وليم
01-17-2006, 01:30 PM
تأليف: محمد الباز
http://www.kotobarabia.com/BooksPhotos/2229_4492W.jpg
ليس افتراءً عليهم... فكلنا في النهاية منافقون.. نتفنن في إخفاء آلامنا حتى لا يشمت فينا الناس، نحبس دموعنا بقسوة لنظهر أمام الناس ونحن في منتهى السعادة.. في النهاية تعوَّدنا على ذلك ولا داعي للقلق إذن، لكن المزعج هو النفاق الديني.. النفاق الاجتماعي أمره بسيط.. الذي يأتيه شيوخنا الكبار والذي جعلنا لا نستثني منهم أحدًا فهم جميعا أهل نفاق ، نفاق ممتد من الله إلى الحكام، لا فرق بينهما في ذلك.
نفاق الله يغلف برداء من التقوى والورع وادعاء الخوف على محرمات الله، وراجع فقط خطب شيوخ المساجد، وأحاديث علماء الدين في التليفزيون والراديو، وكتبهم الكثيرة التي تضج بها الأرصفة تجد كلها ادعاءات بأنهم وحدهم جنود الله وحراس دينه، القائمون على الدعوة الإسلامية بكل ما عندهم من قوة..
أمَّا الآخرون.. الذين هم نحن طبعًا.. فهم دائمًا مقصرون في عبادتهم وفي عقيدتهم وفي خدمتهم للدين، وسيجد الموطن المصري بعد تعبه ونصبه نفسه محاطًا باتهام شيخ أزهري له بأنه رجل فاسد وفاسق لأنه يرى حرمات الله تنتهك أمامه ولا يحمر وجهه خجلاً، ولا تفور الدماء في رأسه فيعترض، مع أن هذا المواطن البسيط يكون كله أمل أن يرضى الله عنه فقط بدون فلسفة أو استعراض عضلات، تجد الشيوخ يقومون بالصلاة من خلال مكبرات الصوت يطيلون في القراءة والدعاء والابتهال إلى الله.. لتتحول الصلاة بهم من ظاهرة تعبدية هدفها التقرب إلى الله إلى ظاهرة صوتية كلامية.. فالأذان يحطم آذان الناس من خلال مكبر صوت لا يرحم، وكذلك الإقامة..
ثم تبدأ التلاوة والدعاء الذي يُقطِّع القلب ويُلْهِب العيون من البكاء ظنًا منهم أن الله بهذا يقبلهم في عباده الصالحين، مع أن الجنة ليست فقط لأصحاب الأصوات العالية، نفاق الشيوخ لربنا سبحانه وتعالى هو كفيل به، لا تخفى عنه خافية وهو وحده القادر على معرفة مقدار نفاقهم وفضحهم في الدنيا والآخرة، في الدنيا يحدث ذلك بأن يسلط الله من بين عباده شيوخًا وعلماء يفضحون ضعف الشيوخ ويوضِّحون للناس أوجه نفاقهم ولا يمكن أن نغفل صيحات.. الكاتب الكبير خالد محمد خالد – يرحمه الله – الذي هزَّ الشيوخ وحذرهم من استخدام كلمة لكن.. فهي لكن المنافقة التي يداهنون بها ويطالبون من خلالها أن يلتمس الآخرون لهم العذر، تجاوزت شجاعة الرجل وصراحته من فضح نفاق الشيوخ لله إلى فضح نفاقهم للحاكم.. انظر فقط إلى قوله:
«ألا يمكن أن يكون إعجابي بالديمقراطية وولائي لها وإيماني الوثيق بها ضربًا من ذلك اللغط المتفشي حولها؟ إن نظامنا الحاكم يتعامل معها بوصفها ديكورًا يزيده زخرفًا وجمالاً والداعون إلى الدين -بزعمهم – يجتثونها من قاموس الكلمات المؤمنة، وكثير من المثقفين يصابون بالغثيان عند سماع اسمها."
وبثقة يتحدث عن ديمقراطية مبارك:
"جاء مبارك فأحدث في الديمقراطية بعض التوسعات، لا لحساب الديمقراطية كمبدأ ونظام، بل لحساب حكمه وحزبه، وربما أيضًا وفاءً لميراث زعيمه السادات، وكان– لا يزال كسابقيه- يخاف الحرية؛ ومن ثم فهو يعطي الديمقراطية بقدر، أو على حد تعبيره جرعة جرعة!!"..
وعلامات التعجب وضعها خالد محمد خالد الله يرحمه.
تأمَّل بعد ذلك كلمات الشيوخ التي تسابقت لتؤكد ولاءها للحاكم في إنجازاته رغم إحباط الشارع المصري كله، وقف المفتي د. نصر فريد واصل بكل ثقة يبحث عن تخريجات شرعية ليستمر الحاكم مدى الحياة، وتحدَّث شيخ الأزهر عن ضرورة أن يعترف الناس بالجميل وألا يجحدوا فضل الحكومة عليهم.
ليس غريبًا إذن أن يفقد الناس الثقة في شيوخهم؛ فهم في النهاية لا يُعبِّرون عن الناس، بل يُعبِّرون عن الحاكم؛ وعليه فلينفعهم الحاكم، بكل بساطة المصريين وسذاجتهم انصرفوا بشكل كامل عن شيوخ المساجد وعن شيوخ التليفزيون فوقعوا في أيدى المتطرفين تارة، ووقعوا في أيدي الانحراف تارات أخرى وهم في الحالتين ضحايا رغبة الشيوخ في الحفاظ على كراسيهم ومقاعدهم.
أظن أن الخلل يبدأ من هنا، من نقطة اعتبار الشيوخ أن الدعوة إلى الإسلام وسيلة، أداة وليست هدفًا، وسيلة للحصول على لقمة العيش والوصول إلى مناصب معينة يحصدون من خلالها السلطة والوجاهة الاجتماعية والأموال طبعًا، انضمام الشيوخ إلى زمرة المنافقين ليس حكمنا ولكنه حكم الواقع الذي ضجَّ بهم ومنهم، فأوصلوا أنفسهم إلى درجة أنهم أصبحوا مادة للنكت والسخرية، ليست النكت العلنية التي يمكن أن يسمعها الناس في التليفزيون، ولكنها النكت التي يتعاطها الناس على المقاهي وفي الطرقات وفي الاجتماعات المغلقة.. فهم لا يبتعدون بهم عن النكت الجنسية فهم فيها دائمًا في موقع المفعول بهم.. لأنهم جعلوا من دعوتهم أداة.. فأخذهم الحاكم أداة.. وقالوها زمان:
"اللي يعمل ضهره قنطرة يستحمل الدوس" فاستحملوا يا مشايخ..!!
http://www.kotobarabia.com/BooksPhotos/2229_4492W.jpg
ليس افتراءً عليهم... فكلنا في النهاية منافقون.. نتفنن في إخفاء آلامنا حتى لا يشمت فينا الناس، نحبس دموعنا بقسوة لنظهر أمام الناس ونحن في منتهى السعادة.. في النهاية تعوَّدنا على ذلك ولا داعي للقلق إذن، لكن المزعج هو النفاق الديني.. النفاق الاجتماعي أمره بسيط.. الذي يأتيه شيوخنا الكبار والذي جعلنا لا نستثني منهم أحدًا فهم جميعا أهل نفاق ، نفاق ممتد من الله إلى الحكام، لا فرق بينهما في ذلك.
نفاق الله يغلف برداء من التقوى والورع وادعاء الخوف على محرمات الله، وراجع فقط خطب شيوخ المساجد، وأحاديث علماء الدين في التليفزيون والراديو، وكتبهم الكثيرة التي تضج بها الأرصفة تجد كلها ادعاءات بأنهم وحدهم جنود الله وحراس دينه، القائمون على الدعوة الإسلامية بكل ما عندهم من قوة..
أمَّا الآخرون.. الذين هم نحن طبعًا.. فهم دائمًا مقصرون في عبادتهم وفي عقيدتهم وفي خدمتهم للدين، وسيجد الموطن المصري بعد تعبه ونصبه نفسه محاطًا باتهام شيخ أزهري له بأنه رجل فاسد وفاسق لأنه يرى حرمات الله تنتهك أمامه ولا يحمر وجهه خجلاً، ولا تفور الدماء في رأسه فيعترض، مع أن هذا المواطن البسيط يكون كله أمل أن يرضى الله عنه فقط بدون فلسفة أو استعراض عضلات، تجد الشيوخ يقومون بالصلاة من خلال مكبرات الصوت يطيلون في القراءة والدعاء والابتهال إلى الله.. لتتحول الصلاة بهم من ظاهرة تعبدية هدفها التقرب إلى الله إلى ظاهرة صوتية كلامية.. فالأذان يحطم آذان الناس من خلال مكبر صوت لا يرحم، وكذلك الإقامة..
ثم تبدأ التلاوة والدعاء الذي يُقطِّع القلب ويُلْهِب العيون من البكاء ظنًا منهم أن الله بهذا يقبلهم في عباده الصالحين، مع أن الجنة ليست فقط لأصحاب الأصوات العالية، نفاق الشيوخ لربنا سبحانه وتعالى هو كفيل به، لا تخفى عنه خافية وهو وحده القادر على معرفة مقدار نفاقهم وفضحهم في الدنيا والآخرة، في الدنيا يحدث ذلك بأن يسلط الله من بين عباده شيوخًا وعلماء يفضحون ضعف الشيوخ ويوضِّحون للناس أوجه نفاقهم ولا يمكن أن نغفل صيحات.. الكاتب الكبير خالد محمد خالد – يرحمه الله – الذي هزَّ الشيوخ وحذرهم من استخدام كلمة لكن.. فهي لكن المنافقة التي يداهنون بها ويطالبون من خلالها أن يلتمس الآخرون لهم العذر، تجاوزت شجاعة الرجل وصراحته من فضح نفاق الشيوخ لله إلى فضح نفاقهم للحاكم.. انظر فقط إلى قوله:
«ألا يمكن أن يكون إعجابي بالديمقراطية وولائي لها وإيماني الوثيق بها ضربًا من ذلك اللغط المتفشي حولها؟ إن نظامنا الحاكم يتعامل معها بوصفها ديكورًا يزيده زخرفًا وجمالاً والداعون إلى الدين -بزعمهم – يجتثونها من قاموس الكلمات المؤمنة، وكثير من المثقفين يصابون بالغثيان عند سماع اسمها."
وبثقة يتحدث عن ديمقراطية مبارك:
"جاء مبارك فأحدث في الديمقراطية بعض التوسعات، لا لحساب الديمقراطية كمبدأ ونظام، بل لحساب حكمه وحزبه، وربما أيضًا وفاءً لميراث زعيمه السادات، وكان– لا يزال كسابقيه- يخاف الحرية؛ ومن ثم فهو يعطي الديمقراطية بقدر، أو على حد تعبيره جرعة جرعة!!"..
وعلامات التعجب وضعها خالد محمد خالد الله يرحمه.
تأمَّل بعد ذلك كلمات الشيوخ التي تسابقت لتؤكد ولاءها للحاكم في إنجازاته رغم إحباط الشارع المصري كله، وقف المفتي د. نصر فريد واصل بكل ثقة يبحث عن تخريجات شرعية ليستمر الحاكم مدى الحياة، وتحدَّث شيخ الأزهر عن ضرورة أن يعترف الناس بالجميل وألا يجحدوا فضل الحكومة عليهم.
ليس غريبًا إذن أن يفقد الناس الثقة في شيوخهم؛ فهم في النهاية لا يُعبِّرون عن الناس، بل يُعبِّرون عن الحاكم؛ وعليه فلينفعهم الحاكم، بكل بساطة المصريين وسذاجتهم انصرفوا بشكل كامل عن شيوخ المساجد وعن شيوخ التليفزيون فوقعوا في أيدى المتطرفين تارة، ووقعوا في أيدي الانحراف تارات أخرى وهم في الحالتين ضحايا رغبة الشيوخ في الحفاظ على كراسيهم ومقاعدهم.
أظن أن الخلل يبدأ من هنا، من نقطة اعتبار الشيوخ أن الدعوة إلى الإسلام وسيلة، أداة وليست هدفًا، وسيلة للحصول على لقمة العيش والوصول إلى مناصب معينة يحصدون من خلالها السلطة والوجاهة الاجتماعية والأموال طبعًا، انضمام الشيوخ إلى زمرة المنافقين ليس حكمنا ولكنه حكم الواقع الذي ضجَّ بهم ومنهم، فأوصلوا أنفسهم إلى درجة أنهم أصبحوا مادة للنكت والسخرية، ليست النكت العلنية التي يمكن أن يسمعها الناس في التليفزيون، ولكنها النكت التي يتعاطها الناس على المقاهي وفي الطرقات وفي الاجتماعات المغلقة.. فهم لا يبتعدون بهم عن النكت الجنسية فهم فيها دائمًا في موقع المفعول بهم.. لأنهم جعلوا من دعوتهم أداة.. فأخذهم الحاكم أداة.. وقالوها زمان:
"اللي يعمل ضهره قنطرة يستحمل الدوس" فاستحملوا يا مشايخ..!!