بإطلاق سراحه،، وامر ان يعطى بدرتين من المال قائلاً: خذهما لا بارك الله لك فيهما، فأخذ البدرتين وذهب الى المسجد ليقسم تلك الاموال بين فقراء المسلمين، وهو يقول خذوا هذه الاموال ببركة الحسن والحسين. ودخل يحيى بن يعمر الى مجلس الحجاج يوماً، وكان الحجاج ضليعاً باللغة العربية، وخطيباً مفوهاً، فقال لابن يعمر: اسمعتني يوماً الحن في القرآن وانا اخطب، فقال له: نعم فتعجب الحجاج وقال له: ويحك! متى كان ذلك؟ فقال له: سمعتك وانت تقرأ هذه الآية وهي الآية 23 من سورة التوبة «قل ان كان آباؤكم وابناؤكم واخوانكم وازواجكم وعشيرتكم واموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها احب اليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره».
وكنت يا امير قد رفعت كلمة احب بدل ان تنصبها، وهي خبر لكلمة كان التي جاءت في اول الآية، فقال له الحجاج: والله لا تساكنني في بلد بعد اليوم، ونفاه الى خراسان.
يأتيني الكثير من التعليقات على بعض مقالاتي في التراث الاسلامي والكثير من القراء يطالبون بالمزيد من هذه المقالات ليطلعوا على هذا التراث بدلاً من ان يكون حبيس الكتب المصفوفة في الارفف، والناس محرمون من الاستفادة منها، وانا بدوري اسأل الله التوفيق للكتابة بما ينفع الناس وينير عقولهم ويجمعهم على كلمة سواء.
تاريخ النشر: السبت 11/2/2006