المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : طفلك البدين "قنبلة صحية موقوتة".. فكيف تعاملينه ؟



زهير
02-08-2006, 02:38 PM
تناول سعرات حرارية أكثر من المنصرفة يؤدي إلى السمنة


د. عماد صبحي- إيلاف



أصبح الطفل البدين مشكلة حقيقية لدي كثير من الأسر. وتكون الأم هى الطرف الأكثر قلقا ورغبة في حل هذه المشكلة أو القنبلة الصحية الموقوتة. وقد تكون هذه المشكلة من صنع الأم في وقت مبكر من الطفولة, حين كانت تدفع ابنها الى الأكل رغبة منها في أن يتمتع بصحة طيبة تبدو من خلال شكله الممتلئ ووجهه المستدير, أو تكون قد ساهمت في صنعها فيما بعد بمكافأته بالحلويات وغيرها من أنواع الطعام. كما قد يكون المساهم الأكبر هو سهولة حصول الأطفال على المشروبات الغازية وأكياس المقرمشات ورقائق البطاطس عن طريق الشراء المباشر من مصروفهم الخاص, أثناء وجودهم خارج المنزل ومن دون اشراف الأم. وقد يضاف الى ذلك أسلوب تمضية الأطفال لأوقاتهم في مشاهدة التليفزيون وممارسة ألعاب الفيديو. وفي نسبة ضئيلة من الحالات, قد يكون السبب خللاً طبياً في الغدد أو أسباباً جينية أو غير ذلك.

ولكي نعرف البدانة في الأطفال, يجب أن نعرف أن الطفل البدين هو من يزن أكثر من 20 في المئة فوق الوزن المثالي بالنسبة للطول والسن والجنس.

لكن زيادة الوزن المفاجئة أو التدريجية لطفل ينمو وخصوصا قبل وأثناء فترة البلوغ يجب الا تدعو للقلق. فخلال هذه الفترة يزداد احتياج الطفل للسعرات الحرارية, وبالتالي يبدو عليه النمو السريع في الحجم. وهذه الظاهرة لاتعتبر مشكلة ما لم تتعد الزيادة 20 في المئة من الوزن المثالي.

امراض مصاحبة

ومخاطر السمنة لدى الأطفال أنها تشكل مقدمة لعديد من المشاكل الصحية مثل ضغط الدم العالي, والسكر, والسرطان, وأمراض القلب, وتوقف التنفس أثناء النوم, والتهاب المفاصل وأمراض المرارة. وبالاضافة للمشكلات الصحية, فان الطفل البدين قد يعاني من ضعف ثقته بنفسه, اذ قد يعايره أطفال آخرون بسمنته, وقد يستبعد من المشاركة مع فريق في لعبة كرة القدم مثلا.
و الأطفال الذين ينتمون لوالدين أو اخوة زائدي الوزن قد تزيد نسبة اصابتهم بالسمنة. وعلى الرغم من أن مشاكل الوزن توجد في أسر محددة, فان ليس بالضرورة أن يصاب كل أطفال هذه الأسر بالسمنة. صحيح أن العوامل الجينية مهمة لكن يبدو أن العادات الغذائية والحركية المتشابهة لها تأثير أيضا على وزن الأطفال.

وسمنة الأطفال - كما هو الحال في الكبار - تنتج عن تناول سعرات حرارية أكثر من المنصرفة, وذلك عن طريق الأساليب الغذائية غير الصحية, كما قد يشكل التاريخ الطبي للأسرة عاملا هاما كأن يكون الوالدان أو أحدهما سمينا. وقد يكون السبب ناتجاً عن خلل هورموني أو في العمليات الحيوية لجسم الطفل. كذلك فان قلة الحركة عامل مهم في احداث السمنة. وقد يستغرق بعض الأطفال في أكل الحلويات ورقائق البطاطس والنشويات المختلفة كرد فعل لانفعال عاطفي مثل التعرض للضغوط أو الاكتئاب والقلق, وأحيانا في حالات السعادة المفرطة.
وعلاج سمنة الأطفال يبدأ بمعرفة الوزن المثالي الذي يتم تحديده عن طريق معرفة جنس الطفل سنه وطوله.

ومن المهم أن يكون طعام الطفل متوازنا مع الأخذ في الاعتبار وجود فيتامينات ومعادن بنسب كافية. كما يجب أن يتم تشجيع الطفل على شرب المزيد من الماء, وأيضا تشجيعه على التمرينات الرياضية المنتظمة. وهناك نقطة هامة يجب الالتفات اليها وهي تحديد الوقت الذي يقضيه الطفل أمام التليفزيون وألعاب الفيديو, حيث أن ذلك يقلل من حركة الطفل ويجعله خاملا. ويجب أن تراعي الأم في الوجبات الخفيفة التي قد يطلبها الطفل بين الوجبات أن تكون قليلة الدهون والسكريات, كما يجب أن تشجع الطفل على الأخذ بالعادات الغذائية السليمة.

انظمة قاسية

والأنظمة الغذائية القاسية غير صحية بالنسبة للصغار, والحل المثالي هو أن يتم اعطاء الطفل غذاء متنوعاً مثل الخضروات الطازجة, والدواجن والأسماك المشوية, والفواكه ذات السعرات المنخفضة ذات المحتوى الغذائي العالي, مع تقليل حجم الوجبات, وعدم التقليل المبالغ فيه في كمية السعرات المستهلكة لأن ذلك يؤثر في نمو الطفل. ويجب على الأم أن تدرك أن تقليل وزن الطفل ليس سهلا, وعلى هذا الأساس يجب أن تكون متفهمة ومشجعة ومعاونة للطفل في التعامل مع النظام الغذائي الجديد, وأيضا في الالتزام بالرياضة الموصوفة له.

كيف تساعدين طفلك البدين :

كوني عونا له : من أهم الأشياء التي تساعد الطفل البدين أن يعرف أنك تحبينه بصرف النظر عن وزنه. ذلك أن مشاعر الأطفال عن أنفسهم ترتكز غالبا على مشاعر والديهم بالنسبة لهم. ان تقبلك وحبك لطفلك بغض النظر عن وزنه سيجعله أكثر تقبلا لنفسه , وأكثر ثقة في ذاته. من المهم أن تتكلمي مع أطفالك عن أوزانهم, معطية اياهم الفرصة لكي يتشاركوا معك في مخاوفهم وأفكارهم. ان الطفل يعلم أكثر من أي شخص آخر أن عنده مشكلة وزن زائد, ولهذا السبب فان الطفل الزائد الوزن يحتاج الى المساندة والقبول والتشجيع من الوالدين.
ركزي على الأسرة ككل وليس على الطفل البدين فقط : يجب أن لا يفرق الوالدين بين الأطفال بسبب أوزانهم, بل يجب التركيز على تغيير النشاط الحركي للأسرة ككل وعلى تغيير عاداتهم الغذائية بصفة تدريجية. ان هذا التوجه يساعد على تعليم كل واحد من الأسرة العادات الغذائية الجيدة ولا يركز على الطفل البدين بالذات.

طرق بسيطة

- اعملي على زيادة النشاط البدني للأسرة, فمن خلال العادات الغذائية الجيدة, يمكن السيطرة على الوزن الزائد. وهاهي بعض الطرق البسيطة لزيادة النشاط البدني للأسرة :
- كوني نموذجا لاطفالك. عندما يرى الأطفال أمهم تمارس الرياضة وتستمتع بذلك فانهم سيكونون أكثر نشاطا, وسيستمر ذلك معهم كأسلوب حياة.
- ضعي خطة لنشاط الأسرة واطلبي من كل فرد أداء بعض التمرينات التي يحبون القبام بها مثل المشي أو ركوب الدراجات أو السباحة.

- استشعري احتياجات طفلك, اذ يشعر الطفل البدين بعدم الراحة في المشاركة في بعض النشاطات. من المهم أن تساعدي طفلك أن يجد نشاطا بدنيا يبهجه ويجعله يتمتع به بحيث يكون في مقدوره القيام به دون أن يسبب له احراجا.
- قللي قدر الامكان من الوقت الذي تقضيه الأسرة في النشاطات الخاملة وغير البدنية مثل مشاهدة التليفزيون أو ممارسة العاب الفيديو.

- كوني أكثر نشاطا خلال اليوم وشجعي أفراد أسرتك ليفعلوا الشيء نفسه. على سبيل المثال اصعدي السلالم بدلا من استعمال المصعد. علميهم أن يقوموا ببعض النشاط البدني في أي وقت يتاح لهم حتي لو كان المشي في المكان.

- علمي أفراد الأسرة عادات غذائية سليمة : سوف يساعدهم ذلك على التعامل مع الطعام بالطريقة الصحيحة, اذ أن الطعام لازم للنمو كما أنه شيء ممتع أيضا, وهو الذي يمدنا بالطاقة التي تجعلنا نتحرك.

وفي هذا المجال لا تضعي لطفلك نظاماً غذائياً يقيد تناول بعض الأطعمة لكي تجعليه يفقد وزنا الا اذا كان هذا رأي الطبيب ولأسباب طبية. اذ أن تقييد تناول بعض الأطعمة قد يكون ضارا بالصحة ويؤثر على النمو. ولكي نضمن النمو الطبيعي للأطفال وفي نفس الوقت نقيهم من زيادة الوزن فانه يجب أن نقدم للأطفال نوعية واسعة من المواد الغذائية تتضمن البروتينات والنشويات والقليل من الدهون والكثير من الخضروات الطازجة والفواكه كمصادر هامة للفيتامينات والمعادن.

طعام الأسرة

و من الضروري أن تقلل الأم من استعمال الدهون في طعام الأسرة, فتلك وسيلة هامة للتقليل من السعرات الحرارية من دون أن تؤثري على احتياجات طفلك الغذائية. مثال ذلك استعمال الألبان الخالية أو المنخفضة الدسم, وطهي الدجاج بدون الجلد, وشراء اللحم الأحمر بدون دهون. ان مثل هذه الوسائل تؤدي الى التقليل من فرصة زيادة الوزن في الأطفال, مع ملاحطة عدم تقييد استعمال الدهون في اعداد طعام الأطفال دون سن السنتين, على أن يتم تعويدهم تدريجيا بعد هذا السن على التقليل من الدهون في الطعام. كما يجب على الأم أن تضع في اعتبارها أيضا أن تسمح لأطفالها بأكل كل أنواع الطعام بما فيها تلك الغنية بالدهون أو السكريات ولكن بشرط الكمية المناسبة. ويجب أن تظهر الأم بمظهر الموجه للطعام المناسب لابمظهر الدكتاتور الآمر الناهي.

وعلى الأم أن تعلم طفلها أن يأكل ببطء اذ يجعله ذلك يعرف ان كان قد شبع أم لا, كما يجب أن يتعلم الطفل الزائد الوزن أن يأكل مع أفراد اسرته وليس وحده كلما كان ذلك ممكنا, مع ملاحطة أن يكون وقت الطعام ممتعا ومناسبا للأحاديث المرحة وليس وقتا للتأنيب أو المناقشة, حتى لا يربط الطفل بين الطعام والمعاناة النفسية.

ومن المناسب أن تعلم الأم أولادها كيف يشترون الطعام وكيف يحضرونه في المنزل, ويعلمهم ذلك كيف يأكلون أنواعا مختلفة من الطعام قد تكون أكثر فائدة من التي يتعلقون بها. والأم تعلم ان أكل المقرقشات والتسالي ورقائق البطاطس بين الوجبات سبب هام لزيادة الوزن, وبالتالي فعليها اعداد بدائل لذلك مثل اعداد بعض الخضروات الطازجة لتكون سهلة الأكل بين الوجبات.

و تصرفات الأم تكون مثالا وقدوة لأطفالها فلا تأكل أمام التليفزيون مثل, بل تجعل الأكل دائما في غرفة المائدة, ذلك أن الأكل أمام التليفزيون قد يلهي الانسان عن الاحساس بالشبع وبالتالي يقود الى مزيد من الأكل.

وسيلة عقاب

ومن النقاط الهامة في التعامل مع الطفل عموما, والطفل البدين خصوصاً, عدم استعمال الطعام كوسيلة للعقاب أو الثواب. ان منع الطعام عن الطفل كنوع من العقاب يجعل الطفل قلقا من احتمال عدم الحصول على طعام كاف, وهذا يدفع الطفل الى الأكل كلما حانت له الفرصة خوفا من العقاب. وفي الوقت نفسه عندما يكافأ الطفل بطعام, وخصوصا الحلوى فانه يفترض أن هذا الطعام هو أفضل أو أكثر قيمة من الأطعمة الأخرى. وعندما تعد الأم طفلها بطبق من الحلوى لو أكل الخضروات فان الطفل يتلقى رسالة خاطئة عن الخضروات التي تبدو كنوع من المشقة التي يكافأ عن فعلها بتناول الحلوى. وعندما يذهب الطفل لتناول الطعام خارج المنزل أو مع أصدقائه حاولي التأكد من أن الطعام الذي سيتناوله متوازن في كافة المواد الغذائية.

ان الطفل يتلقى التعليم بسهولة, ويتعلم أكثر عن طريق المثل والقدوة, فاجعلي من نفسك قدوة طيبة في تناول الطعام. تناولي أغذية متنوعة, وقومي دائما بممارسة نشاط بدني يجعله يحاول أن يتمثل بك, فيكون هذا أسلوب حياة للطفل ذي الوزن الزائد وعادات غذائية طيبة يستطيع بممارستها أن يحيا حياة صحية طيبة طوال عمره.

الا ان ثمة حالتين خاصتين لابد من الاشارة اليهما وهما الحمل والارضاع. فان الدراسات التي أجريت على الانسان والحيوان أثبتت أن التغذية خلال الحمل تؤثر بالقطع على صحة ونمو الطفل بعد الولادة.

ان وزن الأم أثناء الحمل والزيادة المناسبة فيه وتناولها لكميات مناسبة من البروتينات والسعرات الحرارية والفيتامينات والمعادن هي عوامل مؤثرة في ولادة طفل يتمتع بالصحة والعافية. لكن يجب على الحامل أن تضع في اعتبارها ألا يزيد وزنها في المتوسط عن نحو 11 كيلو غراماً. وفي حال زيادة وزنها عن هذا المتوسط فان الطبيب سوف يوصيها باتباع نظام غذائي يضمن لها كمية مناسبة من البروتين, والفيتامينات والمعادن من دون أن يساهم في تراكم الدهون في جسمها, وغالبا ما يتكون هذا النظام من اللحوم والدواجن ومنتجات الألبان, وكثير من الخضروات الطازجة والفاكهة.

كذلك يجب على الأم المرضع أن تلاحظ التغذية الجيدة أثناء فترة الرضاعة, على الرغم من أن نوعية اللبن لا تتأثر بحالة الأم الغذائية, اذ أن لبنها سيحافظ على نوعيته الجيدة على حساب مخزونها من المعادن والفيتامينات. والمقصود هنا هو الحفاظ على صحة الأم نفسها. لذا يجب أن تتنبه الأم المرضع لأهمية تناول السوائل بكثرة, والأغذية الغنية بالكالسيوم مثل اللبن ومنتجاته, والمواد البروتينية, والسعرات الحرارية باعتدال, كما ستلاحظ أن جسمها يفقد بعضا من دهونه خلال فترة الرضاعة.
ان وعي الأم الغذائي أثناء الحمل, وخلال الرضاعة, ثم خلال مرحلة الطفولة والنمو, وقدرتها على ضرب المثل في اتباع عادات غذائية وحركية سليمة لكل أفراد العائلة هو سبيل الوقاية, والعلاج, لمشكلة الطفل البدين.