المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خدع المزادات البريطانية ساهمت في بيع العقارات غير الجذابة



فاطمي
01-30-2006, 07:57 AM
التقديرات وهمية والأسعار فوق معدل السوق أحيانا


منذ سنوات قليلة كانت المزادات تستخدم فقط في بيع العقارات غير الجذابة، التي يصعب تقييمها. فكانت العقارات التي تعاني من مشاكل هيكلية، او تلك التي تقع في مناطق مزعجة بالقرب من الخطوط الحديدية او الطرق السريعة، تأتي للبيع السريع بالمزاد، لكن المزادات الآن ابتعدت عن هذا النطاق الضيق وفتحت ابوابها للعقارات الجيدة، ايضا التي تعرض للبيع السريع، لكن مَن يذهب الى المزادات وهو يأمل في الفوز بعقار جيد بمبلغ بسيط، عليه ان يراجع حساباته جيدا لأن الاسعار التي تقدمها المزادات كمؤشر لاسعار العقارات، ما هي إلا اسعار وهمية تقل كثيرا عن الاسعار الحقيقية التي يرسو عليها المزاد، وتباع بها العقارات في النهاية.

في مزاد اقيم أخيرا في لندن لبيع 110 عقارات، بيع 88 عقارا منها بأسعار اعلى من مؤشر السعر المطلوب. من هذه العقارات كانت شقة صغيرة في منطقة ايرلزكورت غرب لندن، وضع عليها دليل العقار مؤشر سعري يتراوح بين 150 و175 الف جنيه استرليني، لكنها بيعت في المزاد بسعر بلغ 640 الف استرليني.

وقد يحتاج مثل هذا الامر الى تفسير، فهل خبراء العقار مخطئون في تقديراتهم، ام ان صراع المشترين على الصفقات يذهب الى حدود خيالية؟ هل انتهى زمن الحصول على صفقات جيدة في المزادات؟ وهل اصبحت المزادات وسيلة لبيع العقارات بأعلى من قيمتها السوقية؟..

الآراء تتعدد حول ما آلت اليه حال المزادات، وكلها تصب في جانب ضرورة الحرص من جانب المشتري حتى لا يقع ضحية ارقام خادعة من ناحية او حماسة في غير موضعها من ناحية اخرى.

احد المخضرمين في مجال الشراء العقاري من المزادات، يقول إنه يشتري عشرة عقارات سنويا من المزادات، وانه في معظم الاحوال يدفع اعلى من مؤشرات السعر، لكنه على الاقل يعرف الحدود التي لا يجب ان يتخطاها في المزايدة حتى يتجنب الخسارة، كما يعرف القيمة الحقيقية لكل عقار، وهو ما قد يخفى على المشتري غير الخبير. وهو يعلل ذلك بأن المزادات الآن اصبحت وسيلة مشهورة لشراء العقارات وزاد عدد الحضور فيها واشتدت المنافسة مما يضغط على الاسعار احيانا.

ويقول خبير الشراء فيليب سيلواي، إن المزادات تلجأ الى تسعير العقارات دوما بأسعار اقل من معدلات السوق حتى تشجع على الحضور والمشاركة في المزايدات، الامر الذي يرفع الاسعار حتما عن معدلاتها المعلنة. وهو ينصح المشتري ان يجري تقييمه الخاص قبل موعد المزاد، ويضع الحد الاعلى من السعر الذي يرغب في دفعه بحيث لا يتخطاه مهما كانت المنافسة والاغراءات.

وتشير احصاءات حكومية في بريطانيا الى ارتفاع كبير في عدد العقارات التي تباع بالمزاد، التي زادت في العام الاخير بنسبة 20 في المائة، الى حوالي 30 الف عقار، وكان هذا الرقم لا يتعدى 15 الف عقار في عام 1998. اما في مجال العقارات الصعبة التي كانت تحتل المزادات في الماضي، فإنها أزيحت الآن الى الهامش بحيث تعرض فقط على فئات معينة في السوق تتخصص فيها، وتدرسها بعناية بعيدا عن ضجيج وصخب المزادات، ثم تعرض في شرائها اسعار نهائية للقبول او الرفض بها. وتحتاج مثل هذه العقارات الى بعض الخبرة في التقييم وايضا الكثير من الاستثمار حتى يمكن اعادة بيعها بالوسائل العادية او إزالتها واستثمار الارض في مشروعات اخرى. وترى بيوت المزاد ان هذه الوسيلة اصلح للعقارات الصعبة، لان المشتري العادي لا يريد ان ينفق وقته وامواله في تقصي الحقائق لمعرفة القيمة الحقيقية لهذه العقارات.

وعلى رغم الاخطار والخدع التي تمارس في المزادات احيانا لدفع المشتري إلى زيادة السعر، فإن الخبراء يتفقون على فوائد المزادات المؤكدة. واول هذه الفوائد ان البائع والمشتري معا يتأكدان فوريا من بيع العقار وانتقال الملكية في يوم المزاد نفسه، مع افتراض بلوغ الحد السعري الادنى المطلوب في العقار. وهذا يختلف جذريا عن صفقات البيع العادية التي تستغرق العديد من الاسابيع التي يسودها القلق من احتمال انسحاب احد طرفي الصفقة في اللحظة الاخيرة قبل تبادل الصكوك القانونية. في حالات العقار يبيع البائع ويشتري المشتري فورا وبلا شروط، فحينما تدق مطرقة وكيل المزاد إيذانا بإتمام الصفقة، تصبح نافذة بالقانون.

بيوت المزاد اللندنية لها رأي آخر، فهي تعترف بأن الاسعار المعلنة قد تكون دون المعدلات المتوقعة في المزاد، لكنها تؤكد ان المؤشرات ليست إلا دلالة على ما يمكن ان تباع به العقارات. وتمثل هذه الاسعار في بعض الاحيان مجرد الحد الادنى، وهي تخالف العرف السائد الذي ما زال يعتبر ان المزادات هي الحل الاخير في التخلص من العقارات وبيعها بأي ثمن، وتقول إن هذا الرأي عفا عليه الزمن وان العديد من زبائن بيوت المزاد يعتبرون البيع بالمزاد الآن هو الاختيار الاول لتحقيق معدلات اسعار تفوق احيانا المتوسط السائد في السوق. وهي تحقق لهم عمليات بيع فورية تتيح لهم اتخاذ قراراتهم الاستثمارية الاخرى بسرعة وتوفر لهم ايضا سيولة سريعة من العقار لا يتيحها اي مصدر آخر.

وفي العام الاخير تبلورت في لندن ملامح فئة جديدة من المستثمرين الذين يحترفون شراء العقارات من المزاد بغرض اعادة البيع، وهم يسعون لبيع العقارات بالمزاد ايضا او بوسائل اخرى، ويحققون احيانا معدلات ربح عالية، ويعتمد هؤلاء في العادة على خبرتهم في اختيار العقارات ذات المواقع الجيدة التي يمكن اعادة بيعها بسهولة. احد هؤلاء المستثمرين اشترى منزلا في جنوب لندن بسعر 360 الف استرليني في مزاد، وقام بعد ذلك ببعض التعديلات التي كان منها ازالة المفروشات والسجاد القديم واستبدالها بجديد، وقطع اشجار عالية كانت تحجب الضوء عن العقار وتجميل الحديقة الامامية وتنظيف النوافذ الزجاجية. وبعد هذه التعديلات الجمالية التي لم تكلفه كثيرا، اعاد عرض العقار للبيع في مزاد آخر بعد الشراء بعدة اشهر وحقق صفقة بيع بمبلغ 410 آلاف استرليني.

من الوسائل الاخرى التي يمكن اللجوء اليها، خصوصا في العقارات التي لا تحقق الحد الادنى من السعر المطلوب فيها، هي عرض شرائها مباشرة من البائع بسعر يتم الاتفاق عليه، يكون قريبا من السعر الادنى المطلوب. وفي معظم الاحيان تنجح المحاولات وتتحقق صفقات بأسعار معقولة بين الطرفين بعيدا عن منافسة وصراع قاعة المزاد.