المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصة السجاد الايراني....قلدوا الطيور فصنعوا السجاد وألبسوه للخيول



فاطمي
01-27-2006, 11:34 AM
(1)

الالياف والخيوط من الذهب والفضة .. والمغول دمروا صناعة السجاد

كتب جاسم عباس


قبل الدخول في فن صناعة السجاد في ايران نلقي نظرة في هذه الصناعة في العالم وايران. يرجع تاريخ صناعة السجاد الى ما بعد فترة حياة الانسان في الكهوف عندما كان في تلك الايام يقلد الطيور في بناء اعشاشها، فيعمل على جمع الحشائش والمزروعات الناعمة، ويصنع منها المفروشات، كالحصران بالقصب، كما في حضارة ما بين النهرين، وكان هذا متداولا في الالفين الخامس والرابع قبل الميلاد، اما صناعة النسيج (البساط والسجاد) فترجع الى المائة الخامسة قبل الميلاد، وبدايتها لم تكن معروفة على وجه الدقة.


تحدث السيد عبدالحسين مندني المتخصص في صناعة السجاد الايراني وهي مهنة عرفها من آبائه واجداده، قال: ألياف السجاد كانت معرضة للرطوبة وهجوم الحشرات دائما ما يؤدي الى اتلافها، واما بالنسبة للمواد الاولية لهذه الصناعة كالصوف فيعتقد انها بدأت في اسيا الوسطى، لدى القبائل الرعوية، واقدم سجادة شخصها علماء الآثار في العالم ترجع الى وادي «بازيريك» الواقع على مسافة 80 كيلومترا من منغوليا وتسمى «بسجاد بازيريك».

وقال مندني: في البداية كانت هذه الصناعة تستخدم في تلبيس الخيول ولها 24 عقدة في كل سنتيمتر مربع، والرسومات كانت شبيهة بنقوشات العهد الاخميني ويعتقد انها من اصول ايرانية جاءت من عهد الماديين والبارتيين وهي من السلالات الايرانية الحاكمة، والالوان كانت الاحمر والاصفر والاخضر الباهت والبرتقالي، مع رسوم الطيور على السجاد، وهذه السجادات موجودة في متحف «تخت جمشيد» وهي تدل على صحة نظر هؤلاء الباحثين.

وتابع: ان حرفة صناعة السجاد في الهضبة الايرانية كانت رائجة قبل «سجادة بازيريك».

اما جزنفون (القائد والمؤرخ اليوناني) في كتابه «سيرة قورش» يقول: الايرانيون جعلوا اسرة النوم ناعمة، كانوا يضعون تحها السجاد ويذكر «سوني مو» الواردات الصينية من السجاد المصنوعة من الصوف في العهد الساساني وفي الادب الفارسي القديم كلام كثير عن العرش المعروف بـ«كاقديس» المتعلق بالكسرى «خسرو برويز» الملك الساساني» والسجادة المعروفة ببهارستان كانت من نصيب الفاتحين المسلمين عند فتح بلاد فارس وكانت الفصول الاربعة منقوشة عليها، وكانت الياف وخيوط هذه السجادة مصنوعة من الذهب والفضة.

العهد الإسلامي

وقال مندني: وفي العهد الإسلامي راجت صناعة السجاد بعد توقف طويل، ومؤلف كتاب «حدود العالم» اشار الى ان فن صناعة السجاد كان عام 812 ميلادية في بلاد فارس، وبعد قرن ذكر «المقدسي» عن السجاد في مرتفعات منطقة «قائنات»، وأخبر ياقوت الحموي في عام 1179 عن وجود صناعة السجاد في منطقة آذربيجان الإيرانية.

وذكر مندني من خلال قراءاته ان ابن بطوطة الرحالة المعروف في 1304 - 1378 ميلادية اخبر عن سجادة خضراء حين زار القبائل البخارية فرشت جيخازار هذه المنطقة وقد دمرت للاسف، مع الهجوم المغولي على ايران ونهبت، وفقدت كثير من الآثار الفنية لهذه الصناعة التي كانت حصيلة عمل اجيال متعاقبة.

سجادة الشيخ صفي الدين

وفي حكم التيموريين لايران اخذوا يقدرون هذا الفن، وهذا مما ادى الى انتعاش هذه الصناعة، في عهد «ياينغد ميرزا»، وادى الى وصول تخصص الرسومات والنقوش الى بلوغ القمة، وعن هذه المرحلة توجد سجادات ايرانية في المتاحف العالمية واشهرها تلك النادرة التي هي من صناعة مدينة اردبيل وعليها صورة لمقبرة الشيخ صفي الدين الجد الاكبر للسلالة الصفوية، وهي الآن موجودة في متحف فيكتوريا في انكلترا.

ومن اسباب تراجع الفن «السجادي» في ايران الهجوم الافغاني عليها، ولم ينتعش الفن مجدداً الا في عهد نادر شاه أما في عهد السلالة القاجارية فقد اعاد الفنانون الايرانيون من تبريز وكاشان واصفهان مجهوداتهم الحثيثة هذه الصناعة الى الوجود مرة اخرى حتى ايامنا هذه.

وتعتبر هذه الصناعة حالياً المصدر الثاني للدخل في ايران، وكان في العهد البهلوي يشتغل اكثر من 10 ملايين شخص في هذه الصناعة والآن زاد هذا العدد.

السجاد الصفوي

وقال مندني: عرفنا من كتابات المؤرخين وعلماء الآثار ان فن صناعة السجاد له تاريخ طويل الى ان وصل الى هذا الحد من الكمال، وفي العهد الصفوي اصبحت اصفهان واحدة من اهم مراكز صناعة السجاد في ايران، وقام الفنانون الايرانيون العاملون في وضع خطة للنقوش وتحضير الالوان ونسج السجاد وكانت هذه المعامل بجوار القصور الملكية الصفوية، وكان شاه عباس شخصياً يتولى الاشراف عليها، فاصبحت هذه الصناعة على درجة عالية من التخطيط والرسم واللون والنسج، حيث ان بعض السياح امثال «تاورنيه» وشاردن، و«وروبرت شرلي» ذكروا اهمية وعظمة هذه المفروشات في كتبهم، وكثير منها دخلت المتاحف العالمية.

تصميم النقوش

وقال: الرسومات على السجاد، لها مقام بارز وخاص في المفروشات العالمية ولكن مع الاسف فان كثيرا من الدول المصدرة للسجاد تقوم بتقليد الرسومات واللوحات الايرانية الموجودة على السجاد، وتقوم بتصديرها إلى الأسواق العالمية، وبلاد الهند وباكستان وأفغانستان والصين ومصر ورومانيا والبانيا، ودول أخرى تقوم باقتباس التصاميم الايرانية، والهند بالذت تقلد أكثر من 50 تصميما و65% من انتاج هذه الدولة من السجاد منسوخة من السجاد الايراني، أنواع التصاميم 19 نوعا ولهذه النقوشات اسماء أشهرها: اصفهان، قم، نائين، تبريز، كاشان، مشهد، ساروق، أردبيل، فقامت شركة السجاد الايراني بتقسيم هذه الرسومات الى 19 مجموعة أصلية والمشهورة بين عشاق ومحبي وصناع السجاد منها:

1 ـ تصميم مسجد الشيخ لطف الله، ومسجد الشاه، وتخت جمشيد، والآثار التاريخية الأخرى.

2 ـ التصاميم الإسليمية: وهي عبارة عن خطوط متداخلة متشابكة والتواءات فروع الشجر موجودة في وسط أوراقها، وأشهرها فم الأفعى.

3 ـ تصميم أفشان: الورود تتناثر، وأوراق الشجر وفروعها، وبدون وجود تآلف بينهما، وتصميم «أفشان شاه عباس»، وأفشان «فتايي» مقتبس من هذا التصميم.

4 ـ «طرح اقتباسي»: اسم فارسي، يشترك فيه مع ايران الدول المجاورة، والمشتركة لها في الحدود الجغرافية مثل الدول التي كانت جزءا من الدولة الفارسية سابقا كافغانستان وقنقازيا وغيرها.

5 ـ التصميم البندي (طرح بندي): فيه قطعة صغيرة من تصميم واحد يتكرر في كل أنحاء السجادة (طولا وعرضا) ثم تعقد مع بعضها البعض.

6 ـ تصميم الشجيرات الكثيفة والورق: وهي من التصاميم الاصلية والقديمة.

7 ـ تصاميم شاه عباس: تتشكل من ورود خاصة والمعروفة بالشاه عباس، ولها فروع أخرى.

8 ـ التصميم الشجري: ويشكل أساسا من الأشجار وفروعها خاصة شجرة الأترنج والسرو والورد.

9 ـ تصميم التركمن: يتشكل من تكسير الخطوط والشكل الهندسي، وخاص بالرعاة المهاجرين والغزال في صلب هذا التصميم.

10 ـ تصميم محل الصيد: هو من الفرع الشجري، وفيه أنواع من الحيوانات المتوحشة.

11 ـ التصميم الاطاري: عبارة عن مجموعةأضلع ومنه تصميم الأسليمي والقرآني.

12 ـ تصميم اللون الوردي: يتشكل من تصاميم ايرانية أصلية، وفيها ورود شديدة الوضوح مثل: الورد الأحمر، وورد «كَلفرنكَ» وباقة الورد، والبلبل الذي هو أكثر شهرة.

13 ـ تصميم المزهرية: توجد مزهريات بأحجام مختلفة، وقد تشمل واحدة منها كل السجادة، ويشتهر بـ«حاج جانمي».

14 ـ سمك الدرهم: تصميم خاص بالعشائر والقبائل وأشهرها «البيرجندي».

15 ـ تصميم المحراب: وهو مستلهم من المسجد، ويتزين بالعمدان والقناديل والأزهار والأوراق.

16 ـ محرمات وتسمى «قلمداني»: عبارة عن أشكال تتكرر.

17 ـ تصميم الأقواس وأشكال هندسية أخرى.

18 ـ التصميم الأيلي: وهو من التصاميم الأصلية والقديمة منبثقة من طبيعة ومكان سكن الفنانين.

19 ـ التلفيقي: يتكون من تآلف اثنين أو أكثر من التصاميم المختلفة، ومن أشهرها تآلف «لجك تربج».

وقال المتخصص في السجاد الايراني: من ابرز الرسامين المعروفين في تصميم ورسومات السجاد: «بهزاد» المتوفى عام 942هـ، وسلطان محمد (المتوفى عام 949 هـ)، والسيد علي (المتوفى عام 949 هـ)، وكان للشاه «طهماسب» اهتماما وعلاقة بهذا الفن وأمر على نسج بعض السجاد من النوع القيم، واهداها الى جامع السليمانية في اسطنبول، وهناك سجادة «ميلان» تعبر عن الصيد، تنسب رسومها الى غياث الدين الجامي.

صناعة اصفهان

وفي اصفهان تأسست مدرسة الفنون الجميلة لصناعة السجاد بالاضافة الى مناطق أخرى في ايران التي تحظى بمزايا خاصة ولكل منطقة مدرسة خاصة في حياكة السجاد منها مدينة تبريز ومشهد، وكاشان، كرمان، همدان، التركمان البلوش، والقشقانية، وأفشار، الكردستان، اللرية.