المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الشيعة في لبنان من المقاومة ضد إسرائيل إلى الدفاع عن سورية...



سلسبيل
02-07-2006, 10:21 AM
الإجماع الناقص والمواجهة الفائضة


http://www.alraialaam.com/07-02-2006/ie5/rai7.jpg


بيروت ـ من عباس صباغ

افضت التطورات الدراماتيكية ـ العاصفة التي شهدها لبنان على مدى عام تقريبا الى بروز ما يوصف بـ «الحالة الشيعية» التي تعتبر الآن احد ابرز «العلامات الفارقة» في الوضع اللبناني.

فبعد اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري في 14 فبراير الماضي وانفجار المعارضة العارمة لسورية تحول الشيعة رأس حربة في الدفاع عن سورية في التظاهرة الشهيرة المعروفة بـ «تظاهرة 8 مارس»، والتي اعقبت بتظاهرة ضمت السواد الاعظم من الطوائف الاخرى وعرفت بـ «تظاهرة 14 مارس» وشكلت ما امكن وصفه بـ «انتفاضة الاستقلال» التي تقاطعت مع عوامل اخرى لتفرض على الجيش السوري انسحابه من لبنان اواخر ابريل الماضي.
وفي الانتخابات النيابية «توحد» الثنائي الشيعي المتمثل بحركة «امل» التي يتزعمها رئيس البرلمان نبيه بري و«حزب الله» وحصدا غالبية المقاعد النيابية لـ «الشيعة» الذين شاركوا في اول حكومة بعد الانسحاب السوري من لبنان بـ «اصطفاف واحد» قبل ان يقوموا اخيراً بتعليق مشاركتهم في الحكومة اثر صراع مع الآخرين بشأن اكثر من قضية.

وبدا من خلال المشهد السياسي على مدى عام من التطورات البالغة الحساسية في لبنان ان «الشيعية السياسية» خارج انتفاضة الاستقلال واكثر التصاقاً بسورية، وهو ما انفجر اخيراً على شكل «اعتكاف» (انتهى منذ ايام) عن المشاركة في جلسات مجلس الوزراء، بسبب صراع يتصل في العمق، في الموقف من سورية والعلاقة مع نظامها، اضافة الى عناوين اخرى كالمقاومة و«الوصاية الاجنبية» وما شابه.

هذا الواقع طرح إشكاليات خطرة تعبر عن نفسها بمناقشات حامية في بيروت تحت «يافطات» الاجماع الوطني، الواقع الطائفي، الولاء، السيادة، المقاومة ,,.

والاكثر اثارة في هذه المناقشات ان الشيعة لم يشكلوا «طائفية» في تجربة الحرب الاهلية، ولم يكونوا اطرافاً في تلك الحرب في وقت مبكر على غرار الآخرين، وهم اختاروا المقاومة في مرحلة لاحقة بعد الاجتياح الاسرائيلي للبنان عام 1982 , كانوا في السبعينات اشبه بـ «البنى التحتية» لليسار، ومن ثم اخذهم الامام موسى الصدر الى مقاومة الحرمان قبل ان يجري تغييبه، واخذهم الاحتلال الاسرائيلي الى المقاومة التي نجحت في إلحاق الهزيمة باسرائيل واجبارها على الانسحاب في مايو من العام 2000.

المأزق الحالي في تجلياته الشيعية يعود الى ما بعد التحرير، اي الى الموقف من مسألة السيادة التي انفجرت في وجه سورية، ومن ثم اخذت شكل الانتفاضة في اعقاب القرار السوري القسري بالتمديد لرئيس الجمهورية اميل لحود وبعد اغتيال الرئيس الحريري.
هذه «الحال الشيعية» في مفارقاتها كانت محور «استطلاع» لـ «الرأي العام» شمل ثلاث شخصيات شيعية متعددة الاتجاه، في محاولة لتظهير صورة اكثر اكتمالاً.

عضو المجلس السياسي في «حزب الله» غالب ابو زينب لخص الاسباب التي حالت دون اشتراك الشيعة في الحرب الاهلية في عدم تشكل حال شيعية متكاملة، وانخراط قسم من الشيعة في الاحزاب اليسارية والفصائل الفلسطينية، إضافة الى تداعيات الاحتلال الاسرائيلي للمناطق الجنوبية ذات الغالبية الشيعية ، وبالتالي، التوجه الى مقاومة اسرائيل, وقال:

«خلال الحرب الاهلية لم تظهر حالة شيعية، بالمعنى الدقيق للكلمة، نظراً الى توزع الثقة على الاحزاب اليسارية، وكذلك الفصائل الفلسطينية، عدا عن الحال التي شكلها السيد موسى الصدر الذي رأى في الحرب الاهلية مؤامرة على لبنان، لانها تمس صميم العيش المشترك وعبّر عن هذا الموقف عبر اعتصامات دعا اليها، واثبتت الايام انه كان يملك بُعد نظر في مقاربة الوضع اللبناني», واضاف ابو زينب ان نقطة التحول الاساسية كانت العام 1982 مع الاجتياح الاسرائيلي، وحصار بيروت، وإجبار منظمة التحرير الفلسطينية على مغادرتها، مما انعكس سلباً على الاحزاب اليسارية ,,, وفي هذه الفترة ظهر النبض الثوري الشيعي على وقع انتصار الثورة الاسلامية في ايران من جهة، وتداعيات الاحتلال الاسرائيلي للمناطق الجنوبية من جهة اخرى، مما دفع الشيعة الى التوجه نحو مقاومة الاحتلال، وتبلور تالياً التشكيل الشيعي للمقاومة في منتصف الثمانينات.

وتجدر الاشارة انه بعد اتفاق الطائف تراجع دور الاحزاب اليسارية في المقاومة، ومع الانتخابات النيابية (العام 1992) تكرس الحلف بين قطبي الطائفة الشيعية اي حركة «امل» و«حزب الله».
من جهته، رأى الكاتب السياسي محمد حسين شمس الدين ان الشيعة رغم رفضهم الحرب الاهلية، انخرطوا فيها عبر حركة «امل» منذ العام 1982 من دون ان يتخلوا عن مطلبهم التاريخي المتعلق رفع الحرمان عنهم, وبالتالي، انصافهم ومساواتهم ببقية الطوائف اللبنانية، وقال:

«عند اندلاع الحرب الاهلية لم تشارك فيها القوى التي احتكرت لاحقاً التمثيل الشيعي، وهذا ما عبر عنه السيد موسى الصدر الذي دعا الى وقف العنف من جهة، وتمسك بمطلب الشيعة التاريخي اي ازالة الحرمان من جهة اخرى، مع التذكير بان الشيعة شكلوا العصب الاساسي للاحزاب اليسارية التي خاضت الحرب», واضاف شمس الدين ان الموقف الشيعي استمر ضمن مساره التقليدي ضد الحرب حتى العام 1982، عندما انخرطت حركة «امل» في المعارك الداخلية، رغم انها كانت على مسافة من «الحركة الوطنية»، وسيطرت على الضاحية الجنوبية لبيروت، اضافة الى حربها ضد الفلسطينيين (في منتصف الثمانينات) وصولاً الى مواجهتها «حزب الله» وغيره من الاحزاب ,,, الا ان «حزب الله» لم يدخل في الحرب الاهلية في شكل مباشر وتوجه الى محاربة اسرائيل».

اما أستاذ علم الاجتماع في الجامعة اللبنانية الدكتور طلال عتريسي فلم يخالف الرأي القائل بعدم مشاركة الشيعة في الحرب، الا انه حمّل ما سماه الاقطاع السياسي الشيعي مسؤولية إعاقة اندماج الشيعة في الدولة قبل الحرب، وقال: «لم يكن الشيعة الطرف الاساسي الذي ادى دوراً مباشراً في تفجير الحرب، لان المعادلة القائمة آنذاك كانت تقوم على مواجهة الوجود الفلسطيني المتحالف مع الحركة الوطنية، من جانب الاحزاب المسيحية وبالتالي، لم تظهر مصلحة مباشرة للشيعة بالمشاركة في الحرب».

وذكر عتريسي بنشاط الصدر خلال الحرب وانصرافه الى تشكيل المقاومة من اجل حماية الجنوب اللبناني من الاعتداءات الاسرائيلية، وكذلك توجسه من فرض سيطرة الفصائل الفلسطينية واليسارية على تلك المنطقة, واوضح عتريسي ان مطلب الشيعة الاساسي كان ان يصبحوا مواطنين داخل الدولة، اي ان يعطوا حقوقهم اسوة بالآخرين، واراد الصدر جعل الشيعة حركة اعتراضية داخل الوطن، في مواجهة الاقطاع السياسي الذي شكل عقبة اساسية امام اندماج الشيعة في الدولة».

واعتبر عتريسي ان التحول الكبير في الوضع الشيعي وتخلّصه مما أسماه عبء الوصاية يعود الى اسباب عدة ابرزها: حركة السيد الصدر، وتجربة الثورة الاسلامية في ايران، بالاضافة الى تدفق اموال المهاجرين الشيعة الذين ساهموا في تعزيز النهضة التعليمية والاجتماعية في صفوف الشيعة وبالتالي تحررهم من «الوصاية» التي استمرت عقوداً.


الاجماع الوطني
لا شك في ان هذا المصطلح ليس جديداً على الحياة السياسية اللبنانية، لكن استخدامه في الفترة الاخيرة اوحى ان الشيعة خارج هذا الاجماع الذي شكلت قوى 14 مارس محوره الاساسي.

فمنذ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في 14 فبراير الماضي، بدا الشارع اللبناني منقسماً بين طرفين اساسيين: الاول تمرّد على الوصاية السورية ويدعو الى تغيير الواقع عبر الافادة من الدعم الدولي، اما الثاني فيدعو الى الحفاظ على هذا الواقع، ويحذر من وصاية دولية جديدة تحل محل الوصاية السورية, والسؤال: هل سينحاز الشيعة الى ما يسمى الاجماع الوطني، كما تطالبهم قوى 14 مارس؟

ابو زينب توقف عند الوصف السائد في لبنان بشأن الاجماع الوطني، واعتبر انه يحمل في طياته مغالطات سياسية كبيرة وقال: «ان هذا المصطلح حديث العهد، ويعود الى الفترة التي تلت استشهاد الحريري، وما خلّفته من تداعيات سياسية، علماً ان مكونات الاجماع الوطني تم الاتفاق عليها في الطائف الذي وافق عليه معظم الاطراف اللبنانيين بمن فيهم حركة «امل» و«حزب الله» مع التذكير بان الاخير ابدى بعض الملاحظات على الطائف، ورغم ذلك انخرط في العملية السياسية، وخاض الانتخابات النيابية (منذ العام 1992)، ولم يصدر عنه اي تصرف يجعله خارج حال السلم الاهلي، لما يوفره الاستقرار الداخلي من دفع للمقاومة».

وسأل ابو زينب «ما هو المشروع السياسي الذي يريد البعض من الشيعة ان يلتحقوا به، ليصبحوا جزءاً من الاجماع الوطني المزعوم؟ اننا نرى ان المسألة تكمن في الخيارات السياسية التي هي موضع خلاف، لانه لا يمكن للقوى السياسية ان تتماهى في السياسة عموما, تدعونا قوى 14 مارس الى تبني وجهة نظرها السياسية، في وقت لدينا ـ كقوى 8 مارس ـ نظرة سياسية اخرى، الا ان هناك تعمية سياسية في لبنان عبر القول ان قوى 8 مارس تمثل الشيعة فقط، في حين انها قوى سياسية من مختلف الطوائف، اضافة الى احزاب مثل «القومي»، و«البعث»، و«الناصري» وغيرها».

واذ لا يخفي ابو زينب ان الثقل الجماهيري هو للمقاومة التي تستطيع استقطاب الانصار والداعمين، اعتبر شمس الدين ان الشيعة عزلوا انفسهم بارادتهم وقال: «الكلام عن ان الشيعة خارج الاجماع الوطني خبيث، لأنه يختزل الشيعة في موقف سياسي للقوتين الاساسيتين «حزب الله» و«امل»), واكد ان «الطائفة الشيعية بادرت الى تمييز نفسها عبر موقفها من الانسحاب السوري من لبنان وخرجت في تظاهرة الوفاء والشكر لسورية في 8 مارس، وبالتالي عزلت نفسها بارادتها ولم تبادر قوى 14 مارس الى ذلك».

واضاف شمس الدين ان «هذا التباين يطرح السؤال عن تقبل الفريق الشيعي وخصوصاً «حزب الله» للطائف الذي تتمسك به قوى 14 مارس، والذي لم تطبق كل مندرجاته حتى اليوم في ظل سكوت الشيعة، وسلوكهم يوحي ان تطبيق الطائف يؤدي الى خسارة الفريق الشيعي.

اما عتريسي، فدعا الى شرح مصطلح الاجماع الوطني وقال: «هذه مقولة غير دقيقة، ويجب شرح معنى الاجماع الوطني، وما اذا كانت حماية لبنان من الاخطار الخارجية محل اجماع، اضافة الى الاتفاق على هوية صديق لبنان، او عدوه, وقال «لا نعرف اذا كان العماد ميشال عون، رئيس كتلة الاصلاح والتغيير النيابية، والنائب السابق سليمان فرنجية وجمهوره، والرئيس عمر كرامي وآخرون داخل هذا الاجماع, وبالتالي، ليس الشيعة وحدهم خارج هذا الاجماع الذي يعبر عن خط سياسي مرتبط بالتغيير الحاصل في المنطقة من اجل نقل لبنان الى سكة جديدة تتناسب مع المعطيات الاقليمية التي تقودها الولايات المتحدة».
العلاقة مع سورية

رغم ان القوات السورية دخلت لبنان في حمأة الحرب تحت غطاء عربي ودولي وضمن قوات الردع العربية، من اجل وقف الاقتتال الداخلي، الا انها تحولت طرفاً في الحرب على اكثر من جبهة، وشرعت في نسج خيوط مع الاطراف اللبنانيين، واحياناً مع الطوائف من اجل تحقيق مصالحها، وتكرس النفوذ السوري بعد توقيع اتفاق الطائف (1989)، وكان من الطبيعي ان تعمل معظم الاطراف على الافادة من هذا النفوذ ولو بنسب متفاوتة، على حساب هيبة الدولة.

وفي هذا السياق، تميزت العلاقة الشيعية السورية، وخصوصاً ان دمشق كانت الداعم الاول للمقاومة الاسلامية التي تمكنت من تحرير الجنوب اللبناني في مايو من العام 2000 .
ولم ينف ابو زينب ان سورية افادت من المقاومة، والاخيرة تلقت دعماً قوياً منها واشار الى انه «خلال الوجود السوري في لبنان افادت سورية من كل الواقع اللبناني وليس فقط من المقاومة، علماً ان الاخيرة شكلت بعداً استراتيجياً ليس لسورية فقط، بل ايضاً للفلسطينيين، وهذا يدخل في البدهيات، وفي المقابل حقق معظم الاطراف اللبنانيين مصالحهم من خلال الوجود السوري، ولكن المقاومة جيّرت هذه الفائدة من اجل مقاتلة العدو الاسرائيلي.

ورأى ابو زينب ان «الخلاف الاساسي اليوم يكمن في دعوتنا لمقاتلة سورية واعتبارها عدواً، وبالتالي تغيير وجهة بندقيتنا، وهذه الدعوة تلتقي مع المواقف الاميركية، ويا للاسف مع تصريحات بعض النواب اللبنانيين, هذا الاداء يجعل من سورية عدواً، لكننا سنتصدى له لانه لا يمكن مقاربة الامور مع دمشق عبر هذه الطريقة ولذلك نتهم اننا خارج الاجماع الوطني».

وجزم ابو زينب ان «حزب الله» سيكون له موقف ضد سورية اذا اثبت التحقيق الواضح والمستند الى ادلة قاطعة تورطها في اغتيال الحريري، واستغرب عدم توجيه اصابع الاتهام الى اسرائيل التي اقترفت الاعمال الارهابية في لبنان, وفي الوقت نفسه، اصرّ على افضل العلاقات بين لبنان وسورية على اساس الندية وعلاقات التاريخ والجغرافية.

في المقابل، رأى شمس الدين ان الطائفة الشيعية اسدت خدمات لسورية وايران في استراتيجيات التفاوض في المنطقة، وخصوصاً ان سورية اقصت كل الاحزاب عن المقاومة منذ العام 1989، مما جعل «حزب الله» يتفرد في المقاومة في ظل غياب اي قوة قادرة على القيام بهذا الدور الذي استمر حتى العام 2000. وذهب شمس الدين ابعد من ذلك وقال:

«ان الفريق السوري في لبنان رفض الانسحاب الاسرائيلي من الجنوب، لان ذلك سيفقد سورية الورقة اللبنانية، بعدما فقدت كل الاوراق الاخرى ولم يبق في يد سورية، الا ورقة المقاومة، وهذا ما دفعها الى التمسك بها، خصوصاً بعدما جمّدت تطبيق اتفاق الطائف وامسكت بكل مفاصل الحياة السياسية والاقتصادية اللبنانية, وبعد التحرير في العام 2000 رفض «حزب الله» اعادة انتشار الجيش السوري، وكذلك ارسال الجيش اللبناني الى الجنوب واصرّ على الاستمرار في المقاومة بذريعة استمرار احتلال اسرائيل لمزارع شبعا من جهة، ووجود اسرائيل التي تشكل تهديداً للبنان من جهة اخرى، وهذا الموقف يتطابق مع الموقفين السوري والايراني».

من جهته، اعتبر عتريسي ان الطوائف الاخرى افادت من الوجود السوري في لبنان اكثر من الشيعة وقال: «بعد انتهاء الحرب، ودخول البلاد ما سُمي مرحلة النفوذ السوري، لم تكن العلاقات السورية الشيعية خاصة واستثنائية، بخلاف العلاقات السورية الدرزية مثلاً، التي افاد منها الزعيم الدرزي النائب وليد جنبلاط خلال الحرب وبعدها، لتكريس زعامته على الجبل الدرزي، وفي المقابل افادت سورية من المقاومة الاسلامية خلال التفاوض (مع اسرائيل) وهذا امر طبيعي ينطلق من تقاطع المصالح، علماً ان «حزب الله» اعلن مراراً انه في امكان الجميع الافادة من انجازات المقاومة، ويجب التذكير بان سورية دعمت المقاومة التي حررت معظم الاراضي اللبنانية، وسجلت اول هزيمة لاسرائيل».

المشروع الخاص
قبل الحرب، لم تنل الطائفة الشيعية حقها داخل الصيغة السياسية للنظام اللبناني، وتمثلت الاشكالية في سيطرة ما سمي الاقطاع الشيعي على قرار الطائفة, ولذلك، اقلقت حركة السيد موسى الصدر هذا الاقطاع، وكذلك الاحزاب اليسارية التي كانت تسعى الى توسيع قاعدة نفوذها داخل الطائفة عبر اجتذاب النخب السياسية والثقافية الشيعية, لكن القرار الشيعي في مرحلة الوصاية السورية صار حكراً على حركة «امل» و«حزب الله».

ووسط هذا المشهد هل لدى الشيعة مشروعهم الخاص في لبنان ام انهم جزء لا يتجزأ من مشروع الدولة؟

ابو زينب اكد ان الشيعة في صلب مشروع الدولة، وينادون باعادة بناء المؤسسات تطبيقاً للطائف وقال: «نحن في عمق مشروع الدولة وجزء من الحركة السياسية الداخلية، وفي حال العكس لا نكون داخل البرلمان والحكومة، ولا ندافع عن الاراضي اللبنانية ونقدم الشهداء, وخلافنا مع الآخرين ليس على لبنان، بل على وصفهم للتدخل الاميركي والفرنسي في شؤونه الداخلية والذي نضعه في خانة الوصاية التي تحاول ان تتجذر، لكننا سنقطع يدها، اضافة الى انهم يريدون منا ان نعادي سورية».

لكن شمس الدين اعرب عن اعتقاده ان الشيعة ضد مشروع الدولة ورأى «ان الموقف الشيعي الراهن، يتعارض مع مشروع الدولة، لان استمرار الاحتفاظ بالسلاح يعني الوقوف في وجه قيام الدولة من جهة، وعدم العودة الى اتفاق الطائف من جهة اخرى، نافيا وجود مشروع خاص عند الشيعة, واوضح شمس الدين ان هناك تجاذبا سياسيا بشأن احجام القوى السياسية التي تتماهى مع طوائفها، وتنطق باسمها، وتسعى الى زيادة حصتها تحت شعار الطائف، وما يقوم به «حزب الله» وحركة «امل» اليوم، يشبه ما قامت به «القوات اللبنانية» خلال الحرب، عندما اعتبرت نفسها الممثل الوحيد للمسيحيين، ولدى خسارتها بدا كأن المسيحيين هم الذين خسروا وشهدنا لاعوام مرحلة الاحباط المسيحي، واحتاج المسيحيون الى اعوام عدة للخروج، مما سمي الاحباط، وعلى ممثلي الشيعة الا يكرروا هذا السيناريو, وبالتالي يحتجزون الطائفة من اجل مصالحهم الخاصة.

وجزم شمس الدين ان الشيعة اخذوا ما يناسب حجمهم الديموغرافي والسياسي في الطائف، مستشهداً بما قاله الرئيس السابق للمجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الامام الراحل محمد مهدي شمس الدين «ان الطائف الغى نهائياً مقولتي الغبن والحرمان الشيعي، ولم يعد لدى الشيعة اي مطلب خاص بهم».

في المقابل، اصرّ عتريسي على ان الشيعة لا يريدون تحويل لبنان الى وطن «شيعي» لانهم يعتبرونه وطناً نهائياً, وبالتالي، ليس لديهم مشروع خاص بهم، وقال: «هناك توجس شيعي من السياسات الملحقة والخاطئة التي تتبعها قوى 14 مارس، وهذا يشكل استفزازاً للفريق الشيعي، واعتقد ان قادته لا يزالون قادرين على ضبط السلوك الشعبي ولا يريدون الانجرار الى اي مغامرة، وخصوصاً انهم على خط المواجهة مع المشروع الاميركي والاسرائيلي في المنطقة».