مقاوم
01-18-2006, 01:15 PM
أمينة خيري الحياة - 18/01/06//
الغالبية العظمى منا استفادت من ثورة الفضائيات العربية التي قدمت من خلال التغطيات والتحليلات الاخبارية جانباً مفتقداً من الحقيقة، أو على الأقل وجهة نظر كانت غائبة عن الحقيقة، وأضحت حياة الكثيرين لا تخلو من إطلالة يومية على «الجزيرة» أو «العربية» أو «دبي» أو «ابوظبي» أو غيرها من المحطات التلفزيونية بغرض التثقيف السياسي والإلمام الاخباري، لكن اغلب الظن أن فكرة تدخل الفضائيات في أدق تفاصيلنا الشخصية لم ترد على بال احد قبل سنوات قريبة.
فعلاقات الحب والزواج والخصام والهجر وسواها من تفاصيل حياة افراد يعيشون بيننا وحولنا باتت، وفي شكل متزايد، من الامور التي نمر عليها مروراً يومياً من خلال الجولات التفقدية التي نجريها من جهاز «الريموت كونترول» ونحن قابعون على تلك الأريكة السحرية المثبتة امامه، والامر لم يعد يقتصر على «س. م.» التي ارسلت لاختصاصي الصحة النفسية تسأله عن مشكلتها في التعامل مع زوجها العصبي، ولا «ن·ع.» الذي يسأل فضيلة الشيخ عبر اتصال هاتفي مشوش حول موقفه الديني إذا تزوج من شقيقة زوجته المتوفاة، بل تطور الوضع وتغير بحيث اصبحت عملية تقويم العلاقة العاطفية في بداية مسارها ممكنة من خلال الفضائيات.
هادي قابل نسمة، وحصل استلطاف متبادل، فأرسل رسالة قصيرة الى قناة كذا ليقيس احتمالات نجاح العلاقة الوليدة من خلال «عداد الحب» وهو فعلياً أكثر من عداد في غير قناة، والغالبية العظمى منها قنوات غنائية أو تلك التي تعتمد على استقبال رسائل المشاهدين·
عداد الحب
والدعوة صريحة في ظاهرة مبهمة في باطنها: «إذا كنت تود أن تعرف مستقبل علاقتك العاطفية، فقط ارسل SMS تحوي الاسم الاول لكل منكما» ولكن نوعية قياس احتمالات نجاح او فشل العلاقة غير محددة، لا سيما أن «عداد الحب» لا يتلقى سوى اسماء المحبين والمحبات، ثم يهرع الى «تشغيل العداد» ليتوقف عند نسبة محددة قد تكون خمسة في المئة او 99 في المئة هي نسبة نجاح العلاقة.
وفي «العدادات» الأكثر تقدماً، يقدم العداد تبريراً لنجاح العلاقة او لفشلها، مثل «محمد رومانسي جداً، ومنى لن تجد من يحبها أكثر منه» أو «هيفاء مجنونة والافضل لماجد أن ينساها تماماً» ولعل اغرب اسباب التوقع بفشل العلاقة ما ظهر عند احد العدادات «المتقدمة» إذ جاء في حيثيات الحكم بالفشل أن «هانية لا تستحم بالقدر الكافي».
ولمن لا يبغي قياساً لعلاقته العاطفية، فهناك قناة فضائية مخصصة لقراءة الرسائل «إلكترونياً» فيرسل المشاهد رسالته، مثلاً «اسد الخليج يبغي ان يتعرف على حسناء الشام» فتقرأها احدى الشخصيات الكرتونية إلكترونياً لتخرج الكلامات اقرب الى افلام الخيال العلمي الهزلية.
وبغض النظر عن المتعة في سماع رسائل المشاهدين بهذه الطريقة، فإن البعض من اصحاب التفكير المحافظ المنعوت «بالرجعية» يعترض بين الحين والآخر على نوعية معينة من الرسائل القصيرة التي تجرى في شريط اسفل بعض الشاشات الفضائية، وتكون على وتيرة «زوجة تعاني من الوحدة تبحث عن من يؤنس وحدتها» او «شاب وسيم وناضج يبحث عن سيدة ناضجة تشاركه لحظات جنونه»، وهكذا...
خاطبة فضائية
لكن علاقات الحب ومحاولات البحث عن الغرام على أثير الفضائيات ليست كلها في إطار الممنوع أو الحرمانية، بل ظهرت اخيراً نوعية من الفضائيات الساعية الى توثيق البحث الأزلي للرجل عن المرأة والعكس في شكل شرعي، فها هي «وسيط الخير» تقوم بدور الخاطبة الفضائية، وإن كانت نسبة كبيرة من اصحاب طلبات الزواج من المتزوجين الباحثين عن الزوجة رقم اثنين او ربما ثلاثة.
وهناك كذلك مشاريع قنوات ذات الصبغة نفسها في طور الاعداد مثل «قلب تي في» و «زواج» والاخيرة تنوي اختراق عالم «تلفزيـون الواقع» من منظور اخلاقي اسلامي اصولي، إذ تنقل وقائع معيشة مجموعة من الشباب العربي في بيت على غرار «ستار اكاديمي»، ولكنهم من الذكور فقط المقبلين أو الراغبين في الزواج على مدى اسابيع عدة حيث تتم تهيئتهم لتحمل مسؤولية الزواج «دينياً واخلاقياً» وفي كل اسبوع يبرح احدهم البيـت بنـاء على تـصويت المشاهدين، وهكذا الى أن يفوز واحد منهم في نهاية البرنامج.
عموماً، ما علينا سوى الانتظار حتى نرى ونعايش القدر الذي ستخترق فيه الفضائيات قلوبنا وحياتنا العاطفية وعلاقاتنا الغرامية، بعدما اخترقت عقولنا وغرف جلوسنا.
الغالبية العظمى منا استفادت من ثورة الفضائيات العربية التي قدمت من خلال التغطيات والتحليلات الاخبارية جانباً مفتقداً من الحقيقة، أو على الأقل وجهة نظر كانت غائبة عن الحقيقة، وأضحت حياة الكثيرين لا تخلو من إطلالة يومية على «الجزيرة» أو «العربية» أو «دبي» أو «ابوظبي» أو غيرها من المحطات التلفزيونية بغرض التثقيف السياسي والإلمام الاخباري، لكن اغلب الظن أن فكرة تدخل الفضائيات في أدق تفاصيلنا الشخصية لم ترد على بال احد قبل سنوات قريبة.
فعلاقات الحب والزواج والخصام والهجر وسواها من تفاصيل حياة افراد يعيشون بيننا وحولنا باتت، وفي شكل متزايد، من الامور التي نمر عليها مروراً يومياً من خلال الجولات التفقدية التي نجريها من جهاز «الريموت كونترول» ونحن قابعون على تلك الأريكة السحرية المثبتة امامه، والامر لم يعد يقتصر على «س. م.» التي ارسلت لاختصاصي الصحة النفسية تسأله عن مشكلتها في التعامل مع زوجها العصبي، ولا «ن·ع.» الذي يسأل فضيلة الشيخ عبر اتصال هاتفي مشوش حول موقفه الديني إذا تزوج من شقيقة زوجته المتوفاة، بل تطور الوضع وتغير بحيث اصبحت عملية تقويم العلاقة العاطفية في بداية مسارها ممكنة من خلال الفضائيات.
هادي قابل نسمة، وحصل استلطاف متبادل، فأرسل رسالة قصيرة الى قناة كذا ليقيس احتمالات نجاح العلاقة الوليدة من خلال «عداد الحب» وهو فعلياً أكثر من عداد في غير قناة، والغالبية العظمى منها قنوات غنائية أو تلك التي تعتمد على استقبال رسائل المشاهدين·
عداد الحب
والدعوة صريحة في ظاهرة مبهمة في باطنها: «إذا كنت تود أن تعرف مستقبل علاقتك العاطفية، فقط ارسل SMS تحوي الاسم الاول لكل منكما» ولكن نوعية قياس احتمالات نجاح او فشل العلاقة غير محددة، لا سيما أن «عداد الحب» لا يتلقى سوى اسماء المحبين والمحبات، ثم يهرع الى «تشغيل العداد» ليتوقف عند نسبة محددة قد تكون خمسة في المئة او 99 في المئة هي نسبة نجاح العلاقة.
وفي «العدادات» الأكثر تقدماً، يقدم العداد تبريراً لنجاح العلاقة او لفشلها، مثل «محمد رومانسي جداً، ومنى لن تجد من يحبها أكثر منه» أو «هيفاء مجنونة والافضل لماجد أن ينساها تماماً» ولعل اغرب اسباب التوقع بفشل العلاقة ما ظهر عند احد العدادات «المتقدمة» إذ جاء في حيثيات الحكم بالفشل أن «هانية لا تستحم بالقدر الكافي».
ولمن لا يبغي قياساً لعلاقته العاطفية، فهناك قناة فضائية مخصصة لقراءة الرسائل «إلكترونياً» فيرسل المشاهد رسالته، مثلاً «اسد الخليج يبغي ان يتعرف على حسناء الشام» فتقرأها احدى الشخصيات الكرتونية إلكترونياً لتخرج الكلامات اقرب الى افلام الخيال العلمي الهزلية.
وبغض النظر عن المتعة في سماع رسائل المشاهدين بهذه الطريقة، فإن البعض من اصحاب التفكير المحافظ المنعوت «بالرجعية» يعترض بين الحين والآخر على نوعية معينة من الرسائل القصيرة التي تجرى في شريط اسفل بعض الشاشات الفضائية، وتكون على وتيرة «زوجة تعاني من الوحدة تبحث عن من يؤنس وحدتها» او «شاب وسيم وناضج يبحث عن سيدة ناضجة تشاركه لحظات جنونه»، وهكذا...
خاطبة فضائية
لكن علاقات الحب ومحاولات البحث عن الغرام على أثير الفضائيات ليست كلها في إطار الممنوع أو الحرمانية، بل ظهرت اخيراً نوعية من الفضائيات الساعية الى توثيق البحث الأزلي للرجل عن المرأة والعكس في شكل شرعي، فها هي «وسيط الخير» تقوم بدور الخاطبة الفضائية، وإن كانت نسبة كبيرة من اصحاب طلبات الزواج من المتزوجين الباحثين عن الزوجة رقم اثنين او ربما ثلاثة.
وهناك كذلك مشاريع قنوات ذات الصبغة نفسها في طور الاعداد مثل «قلب تي في» و «زواج» والاخيرة تنوي اختراق عالم «تلفزيـون الواقع» من منظور اخلاقي اسلامي اصولي، إذ تنقل وقائع معيشة مجموعة من الشباب العربي في بيت على غرار «ستار اكاديمي»، ولكنهم من الذكور فقط المقبلين أو الراغبين في الزواج على مدى اسابيع عدة حيث تتم تهيئتهم لتحمل مسؤولية الزواج «دينياً واخلاقياً» وفي كل اسبوع يبرح احدهم البيـت بنـاء على تـصويت المشاهدين، وهكذا الى أن يفوز واحد منهم في نهاية البرنامج.
عموماً، ما علينا سوى الانتظار حتى نرى ونعايش القدر الذي ستخترق فيه الفضائيات قلوبنا وحياتنا العاطفية وعلاقاتنا الغرامية، بعدما اخترقت عقولنا وغرف جلوسنا.