المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تفاصيل اللقاء الذي تم بين السيد محمد خاتمي وبين السيد فضل الله في بيروت



زهير
01-27-2006, 01:22 AM
اللقاء المؤجَّل بين فضل الله والرئيس خاتمي: المطلوب تقديم الفكر الإسلامي في صورته الحقيقية والناصعة


قاسم قصير


المساحة المشتركة بين المرجع الإسلامي السيد محمد حسين فضل الله والرئيس الدكتور محمد خاتمي كبيرة جداً، على الرغم من بعد المسافات بينهما، فهما من العلماء الذين ناضلوا فكرياً وعملياً في مواجهة الأفكار الجامدة في البيئة الإسلامية، حيث انطلق كلٌ من موقعه ليواجه المنطق الإلغائي أو الصدامي في الواقع العالمي، سواء انطلقت الدعوات إليه من البيئة الغربية أو العربية والإسلامية.

من هنا، أهمية اللقاء الذي جمع بين هاتين الشخصيتين، في زيارة الرئيس السيد خاتمي لسماحة العلامة في دارته في حارة حريك، وقد كان مقرراً أن يلتقيا لدى زيارة خاتمي الرئاسية إلى لبنان العام الماضي، لكن الظروف البروتوكولية وبرنامج الزيارة حالا دون اللقاء.

ولذلك بادر السيد خاتمي عند وصوله إلى منـزل السيد فضل الله قبل ظهر أمس إلى الاعتذار عن عدم حصول اللقاء بينهما سابقاً بسبب تلك الظروف البروتوكولية. فماذا دار في اللقاء بين هاتين الشخصيتين المتميزتين بطرحهما الحواري والحضاري؟

لغة العصر

بدايةً، تحدث السيد فضل الله فقال: "لقد شهدت إيران فتحين عظيمين؛ الأول تمثل في الانتصار الذي حققه الإمام الخميني بإقامة الجمهورية الإسلامية، وما طرحه من أفكار جديدة تحتاج إلى دراسة عميقة، لأنها لم تأخذ حقها من الاهتمام. والثاني جاء على أيديكم (الرئيس خاتمي) وما حققتموه من متغيرات في الجمهورية الإسلامية، وخصوصاً إطلاقكم لمشروع "حوار الحضارات"، ومواجهة الصورة النمطية السلبية التي تتحدث عن المسلمين بأنهم لا يعترفون بالآخر، ولا يلحظون التطورات المستجدة في العالم، كما أن أهمية دوركم ينطلق من كونكم خريجي الحوزة الدينية في إيران".

وأضاف سماحة العلامة: "لكن حوار الحضارات يحتاج إلى مؤسسة مبنية على قواعد متينة، والكثير من العمل والجهد لإبراز الخطوط التفصيلية. وإن إحدى أبرز المشاكل التي نواجهها كمسلمين، عدم اعترافنا ببعضنا البعض وبالآخرين، والحوارات التي نشارك فيها تنطلق من خلال تسجيل النقاط، وليس للوصول إلى المعرفة الحقة. ومن هنا أهمية مشروع حوار الحضارات، والدور الذي يمكن أن تقوموا به لإبراز الفكر الإسلامي على صورته الحقيقية والناصعة، ومراعاة حسّ المعارضة ولغة العصر. وعندما تحررتم من موقع "رئاسة الجمهورية"، والذي لم يرد الكثيرون أن تنجحوا فيه، أصبحتم أكثر قدرةً على الاهتمام بالجوانب الفكرية بحرية أكبر، وان تكملوا رسالتكم في هذا الجانب".

من جهته، عرض الرئيس خاتمي "للسيد" بعض التجارب التي مرّ بها بعض العلماء المسلمين الذين واجهوا الجمود الفكري والفقهي، وما تعرضوا له من حملات واضطهاد بسبب آرائهم النقدية والجريئة، وقال للسيد: "لقد تعرضتم إلى أسوأ الحملات لأنكم تملكون الأفكار النيرة، وقادرون على تقديمها إلى الشباب المسلم بصورة جريئة، ولديكم الإمكانية لتطوير الفكر الإسلامي بما يتناسب مع التطور الحاصل على الصعيد العالمي، وبأسلوب جديد يتناسب مع المتغيرات وما تحتاجه، كما أن الكثير من العلماء المسلمين ليسوا أوفياء للدين الإسلامي بقدر ما هم أوفياء للأفكار الخاصة بهم، في حين أنكم قادرون على الإجابة عن كل الإشكالات التي يطرحها الآخرون علينا".

مواجهة التطرف

وأضاف السيد خاتمي: "لقد قلت لبعض الأشخاص المتطرفين في إيران، إنكم لن تستطيعوا اللحاق بركب أصحاب الأفكار المتطرفة في العالم الإسلامي، وما تتبنّونه من آراء، يعطي الغرب الحجة والبرهان لاتهام الإسلام بالتطرف والغلو، وواجبنا أن ندافع عن الصورة الحقيقية للإسلام البعيدة عن التطرف، والمنسجمة مع أهداف الدين الحقيقية. وعلينا أن نحترم آراء الآخرين، كما نريد من الآخرين أن يحترموا آراءنا وأفكارنا، وليس صحيحاً أن نشتم الليبرالية أو ما يطرحه الغرب من أفكار. وإن وجودكم (السيد فضل الله) يساهم مساهمة كبيرة في مواجهة الطروحات المتطرفة. وبإذن الله، سأعمل لأقيم مركزاً عالمياً لحوار الحضارات في أوروبا، حيث سيتاح المجال للبحث والحوار حول الأفكار والمفاهيم التي تطرحونها".

وتابع: "إن خروجي من موقع رئاسة الجمهورية جعلني حراً، وأنا احتاج إلى دعائكم، وسأستمر في التواصل معكم وفي زيارتكم، لأنني بحاجة دائماً إلى أفكاركم".

من جهته، قال السيد فضل الله: "إن قيمتكم الأساسية أنكم تتمتعون بهذا القدر من الحرية في جميع الأحوال، وفي كل المواقع، ولقد جاء في حديث للإمام الصادق(ع)، "أن الحر حر في جميع أحواله، إن نابته نائبة صبر لها، وإن توالت عليه المصائب لم تقهره، ولم تكسره، وإن استعبد وأسر وقهر".

وأتمنى لكم التوفيق في جهودكم، والاستمرار في النهج الذي تسيرون عليه، لأننا نحتاج إليكم في كل موقع".

جريدة المستقبل - السبت 3 كانون الأول 2005 - العدد 2115