المهدى
01-17-2006, 09:09 AM
خالص جلبي
سيكولوجية السيطرة والانصياع
(كيف يتغير الانسان بامتلاكه القوة من انسان طيب الى شيطان مريد؟ من يقرر الطغيان ليست الأخلاق الفردية بل الوسط الاجتماعي. تجربة ستانفورد تثير الذعر عن طبيعة الانسان)
روى لي معتقل سياسي يساري في بلد عربي لبث في السجن مدة 12 عاماً بسبب تورطه في تنظيم سري، وكان أفضل حظاً من آخرين كثر؛ فقد قضاها في زنزانة جماعية، وهناك من بقي في الإفرادية أطول فخرج يترنح بين الجنون والعبقرية. ورياض الترك بقي في الإفرادية سبع عشرة سنة، حتى رأيته معافى يتكلم في صالة القناطر في مونتريال من كندا ففركت عيني؟ وكتبت عنه مقالة في جريدة الشرق الأوسط بعنوان سفر الخروج من نفق الديكتاتورية إلى فضاء الحرية.
قال لي السجين السياسي: في إحدى الليالي أراد أن يعاقبنا السجَّان لسبب فلم يعثر عليه، ولكنه رأى أحد الناس يصلي؛ فلما طلب منه المثول بين يديه وترك ربه الأعلى، استمر الرجل في عبادته فلم يشأ أن يقطع صلاته؛ فكلفه هذا أن يسحبه السجَّان، ويرمى به الليالي ذوات العدد في إفرادية مظلمة. كان من يحكم وينفذ هذا جلاد برتبة عريف يملك من الصلاحية أن يتصرف في مصائر الأفراد كيفما يحلو له بالتعذيب والإذلال.
إن هذه القصة تحكي مرض (علاقات القوة) بين الناس وتتبدى في صورتها العارية في السجن. وكما قال (أتيين لابواسييه) في كتابه (العبودية المختارة عام 1562 م):(يجب أن لا نراهن على الطيبة الموجودة في الانسان طالما يمكنه أن يؤذي، ومعه مفاتيح القوة). نعم يجب عدم المراهنة على طيبة الإنسان بل فرامل تكبحه كما في تركيبة السيارة بين دعسة البنزين والفرامل، وإلا كان مصير السيارة في أول خروج كارثة. وهو ما يحدث من الكوارث اليومية في العالم العربي فيموت البشر دهسا وقتلا ونفيا وموتا في الحياة.
وجميل ما ذكره باسكال: (أي شيء هذا الانسان الذي يجمع بين الحكمة وبالوعة الضلال أن يكون قديسا أو وحشا. في كل فرح حزن. ومع كل حياة مأتم. فمن يحل لنا هذا التناقض؟)
في ألمانيا عرض فيلم (التجربةDas Experiment) في شهر مارس من عام 2001 م عن العلاقة بين السجان والمسجون والجلاد والضحية فذعر الناس من رؤية الوحش المختبيء داخل كل منا ينتظر لحظة الانقضاض. كان الفيلم تكرار لتجربة (ستانفورد Stanford) التي طبقت عام 1971 في كاليفورنيا التي كانت الأولى والأخيرة في هذا النوع من تجارب علم النفس بسبب الضجة الهائلة التي أطلقتها في الوسط الأمريكي. ما هي القوة؟ يقول (فيليب زيمباردو Philip Zimbardo) عالم النفس الاجتماعي الأمريكي:(إنها متعة الالهة افروديت). ويقول الغزالي في كتابه الأحياء: (إنها أعظم اللذات قاطبة ولا تقترب منها اللذة الجنسية بحال ولا تقارن)؛ فهي ممارسة الألوهية بدون اسمها، وهي آخر ما يخرج من =قلوب الصالحين. صدق الأعرابي حينما وصف متعتها: (يا حبذا الإمارة ولو كانت على الحجارة)، أو على الجثث عند السياسيين.
يروى عن (لينين) قوله:(إن موت ثلاثة أرباع الشعب الروسي ليس بشيء والمهم أن يصبح الربع الباقي منهم شيوعيين)، و(لينين) كان كاتباً محترفاً ألَّف أكثر من55 كتاباً، ولم يمارس القتل بنفسه قط، ولكنه بعد السلطة أرسل الى الموت الملايين بجرة قلم؟ أما (ستالين) فاعتبر أن موت انسان تراجيديا، ولكن موت الملايين مسألة إحصائية. وضمن الملف السري للينين الذي كشف عنه النقاب أخيراً، وسمح للباحثين بالإطلاع عليه، في سرداب تحت الأرض، بثلاث أبواب، تصمد لضربة نووية، تمت قراءة خطابات لينين الأصلية، وكيف كانت حياة الناس تنهى في كلمات وجمل قصيرة، فكل انسان لايزيد عن نقطة من حرف. وعرف عنه تلهفه لتحقيق أفكاره بموجب خرافة عجيبة، فمع أن كل من حوله وكل الظروف وكل أفكار (كارل ماركس) كانت تقول إن الشيوعية هي ولادة من آخر مراحل الرأسمالية، وأن المجتمع الروسي متأخر لم يدخل المرحلة الرأسمالية بعد، إلا أن لينين قام بحرق المراحل لوقوعه تحت تأثير نبوءة من سيبريا، وقول لطبيب في سويسرا، أن دماغه معتل ولن يعمر طويلاً؟ وفعلاً مات لينين عن عمر صغير وأقام شيوعية بنسخة مزورة بالإرهاب الأحمر، وحرق المراحل بما فيها حرق شعب بأكمله، فأرسله في طوابير لاتنتهي الى الموت. وكان الشيوعيون يحشدون كل المؤمنين به للحج الأكبر ليزوروا ضريحه فلا يتجاوزوا اليوم المئات، أمام عزم الحكومة السوفيتية على إنهاء خرافة معصوميته، وكان سوق الملايين من الناس زورا في طوابير ذليلة يتبركون برؤيته ويتمسحون بقبره، وأما كلفة حفظ جسمه مبرداً فهذا كان من عمل مؤسسة على مدار الساعة بميزانية تعد بالملايين؟
صدق الرسول ص:(خير القبور الدَّرس)، وعندما يمنح انسان مفاتيح القوة فإنه يتغير على نحو درامي في تصرفاته ومشيته ولحن قوله بل وحتى توقيعه الشخصي. قد كانت توقيعات نابوليون أثناء ممارسة السلطة كبيرة واثقة وعند نهايته صغيرة رجراجة. وتظهر دراسات علم النفس ثلاث حقائق: كم هو سهل أن يتحول الانسان الطيب العادي مع القوة إلى شيطان مريد. وأن هذا يخص كل واحد منا فلا يتفلت من هذا القانون أحد. وأن داخل كل منا يجلس فرعون عظيم جاهز لقطع أطراف السحرة وصلبهم في جذوع النخل. وأن قنص السلطة يحرض المزيد مثل نار جهنم تقول هل من مزيد فلا تعرف الشبع أبدا. كلا إن الانسان ليطغى أن رآه استغنى. كانت الخلاصة التي خرجت بها تجربة (ستانفورد) تدعو للخوف حقاً وأنها (ظاهرة) تتخلل كل المستويات والشرائح الاجتماعية.
إن القوة نادراً ما تظهر على شكلها العاري كما يصف ذلك الفيلسوف (برتراند راسل) في كتابه (السلطان) ولا تحتاج أن تظهر على شكل سجن وسجَّانين وهراوات وقضبان؛ بل على شكل ألوان وملابس وشارات. فبين (مساعد) في الجيش و(لواء) تهتز من تحته الأرض شارات على الكتف. ولون المعطف الأزرق لعمال الخدمات يكتب مكانة صاحبها أمام أصحاب المعاطف البيضاء من الأطباء معلقة في رقابهم السماعات، بل وحتى بين الأطباء فكلما ثقل جيب المعطف بأدوات الفحص، كان صاحبها أقرب أن يكون طبيباً مقيماً، فإذا لبس الطبيب معطفاً خالياً إلا من قلم بسيط كان عنوان المهابة: إنه رئيس الأطباء. وإذا جاء (ملف) بلون معين إلى (موظف معين) دارت أعينه كالذي يغشى عليه من الموت: إنه من (المعلم) ومستعجل، ويضخ الأدرينالين معها في العروق ضخاً ليرفع ضغط الدم رفعاً فكانت فاتحة لشلل وخرس وسكتة قلبية.
مازلت اذكر أنا شخصياً عندما (ضبطني) شرطي في بلد عربي في مخالفة سير. كانوا كمن يلقي القبض على أفاك أثيم عتل بعد ذلك زنيم. لقد كانت متعة لهم بدون حدود في ممارسة القوة. وأتذكر بالمقابل في مدينة (براون شفايج) الألمانية عندما اقتربت مني (شرطية) لتقول لي بلطف وأدب الا ترى أنك مخالف هل تحب أن تدفع عشر ماركات؟
إنها روح تتخلل المشافي والمؤسسات الدينية والدوائر الحكومية والمدارس والشركات بل وحتى ضمن العلاقات الزوجية بين الرجل والمرأة. أليست تابعاً مادياً له؟ إن المرأة يتملكها الخوف الشديد في المجتمع العربي بعد تبخر الجمال وزوال نضارة الشباب والتقدم في السن أن يطلقها زوجها ليلقي بها في الشارع بدون أي ضمانة وحماية أو تعويض عن كل رحلة الحياة. لذا تحاول الاعتماد على رفع مهر المتأخر بدون فائدة، أو تكويم الذهب ما أمكن لعله ينفعها في يومها الأسود إذا زلزلت الأرض زلزالها وانفجر بركان الرجل.
إن هذا الوضع طوَّره الغرب وفي الطلاق لا تخرج المرأة خاوية الوفاض صفر اليدين إلا من مهر متأخر دراهم معدودة غير مضمونة؛ بل بنصف ثروة الرجل. هكذا تبدو تظاهرات القوة وفي كل مجال ومكان. أحياناً على نحو غامض وغالباً في تفصيلات مخجلة ومهينة بسبب نظام (التراتبية) في المجتمع، وتقسيم الناس الى أعلى وأسفل. وفي مجلة (اليونسكو) أظهرت لوحة الغلاف في أحد الأعداد البشر على طبقات تحمل كل طبقة ما فوقها. السفلى أعرض وأمتن وفوقها تجلس شريحة مرتاحة أصغر حجماً وأشد قوة. صعوداً حتى القمة، حيث تحكم الأقلية والنخبة. وفي القاع تتمدد أكثرية خانعة خائفة محجوزة في مثلث الرعب تدفع الضرائب عن يد وهم صاغرون.
هكذا صدر المنشور الشيوعي في مطلع القرن: في القمة (القلة الحاكمة) وبجانبها كلمة (نحن نحكمكم). وتحتها شريحة أعرض من الكهنة ورجال الدين والحقوقيين وبجانبها كلمة (نحن نخدعكم). وأسفل منه الجنود بالحراب وبجانبها كلمة (نحن نقتلكم). وفي الأسفل تماماً العمال والفلاحون وبجانبها كلمة (نحن نطعمكم ونخدمكم) وطبعاً ونحمل كل ثقلكم.
اعتبر الفيلسوف (فردريك نيتشه) :(أنه حيث الحياة هناك الرغبة. ولكنها ليست الرغبة في الحياة. بل الرغبة في امتلاك القوة). ولكن فيلسوف الحداثة (ميشيل فوكو) اعتبر أن كل المجتمع غاطس في حوض من علاقات القوة (فالكل يحارب الكل) في حرب أهلية مبطنة غير معلنة. وفي هذا الخضم العارم من النزاع وعلاقات القوة فإن الأقوياء يسعون ليس الى بناء علاقات إنسانية؛ بل إلى إزالة الطواغيت واستبدالهم بطواغيت جدد، ولذا فإن ما جاء بالقوة أعاد مرض القوة، وهذا سر استعصاء الحياة السياسية في العالم العربي؛ لأنه مبني على علاقات القوة؛ فمن أراد التغيير عمد الى القوة، ومن ملك أراد أن يستمر في أي صورة وتحت أي اسم، طالما لاتوجد قوة تقدر على الإطاحة به. صرح بهذا مسئول قومي، وأكده مفكر إسلامي، أن الحاكم يملك الرقاب تحت قانون (الغلبة والقهر) فبهذا قال فقهاء العصر العباسي. صدق فالعالم الاسلامي انفك عن أحداث العالم، وانفصم عن صيرورة التاريخ، وأمواج المعاصرة، واستطاع الغرب فك هذه الإشكالية التي عجز عنها العالم الاسلامي.
إن المواطن العربي اليوم يضع على عينيه نظارة من صنع إيطاليا، ويستخدم التلفون الجوال، ويجري الجراح عملية مرارة بدون شق البطن، كما يستخدم الجندي العربي الصواريخ في الحرب، ولكن الوطن العربي يعجز عن نقل الوضع الدستوري، وبناء الديموقراطية، والتخلص من الأحكام العرفية، وحكم المماليك البرجية والبحرية، وتجديد أدعية وخطب المستنصر بالله العباسي. وإذا نقل المعاصرة فهي توابيت تحمل الى العالم العربي.
وهكذا فالمجالس النيابية وظيفتها أن تقول نعم للحاكم. والتعددية ديكور سياسي. والصحافة مثل البيضة المسلوقة أمام ديك أوربي يصيح على السياج، أما حرية التعبير فهي (ردة) أو (خيانة). نحن نرى اليوم مرض (الطاغوتية) يعم البسيطة، بدءً من هبل الأكبر أمريكا والشرك الأعظم (الفيتو)، وانتهاءً بالديكتاتوريين (الترانزستور) في العالم الثالث، أو عمالقة المال الذين يشترون كل شيء وتمتد إمبراطوريتهم عبر كل القارات، فلا تغيب عنها الشمس قط، بما لم يحلم به هارون الرشيد والملكة فيكتوريا. حيرت هذه المسألة المفكرين منذ قرون فحاولوا فك لغزها. والسؤال ما الذي يوقظ الشهية الى قوة لا تعرف الشبع؟ كيف يتقرر مصير من يسلك الدرب ليصل إلى القمة؟ وأخيراً كيف تؤثر متعة القوة في مزاج الأقوياء الجبارين؟
في الواقع تحكمنا علاقات القوة من المهد الى اللحد، فمنذ الولادة ومع حرص الوالدين الشديد، فقد أظهرت الدراسات النفسية أن الطفل تساء معاملته ما لا يقل عن خمسة آلاف مرة في السنة الواحدة. أي أن أحدنا يخرج مشوهاً على كل حال. وحين ولوج المدرسة تبدأ لعبة الشد والجذب من جديد بين أستاذ يريد ضبط الصف بالعصا بدون إظهارها أو استعمالها بل الإيحاء بها، فالعصا لمن عصا و (العصا من الجنة)؟ ومن طرف آخر التلميذ الذي يريد لشخصيته الاحترام والنمو في وسط يقتل كل نمو. ومع متوسط العمر تبدأ علاقات القوة تأخذ منحى جديدا فبعد فترة التدريب التي وتعتمد الانضباط والدقة والأداء الحسن والإنتاج الغزير تتحول مع مباشرة العمل لصالح من يستولي على مفاتيح القوة. ويصعد إلى القمة ليس أفضلهم بل أخبثهم. إنه مازال الطريق طويلاً حتى تبنى حياة إنسانية. وعهد الأنبياء لم يبدأ بعد. وقشرة الحضارة رقيقة للغاية لا تزيد عن ستة آلاف سنة، أمام رحلة الانسان الذي عاش مع الوحوش يطاردها وتطارده منذ ستة ملايين من السنين.
وفي نهاية الحياة مع دخول أرذل العمر تتكلس المفاصل ويتراجع الدماغ بالعته وترتج اليدان بمرض باركنسون، ويجد الكثيرون أنفسهم من جديد في هذه اللحظة التعيسة أسرى رحمة الآخرين وتصدقهم بالمساعدة أو نزق مزاجهم.
هذه المشكلة هزت الدكتور (زيمباردو Zimbardo) لفهم ظاهرة الطغيان الانساني هل هي إفراز للوسط الاجتماعي؟ هي تابعة للأخلاق الفردية؟ أو جينات الوراثة عند كل منا؛ فقام بتجربته الشهيرة التي عرفت بتجربة (ستانفورد) ونشرتها مجلة در شبيجل الألمانية (العدد 11\ 2001) لفهم سيكولوجية (السيطرة والانصياع) والتخدر بـ(أفيون القوة) وكيف يتغير الانسان عندما يضع يده على مفاتيح القوة؟ وما الذي يحول الانسان من رجل عادي بسيط إلى مجرم محترف وقاتل سادي كما يحصل مع الطغاة.
قام (زيمباردو) بانتخاب 24 متطوعاً من أصل 75 درسهم في اختبارات الذكاء حيث ظهروا أناساً عاديين أسوياء ثم قام بتقسيمهم الى مجموعتين على نحو عشوائي فأصبح فريق منهم (مسجونين) والنصف الثاني سجَّانا. وزيادة في فعالية التجربة قام البوليس بإلقاء القبض عليهم، فعصبوا عيونهم، ثم أودعوا القبو. أما السجَّانون الذين تلقوهم بملابسهم ونظاراتهم السوداء فكانوا يوحون بأنهم شرطة حقيقية، معهم كل الصلاحيات، وفي أيديهم الهراوات مع رزمة المفاتيح، وكاميرات الفيديو تراقب مع مسجل صوتي في كل زنزانة.
في لحظات وصولهم الأولى تم نزع ملابسهم ومسح أسماءهم، حيث تحول كل واحد الى رقم، ومع البودرة والحمام تم تنظيفهم من القمل ولبسوا ملابس العنابر القطنية الطويلة المهترئة بدون أي ملابس داخلية، وفي أقدامهم وضعت السلاسل. وأما أغطية الرأس فكانت جوارب نسائية. كان من المفروض أن تستمر التجربة 14 يوماً والذي حصل أن الوسط تحول الى جو إرهابي خلال ثلاثة أيام، وفي اليوم السادس دق ناقوس الخطر، واضطر (زيمباردو) أن يوقف التجربة تحت ضغط زميلته في العمل أنه لا يمكن تبريره أخلاقياً باسم التجارب العلمية؛ فقد تحول من طبيب الى مدير سجن. أما السجانون فقد وصل بهم الأمر الى درجة حرمان المعتقلين من قضاء حاجاتهم الإنسانية فغرقوا في قذاراتهم أو دفع البعض لممارسة اللواط ببعض. وأما المعتقلون فكانوا بين من انهار، أو اقترب من حافة الجنون، أو حمل بمحفة إلى المشفى بحالة إسعافية.
كان كلاً من الجلاد والضحية مريضاً على نحو ما بين الذل والتجبر واحتقار النفس وجنون العظمة. والنتيجة المفزعة التي خرج بها (زيمباردو) أن ما يحكم ليس الأخلاق الفردية، بل الوسط الاجتماعي، عندما تحين الفرص للتحكم بالآخرين، إن هم الا كالوحوش بل هم أضل سبيلا.
سيكولوجية السيطرة والانصياع
(كيف يتغير الانسان بامتلاكه القوة من انسان طيب الى شيطان مريد؟ من يقرر الطغيان ليست الأخلاق الفردية بل الوسط الاجتماعي. تجربة ستانفورد تثير الذعر عن طبيعة الانسان)
روى لي معتقل سياسي يساري في بلد عربي لبث في السجن مدة 12 عاماً بسبب تورطه في تنظيم سري، وكان أفضل حظاً من آخرين كثر؛ فقد قضاها في زنزانة جماعية، وهناك من بقي في الإفرادية أطول فخرج يترنح بين الجنون والعبقرية. ورياض الترك بقي في الإفرادية سبع عشرة سنة، حتى رأيته معافى يتكلم في صالة القناطر في مونتريال من كندا ففركت عيني؟ وكتبت عنه مقالة في جريدة الشرق الأوسط بعنوان سفر الخروج من نفق الديكتاتورية إلى فضاء الحرية.
قال لي السجين السياسي: في إحدى الليالي أراد أن يعاقبنا السجَّان لسبب فلم يعثر عليه، ولكنه رأى أحد الناس يصلي؛ فلما طلب منه المثول بين يديه وترك ربه الأعلى، استمر الرجل في عبادته فلم يشأ أن يقطع صلاته؛ فكلفه هذا أن يسحبه السجَّان، ويرمى به الليالي ذوات العدد في إفرادية مظلمة. كان من يحكم وينفذ هذا جلاد برتبة عريف يملك من الصلاحية أن يتصرف في مصائر الأفراد كيفما يحلو له بالتعذيب والإذلال.
إن هذه القصة تحكي مرض (علاقات القوة) بين الناس وتتبدى في صورتها العارية في السجن. وكما قال (أتيين لابواسييه) في كتابه (العبودية المختارة عام 1562 م):(يجب أن لا نراهن على الطيبة الموجودة في الانسان طالما يمكنه أن يؤذي، ومعه مفاتيح القوة). نعم يجب عدم المراهنة على طيبة الإنسان بل فرامل تكبحه كما في تركيبة السيارة بين دعسة البنزين والفرامل، وإلا كان مصير السيارة في أول خروج كارثة. وهو ما يحدث من الكوارث اليومية في العالم العربي فيموت البشر دهسا وقتلا ونفيا وموتا في الحياة.
وجميل ما ذكره باسكال: (أي شيء هذا الانسان الذي يجمع بين الحكمة وبالوعة الضلال أن يكون قديسا أو وحشا. في كل فرح حزن. ومع كل حياة مأتم. فمن يحل لنا هذا التناقض؟)
في ألمانيا عرض فيلم (التجربةDas Experiment) في شهر مارس من عام 2001 م عن العلاقة بين السجان والمسجون والجلاد والضحية فذعر الناس من رؤية الوحش المختبيء داخل كل منا ينتظر لحظة الانقضاض. كان الفيلم تكرار لتجربة (ستانفورد Stanford) التي طبقت عام 1971 في كاليفورنيا التي كانت الأولى والأخيرة في هذا النوع من تجارب علم النفس بسبب الضجة الهائلة التي أطلقتها في الوسط الأمريكي. ما هي القوة؟ يقول (فيليب زيمباردو Philip Zimbardo) عالم النفس الاجتماعي الأمريكي:(إنها متعة الالهة افروديت). ويقول الغزالي في كتابه الأحياء: (إنها أعظم اللذات قاطبة ولا تقترب منها اللذة الجنسية بحال ولا تقارن)؛ فهي ممارسة الألوهية بدون اسمها، وهي آخر ما يخرج من =قلوب الصالحين. صدق الأعرابي حينما وصف متعتها: (يا حبذا الإمارة ولو كانت على الحجارة)، أو على الجثث عند السياسيين.
يروى عن (لينين) قوله:(إن موت ثلاثة أرباع الشعب الروسي ليس بشيء والمهم أن يصبح الربع الباقي منهم شيوعيين)، و(لينين) كان كاتباً محترفاً ألَّف أكثر من55 كتاباً، ولم يمارس القتل بنفسه قط، ولكنه بعد السلطة أرسل الى الموت الملايين بجرة قلم؟ أما (ستالين) فاعتبر أن موت انسان تراجيديا، ولكن موت الملايين مسألة إحصائية. وضمن الملف السري للينين الذي كشف عنه النقاب أخيراً، وسمح للباحثين بالإطلاع عليه، في سرداب تحت الأرض، بثلاث أبواب، تصمد لضربة نووية، تمت قراءة خطابات لينين الأصلية، وكيف كانت حياة الناس تنهى في كلمات وجمل قصيرة، فكل انسان لايزيد عن نقطة من حرف. وعرف عنه تلهفه لتحقيق أفكاره بموجب خرافة عجيبة، فمع أن كل من حوله وكل الظروف وكل أفكار (كارل ماركس) كانت تقول إن الشيوعية هي ولادة من آخر مراحل الرأسمالية، وأن المجتمع الروسي متأخر لم يدخل المرحلة الرأسمالية بعد، إلا أن لينين قام بحرق المراحل لوقوعه تحت تأثير نبوءة من سيبريا، وقول لطبيب في سويسرا، أن دماغه معتل ولن يعمر طويلاً؟ وفعلاً مات لينين عن عمر صغير وأقام شيوعية بنسخة مزورة بالإرهاب الأحمر، وحرق المراحل بما فيها حرق شعب بأكمله، فأرسله في طوابير لاتنتهي الى الموت. وكان الشيوعيون يحشدون كل المؤمنين به للحج الأكبر ليزوروا ضريحه فلا يتجاوزوا اليوم المئات، أمام عزم الحكومة السوفيتية على إنهاء خرافة معصوميته، وكان سوق الملايين من الناس زورا في طوابير ذليلة يتبركون برؤيته ويتمسحون بقبره، وأما كلفة حفظ جسمه مبرداً فهذا كان من عمل مؤسسة على مدار الساعة بميزانية تعد بالملايين؟
صدق الرسول ص:(خير القبور الدَّرس)، وعندما يمنح انسان مفاتيح القوة فإنه يتغير على نحو درامي في تصرفاته ومشيته ولحن قوله بل وحتى توقيعه الشخصي. قد كانت توقيعات نابوليون أثناء ممارسة السلطة كبيرة واثقة وعند نهايته صغيرة رجراجة. وتظهر دراسات علم النفس ثلاث حقائق: كم هو سهل أن يتحول الانسان الطيب العادي مع القوة إلى شيطان مريد. وأن هذا يخص كل واحد منا فلا يتفلت من هذا القانون أحد. وأن داخل كل منا يجلس فرعون عظيم جاهز لقطع أطراف السحرة وصلبهم في جذوع النخل. وأن قنص السلطة يحرض المزيد مثل نار جهنم تقول هل من مزيد فلا تعرف الشبع أبدا. كلا إن الانسان ليطغى أن رآه استغنى. كانت الخلاصة التي خرجت بها تجربة (ستانفورد) تدعو للخوف حقاً وأنها (ظاهرة) تتخلل كل المستويات والشرائح الاجتماعية.
إن القوة نادراً ما تظهر على شكلها العاري كما يصف ذلك الفيلسوف (برتراند راسل) في كتابه (السلطان) ولا تحتاج أن تظهر على شكل سجن وسجَّانين وهراوات وقضبان؛ بل على شكل ألوان وملابس وشارات. فبين (مساعد) في الجيش و(لواء) تهتز من تحته الأرض شارات على الكتف. ولون المعطف الأزرق لعمال الخدمات يكتب مكانة صاحبها أمام أصحاب المعاطف البيضاء من الأطباء معلقة في رقابهم السماعات، بل وحتى بين الأطباء فكلما ثقل جيب المعطف بأدوات الفحص، كان صاحبها أقرب أن يكون طبيباً مقيماً، فإذا لبس الطبيب معطفاً خالياً إلا من قلم بسيط كان عنوان المهابة: إنه رئيس الأطباء. وإذا جاء (ملف) بلون معين إلى (موظف معين) دارت أعينه كالذي يغشى عليه من الموت: إنه من (المعلم) ومستعجل، ويضخ الأدرينالين معها في العروق ضخاً ليرفع ضغط الدم رفعاً فكانت فاتحة لشلل وخرس وسكتة قلبية.
مازلت اذكر أنا شخصياً عندما (ضبطني) شرطي في بلد عربي في مخالفة سير. كانوا كمن يلقي القبض على أفاك أثيم عتل بعد ذلك زنيم. لقد كانت متعة لهم بدون حدود في ممارسة القوة. وأتذكر بالمقابل في مدينة (براون شفايج) الألمانية عندما اقتربت مني (شرطية) لتقول لي بلطف وأدب الا ترى أنك مخالف هل تحب أن تدفع عشر ماركات؟
إنها روح تتخلل المشافي والمؤسسات الدينية والدوائر الحكومية والمدارس والشركات بل وحتى ضمن العلاقات الزوجية بين الرجل والمرأة. أليست تابعاً مادياً له؟ إن المرأة يتملكها الخوف الشديد في المجتمع العربي بعد تبخر الجمال وزوال نضارة الشباب والتقدم في السن أن يطلقها زوجها ليلقي بها في الشارع بدون أي ضمانة وحماية أو تعويض عن كل رحلة الحياة. لذا تحاول الاعتماد على رفع مهر المتأخر بدون فائدة، أو تكويم الذهب ما أمكن لعله ينفعها في يومها الأسود إذا زلزلت الأرض زلزالها وانفجر بركان الرجل.
إن هذا الوضع طوَّره الغرب وفي الطلاق لا تخرج المرأة خاوية الوفاض صفر اليدين إلا من مهر متأخر دراهم معدودة غير مضمونة؛ بل بنصف ثروة الرجل. هكذا تبدو تظاهرات القوة وفي كل مجال ومكان. أحياناً على نحو غامض وغالباً في تفصيلات مخجلة ومهينة بسبب نظام (التراتبية) في المجتمع، وتقسيم الناس الى أعلى وأسفل. وفي مجلة (اليونسكو) أظهرت لوحة الغلاف في أحد الأعداد البشر على طبقات تحمل كل طبقة ما فوقها. السفلى أعرض وأمتن وفوقها تجلس شريحة مرتاحة أصغر حجماً وأشد قوة. صعوداً حتى القمة، حيث تحكم الأقلية والنخبة. وفي القاع تتمدد أكثرية خانعة خائفة محجوزة في مثلث الرعب تدفع الضرائب عن يد وهم صاغرون.
هكذا صدر المنشور الشيوعي في مطلع القرن: في القمة (القلة الحاكمة) وبجانبها كلمة (نحن نحكمكم). وتحتها شريحة أعرض من الكهنة ورجال الدين والحقوقيين وبجانبها كلمة (نحن نخدعكم). وأسفل منه الجنود بالحراب وبجانبها كلمة (نحن نقتلكم). وفي الأسفل تماماً العمال والفلاحون وبجانبها كلمة (نحن نطعمكم ونخدمكم) وطبعاً ونحمل كل ثقلكم.
اعتبر الفيلسوف (فردريك نيتشه) :(أنه حيث الحياة هناك الرغبة. ولكنها ليست الرغبة في الحياة. بل الرغبة في امتلاك القوة). ولكن فيلسوف الحداثة (ميشيل فوكو) اعتبر أن كل المجتمع غاطس في حوض من علاقات القوة (فالكل يحارب الكل) في حرب أهلية مبطنة غير معلنة. وفي هذا الخضم العارم من النزاع وعلاقات القوة فإن الأقوياء يسعون ليس الى بناء علاقات إنسانية؛ بل إلى إزالة الطواغيت واستبدالهم بطواغيت جدد، ولذا فإن ما جاء بالقوة أعاد مرض القوة، وهذا سر استعصاء الحياة السياسية في العالم العربي؛ لأنه مبني على علاقات القوة؛ فمن أراد التغيير عمد الى القوة، ومن ملك أراد أن يستمر في أي صورة وتحت أي اسم، طالما لاتوجد قوة تقدر على الإطاحة به. صرح بهذا مسئول قومي، وأكده مفكر إسلامي، أن الحاكم يملك الرقاب تحت قانون (الغلبة والقهر) فبهذا قال فقهاء العصر العباسي. صدق فالعالم الاسلامي انفك عن أحداث العالم، وانفصم عن صيرورة التاريخ، وأمواج المعاصرة، واستطاع الغرب فك هذه الإشكالية التي عجز عنها العالم الاسلامي.
إن المواطن العربي اليوم يضع على عينيه نظارة من صنع إيطاليا، ويستخدم التلفون الجوال، ويجري الجراح عملية مرارة بدون شق البطن، كما يستخدم الجندي العربي الصواريخ في الحرب، ولكن الوطن العربي يعجز عن نقل الوضع الدستوري، وبناء الديموقراطية، والتخلص من الأحكام العرفية، وحكم المماليك البرجية والبحرية، وتجديد أدعية وخطب المستنصر بالله العباسي. وإذا نقل المعاصرة فهي توابيت تحمل الى العالم العربي.
وهكذا فالمجالس النيابية وظيفتها أن تقول نعم للحاكم. والتعددية ديكور سياسي. والصحافة مثل البيضة المسلوقة أمام ديك أوربي يصيح على السياج، أما حرية التعبير فهي (ردة) أو (خيانة). نحن نرى اليوم مرض (الطاغوتية) يعم البسيطة، بدءً من هبل الأكبر أمريكا والشرك الأعظم (الفيتو)، وانتهاءً بالديكتاتوريين (الترانزستور) في العالم الثالث، أو عمالقة المال الذين يشترون كل شيء وتمتد إمبراطوريتهم عبر كل القارات، فلا تغيب عنها الشمس قط، بما لم يحلم به هارون الرشيد والملكة فيكتوريا. حيرت هذه المسألة المفكرين منذ قرون فحاولوا فك لغزها. والسؤال ما الذي يوقظ الشهية الى قوة لا تعرف الشبع؟ كيف يتقرر مصير من يسلك الدرب ليصل إلى القمة؟ وأخيراً كيف تؤثر متعة القوة في مزاج الأقوياء الجبارين؟
في الواقع تحكمنا علاقات القوة من المهد الى اللحد، فمنذ الولادة ومع حرص الوالدين الشديد، فقد أظهرت الدراسات النفسية أن الطفل تساء معاملته ما لا يقل عن خمسة آلاف مرة في السنة الواحدة. أي أن أحدنا يخرج مشوهاً على كل حال. وحين ولوج المدرسة تبدأ لعبة الشد والجذب من جديد بين أستاذ يريد ضبط الصف بالعصا بدون إظهارها أو استعمالها بل الإيحاء بها، فالعصا لمن عصا و (العصا من الجنة)؟ ومن طرف آخر التلميذ الذي يريد لشخصيته الاحترام والنمو في وسط يقتل كل نمو. ومع متوسط العمر تبدأ علاقات القوة تأخذ منحى جديدا فبعد فترة التدريب التي وتعتمد الانضباط والدقة والأداء الحسن والإنتاج الغزير تتحول مع مباشرة العمل لصالح من يستولي على مفاتيح القوة. ويصعد إلى القمة ليس أفضلهم بل أخبثهم. إنه مازال الطريق طويلاً حتى تبنى حياة إنسانية. وعهد الأنبياء لم يبدأ بعد. وقشرة الحضارة رقيقة للغاية لا تزيد عن ستة آلاف سنة، أمام رحلة الانسان الذي عاش مع الوحوش يطاردها وتطارده منذ ستة ملايين من السنين.
وفي نهاية الحياة مع دخول أرذل العمر تتكلس المفاصل ويتراجع الدماغ بالعته وترتج اليدان بمرض باركنسون، ويجد الكثيرون أنفسهم من جديد في هذه اللحظة التعيسة أسرى رحمة الآخرين وتصدقهم بالمساعدة أو نزق مزاجهم.
هذه المشكلة هزت الدكتور (زيمباردو Zimbardo) لفهم ظاهرة الطغيان الانساني هل هي إفراز للوسط الاجتماعي؟ هي تابعة للأخلاق الفردية؟ أو جينات الوراثة عند كل منا؛ فقام بتجربته الشهيرة التي عرفت بتجربة (ستانفورد) ونشرتها مجلة در شبيجل الألمانية (العدد 11\ 2001) لفهم سيكولوجية (السيطرة والانصياع) والتخدر بـ(أفيون القوة) وكيف يتغير الانسان عندما يضع يده على مفاتيح القوة؟ وما الذي يحول الانسان من رجل عادي بسيط إلى مجرم محترف وقاتل سادي كما يحصل مع الطغاة.
قام (زيمباردو) بانتخاب 24 متطوعاً من أصل 75 درسهم في اختبارات الذكاء حيث ظهروا أناساً عاديين أسوياء ثم قام بتقسيمهم الى مجموعتين على نحو عشوائي فأصبح فريق منهم (مسجونين) والنصف الثاني سجَّانا. وزيادة في فعالية التجربة قام البوليس بإلقاء القبض عليهم، فعصبوا عيونهم، ثم أودعوا القبو. أما السجَّانون الذين تلقوهم بملابسهم ونظاراتهم السوداء فكانوا يوحون بأنهم شرطة حقيقية، معهم كل الصلاحيات، وفي أيديهم الهراوات مع رزمة المفاتيح، وكاميرات الفيديو تراقب مع مسجل صوتي في كل زنزانة.
في لحظات وصولهم الأولى تم نزع ملابسهم ومسح أسماءهم، حيث تحول كل واحد الى رقم، ومع البودرة والحمام تم تنظيفهم من القمل ولبسوا ملابس العنابر القطنية الطويلة المهترئة بدون أي ملابس داخلية، وفي أقدامهم وضعت السلاسل. وأما أغطية الرأس فكانت جوارب نسائية. كان من المفروض أن تستمر التجربة 14 يوماً والذي حصل أن الوسط تحول الى جو إرهابي خلال ثلاثة أيام، وفي اليوم السادس دق ناقوس الخطر، واضطر (زيمباردو) أن يوقف التجربة تحت ضغط زميلته في العمل أنه لا يمكن تبريره أخلاقياً باسم التجارب العلمية؛ فقد تحول من طبيب الى مدير سجن. أما السجانون فقد وصل بهم الأمر الى درجة حرمان المعتقلين من قضاء حاجاتهم الإنسانية فغرقوا في قذاراتهم أو دفع البعض لممارسة اللواط ببعض. وأما المعتقلون فكانوا بين من انهار، أو اقترب من حافة الجنون، أو حمل بمحفة إلى المشفى بحالة إسعافية.
كان كلاً من الجلاد والضحية مريضاً على نحو ما بين الذل والتجبر واحتقار النفس وجنون العظمة. والنتيجة المفزعة التي خرج بها (زيمباردو) أن ما يحكم ليس الأخلاق الفردية، بل الوسط الاجتماعي، عندما تحين الفرص للتحكم بالآخرين، إن هم الا كالوحوش بل هم أضل سبيلا.