المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نصر الله والافتقاد الى الحريري



زهير
01-20-2006, 08:33 AM
وليد شقير - الحياة

20/01/06//

يفتقد الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله الرئيس الشهيد رفيق الحريري. وهو في اجابته عن سؤال لـ «الحياة» قال انه «لو كان موجوداً في أزمة كهذه (الخلاف بين الحزب وحركة «امل» من جهة وفريق الأكثرية في الحكومة والذي ادى الى اعتكاف الوزراء الشيعة الخمسة المستمر من دون مخرج لعودتهم الى مجلس الوزراء) لتغيّر الكثير من الأمور أو لكانت عولجت في سرعة».

ولعل افتقاد نصر الله كقائد وزعيم كبير، الرئيس الحريري هو لسان حال معظم الزعماء اللبنانيين، سواء من صف حلفائه ام من صف خصومه الذين اختلفوا معه ثم وجدوا فراغاً اخذ يمس وجودهم السياسي نتيجة جريمة إلغاء وجوده.

ولربما أراد نصر الله القول بالحديث عن تغيّر الكثير في سياق الأزمة الراهنة في لبنان، لو كان الحريري موجوداً، انه لو كان الحريري ما زال على قيد الحياة، لما كانت هذه الأزمة اصلاً. ولو كان الحريري على قيد الحياة لما كانت الحكومة اللبنانية ستبحث في الطلب من مجلس الأمن الدولي البت في طلب لبنان إنشاء محكمة ذات طابع دولي لمحاكمة المتهمين باغتيال الرئيس الشهيد، وأن تتوسع مهمة لجنة التحقيق الدولية في الجريمة، لتشمل الجرائم الأخرى، بعد اغتيال الشهيد جبران تويني في 12 كانون الأول (ديسمبر) الماضي. وبالتالي لما حصل الخلاف بين الحزب ومعه حركة «امل» وبين قوى حليفة للحزب، حول هذين الموضوعين في مجلس الوزراء، وهو الخلاف الذي أنتج الأزمة الراهنة، التي يجرى البحث عن مخرج منها، تحت عنوان هو غير الذي تسبب بها.

ان الحال الوجدانية لنصر الله، وهو يفتقد الحريري، هي حال الكثير من الزعماء اللبنانيين الذين كانوا يتمنون لو ان الرجل كان حياً، لتجنب قرارات ومواقف يفرض اغتياله بما يعنيه ويرمي إليه، اتخاذها. إلا ان حال نصر الله، من هذه الزاوية، تضعه في وضع حرج للغاية في مواجهة تسلسل للأحداث، لا يقل حراجة عن وضع غيره من الزعماء اللبنانيين، سواء لأنهم مستهدفون ام لأنهم يخوضون صراعاً مريراً تداخلت فيه العوامل المحلية مع الإقليمية والدولية.

فلولا اغتيال الحريري، لما اضطر نصر الله لأن يكون في موقع الدفاع عن سورية، ازاء تأكيد مرجعية مثل لجنة التحقيق الدولية «اشتباهها بضباط امنيين سوريين كبار بالتورط في الجريمة»، وإزاء اتهام اصدقاء لـ «حزب الله» دمشق. ولما كان مضطراً لأن يتحفظ عن تقريري رئيس لجنة التحقيق ديتليف ميليس، ومن ثم عن طلب محكمة ذات طابع دولي وتوسع التحقيق الدولي بالجرائم الأخرى، ولما اضطر لأن يوافق على ان يمارس إعلام الحزب تلك التعبئة الإعلامية في مواجهة التحقيق الدولي، والتي تساهم في تصعيد الانقسام الطائفي والمذهبي فيغذيه الموقف المضاد من زعماء آخرين...

ولو كان الحريري حياً، لما اضطرت دمشق لأن تواجه الضغوط عليها في التحقيق الدولي، بأوراق لها على الساحة اللبنانية تستدرج المزيد من التدخل الدولي، ولما اضطر نصر الله لأن يستمع الى اوصاف من النوع الذي يعتبره قابلاً بالوصايتين السورية والإيرانية، بسبب دعمه للتظاهر تحت شعار الوقوف ضد الوصاية الأميركية... وهي أوصاف يحجب تكرارها الوصف الذي يحب ويحبه له الآخرون: سيد المقاومة.

ويمكن للمرء ان يتصور ان السيد نصر الله، مثله مثل عدد قليل من الزعماء اللبنانيين، يصابون بالأرق ليلاً من تلك الورطة التي وضع فيها قتلة الحريري، لبنان واللبنانيين، على رغم اختلاف المواقع والمواقف الراهنة لهؤلاء الزعماء.

الافتقاد الى الحريري يعيد الى الأذهان ان عملية الاغتيال هي الحدث المركزي الذي تتفرع منه الأحداث الأخرى ما يجعل التحقيق في حد ذاته، يستولد مواقف منه وأخرى بعيدة منه لكنها تتصل به.