المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : علاج واعد لمرضى الإيدز .. حبة واحدة تجمع 3 أدوية وتؤخذ مرة في اليوم



سياسى
01-21-2006, 12:40 AM
شركتان أميركيتان تضعان تنافسهما التجاري جانباً وتقرران إنتاج الدواء هذا العام


واشنطن: جستين غيليس *


قالت شركتان لصناعة الأدوية في الولايات المتحدة انهما وضعتا جانبا التنافس التجاري بينهما من اجل تحقيق هدف ظل صعب التحقيق منذ 20 عاما، وهو صناعة حبة واحدة تؤخذ يومياً لعلاج الايدز.
ومن المقرر أن تحتوي الحبة على ثلاثة ادوية متوفرة في الصيدليات حاليا، وأظهرت دراسات عدة، بينها واحدة نشرت امس في مجلة نيوإنجلاند الطبية، انها فعالة لعلاج المرض. وعلى الرغم من مشكلات اللحظات الأخيرة في اعداد الحبة يتوقع الأطباء المصادقة عليها بحلول نهاية العام الحالي. واذا حدث ذلك فانه سيكون خطوة مهمة في علاج فيروس نقص المناعة الذي يسبب الايدز. وقد اصاب الفيروس أكثر من 40 مليون شخص في مختلف أنحاء العالم، معظمهم في الدول الفقيرة.

وعندما ابتكرت علاجات الايدز الفعالة أول مرة في أوائل التسعينات كان يتعين على المرضى في بعض الأحيان ان يستيقظوا في منتصف الليل لتناول مجموعة من الأدوية تضم ما يتراوح بين 50 الى 60 حبة تؤخذ مرات عدة في اليوم مع تقييدات معقدة في الطعام الذي يتناوله المريض. وفي ذلك الوقت كان علاج حبة واحدة في اليوم يبدو أمراً بعيد المنال، لكن الأطباء قالوا منذ زمن بعيد ان ذلك سيساعد كثيرين، من المصابين بالمرض.

وتحت ضغط شديد لتسهيل جرعات العلاج ظلت الشركات تجمع الأدوية وتقلل عدد الحبوب لسنوات عدة. غير أنه لأسباب تجارية وليست علمية لم تفلح شركة في صنع حبة اليوم الواحدة التي تحتوي على توليفة فعالة من أدوية الايدز. ولم تكن شركة واحدة تملك حقوق انتاج كل الأدوية الضرورية لأفضل توليفة، وكانت الشركات تشعر بالقلق من العمل سويا.

وفي الوقت الحالي تقول شركتان جمعتا ثلاثة أدوية مرخص بها في حبة واحدة تشبه لون سمك السالمون، وهو ما يؤدي الى صنع توليفة الدواء الموصوف لمن حددت اصابتهم بالايدز حديثاً.

واعلنت الشركتان في الآونة الاخيرة معلومات تظهر أن الحبة يمكن ان تحقق مستويات كافية من الدم بالنسبة للأدوية الثلاثة، وتضاف الدراسة المنشورة امس في مجلة نيوإنغلاند الطبية الى مجموعة واسعة من الأدلة التي تظهر أن التوليفة الدوائية فعالة مع وجود تأثيرات جانبية قليلة نسبياً. وتقوم الشركتان في الوقت الحالي باختبارات على الحبة في مشروع باونتاريو في كندا.

وتمنح ادارة الأغذية والأدوية الاميركية صيغا جديدة أكثر ملاءمة للأدوية المرخصة سابقا، ومن المتوقع أن تجري في الولايات المتحدة المصادقة على الحبة الجديدة، بشكل روتيني، كما ان توفرها في الاسواق ربما يأخذ أشهراً. والعائق الأكبر في المرحلة الحالية يتمثل في التوثق من وجود مفعول نافذ كاف زمنيا للحبوب، وهذه مشكلة تقول الشركتان انهما واثقتان من حلها. وقال نيلسون فيرجل الناشط في مجال علاج الايدز في هيوستن بولاية تكساس: «أعتقد ان ما ستقوم به الشركتان شيء كبير. اذا وفروا الحبة بالسعر المناسب في الدول النامية فإنها ستكون العلاج الرئيسي في العالم».

وتقول الشركتان المعنيتان، وهما «غايليد ساينسز» و«بريستول ميرز سكويب»، انهما ملتزمتان فعلا بتوفير العلاج للفقراء في الخارج. لكن هدفهما العاجل هو توفيره في الأسواق الأميركية والأوروبية بحلول نهاية العام الحالي. وفي حال حققت هذه الحبة، التي لم يطلق عليها اسم حتى الآن، ارباحاً فان هذه الارباح ستكون هائلة. وبينما يتعين على الشركتين الاعلان عن سعر فان بعض توليفات أدوية الايدز يمكن أن تكلف ما يصل الى 30 ألف دولار للمريض الواحد سنوياً.

وتطلب تعاون «غايليد ـ بريستول» سنة من المفاوضات المعقدة حيث انخرط المحامون في كل خطوة للتوثق من أن الشركات المنافسة السابقة لن تدخل في نزاع مع قوانين حماية التجارة. وكانت هناك حاجة الى اختبارات متكررة من أجل صنع حبة بالصيغة المناسبة بهدف تحقيق مستويات دم مناسبة.

وهذا هو اول تعاون من نوعه، لكن من المحتمل ألا يكون الأخير. وتقول الشركتان انه ارتباطا بوجود ما يقرب من 12 دواء للايدز في السوق، والكثير من الادوية الأخرى في طريقها الى السوق، وتوقع المرضى الذين يتناولونها العيش فترات حياة طبيعية، ان اعداد توليفة مناسبة بات مسألة حياة او موت. وكانت الاستراتيجية الأولية لكل شركة تتمثل في الجمع بين الأدوية التي تملكها، لكن الشركتين تقولان ان الضغوط التجارية تجبرهما على تجاوز الخطوط .

وكان الناشطون المطالبون بتوفير علاج لمرض الايدز قد نظموا مسيرات في الشوارع وحطموا نوافذ ادارة الأغذية والأدوية الاميركية مطالبين بالعلاج. واليوم هم أعضاء في لجان يقدمون نصائح للحكومة وشركات الادوية. وبعد الاستماع إليهم أدرك كيفن تراب، وهو استراتيجي في شركة «بريستول ـ ميرز سكويب» (مقرها نيويورك) أن الأدوية التي تسيطر عليها شركته يمكن دمجها مع عقارين تنتجهما شركة «غايليد» في مدينة فوستر بولاية كاليفورنيا، والنتيجة هي إنتاج أول حبة علاج يتم تناولها يوميا. وقال تراب أول من أمس متذكراً مما سمعه في مؤتمر في باريس: «لقد قالوا إن على الشركات أن تعمل معا. وأفضل شيء يمكن فعله هو الاستماع إلى الزبون».

وتمكنت شركة غايليد حاليا من دمج عقاريهما بحبة واحدة، ولذلك أصبح نظام العلاج ذي الأدوية الثلاث متوفرا اليوم من خلال أخذ حبتين في اليوم في وقت واحد. ولا يبدو ذلك شاقا، لكن بالنسبة للأفراد الذين يأخذون حبتين في اليوم فإن فكرة أخذ حبة واحدة لا تترك إلا تأثيرا رمزيا في أنفسهم. وقال لاكي سانتانا الموظفة الصحية في أتلانتا التي تأخذ حبتين في اليوم «اني أعد الأيام» حتى تصبح الحبة الواحدة متوفرة.

وليس الناس فقط يكرهون بلع الحبوب بل هم يكرهون ما يدفعونه من نقود خصوصا أولئك الذين يدفعون 50 دولارا على كل وصفة. ويتوقع سانتانا أن يوفر مبلغ 30 دولارا في كل مرة يشتري وصفة طبية حينما تصبح الحبوب متوفرة. ويتكون نظام العلاج هذا من ثلاثة عقاقير تباع منفصلة عن بعضها البعض، وأسماؤها التجارية هي سوستيفا وفايريد وامتريفا وهذه العقاقير شائعة بالنسبة للمرضى الذي يصابون حديثاً بمرض نقص المناعة «اتش. آي. في» حيث يشكل هؤلاء 20% من السوق، حسبما ذكرت أرقام مؤسسة «أتش آي أفي ثيرابي مونيتور».

وحسب مجلة نيوإنغلاند الطبية فإن دراسة نشرت أمس وقام بها فريق يرأسه جويل غالان من جامعة جون هوبكنز الاميركية قد أظهرت أن العلاج الذي يتضمن الأدوية الثلاثة معا أكثر فعالية من النظام الآخر. وواضح أن الحبة الواحدة لكل يوم لن تكون مناسبة لكل مريض.

وبعد عدة أعوام من الخضوع لنظام علاج من مرض الايدز، يمكن للفيروس ان يطور مقاومة. والمرضى الذين يقضون سنوات في تناول العلاج غالبا ما يتحولون إلى أنظمة علاجية أكثر تعقيدا من نظام الحبة الواحدة. والحبة الواحدة ليست مثالية بالنسبة للنساء في سن الحمل بسبب احتمال وقوع تشوهات لدى الجنين. ويمكن لنظام علاجي واحد أن يتسبب في تأثيرات جانبية غريبة مثل زيادة رؤية المريض للاحلام.

وقال نوربرت بيشوفبرغر نائب الرئيس التنفيذي للبحث والتطوير في غايليد إن شركته «ملتزمة كليا» لتوفير الحبة بسعر منخفض جدا في البلدان النامية، مشيرا إلى أن استخدامها سيكون سهلا للمرضى الذين لن يحتاجوا إلى فهم نظام العقاقير المعقد. لكن علاج الحبة الواحدة لن يزيح الضغط من أجل تطوير أنظمة علاج أسهل لمرض الايدز. وقالت سانتانا «سيحاول شخص ما في المستقبل ليوجد علاجا يتم أخذه مرة واحدة كل أسبوع».

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ «الشرق الأوسط»