المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أرامل العراق يُصارعن من أجل البقاء



فاطمي
01-19-2006, 08:42 AM
ديبا بابينجتون من الموصل - رويترز

كانت ثلاث ماكينات للحياكة في شقة متواضعة هو كل ما تملكه منى عبد العظيم أحمد عندما بدأت في إقامة مشروع لتشغيل الأرامل ولكنها سرعان ما أدركت أن هذا ليس كافيا.تقدمت في اليوم الاول أكثر من ألف امرأة من مدينة الموصل في شمال البلاد بحثا عن فرصة عمل. في نهاية الأمر توقفت منى عن تسجيل أسماء جديدة بعد أن تقدمت 1200 سيدة لتسجيل أسماءهن.

كانت أغلبهن في سن الشباب ويعانين الفقر ويكافحن للحصول على فرصة عمل. فقدت كثيرات أزواجهن خلال الحروب والانتفاضات والصراعات التي يعاني منها العراق منذ 25 عاما.

والآن زادت أعدادهن بسبب العمليات المسلحة بالعراق.

ووراء أعمال العنف والهجمات التي تتصدر عناوين الصحف في كل أنحاء العالم كل يوم هناك عدد متزايد من الأرامل.

وتتكفل عائلات أزواج الأرامل بهن في العادة ولكن في بلد يعصف به العنف والحرب لم يعد هناك مُتسع لتحمل مزيد من الأعباء.

قالت نوال ايوب التي فقدت زوجها خلال حرب الخليج عام 1991 وانضمت بعد ذلك الى مشروع منى "ليس لدينا ما يكفي من المال لكسوة أبنائنا... ليس لدينا رواتب ولا نجد أي إعالة. كيف يمكن أن نعيش؟."

ولا تتوافر احصاءات يُعَوَل عليها لمعرفة عدد الأرامل ولكن وزارة شؤون المرأة سجلت أسماء 206 آلاف أرملة على الاقل في العراق خارج المناطق الكردية. أما عدد الرجال الذين فقدوا زوجاتهم فيزيد قليلا عن نصف هذا الرقم.

ولكن جماعات مُدافعة عن حقوق المرأة تقول ان هناك أدلة غير مؤكدة تشير الى أن عدد الأرامل أكبر كثيرا اذ تشير بعض التقديرات الى أن العدد في بغداد وحدها 250 ألفا من بين نحو سبعة ملايين يعيشون بالمدينة.

وقالت ازهار الحكيم العضو في تحالف المرأة من أجل عراق ديمقراطي وهو تجمع مدافع عن حقوق المرأة "في كل بيت في العراق هناك أرملة واحدة على الأقل... في بعض البيوت قد تكون هناك أرملتان أو ثلاث."

وتزداد حياة كثير من الأرامل شقاء نتيجة الفقر المدقع. وتتزايد صعوبة حصولهن على فرصة عمل في مجتمع تبرز فيه التوجهات الاسلامية ويشق حتى على الرجل العثور على عمل.

وأعاقت عمليات المسلحين والتفجيرات شبه اليومية داخل بغداد وحولها إعادة بناء الاقتصاد منذ الغزو الامريكي عام 2003.

وذكرت أزهار أن بعض الأرامل يقبلن أعمالا لم يكن ليفكرن فيها من قبل لولا الحاجة وتحدثت عن أرملة التقت بها في مدينة كربلاء كانت تعمل خادمة بالرغم من حصولها على شهادة جامعية. وتقول جماعات مدافعة عن حقوق المرأة ان أُخريات اضطررن لبيع ممتلكاتهن أو الاعتماد على الإعانات التي يتلقينها من الاقارب.

قالت بثينة السهيل رئيسة جمعية الأسرة العراقية التي تساعد نحو 200 أرملة في بغداد "المشكلة الرئيسية التي تواجهها الأرامل هي الفقر... لدينا نساء ترك أولادهن المدارس للعمل من أجل إعالة أمهاتهم."

وعندما نفدت كل مصادر دخل سعاد حسين بعد موت زوجها انتقلت الى منزل والدها للعيش معه وأرسلت ابنها الى أحد أعمامه.

وبعد ست سنوات ما زالت سعاد البالغة من العمر 40 عاما والتي سجلت اسمها أيضا في مشروع منى تبحث عن فرصة عمل.

قالت سعاد "أنا أعاني...أريد العثور على فرصة عمل فحسب."

وتقول أرامل وجماعات إغاثة ان محنتهن تزداد سوءا بسبب عدم اكتراث الحكومة بهن.

وخلال سنوات حكم الرئيس السابق صدام حسين كانت الأرامل اللاتي قُتل أزواجهن في المعارك خاصة خلال الحرب العراقية الايرانية في الثمانينات يتلقين عادة تعويضات من الحكومة وكن يحصلن في بعض الاحيان على أراض وتعليم مجاني لأولادهن.

ولكن هذه التعويضات بدأت تنفد بعد العقوبات التي فرضت على العراق في التسعينات مما جعل العراق يعاني من نقص شديد في الأموال.

وتقول الجماعات المدافعة عن المرأة ان الفساد المستشري والفوضى العامة في العراق الآن أديا الى تراجع الاهتمام بشؤون الأرامل.

وذكرت منى منظمة المشروع أنها وأخريات توجهن الى مكتب محافظ الموصل طلبا لأموال لشراء ملابس ولاستبدال الشقة الصغيرة التي أُقيم فيها المشروع بمبنى جديد ولكن طلباتهن لم تنفذ.

كما شكت منى التي أُصيب زوجها باعاقة دائمة خلال الصراع مع المتمردين الاكراد في السبعينات من عدم الدعم الكافي من الحكومة خلال اجتماع نسوي قبل الانتخابات التي أُجريت في ديسمبر كانون الاول.

وتعاطفت رئيسة المركز النسوي المحلي معهن ولكنها قدمت لهن نصيحة فظة قائلة "عليكن تعلم كيفية الاكتفاء الذاتي."

(شارك في التغطية هبة موسى في بغداد)