المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : موعد مع التاريخ!......محمد عبدالقادر الجاسم



زوربا
02-04-2006, 09:02 AM
محمد عبدالقادر الجاسم


... ومن هذا المنطلق فقط اقول ان الكويت "ربما" تكون على موعد مع التاريخ... موعد "تفرضه ظروف" الأيام السابقة أكثر مما "يصنعه أشخاصها".

لقد انتهت "قائمة الأعذار" وحلت محلها "قائمة الاختبار". وسوف نعتبر اختيار الوزراء هوالاختبار الأول... فإما مستقبل واعد أو نبقى على "طمامنا". أما اذا كان "فتح الباب" هو استمرار الحكومة الحالية أو حكومة تتشكل بنفس معايير الحكومات السابقة فلا نملك إلا ان نردد القول المشهور لسعد زغلول!!

عموما, منذ وفاة الشيخ عبدالله السالم عام 1965 وحتى يوم تنحية الشيخ سعد العبدالله السالم, "تحكم" في الكويت عاملان داخليان اضافة الى عوامل خارجية. والأخيرة ليست محل اهتمامي في هذا المقال.

لقد تحكمت "حساسية" الشيوخ من الدستور والمشاركة الشعبية والحريات السياسية وكل ما يتعارض مع الحكم الفردي, تحكمت في وضع البلاد, فكانت محاولات "تحجيم" الدستور أو"تعديله" أو"وقف" العمل به أو "تطويعه" أو "تليين" مواقف من يعارض التفرد في السلطة هي الشغل الشاغل لهم, ولا اظن انني بحاجة الى تقديم دليل, فالتاريخ والحاضر يشهدان على ذلك "براحتهم"!!

أما العامل الثاني الذي تحكم في وضع البلاد فقد "كان" تنافس الشيوخ وتحزبهم وخلافاتهم التي انعكست على كافة قطاعات المجتمع الكويتي سواء في العمل السياسي أوفي العمل التجاري أو في المجال الرياضي بل وحتى الاجتماعي لم يسلم من نتائج تلك الخلافات.

اليوم انتهت خلافات الشيوخ, أو هكذا يفترض, واصبح لديهم "مرجعية" واحدة, ومن المفترض ان تختفي مع نهاية خلافاتهم كل "افرازاتها"... فهم ليسوا في حاجة بعد الآن لحشد الاتباع ولا لاستقطاب القوى السياسية او النواب ولا الصحافة ولا اختيار من تسند لهم المناصب على اساس الولاء الشخصي ولا لشراء الولاءات عموما.
باختصاراقول لهم: لقد انتهت "الحفلة" ولستم في حاجة الى "العدة" ولابد من "تسكير الحنفية"!!

ان لدينا تمنيات يأتي في مقدمتها التزامكم بنصوص الدستور والقانون دوما لا "عند الحاجة" فقط... أن تلتزموا بنصوص الدستور بمعانيه ومراميه.. بأهدافه وغاياته. كما نريد "تنقية" العمل السياسي من كل ما لحقه من دمار وتخريب وإفساد ارتبط بخلافاتكم... نريد إعادة الاعتبار لمجلس الأمة... نريد التوقف عن "المزاد السياسي"... نريدكم ان تمتنعوا عن التدخل في الانتخابات البرلمانية فقد انتفت المبررات الأساسية لذلك التدخل... نريد تطهير القوى السياسية مما لحقها... نريد اصلاحا حقيقيا لا تطبيلا ولا نفاقا... نريد للكفاءات الكويتية المخلصة ان تأخذ مكانها الطبيعي في القيادة بديلا عن "المتنفعين" من أصحاب الابتسامات الصفراء!

لقد تحررتم ومعكم الكويت من سطوة خلافاتكم التي عطلت تنمية البلاد وحرفت استخدام طاقاتها ومواردها, لذا عليكم استغلال هذه "التحرر" لمصلحة الكويت كلها لا لمصلحة اشخاص.

لدينا تمنيات "بضبط" التنافس القادم بين شبابكم وتحويله الى تنافس يخدم مصلحة الكويت ولا يضر بها... تنافس يدفعكم لتقديم افضل لا اسوء ما لديكم لبلادكم... لا نريد للتنافس القادم ان يخرج عن السيطرة خاصة بعد غياب شيوخ الصف الأول.

لا اعلم من هو رئيس الوزراء الجديد, لكنني اتمنى ان كان هو الشيخ نواف الأحمد أن يدير حكومته وشؤون البلاد "بالاستقلالية" التي تتناسب مع منصب رئيس وزراء, لا نريد رئاستين واحدة رسمية وأخرى فعلية, كما لا نريد لأحد آخر" من عيالكم" ان يدير الدولة باسم الشيخ نواف. أما ان كان رئيس الوزراء القادم هو الشيخ الدكتور محمد الصباح, او حتى لو منح منصب متقدم, فإننا نتمنى ألا يكون هو "الضحية السياسية" القادمة! وعلى الشعب الكويتي ان يكون واعيا منذ البداية وان نتدخل قبل استفحال الأمر لا بعد تحكم الصراع.

لقد قلت مرارا ان الظروف الداخلية والخارجية تكاد تكون مثالية بالنسبة للكويت فلا مخاطر خارجية ولا نزاعات داخلية وانتهت قصة الخلافة وبرميل النفط الكويتي يباع بأكثر من خمسين دولار وننتج اكثر من مليوني برميل يوميا, فماذا نحتاج كي "نبدع" في ادارة شؤوننا غير الأمانة والكفاءة؟

لقد برز دور الأسرة الحاكمة بكل فروعها في موضوع تنحية الشيخ سعد والالتفاف حول صاحب السمو الشيخ صباح, ويفترض ان ذلك الالتفاف كان "مناسبة سياسية" لا اجتماعية, لذلك يجب ان يتواصل هذا الدور في اطار التشاور ونصح الحاكم. ان منع انحرافات الوزراء الذين يمثلون الأسرة الحاكمة مهم جدا كي لا ترتبط سمعة الأسرة كلها بسمعة أفراد منها لا يتورعون عن الإساءة اليها والى بلدهم من خلال "النهب المنظم" أو من خلال تسخير مناصبهم العامة لمصالحهم الخاصة!

اننا نمر في عهد جديد بلا شك.. لكننا لا نعلم بعد ماهو الجديد فيه عمليا. ان تمنياتنا السابقة هي التي نود لو تكون جديد هذا العهد.

ومن يدري فربما "تخدمنا" ظروف انتقال الحكم في تحويل امنياتنا الى واقع. ففي التاريخ مواقف كثيرة يجد المرء نفسه فيها, أيا كان موقعه, مجبرا على السير في مسارات تختلف تماما عن مساراته السابقة, بل قد تجبره الظروف على التخلي عن كل قناعاته ويعمل وفق قناعات مناقضة لما "يؤمن" به ولما كان يخطط له طوال حياته. ومن هذا المنطلق فقط اقول ان الكويت "ربما" تكون على موعد مع التاريخ... موعد "تفرضه ظروف" الأيام السابقة أكثر مما "يصنعه أشخاصها".





30/1/2006