المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حكاية «الجينز» بعيون عربية



زوربا
02-08-2006, 02:50 PM
حازم الأمين الحياة - 08/02/06//



ان تتاح لإعلامي او صحافي عربي فرصة تغطية اميركا او تصويرها فهو امر نادر الحدوث في وسائل اعلامنا. لكن «قناة الحرة» اتاحت ذلك للصحافي افرام قصيفي. ربما كانت احدى وظائف «الحرة» وهي تقديم اميركا الى المشاهد العربي، ويبدو ان قصيفي التقط الفرصة على نحو لم يسبقه اليه زملاؤه في القناة او في معظم الأقنية العربية. انها اميركا الشاسعة التي مهما ادعينا معرفتها لا يبقى من ادعاءاتنا سوى اننا لا نعرفها.

في الأسبوع الفائت قدم لنا قصيفي فرصة للتعرف الى اميركا او الى بعضها من خلال حكاية سروال الجينز الذي لشدة بداهة اهترائه على اجسامنا نسينا ان له قصة لم تحكَ لنا نحن المشاهدين العرب من مرتدي الجينز الذين نخجل ان نرتدي سواه. لـ «الجينز» قصة، هي قصة اميركا، وافرام قصيفي رواها لنا على نحو لم يسبق لنا ان سمعناه وألفناه. ان تروى قصة امة او بعض منها من خلال حكاية سروال الينا نحن الذين غالباً ما نبتدئ مروياتنا عن الأمم والدول والمجتمعات بالمعارك الكبرى والإنتصارات والهزائم، أمر جديد علينا كل الجدة.

وحكاية افرام عن اميركا وسروالها الشهير تنتمي الى تلك الخفة والرشاقة التي تليق بأمة بدأت امجادها بأشياء مثل الجينز وغيره. ففي برنامجه «اميركيون» جال قصيفي بنا في كاليفورنيا وتكساس وغيرهما من الولايات. «الجينز» بدأ مع عمال مناجم الذهب بصفته سروالاً يحتمل الأعمال القاسية، وانتقل الى رعاة البقر الذين تحولوا في مرحلة من التاريخ الأميركي الحديث الى نماذج مرصودة للشخصية الأميركية. اختلطت شخصية راعي البقر بشخصية «الويسترن» وفي هذه اللحظة تدخلت هوليوود رافعة «الجينز» الى سوية الزي القومي.

زار قصيفي بكاميرته رعاة بقر حديثين ولكنهم ورثة مزرعة عمرها 180 سنة. حاولوا شرح ماذا يعني لهم انهم سليلو رعاة البقر القدماء، والتقى عمالاً في المزرعة تحدثوا عن «الجينز» الذي مثل بالنسبة اليهم اشياء تتعدى بداهته على اجسامنا نحن الذي نرتديه من دون ذاكرته. تحدث مع سوسيولوجيي ازياء ومخرجين سينمائيين، ورصد دور جماعة الـ «هيبيز» في ستينات القرن الفائت وسبعيناته في اطلاق الجينز، وربطه بدعوات التحرر ومقاومة الفصل العنصري والمساواة. سياقات موسيقية ايضاً تدخلت في اطلاق السروال: الجاز والروك والبلوز وصولاً الى دور «الجينز» في الغاء الفروق بين البيض والسود، وبين الأغنياء والفقراء في أميركا.

كل هذه السياقات قدمت بكاميرا عربية وأعاد تقديمها الينا صحافي عربي، قال لنا ان اميركا ليست سياسة فحسب، انها اشياء اخرى كثيرة، وهي قصة نجاح مدهشة.