زوربا
01-29-2006, 12:49 PM
في اقتراب الذكرى السنوية لحملات الإبادة التي أودت بحياة 182 ألف شخص في 7 أشهر.. كيف يتعايش أهالي الضحايا؟
كردستان العراق: جمال بينجويني
هذه قصص حية توثقها الصور عن معاناة مجموعة من الأكراد الناجين من حملات الإبادة الشاملة المعروفة باسم عمليات «الأنفال» يرويها اولئك الضحايا الذين شاء لهم القدر أن ينجوا من إحدى أكبر جرائم الإبادة التي طالت الاكراد، وفقدوا خلالها عددا كبيرا من أبنائهم وأعزائهم في حملة وحشية استهدفت مناطق واسعة من كردستان العراق ابتداء من ربيع عام 1988 حتى نهاية عام 1989. إنها قصص آباء موجوعين وأمهات ثكالى كانوا يمنون أنفسهم بأن يحظوا برعاية أولادهم عندما يشيخون، وهم اليوم ينظرون الى الأفق البعيد عسى أن يأتيهم خبر من أولادهم المفقودين الذين طال غيابهم كثيرا.
كانت تلك الحملات الهمجية التي شنها صدام حسين، ضد السكان المدنيين في كردستان، جزءا من مخطط أراد صدام من خلاله القضاء على الوجود الكردي في العراق، حيث ساق في فترة لا تتجاوز سبعة أشهر أكثر من 182 ألفا من الرجال والنساء والشيوخ والأطفال الى صحارى الجنوب جلُّهم من سكان القرى في منطقة «كرميان» المتاخمة لحدود المحافظات العربية في كردستان. وحتى العامين الماضيين لم يكن أحد يعرف المصائر التي واجهت هؤلاء الناس وما فعل بهم صدام. ولكن بعد انتهاء عملية تحرير العراق وسقوط نظام صدام في ابريل (نيسان) عام 2003، اكتشفت العديد من المقابر الجماعية في شتى بقاع العراق وخصوصا في المناطق الجنوبية.
والان يواجه صدام وسبعة من أعوانه أول محاكمة لهم عن قضية «الدجيل» التي قضى فيها 148 مدنيا في مذبحة نفذها الرئيس العراقي المخلوع انتقاما من محاولة اغتيال فاشلة تعرض لها هناك. وينتظر أهالي ضحايا عمليات «الأنفال» التي تعرض لها أكراد العراق انتهاء المحكمة من هذه القضية لمواجهة صدام عن الجرائم التي اقترفها ضد الاكراد في كردستان. بانوراما الصور هي جزء من قصص المعاناة التي يعيشها ذوو بعض ضحايا عمليات «الأنفال».
* كف بصري في الانتظار
* وليد عبد القادر، 89 سنة، وخلفه زوجته آمنة، 82 سنة، التي ترفع صورة ولديها عمر وعثمان منذ غيابهما عن عينيها. فقد اعتقلت القوات العراقية من هذه العائلة أربعة أبناء و12 من الأقرباء خلال «الأنفال»، وما زالت مصائرهم مجهولة حتى الآن. ويعيش الزوجان في بيت طيني بقضاء جمجمال.
يقول عبد القادر لـ«الشرق الاوسط»: «منذ 18 سنة ونحن بانتظار عودة الأولاد، نسهر الليالي ونقضي النهار متطلعين الى يوم البشرى بعودتهم إلينا ولكن من دون جدوى، ليتنا متنا معهم ولم نقاس آلام هذا الانتظار العقيم». وتقول زوجته آمنة «صدام يمثل أمام المحكمة اليوم، ولكنه لم يأمر بمحاكمة أولادنا عندما قتلهم».
* مات أولادي من دون قبر
* حسن علي، 85 سنة، وزوجته فوزية نجم الدين، 60 سنة، سيق 140 شخصا من أقربائهم في تلك الحملة الى صحارى الجنوب وأنزلوا في سجن «نقرة السلمان» الرهيب بينهم 6 من أبنائهما. قضى هذا الشيخ سبعة أشهر داخل ذلك السجن وخرج مشمولا بقرار العفو العام. يقول «أذاقوني صنوف العذاب داخل السجن حتى كنت أطلب الموت كل لحظة». (معظم الضحايا الذين سيقوا الى الجنوب أودعوا في هذا المعتقل الرهيب الذي يقع بالقرب من مدينة السماوة في عمق الصحراء الجنوبية). وتستذكر زوجته تلك الأيام القاسية «مات أولادي من غير أن يحتويهم قبر، لأن كلاب رجال صدام التهمت أجسادهم. لقد سئمت العيش في هذه الدنيا التي لا أجد فيها إلا صور أطفالي والكلاب تنهش أجسادهم تتراءى أمامي كل لحظة».
* كلنا أكراد
* سلمى عزيز ،50 سنة، مات أربعة من أولادها أيام كانت مسجونة معهم خلال الأشهر السبعة التي قضتها هناك. تقول «القافلة التي نقلتنا الى الجنوب كانت تضم 8 آلاف شخص، لم يكن بينهم أحد يعرف الى أين يسوقوننا، كنا نعرف شيئا واحدا وهو أننا كلنا أكراد. ثم أخذونا الى «نقرة السلمان» فمات أطفالي هناك عطشا».
* علقوني لثلاثة أيام
* محمد كريم يبلغ من العمر 67 عاما. قضى في السجن أكثر من تسعة أشهر قبل أن يطلق سراحه مشمولا بالعفو العام. ماتت زوجته وخمسة من أولاده في تلك الحملة، وصادر نظام صدام جميع ممتلكاته، وتعرض أثناء وجوده في السجن الى تعذيب بشع ترك آثاره على جسده الهزيل حيث أصيب بآلام الفقرات. اليوم هو نزيل بيته منذ أن اطلق سراحه بسبب آلام ظهره، وهو يعيش مع ولده الوحيد الذي نجا بدوره من تلك الحملة. يقول كريم «علقوني من ظهري لثلاثة أيام متواصلة، وعندما أنزلوني تحولت حياتي الى جحيم لا يطاق منذ تلك اللحظة».
* صدام.. الأنيق في مظهره
* تقول رعنا حسين، 79 سنة، والتي قضت ابنتها في حملات الأنفال «صدام يظهر في المحكمة بكامل شياكته وأناقته، ولا أستبعد أن يكون صرف راتبه مستمرا حتى الآن، فيما كنا لا نجد قطعة خبز نتنة نطعمها لأطفالنا عندما كنا داخل سجنه».
* ذهبت ولم تعد
* طيب محمد، 66 سنة، قتل ثمانية أفراد من عائلته في حملات الأنفال. وكان أثناء وصول الحملة الى قريته يرعى الغنم فنجا من الوقوع بأيدي جنود النظام. وبعد أن عرفت زوجته بموت 7 من أبنائها ذهبت الى الجنوب لتقصي أخبارهم، فلم تعد هي أيضا حيث قتلت هناك.
* لن أزوجهم حتى يعود ولدي
* شمسة فتاح تبلغ اليوم 69 سنة، قضى في تلك الحملات 60 من أقربائها بينهم 6 من أولادها، أحدهم كان متزوجا وله عدد من الأطفال، وقد كبروا اليوم ووصلوا الى سن الزواج. جاء خاطب لحفيدتها ولكنها ترفض تزويجها وتقول إنها تنتظر عودة أبيهم. وتتساءل «كيف أزوجهم وأبوهم ليس هنا».
* قساوة الحياة
* مراد صالح، 78 سنة، قتل 57 شخصا من عائلته وأقربائه في حملات الأنفال، ويقضي حياته اليوم في قرية نائية بمنطقة كرميان. ويتذمر من الحياة القاسية التي يعيشها في غياب أبنائه وأحبابه قائلا «هذه ليست بحياة نعيشها بانتظار عودة أولادنا، وانتظار محاكمة صدام على جرائم الأنفال».
* ولدي المحروم من أمنيته
* فاطمة حسين 79 سنة، وقع 8 من أبنائها بيد القوات العراقية في تلك الحملة. وهذه صورة أحد أبنائها كان يعشق إحدى فتيات القرية وكان على وشك أن يتقدم لخطبتها عندما وقع في الأسر، ثم سيق الى صحراء الجنوب. أخفت ابنتها صورة شقيقها كي لا تستعيد والدتها ذكرياتها المؤلمة، ولكنها ما أن أخرجت تلك الصورة حتى أجهشت فاطمة بالبكاء، وقالت «بالله عليكم دعوني أقبل ولدي المحروم من تحقيق أمنيته».
كردستان العراق: جمال بينجويني
هذه قصص حية توثقها الصور عن معاناة مجموعة من الأكراد الناجين من حملات الإبادة الشاملة المعروفة باسم عمليات «الأنفال» يرويها اولئك الضحايا الذين شاء لهم القدر أن ينجوا من إحدى أكبر جرائم الإبادة التي طالت الاكراد، وفقدوا خلالها عددا كبيرا من أبنائهم وأعزائهم في حملة وحشية استهدفت مناطق واسعة من كردستان العراق ابتداء من ربيع عام 1988 حتى نهاية عام 1989. إنها قصص آباء موجوعين وأمهات ثكالى كانوا يمنون أنفسهم بأن يحظوا برعاية أولادهم عندما يشيخون، وهم اليوم ينظرون الى الأفق البعيد عسى أن يأتيهم خبر من أولادهم المفقودين الذين طال غيابهم كثيرا.
كانت تلك الحملات الهمجية التي شنها صدام حسين، ضد السكان المدنيين في كردستان، جزءا من مخطط أراد صدام من خلاله القضاء على الوجود الكردي في العراق، حيث ساق في فترة لا تتجاوز سبعة أشهر أكثر من 182 ألفا من الرجال والنساء والشيوخ والأطفال الى صحارى الجنوب جلُّهم من سكان القرى في منطقة «كرميان» المتاخمة لحدود المحافظات العربية في كردستان. وحتى العامين الماضيين لم يكن أحد يعرف المصائر التي واجهت هؤلاء الناس وما فعل بهم صدام. ولكن بعد انتهاء عملية تحرير العراق وسقوط نظام صدام في ابريل (نيسان) عام 2003، اكتشفت العديد من المقابر الجماعية في شتى بقاع العراق وخصوصا في المناطق الجنوبية.
والان يواجه صدام وسبعة من أعوانه أول محاكمة لهم عن قضية «الدجيل» التي قضى فيها 148 مدنيا في مذبحة نفذها الرئيس العراقي المخلوع انتقاما من محاولة اغتيال فاشلة تعرض لها هناك. وينتظر أهالي ضحايا عمليات «الأنفال» التي تعرض لها أكراد العراق انتهاء المحكمة من هذه القضية لمواجهة صدام عن الجرائم التي اقترفها ضد الاكراد في كردستان. بانوراما الصور هي جزء من قصص المعاناة التي يعيشها ذوو بعض ضحايا عمليات «الأنفال».
* كف بصري في الانتظار
* وليد عبد القادر، 89 سنة، وخلفه زوجته آمنة، 82 سنة، التي ترفع صورة ولديها عمر وعثمان منذ غيابهما عن عينيها. فقد اعتقلت القوات العراقية من هذه العائلة أربعة أبناء و12 من الأقرباء خلال «الأنفال»، وما زالت مصائرهم مجهولة حتى الآن. ويعيش الزوجان في بيت طيني بقضاء جمجمال.
يقول عبد القادر لـ«الشرق الاوسط»: «منذ 18 سنة ونحن بانتظار عودة الأولاد، نسهر الليالي ونقضي النهار متطلعين الى يوم البشرى بعودتهم إلينا ولكن من دون جدوى، ليتنا متنا معهم ولم نقاس آلام هذا الانتظار العقيم». وتقول زوجته آمنة «صدام يمثل أمام المحكمة اليوم، ولكنه لم يأمر بمحاكمة أولادنا عندما قتلهم».
* مات أولادي من دون قبر
* حسن علي، 85 سنة، وزوجته فوزية نجم الدين، 60 سنة، سيق 140 شخصا من أقربائهم في تلك الحملة الى صحارى الجنوب وأنزلوا في سجن «نقرة السلمان» الرهيب بينهم 6 من أبنائهما. قضى هذا الشيخ سبعة أشهر داخل ذلك السجن وخرج مشمولا بقرار العفو العام. يقول «أذاقوني صنوف العذاب داخل السجن حتى كنت أطلب الموت كل لحظة». (معظم الضحايا الذين سيقوا الى الجنوب أودعوا في هذا المعتقل الرهيب الذي يقع بالقرب من مدينة السماوة في عمق الصحراء الجنوبية). وتستذكر زوجته تلك الأيام القاسية «مات أولادي من غير أن يحتويهم قبر، لأن كلاب رجال صدام التهمت أجسادهم. لقد سئمت العيش في هذه الدنيا التي لا أجد فيها إلا صور أطفالي والكلاب تنهش أجسادهم تتراءى أمامي كل لحظة».
* كلنا أكراد
* سلمى عزيز ،50 سنة، مات أربعة من أولادها أيام كانت مسجونة معهم خلال الأشهر السبعة التي قضتها هناك. تقول «القافلة التي نقلتنا الى الجنوب كانت تضم 8 آلاف شخص، لم يكن بينهم أحد يعرف الى أين يسوقوننا، كنا نعرف شيئا واحدا وهو أننا كلنا أكراد. ثم أخذونا الى «نقرة السلمان» فمات أطفالي هناك عطشا».
* علقوني لثلاثة أيام
* محمد كريم يبلغ من العمر 67 عاما. قضى في السجن أكثر من تسعة أشهر قبل أن يطلق سراحه مشمولا بالعفو العام. ماتت زوجته وخمسة من أولاده في تلك الحملة، وصادر نظام صدام جميع ممتلكاته، وتعرض أثناء وجوده في السجن الى تعذيب بشع ترك آثاره على جسده الهزيل حيث أصيب بآلام الفقرات. اليوم هو نزيل بيته منذ أن اطلق سراحه بسبب آلام ظهره، وهو يعيش مع ولده الوحيد الذي نجا بدوره من تلك الحملة. يقول كريم «علقوني من ظهري لثلاثة أيام متواصلة، وعندما أنزلوني تحولت حياتي الى جحيم لا يطاق منذ تلك اللحظة».
* صدام.. الأنيق في مظهره
* تقول رعنا حسين، 79 سنة، والتي قضت ابنتها في حملات الأنفال «صدام يظهر في المحكمة بكامل شياكته وأناقته، ولا أستبعد أن يكون صرف راتبه مستمرا حتى الآن، فيما كنا لا نجد قطعة خبز نتنة نطعمها لأطفالنا عندما كنا داخل سجنه».
* ذهبت ولم تعد
* طيب محمد، 66 سنة، قتل ثمانية أفراد من عائلته في حملات الأنفال. وكان أثناء وصول الحملة الى قريته يرعى الغنم فنجا من الوقوع بأيدي جنود النظام. وبعد أن عرفت زوجته بموت 7 من أبنائها ذهبت الى الجنوب لتقصي أخبارهم، فلم تعد هي أيضا حيث قتلت هناك.
* لن أزوجهم حتى يعود ولدي
* شمسة فتاح تبلغ اليوم 69 سنة، قضى في تلك الحملات 60 من أقربائها بينهم 6 من أولادها، أحدهم كان متزوجا وله عدد من الأطفال، وقد كبروا اليوم ووصلوا الى سن الزواج. جاء خاطب لحفيدتها ولكنها ترفض تزويجها وتقول إنها تنتظر عودة أبيهم. وتتساءل «كيف أزوجهم وأبوهم ليس هنا».
* قساوة الحياة
* مراد صالح، 78 سنة، قتل 57 شخصا من عائلته وأقربائه في حملات الأنفال، ويقضي حياته اليوم في قرية نائية بمنطقة كرميان. ويتذمر من الحياة القاسية التي يعيشها في غياب أبنائه وأحبابه قائلا «هذه ليست بحياة نعيشها بانتظار عودة أولادنا، وانتظار محاكمة صدام على جرائم الأنفال».
* ولدي المحروم من أمنيته
* فاطمة حسين 79 سنة، وقع 8 من أبنائها بيد القوات العراقية في تلك الحملة. وهذه صورة أحد أبنائها كان يعشق إحدى فتيات القرية وكان على وشك أن يتقدم لخطبتها عندما وقع في الأسر، ثم سيق الى صحراء الجنوب. أخفت ابنتها صورة شقيقها كي لا تستعيد والدتها ذكرياتها المؤلمة، ولكنها ما أن أخرجت تلك الصورة حتى أجهشت فاطمة بالبكاء، وقالت «بالله عليكم دعوني أقبل ولدي المحروم من تحقيق أمنيته».