تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : مطالب الطبطبائي



زوربا
02-08-2006, 03:10 PM
د. شملان يوسف العيسى



النائب المحترم الدكتور وليد الطبطبائي من اكثر النواب تصريحاً للصحافة وأقلهم فائدة أو منفعة للوطن والمواطنين, فهو علمياً متخصص في الشريعة الإسلامية , لكنه يدلي بتصريحات في كل المجالات والتخصصات وكأنه خبير في كل شيء على الطريقة العربية المعروفة.

آخر تصريحات الدكتور النائب مطالبته لرئيس الوزراء القادم بعدم تعيين اصحاب الفكر التغريبي في وزارتي التربية والتعليم العالي ووزارة الإعلام, والسبب ان هؤلاء يحملون فكراً غريباً عن ثقافتنا العربية الإسلامية وان لديهم برامج خارجة عن الهوية والثوابت الوطنية وحذر الطبطبائي رئيس الوزراء القادم من تولي وزارتي التربية والإعلام بعض المنغمسين في مشاريع الجامعات والمدارس الخاصة لدوافع تجارية بحتة.

النائب الطبطبائي كان محقا وصادقاً في مطالبته بعدم تعيين أي وزير ليبرالي تغريبي يحمل افكارا غربية لان الليبراليين ببساطة متناهية يرفضون واقعنا العربي المريض ويدعون إلى كسر الجمود والتغير للأفضل , فالافكار التي ندعوا لها جديدة خاصة بالدين والعالم أو العلاقة بين الدين والمجتمع والسياسة , فنحن نحاول نزع القدسية عن رجال الدين والسياسيين الذين يتاجرون بالدين , نحن ببساطة نحاول تحرير الانسان العربي في الكويت والوطن العربي من هيمنة السلطة ورجال الدين فنحن نحاول تحويل الانسان من رعية خاضع للسلطان إلى ذات حرة ومواطن مستنير حريص على المصلحة العامة وبالتالي يتمتع بالمواطنية والمساواة أمام القانون من دون تمييز أو تفريق.

هذه الأفكار الغربية التي نحملها نحن الليبراليين , غريبة على منطقتنا وعاداتنا وتقاليدنا العربية الاسلامية , فالثقافة الغربية التي نطالب بها ويرفضها السلفي الطبطبائي تدعو في مجملها إلى نشر روح التسامح والعدالة والمحبة والمساواة بين البشر واحترام الآخر مهما كان دينه أو طائفته أو لونه أو جنسيته.

هذه الافكار تهدد ما تدعو له الاحزاب الدينية في الكويت من اخوان وسلف وشيعة وحزب الأمة وغيرهم.
ما طرحه الطبطبائي صحيح, فهو يطرح الصراع بين الاصوليين الذين يمثلهم والعقلانيين الذين يدعون إلى النهضة وتحديث المجتمع والدولة, فالاصولية ترفض كل افكار الحداثة والتنوير والاصلاح في جميع المجالات, فهم يريدون بقاء الإنسان في الكويت يعيش حسب مفاهيم القرون الوسطى, وما نعيشه اليوم هو الظلمة الاصولية وليس الصحوة كما يصر الاصوليون على تسميتها .

اصرار جماعات الاسلام السياسي على ابعاد الليبراليين والعقلانيين عن التربية والاعلام لم يأت من فراغ بل هو عملية مدروسة جيدا لابعاد طلبتنا في التعليم العام عن الافكار المستنيرة التي تحرر الانسان من عبودية رجال الدين التي تعتبر الانسان ضعيفا خائفا مثقلا بالخطيئة الاصلية وغلبة مبدأ الزهد في الحياة الدنيا والقلق على المصير والآخرة بالاضافة إلى ضمور الوعي التاريخي والعلمي والتعلق بالخرافات والمعجزات والتعامل مع المسائل الايمانية كمعطى نهائي جاهز لا يناقش, لا نلوم الطبطبائي في اطروحاته فنحن نحاول تجديد الايمان وتنظيف الدين من الشوائب وهو الشرط الأساسي لتجديد المجتمع.


* أستاذ في جامعة الكويت