yasmeen
01-18-2006, 08:12 AM
لم يكن روغوفا داعيا إلى استقلال كوسوفو ولا إلى استخدام العنف لتحقيق ذلك.. إلا أن مياها كثيرة جرت غيرت أفكاره
سراييفو: عبد الباقي خليفة
ألقى مرض الرئيس الكوسوفي ابراهيم روغوفا (62 سنة) بظلاله على الاوضاع السياسية في كوسوفو والمنطقة. كما زاد من مخاوف الكثير من الجهات المحلية والدولية، لانعكاس ذلك على الاوضاع الامنية والسياسية في كوسوفو، ولا سيما محادثات الوضع النهائي المقرر التوصل إليها هذا العام. وقد برز ذلك بوضوح بعد أن تعذر على الزعيم الالباني استقبال وزيري خارجية كل من ايطاليا واليونان اللذين زارا كوسوفو نهاية العام الماضي. ويعاني روغوفا الذي يلقبه البعض بـ«غاندي البلقان» من سرطان الرئة، حيث كشف بنفسه عن ذلك في خطاب موجه إلى شعبه في بداية سبتمبر (ايلول) الماضي.
لقد دعا مرض روغوفا إلى تسليط الاضواء مجددا على حركة التحرير في كوسوفو، وقصة روغوفا معها، إضافة لحياته، وأفكاره، ومسيرته السياسية، وأين وصلت اليوم. كان قدر روغوفا أن يولد سنة 1944، والحرب العالمية الثانية الى وشك الانتهاء، لتتشكل بعد الحرب الامبراطورية السوفياتية والبلدان التي تدور في فلكها، ومن بينها الاتحاد اليوغوسلافي السابق.
ولا يذكر روغوفا من تلك المرحلة إلا ما قرأه عنها بعد ذلك، لكنه عاش وترعرع في ظل نظام الرئيس اليوغوسلافي الاسبق جوزيف بروز تيتو، الذي تولى الحكم في يوغوسلافيا على رقعة جغرافية واسعة ضمت صربيا والجبل الاسود والبوسنة وكرواتيا وسلوفينيا ومقدونيا، بالاضافة إلى كوسوفو. وفي فترة الخمسينات والستينات كانت الأشواق القومية لا تزال متأججة، رغم سقوط النازية في المانيا، والفاشية في ايطاليا، واستسلام اليابان بعد ناغازاكي وهيروشيما، وأثار ذلك شغف ابراهيم روغوفا، ولامس شيئا في نفسه، تجاه وطنه الأم ألبانيا، أو على الأقل كوسوفو. كان ذلك بعد إنهائه التعليم الابتدائي والثانوي في مسقط رأسه، وتحوله للدراسة في جامعة السوربون بفرنسا، حيث درس اللسانيات او علوم اللغة. ورغم أنه قرأ للمنظرين الفرنسيين من انصار الحريات العامة من امثال مونتسكيو وروسو وفولتير، ورموز الثورة الفرنسية، إلا أن هواه كان شرقيا، فقد كان متأثرا بالمهاتما غاندي، إلى جانب تأثره برموز حركة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة الاميركية، مثل مارتن لوثر كنغ، ثم مالكوم اكس.
وفي العالم العربي قرأ روغوفا لجمال الدين الافغاني، ومحمد عبده، والكواكبي، كما يبدي اهتماما خاصا بفلسفة محمد إقبال. ورغم اهتمام روغوفا بالتجارب الفكرية والتحررية في العالم، واعجابه ونقده لها، إلا أنه ركز جل اهتمامه على بلده كوسوفو الذي عانى منذ عدة قرون من الصقالبة الجنوبيين، أو ما يعرف في المنطقة باسم السلاف القادمين لمنطقة البلقان، من جبال شمال آسيا في القرن التاسع، والذين عكروا صفو حياة الارناؤوطيين، وهم الالبان سكان المنطقة الاصليون. وقد توسع السلاف في المنطقة واستوطنوا عدة مناطق، ولا سيما ما يعرف اليوم باسم صربيا والجبل الاسود، والبوسنة، وجزء من مقدونيا، وكرواتيا، وكوسوفو. ولم يندحر الصرب عسكريا إلا بعد وصول العثمانيين إلى المنطقة. ومثلت معركة كوسوفو الحاسمة في عام 1389 منعرجا تاريخيا مهما في تاريخ البلقان وكوسوفو، حيث انهزم الصرب أمام العثمانيين، وقتل ملكهم لازار. لكن ضعف العثمانيين وانحسار ظلهم عن المنطقة، في أعقاب حرب البلقان عامي 1912 و 1913 ، مكّن الصرب من احتلال كوسوفو مرة أخرى.
وقد استمرت المقاومة الالبانية للاحتلال الصربي متقطعة على مر العصور، وعرفت انتعاشة بعد الحرب العالمية الثانية. ففي عام 1945 جرت مصادمات مسلحة بين الالبان والصرب، أعقبتها موجة من القمع المنظم مارسها نظام تيتو ضد الالبان في كوسوفو، وأجبر آلاف الشبان على الهجرة إلى تركيا. واستمر التململ الشعبي لعدة سنوات، وأخذ أشكالا مختلفة من التعبير، لا سيما المظاهرات التي كان ينظمها الطلبة الالبان للمطالبة بحقوقهم المشروعة، وتذكر في هذا الصدد خصوصا احتجاجات 1968 التي تعتبر من المحطات المهمة في تاريخ حركة التحرر الالباني، وهو ما دفع السلطات الشيوعية ببلغراد في ذلك الوقت إلى منح كوسوفو حكما ذاتيا.
إلا أن تلك الاصلاحات لم تكن عميقة بدرجة تلبي مطالب الالبان، فعادت الاضطرابات مجددا في عام 1981، وجوبهت تلك الاحتجاجات السلمية بإطلاق الرصاص على المتظاهرين الذين سقط العشرات منهم مضرجين بالدماء بين قتيل وجريح في ساحات بريشتينا، وبريزرن، وكوسفيسكا ميتروفيتسا، وغيرها. وبعد بضع سنوات من تلك الاحتجاجات التي قمعتها السلطات الشيوعية في ظل حكم تيتو بقسوة بالغة، تغيرت المعادلة، حيث عمد الالبان لاسلوب آخر، هو النيل من المستوطنين الصرب، الذين أوتي بهم من كرواتيا والبوسنة وصربيا والجبل الاسود، لتحقيق توازن ديمغرافي مع الالبان في كوسوفو. ففي 1988 تظاهر نحو 6 آلاف من المستوطنين الصرب ضد ما وصفوه بالمضايقات الالبانية.
ولم يتأخر رد ديكتاتور صربيا الجديد آنذاك سلوبودان ميلوشيفيتش، فأعلن الاخير في سنة 1989 إلغاء الحكم الذاتي لكوسوفو، مظهرا وجها قوميا عنصريا سافرا، معلنا حمايته للصرب. وقد كان خطاب ميلوشيفيتش نقطة تحول، ليس على مستوى الاوضاع في كوسوفو فحسب، بل يوغوسلافيا السابقة برمتها، وكان قرار إلغاء الحكم الذاتي في كوسوفو بمثابة إلغاء ليوغوسلافيا السابقة، وإعادة ترسيم الخارطة الجغرافية بالبلقان، بعد انتهاء الحرب الباردة، وانهيار الاتحاد السوفياتي، وظهور ما سمي في ذلك الوقت بالنظام العالمي الجديد. وبعد ذلك تطورت الاوضاع وظهرت حركات تطالب بالاستقلال التام عن يوغوسلافيا، في كل من كرواتيا وسلوفينيا ومقدونيا والبوسنة وكوسوفو، فقد جرت مصادمات جديدة بين الصرب والالبان في سنة 1990 وأعلنت كرواتيا وسلوفينيا الاستقلال عن يوغوسلافيا، وطالبت ألبانيا باستقلال كوسوفو. ولم يكن ابراهيم روغوفا غائبا عن تلك الاحداث، فعندما أعلن ميلوشيفيتش إلغاء الحكم الذاتي في كوسوفو كان روغوفا رئيسا لاتحاد الكتاب الألبان.
وفي 1990 طالب بإعادة الحكم الذاتي لكوسوفو وأعلن عن تشكيل حزب «الرابطة الديمقراطية». وفي 1992 انتخب من قبل شعبه رئيسا لجمهورية كوسوفو التي لم تعترف بها بلغراد. وتصاعد الغليان في كوسوفو باعتقال عشرات الالبان. ولاحقا مثلت اتفاقية دايتون للسلام في البوسنة التي تم التوصل إليها بين الفرقاء في قاعدة دايتون العسكرية بولاية اوهايو الاميركية في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) 1995، وتوقيعها بضمانات دولية في 14 ديسمبر (كانون الاول) من نفس العام في باريس، مصدر إلهام كبيراً للالبان في كوسوفو، وشجعت الالبان على المطالبة بالاستقلال. كما غير روغوفا رأيه من المطالبة بحكم ذاتي إلى الدعوة إلى استقلال كوسوفو، وطرأ على الساحة الالبانية في منتصف التسعينات من القرن الماضي تغيير كبير على صعيد الافكار، ولم تعد توجهات روغوفا السلمية، المستندة إلى مبادئ المهاتما غاندي، تقنع الكثير من الشباب الألباني في كوسوفو، لا سيما أن جمهوريات سلوفينيا وكرواتيا والبوسنة تمكنت من تحقيق الاستقلال، باستخدام النضال المسلح، بينما ظلت كوسوفو أسيرة الهيمنة الصربية، ولم تسعفها طريقة غاندي في الحصول على الاستقلال، وبدا روغوفا في نظر الكثير من الشباب مؤمنا بنظرية تناسخ الحلول والتجارب التي أثبتت عقمها في كوسوفو على الاقل. وقد أدى ذلك التقييم إلى ظهور قيادات جديدة تدعو للكفاح المسلح، وظهر جيش تحرير كوسوفو، ليس كتهديد للاحتلال الصربي فحسب، بل لزعامة روغوفا ذاته.
الا ان روغوفا عبر عن ارتياحه بعد صدور قرار مجلس الامن في 24 أكتوبر (تشرين الاول) 2005، القاضي ببدء محادثات الوضع النهائي في كوسوفو، وتعيين مارتي اهتساري مبعوثا خاصا للامين العام للامم المتحدة لمباحثات الوضع النهائي، ورحب روغوفا بذلك واعتبره «خطوة على الطريق الصحيح». وقال «هذا القرار انتظرناه طويلا، وعندما تصبح كوسوفو دولة مستقلة ستكون بلغراد وبريشتينا شريكتين ضمن العائلة الاوروبية والمجتمع الدولي».. فهل سيعيش روغوفا ذلك اليوم؟.
سراييفو: عبد الباقي خليفة
ألقى مرض الرئيس الكوسوفي ابراهيم روغوفا (62 سنة) بظلاله على الاوضاع السياسية في كوسوفو والمنطقة. كما زاد من مخاوف الكثير من الجهات المحلية والدولية، لانعكاس ذلك على الاوضاع الامنية والسياسية في كوسوفو، ولا سيما محادثات الوضع النهائي المقرر التوصل إليها هذا العام. وقد برز ذلك بوضوح بعد أن تعذر على الزعيم الالباني استقبال وزيري خارجية كل من ايطاليا واليونان اللذين زارا كوسوفو نهاية العام الماضي. ويعاني روغوفا الذي يلقبه البعض بـ«غاندي البلقان» من سرطان الرئة، حيث كشف بنفسه عن ذلك في خطاب موجه إلى شعبه في بداية سبتمبر (ايلول) الماضي.
لقد دعا مرض روغوفا إلى تسليط الاضواء مجددا على حركة التحرير في كوسوفو، وقصة روغوفا معها، إضافة لحياته، وأفكاره، ومسيرته السياسية، وأين وصلت اليوم. كان قدر روغوفا أن يولد سنة 1944، والحرب العالمية الثانية الى وشك الانتهاء، لتتشكل بعد الحرب الامبراطورية السوفياتية والبلدان التي تدور في فلكها، ومن بينها الاتحاد اليوغوسلافي السابق.
ولا يذكر روغوفا من تلك المرحلة إلا ما قرأه عنها بعد ذلك، لكنه عاش وترعرع في ظل نظام الرئيس اليوغوسلافي الاسبق جوزيف بروز تيتو، الذي تولى الحكم في يوغوسلافيا على رقعة جغرافية واسعة ضمت صربيا والجبل الاسود والبوسنة وكرواتيا وسلوفينيا ومقدونيا، بالاضافة إلى كوسوفو. وفي فترة الخمسينات والستينات كانت الأشواق القومية لا تزال متأججة، رغم سقوط النازية في المانيا، والفاشية في ايطاليا، واستسلام اليابان بعد ناغازاكي وهيروشيما، وأثار ذلك شغف ابراهيم روغوفا، ولامس شيئا في نفسه، تجاه وطنه الأم ألبانيا، أو على الأقل كوسوفو. كان ذلك بعد إنهائه التعليم الابتدائي والثانوي في مسقط رأسه، وتحوله للدراسة في جامعة السوربون بفرنسا، حيث درس اللسانيات او علوم اللغة. ورغم أنه قرأ للمنظرين الفرنسيين من انصار الحريات العامة من امثال مونتسكيو وروسو وفولتير، ورموز الثورة الفرنسية، إلا أن هواه كان شرقيا، فقد كان متأثرا بالمهاتما غاندي، إلى جانب تأثره برموز حركة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة الاميركية، مثل مارتن لوثر كنغ، ثم مالكوم اكس.
وفي العالم العربي قرأ روغوفا لجمال الدين الافغاني، ومحمد عبده، والكواكبي، كما يبدي اهتماما خاصا بفلسفة محمد إقبال. ورغم اهتمام روغوفا بالتجارب الفكرية والتحررية في العالم، واعجابه ونقده لها، إلا أنه ركز جل اهتمامه على بلده كوسوفو الذي عانى منذ عدة قرون من الصقالبة الجنوبيين، أو ما يعرف في المنطقة باسم السلاف القادمين لمنطقة البلقان، من جبال شمال آسيا في القرن التاسع، والذين عكروا صفو حياة الارناؤوطيين، وهم الالبان سكان المنطقة الاصليون. وقد توسع السلاف في المنطقة واستوطنوا عدة مناطق، ولا سيما ما يعرف اليوم باسم صربيا والجبل الاسود، والبوسنة، وجزء من مقدونيا، وكرواتيا، وكوسوفو. ولم يندحر الصرب عسكريا إلا بعد وصول العثمانيين إلى المنطقة. ومثلت معركة كوسوفو الحاسمة في عام 1389 منعرجا تاريخيا مهما في تاريخ البلقان وكوسوفو، حيث انهزم الصرب أمام العثمانيين، وقتل ملكهم لازار. لكن ضعف العثمانيين وانحسار ظلهم عن المنطقة، في أعقاب حرب البلقان عامي 1912 و 1913 ، مكّن الصرب من احتلال كوسوفو مرة أخرى.
وقد استمرت المقاومة الالبانية للاحتلال الصربي متقطعة على مر العصور، وعرفت انتعاشة بعد الحرب العالمية الثانية. ففي عام 1945 جرت مصادمات مسلحة بين الالبان والصرب، أعقبتها موجة من القمع المنظم مارسها نظام تيتو ضد الالبان في كوسوفو، وأجبر آلاف الشبان على الهجرة إلى تركيا. واستمر التململ الشعبي لعدة سنوات، وأخذ أشكالا مختلفة من التعبير، لا سيما المظاهرات التي كان ينظمها الطلبة الالبان للمطالبة بحقوقهم المشروعة، وتذكر في هذا الصدد خصوصا احتجاجات 1968 التي تعتبر من المحطات المهمة في تاريخ حركة التحرر الالباني، وهو ما دفع السلطات الشيوعية ببلغراد في ذلك الوقت إلى منح كوسوفو حكما ذاتيا.
إلا أن تلك الاصلاحات لم تكن عميقة بدرجة تلبي مطالب الالبان، فعادت الاضطرابات مجددا في عام 1981، وجوبهت تلك الاحتجاجات السلمية بإطلاق الرصاص على المتظاهرين الذين سقط العشرات منهم مضرجين بالدماء بين قتيل وجريح في ساحات بريشتينا، وبريزرن، وكوسفيسكا ميتروفيتسا، وغيرها. وبعد بضع سنوات من تلك الاحتجاجات التي قمعتها السلطات الشيوعية في ظل حكم تيتو بقسوة بالغة، تغيرت المعادلة، حيث عمد الالبان لاسلوب آخر، هو النيل من المستوطنين الصرب، الذين أوتي بهم من كرواتيا والبوسنة وصربيا والجبل الاسود، لتحقيق توازن ديمغرافي مع الالبان في كوسوفو. ففي 1988 تظاهر نحو 6 آلاف من المستوطنين الصرب ضد ما وصفوه بالمضايقات الالبانية.
ولم يتأخر رد ديكتاتور صربيا الجديد آنذاك سلوبودان ميلوشيفيتش، فأعلن الاخير في سنة 1989 إلغاء الحكم الذاتي لكوسوفو، مظهرا وجها قوميا عنصريا سافرا، معلنا حمايته للصرب. وقد كان خطاب ميلوشيفيتش نقطة تحول، ليس على مستوى الاوضاع في كوسوفو فحسب، بل يوغوسلافيا السابقة برمتها، وكان قرار إلغاء الحكم الذاتي في كوسوفو بمثابة إلغاء ليوغوسلافيا السابقة، وإعادة ترسيم الخارطة الجغرافية بالبلقان، بعد انتهاء الحرب الباردة، وانهيار الاتحاد السوفياتي، وظهور ما سمي في ذلك الوقت بالنظام العالمي الجديد. وبعد ذلك تطورت الاوضاع وظهرت حركات تطالب بالاستقلال التام عن يوغوسلافيا، في كل من كرواتيا وسلوفينيا ومقدونيا والبوسنة وكوسوفو، فقد جرت مصادمات جديدة بين الصرب والالبان في سنة 1990 وأعلنت كرواتيا وسلوفينيا الاستقلال عن يوغوسلافيا، وطالبت ألبانيا باستقلال كوسوفو. ولم يكن ابراهيم روغوفا غائبا عن تلك الاحداث، فعندما أعلن ميلوشيفيتش إلغاء الحكم الذاتي في كوسوفو كان روغوفا رئيسا لاتحاد الكتاب الألبان.
وفي 1990 طالب بإعادة الحكم الذاتي لكوسوفو وأعلن عن تشكيل حزب «الرابطة الديمقراطية». وفي 1992 انتخب من قبل شعبه رئيسا لجمهورية كوسوفو التي لم تعترف بها بلغراد. وتصاعد الغليان في كوسوفو باعتقال عشرات الالبان. ولاحقا مثلت اتفاقية دايتون للسلام في البوسنة التي تم التوصل إليها بين الفرقاء في قاعدة دايتون العسكرية بولاية اوهايو الاميركية في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) 1995، وتوقيعها بضمانات دولية في 14 ديسمبر (كانون الاول) من نفس العام في باريس، مصدر إلهام كبيراً للالبان في كوسوفو، وشجعت الالبان على المطالبة بالاستقلال. كما غير روغوفا رأيه من المطالبة بحكم ذاتي إلى الدعوة إلى استقلال كوسوفو، وطرأ على الساحة الالبانية في منتصف التسعينات من القرن الماضي تغيير كبير على صعيد الافكار، ولم تعد توجهات روغوفا السلمية، المستندة إلى مبادئ المهاتما غاندي، تقنع الكثير من الشباب الألباني في كوسوفو، لا سيما أن جمهوريات سلوفينيا وكرواتيا والبوسنة تمكنت من تحقيق الاستقلال، باستخدام النضال المسلح، بينما ظلت كوسوفو أسيرة الهيمنة الصربية، ولم تسعفها طريقة غاندي في الحصول على الاستقلال، وبدا روغوفا في نظر الكثير من الشباب مؤمنا بنظرية تناسخ الحلول والتجارب التي أثبتت عقمها في كوسوفو على الاقل. وقد أدى ذلك التقييم إلى ظهور قيادات جديدة تدعو للكفاح المسلح، وظهر جيش تحرير كوسوفو، ليس كتهديد للاحتلال الصربي فحسب، بل لزعامة روغوفا ذاته.
الا ان روغوفا عبر عن ارتياحه بعد صدور قرار مجلس الامن في 24 أكتوبر (تشرين الاول) 2005، القاضي ببدء محادثات الوضع النهائي في كوسوفو، وتعيين مارتي اهتساري مبعوثا خاصا للامين العام للامم المتحدة لمباحثات الوضع النهائي، ورحب روغوفا بذلك واعتبره «خطوة على الطريق الصحيح». وقال «هذا القرار انتظرناه طويلا، وعندما تصبح كوسوفو دولة مستقلة ستكون بلغراد وبريشتينا شريكتين ضمن العائلة الاوروبية والمجتمع الدولي».. فهل سيعيش روغوفا ذلك اليوم؟.