زوربا
01-25-2006, 08:48 AM
إعداد: هدى بكر - القبس
حينما تثق بك صديقة وتسر لك ببعض مشكلاتها، ثم تعيدين أنت هذه المشكلات على مسامع صديقة أخرى تثقين أنت بها، فقد يوقعك ذلك فى مشاكل جمة - أحيانا - ولكنه قد يساعدك في أحيان أخرى، فكيف تفرقين بين الحالتين؟
قد تكون أختك تعاني في حياتها الزوجية، وحين تسألك إحدى صديقاتكما عن أخبارها ينفلت لسانك وتقولين لها «إنها على وشك الطلاق»، ثم تندمين وتتمنين لو أنك فكرت مرتين قبل أن تتفوهي بهذا التصريح الخطير.
قد تدعين أن السبب في ذلك هو رغبتك في مساعدة أختك وأسرتها في التوصل إلى حل لمشكلاتها، ولكن الحقيقة أن الحديث عن أزمة أختك له علاقة مباشرة بك أنت. فالثقة بشخص ما تعتبر أحد أساليب التواصل مع الآخرين، والمكاشفة شرط أساسي للارتباط بهم، وحين تتحدثين عن نفسك وعن غيرك، فهذا أحد أساليب التقارب والشعور بأنك أفضل من غيرك.
إن البوح بأسرارك لبعض الذين تقدرينهم و تثقين بآرائهم يريح نفسك، مثله مثل الحديث مع الطبيب النفسي، ولكن من دون دفع المال في المقابل. فيمكنك الحصول على التعاطف والدعم والنصيحة، وأحيانا يمنحك مجرد سماع نفسك وأنت تتحدثين عن مشكلة شخصية وحساسة، رؤية أفضل لكل جوانب الموضوع. وقد أثبتت الدراسات أن الذين يثقون بغيرهم يعيشون حياة أطول وأسعد وأوفر صحة.
أسباب الشعور بالذنب
بما أننا نستطيع تشبيه إفشاء الأسرار بالعلاج النفسي والعضوي، ونقول انه مفيد للصحة .. فلماذا تشعرين بالذنب والاستياء والارتباك فور انفلات سر ما من بين شفتيك؟
تشعرين بذلك لأنك ـ ومهما نأت دوافعك عن الأنانية ـ تعرفين جيداً أن إفشاء أسرار شخص آخر يعرضها لخطر الانتشار أكثر وأكثر، مما يشعرك بالذنب. كما لا يمكنك التغاضي عن حقيقة أن لسانك المنفلت يضع الشخص الذي تنشرين أسراره في موضع شبهة، فخيانة ثقة صديقة يثير دائما القلق والمخاوف لأنك تعرفين أنه خرق للرابطة التي جمعتكما.
وعلى الرغم من إدراكك صعوبة الموقف الذي تعرضين له نفسك، فما زال لسانك يزلق قبل أن تتاح لك فرصة تقدير أثر ما تقولين. كل إنسان يحب الاستماع للقصص المشوقة، سواء كانت هذه القصص تخصه أو تخص آخرين، وحين تسردين تلك القصص تصبحين في بؤرة الاهتمام ، فأنت تعرفين أشياء لا يعرفها الآخرون، واستماعهم لك يشعرك بالأهمية.
هذه الحقيقة تتضح أكثر حين تدعين الأخبار السعيدة تتسرب من فمك من دون قصد، فإنك تشعرين بالسعادة الغامرة بنشر مثل هذه الأخبار: صديقتك المقربة حامل أو على وشك الحصول على ترقية، أو انفصلت عن خطيبها الذي أرغمت على الارتباط به. ولكن الخطر يكمن في أن تجرك الرغبة في الاحتفاظ بدائرة الضوء لإفشاء معلومات أشد حساسية مما تقصدين.
دوافع لإفشاء السر
من الصعب مقاومة إغراء التفوق على شخص ما باستخدام سر من أسرارك. فمثلاً قد تتبارين مع إحدى زميلات العمل على مدى استياء كل منكما من طبيعة عملها، فتنبرين معلنة بأنك مستاءة من العمل إلى درجة انك اجريت مقابلة عمل في شركة أخرى، ثم تشعرين بعد ذلك بمدى غبائك لأنك أخبرتها بشيء كان عليك الاحتفاظ به لنفسك لمجرد المزايدة عليها، وإثبات أن عملك أصعب من عملها إلى درجة أنك ستتركين العمل كلياً.
وفي أحيان أخرى تنبس شفتاك بأمور ملحة تضغط على ذهنك وتثقل كاهلك: شجار كبير بينك وبين زوجك أو هموم صحية أو مشكلات مدرسية تعرض لها ابنك، فتلجئين إلى الطريق الأسهل والأسرع، وذلك بإلقاء أسرارك على مسامع أول شخص يصادفك ويسألك: «كيف حالك؟» بدلاً من الانتظار والتحدث عن مكنون صدرك مع صديقة مقربة موثوق بها.
ومن دون أن تقصدي تكونين قد عرضت نفسك ـ أو الشخص الآخر وذلك أسوأ ـ لجذب انتباه غير مرغوب فيه، أو نصيحة غير مطلوبة. فبعد مرور أسابيع ستسألك من اطلعت على سرك عن شجارك مع زوجك، بعد أن نسيت أنت الأمر برمته فتتضايقين وتلومين نفسك على مقدار ما أفصحت عنه من قبل، فبمجرد خروج السر لن تستطيعي السيطرة على المعلومات مرة أخرى. حتى لو قلت لها «لا تخبري أحداً»، فمن الجيد لو أنها اكتفت بإخبار واحدة فقط من المقربات إليها بهذا السر.
قد تخبرين أخت زوجك أنك ستجرين جراحة نسائية ما، ثم تتمنين لو أنك ابتلعت تلك الكلمات مرة أخرى، لأنها بالطبع ستخبر زوجها. ولن تمر فترة قصيرة حتى تكوني محور حديث العائلتين.
ولكن أحياناً يكون كشف الأسرار لصديقة من دائرة صديقاتك نوعا من الرعاية لمشاعرها، فمثلاً قد تتعرض المرأة للإجهاض وتسر بالأمر لإحدى صديقاتها، ويكون على تلك الصديقة إخبار الأخريات حتى يقدم لها الجميع التعاطف والمساندة من دون أن تضطر إلى إعادة القصة مرات ومرات، فتوفر عليها بذلك الذكرى والألم.
سيطري على لسانك
كيف إذن تسيطرين على رغبتك الملحة في الثرثرة بمعلومات أكثر من اللازم؟
أولاً عليك أن تضعي ثقتك في شخص لا علاقة له بشبكة دائرتك الاجتماعية، مثلاً تلك المراة الثرثارة التي تقابلينها ـ عادة ـ في غرفة الانتظار لدى الطبيب، أو المرأة التي تصفف لك شعرك، وبذلك تكونين في أمان من الدخول في لعبة تناقل الأخبار بالتلفون التي تنتهي ـ أحياناً ـ بك أنت شخصياً.
إذا أخبرت سرك لإحدى صديقاتك التي تربطك بها شبكة صديقات أوسع، فسيؤدي بك ذلك إلى الغرق في مشاعر التعرض للخيانة والندم، فسرك سينتشر ويصل إلى جميع أفراد شبكة الصديقات. فإذا كنت تبحثين عمن يستمع إلى أسرارك من دون أن يبوح بها إلى شخص آخر مهما كان، ولا تجدين من يستحق ثقتك، الجئي إلى الورقة والقلم، لأن تدوين اليوميات سيلبي حاجتك للتنفيس عن مشاعرك بدلاً من حمل هذه الأفكار والعواطف وردود الأفعال في رأسك، والتجول بها في كل مكان، مما يجعلها أكثر عرضة للانفلات، فتدوينها يسهل عليك ترتيبها ومن ثم يساعدك في السيطرة عليها بطريقة أفضل.
اعترفي بضعفك
إذا وقعت في مشكلات مراراً وتكراراً بسبب الإفصاح عن معلومات أكثر من اللازم، جربي تحويل مجرى حديثك نحو موضوعات أقل حميمية، فلست بحاجة دائماً إلى الكشف عن أسرارك ومشكلاتك كي تتقربي إلى صديقاتك، فالحديث عن السياسة والأفلام والكتب، وأي موضوع آخر، يوضح قيمك وآراءك، قد يصل بكن إلى درجة الترابط نفسها من دون المخاطرة بإفشاء أسرار.
حين ينفلت لسانك ـ ولا مفر من ذلك ـ عليك السيطرة فوراً على الخسائر: لا تجعلي التفكير في العواقب يستبد بك ، ولا تحاولي تمويه حقيقة أنك قد أفشيت السر مما سيزيد استياء صاحبة السر أو من أخبرتك به. مثلاً أخبري أختك بما تفوهت به من أسرار بيتها. حتى إن كان الاعتراف مؤلما ومحرجا، فقد تكونين حسنة الحظ، وتسامحك أختك على فعلتك هذه، أو لا تهتم بها أصلاً، أو تأمرك بأن تغلقي فمك تماماً بعد ذلك. ولكن في النهاية قولي لها أنه فيما يتعلق بالاسرار وبني البشر، فإن توقع كتمان السر من رابع المستحيلات، واطلبي منها أن تقبل اعتذارك وأن تتقبل أن تغلقي فمك بنسبة 99% ... إن كان في استطاعتك تنفيذ ذلك!
Hoda3993@yahoo.com
حينما تثق بك صديقة وتسر لك ببعض مشكلاتها، ثم تعيدين أنت هذه المشكلات على مسامع صديقة أخرى تثقين أنت بها، فقد يوقعك ذلك فى مشاكل جمة - أحيانا - ولكنه قد يساعدك في أحيان أخرى، فكيف تفرقين بين الحالتين؟
قد تكون أختك تعاني في حياتها الزوجية، وحين تسألك إحدى صديقاتكما عن أخبارها ينفلت لسانك وتقولين لها «إنها على وشك الطلاق»، ثم تندمين وتتمنين لو أنك فكرت مرتين قبل أن تتفوهي بهذا التصريح الخطير.
قد تدعين أن السبب في ذلك هو رغبتك في مساعدة أختك وأسرتها في التوصل إلى حل لمشكلاتها، ولكن الحقيقة أن الحديث عن أزمة أختك له علاقة مباشرة بك أنت. فالثقة بشخص ما تعتبر أحد أساليب التواصل مع الآخرين، والمكاشفة شرط أساسي للارتباط بهم، وحين تتحدثين عن نفسك وعن غيرك، فهذا أحد أساليب التقارب والشعور بأنك أفضل من غيرك.
إن البوح بأسرارك لبعض الذين تقدرينهم و تثقين بآرائهم يريح نفسك، مثله مثل الحديث مع الطبيب النفسي، ولكن من دون دفع المال في المقابل. فيمكنك الحصول على التعاطف والدعم والنصيحة، وأحيانا يمنحك مجرد سماع نفسك وأنت تتحدثين عن مشكلة شخصية وحساسة، رؤية أفضل لكل جوانب الموضوع. وقد أثبتت الدراسات أن الذين يثقون بغيرهم يعيشون حياة أطول وأسعد وأوفر صحة.
أسباب الشعور بالذنب
بما أننا نستطيع تشبيه إفشاء الأسرار بالعلاج النفسي والعضوي، ونقول انه مفيد للصحة .. فلماذا تشعرين بالذنب والاستياء والارتباك فور انفلات سر ما من بين شفتيك؟
تشعرين بذلك لأنك ـ ومهما نأت دوافعك عن الأنانية ـ تعرفين جيداً أن إفشاء أسرار شخص آخر يعرضها لخطر الانتشار أكثر وأكثر، مما يشعرك بالذنب. كما لا يمكنك التغاضي عن حقيقة أن لسانك المنفلت يضع الشخص الذي تنشرين أسراره في موضع شبهة، فخيانة ثقة صديقة يثير دائما القلق والمخاوف لأنك تعرفين أنه خرق للرابطة التي جمعتكما.
وعلى الرغم من إدراكك صعوبة الموقف الذي تعرضين له نفسك، فما زال لسانك يزلق قبل أن تتاح لك فرصة تقدير أثر ما تقولين. كل إنسان يحب الاستماع للقصص المشوقة، سواء كانت هذه القصص تخصه أو تخص آخرين، وحين تسردين تلك القصص تصبحين في بؤرة الاهتمام ، فأنت تعرفين أشياء لا يعرفها الآخرون، واستماعهم لك يشعرك بالأهمية.
هذه الحقيقة تتضح أكثر حين تدعين الأخبار السعيدة تتسرب من فمك من دون قصد، فإنك تشعرين بالسعادة الغامرة بنشر مثل هذه الأخبار: صديقتك المقربة حامل أو على وشك الحصول على ترقية، أو انفصلت عن خطيبها الذي أرغمت على الارتباط به. ولكن الخطر يكمن في أن تجرك الرغبة في الاحتفاظ بدائرة الضوء لإفشاء معلومات أشد حساسية مما تقصدين.
دوافع لإفشاء السر
من الصعب مقاومة إغراء التفوق على شخص ما باستخدام سر من أسرارك. فمثلاً قد تتبارين مع إحدى زميلات العمل على مدى استياء كل منكما من طبيعة عملها، فتنبرين معلنة بأنك مستاءة من العمل إلى درجة انك اجريت مقابلة عمل في شركة أخرى، ثم تشعرين بعد ذلك بمدى غبائك لأنك أخبرتها بشيء كان عليك الاحتفاظ به لنفسك لمجرد المزايدة عليها، وإثبات أن عملك أصعب من عملها إلى درجة أنك ستتركين العمل كلياً.
وفي أحيان أخرى تنبس شفتاك بأمور ملحة تضغط على ذهنك وتثقل كاهلك: شجار كبير بينك وبين زوجك أو هموم صحية أو مشكلات مدرسية تعرض لها ابنك، فتلجئين إلى الطريق الأسهل والأسرع، وذلك بإلقاء أسرارك على مسامع أول شخص يصادفك ويسألك: «كيف حالك؟» بدلاً من الانتظار والتحدث عن مكنون صدرك مع صديقة مقربة موثوق بها.
ومن دون أن تقصدي تكونين قد عرضت نفسك ـ أو الشخص الآخر وذلك أسوأ ـ لجذب انتباه غير مرغوب فيه، أو نصيحة غير مطلوبة. فبعد مرور أسابيع ستسألك من اطلعت على سرك عن شجارك مع زوجك، بعد أن نسيت أنت الأمر برمته فتتضايقين وتلومين نفسك على مقدار ما أفصحت عنه من قبل، فبمجرد خروج السر لن تستطيعي السيطرة على المعلومات مرة أخرى. حتى لو قلت لها «لا تخبري أحداً»، فمن الجيد لو أنها اكتفت بإخبار واحدة فقط من المقربات إليها بهذا السر.
قد تخبرين أخت زوجك أنك ستجرين جراحة نسائية ما، ثم تتمنين لو أنك ابتلعت تلك الكلمات مرة أخرى، لأنها بالطبع ستخبر زوجها. ولن تمر فترة قصيرة حتى تكوني محور حديث العائلتين.
ولكن أحياناً يكون كشف الأسرار لصديقة من دائرة صديقاتك نوعا من الرعاية لمشاعرها، فمثلاً قد تتعرض المرأة للإجهاض وتسر بالأمر لإحدى صديقاتها، ويكون على تلك الصديقة إخبار الأخريات حتى يقدم لها الجميع التعاطف والمساندة من دون أن تضطر إلى إعادة القصة مرات ومرات، فتوفر عليها بذلك الذكرى والألم.
سيطري على لسانك
كيف إذن تسيطرين على رغبتك الملحة في الثرثرة بمعلومات أكثر من اللازم؟
أولاً عليك أن تضعي ثقتك في شخص لا علاقة له بشبكة دائرتك الاجتماعية، مثلاً تلك المراة الثرثارة التي تقابلينها ـ عادة ـ في غرفة الانتظار لدى الطبيب، أو المرأة التي تصفف لك شعرك، وبذلك تكونين في أمان من الدخول في لعبة تناقل الأخبار بالتلفون التي تنتهي ـ أحياناً ـ بك أنت شخصياً.
إذا أخبرت سرك لإحدى صديقاتك التي تربطك بها شبكة صديقات أوسع، فسيؤدي بك ذلك إلى الغرق في مشاعر التعرض للخيانة والندم، فسرك سينتشر ويصل إلى جميع أفراد شبكة الصديقات. فإذا كنت تبحثين عمن يستمع إلى أسرارك من دون أن يبوح بها إلى شخص آخر مهما كان، ولا تجدين من يستحق ثقتك، الجئي إلى الورقة والقلم، لأن تدوين اليوميات سيلبي حاجتك للتنفيس عن مشاعرك بدلاً من حمل هذه الأفكار والعواطف وردود الأفعال في رأسك، والتجول بها في كل مكان، مما يجعلها أكثر عرضة للانفلات، فتدوينها يسهل عليك ترتيبها ومن ثم يساعدك في السيطرة عليها بطريقة أفضل.
اعترفي بضعفك
إذا وقعت في مشكلات مراراً وتكراراً بسبب الإفصاح عن معلومات أكثر من اللازم، جربي تحويل مجرى حديثك نحو موضوعات أقل حميمية، فلست بحاجة دائماً إلى الكشف عن أسرارك ومشكلاتك كي تتقربي إلى صديقاتك، فالحديث عن السياسة والأفلام والكتب، وأي موضوع آخر، يوضح قيمك وآراءك، قد يصل بكن إلى درجة الترابط نفسها من دون المخاطرة بإفشاء أسرار.
حين ينفلت لسانك ـ ولا مفر من ذلك ـ عليك السيطرة فوراً على الخسائر: لا تجعلي التفكير في العواقب يستبد بك ، ولا تحاولي تمويه حقيقة أنك قد أفشيت السر مما سيزيد استياء صاحبة السر أو من أخبرتك به. مثلاً أخبري أختك بما تفوهت به من أسرار بيتها. حتى إن كان الاعتراف مؤلما ومحرجا، فقد تكونين حسنة الحظ، وتسامحك أختك على فعلتك هذه، أو لا تهتم بها أصلاً، أو تأمرك بأن تغلقي فمك تماماً بعد ذلك. ولكن في النهاية قولي لها أنه فيما يتعلق بالاسرار وبني البشر، فإن توقع كتمان السر من رابع المستحيلات، واطلبي منها أن تقبل اعتذارك وأن تتقبل أن تغلقي فمك بنسبة 99% ... إن كان في استطاعتك تنفيذ ذلك!
Hoda3993@yahoo.com