المهدى
01-17-2006, 08:54 AM
د. سيّار الجميل * ايلاف
"حتى اذا رفع اللواء رأيته تحت اللواء على الخميس زعيما" (شاعر عربي قديم)
مقدمّة : لماذا هذا المقال؟
يتخيلون انهم من الزعماء الحقيقيين ويعتقدون انهم يدركون كل شيئ!! يتصّورون انفسهم انهم يملكون الحقيقة وغيرهم لا يعرف شيئا ! يعتبرون انفسهم فعلا رؤساء دول وحكومات وقادة احزاب ورموز حكم واعلام ثقافة.. بل ويعتقدون بأن لهم "دولا" لها مؤسسات حقيقية عريقة!! او ان لهم عدة احزاب سياسية لا تتلاعب بها التعصّبات ولا الاهواء؟؟ يؤمنون حقا بأن عندهم "ديمقراطية حقيقية" وان الشعب قد اختارهم انفسهم، ولم يختر اجندة معينة او شعارات مقّدسة.. وهم لا يدركون بأن اشكالهم وهيئاتهم لا تنبؤ بأي حال من الاحوال عن كونهم شخصيات سياسية رسمية في دول معتبرة.. بل تعلمنا صورهم وحركاتهم وتصرفاتهم وكأنهم باعة خردة في ورشات متسخّة!! ومعنى الزعامة – كما جاء في لسان العرب لأبن منظور – هي: السيادة والرياسة.
كم كان القادة ورؤساء الدول والحكومات لهم شخصياتهم ورونقهم وسحرهم في الماضي؟ وكم كان من يقف على رأس الدولة او الحكومة او حتى الوزارة له جاذبيته سواء في صنع القرار او في تلاوة بيان او في القاء خطاب او في الادلاء بحديث!! ويبدو ان الزمن التعيس الذي يمّر بهذه المنطقة قد أتى بزعماء مضحكين ليس لهم شجاعتهم وليس لهم سحرهم.. خصوصا وان الشعوب لم يعد باستطاعتها ان تقّدم هذا على ذاك نتيجة عمى التفكير وغياب الوعي.. وان الاقدار المفجعة قد اتت ببعض من المراهقين السياسيين كي يكونوا قادة كيانات او زعماء دول هزيلة واحزاب عصابية وجماعات غريبة جدا على هذا العصر الذي لا يمكن ان يبرز فيه الا الحاذقون والمهرة والاذكياء من اصحاب الكاريزمات وذوي الجاذبية في مجتمعات تّقدر رجالها ونسائها حق قدرهم، ويعرف الناس فيها قدر انفسهم!
حاذقون مضوا في القرن العشرين
دعوني قرائي الاعزاء ان لا اذكر اي اسم من الزعماء العرب والمسلمين الجدد لأن ذلك سيدخلني في درس مقارن ونحن بأمس الحاجة الى دراسة علمية مقارنة ومطّولة اعكف عليها اليوم لدراسة " الزعامة " في منطقتنا ابان القرن العشرين. ولكنني اقول بأن التاريخ سيذكر العديد من الزعماء المتميزين الذين انجبتهم المنطقة في القرن العشرين وسواء نجح بعضهم في حكمهم ام اخفق البعض الاخر في صنع الاحداث، فلقد كان لهم تأثيرهم في حياة مجتمعاتهم وكانت لهم ادوارهم التاريخية في صنع قرارات مصيرية.. سيذكر التاريخ في قابل الايام ( سواء اتفقنا مع سياساتهم ام اختلفنا ) : محمد علي جناح ورضا بهلوي ومصطفى كمال اتاتورك وفيصل الاول وعبد العزيز آل السعود وجعفر العسكري وسعد زغلول ونوري السعيد ومصطفى النحاس وانطون سعادة ومصدّق ايران وفاضل الجمالي وعدنان مندريس ومحمد الخامس والحبيب بورقيبة وجمال عبد الناصر واحمد سوكارنو وجواهر لال نهرو وعبد الكريم قاسم والحسين بن طلال والحسن الثاني وعبد الله السالم الصباح وكمال جنبلاط وفيصل آل السعود وزايد بن سلطان آل نهيان وراشد آل مكتوم والهواري بومدين وانور السادات ووصفي التل ومحمد علي بوتو وياسر عرفات ومصطفى البارزاني وانديرا غاندي وامير عباس هويدا وروح الله الخميني وغيرهم.
راحلون وقادمون
ويبدو ان من النادر في منطقتنا وعالمنا ان يصل زعماء لهم سحرهم وحكمتهم ولهم ريادتهم ولهم معرفتهم بقدر انفسهم الى السدة العليا من اجل قيادة بلداننا العربية والاسلامية. ان من يتمتع بأي نوع من فن القيادة ستجده وقد اختارته الناس وملك قلوبها واندمج معها معّبرا عن مصالحها، وجعل نفسه في خدمتها.. والاهم من كل هذا وذاك كان فوق كل ميول الناس واتجاهاتهم وتعصباتهم واهوائهم.. لقد رحل معظم زعماء العرب الذين قادوا بلداننا في القرن العشرين، وبقدر ما كان الرأي العام يهاجمهم وينتقد اساليبهم، فان اغلبهم قد نجح في ارساء تقاليد قيادية وسخروا مكانتهم في خدمة بلدانهم.. ولقد خلفهم زعماء جدد منهم من نجح حتى الان في تكوين زعامته اذ اختط له شخصية قيادية جديدة، وهناك من فشل في قيادته وقاد بلاده الى ازمة دولية.. انني اعتقد بأن اي دولة قد ترّسخت مؤسساتها، فان قيادتها الجديدة لا يصعب عليها الحكم، وبعكسه فان الزعامة ستكون في مأزق حقيقي. وقد ثبت لي ان هناك نوعين من هؤلاء الزعماء العرب الجدد، زعماء لهما القدرة على تجاوز الازمات وانهم اقدر من غيرهم في ادارة الازمات وقد تعّلم كيف يكون فنانا في القيادة والتمّرس في ذلك.. وهناك زعامات من نوع آخر على عكس غيرهم اذ اثبتوا فشلا ليس في الادارة السياسية، بل حتى في حّل المشكلات الصغيرة.
زعماء صنعتهم فرص القدر السيئة
ان من السهولة وصول شخص معين الى سدة الحكم، ولكن من الصعوبة ان يتعامل كما يتعامل العقلاء والحكماء والقادة الاذكياء - كما يقول كارل مانهايم -.. والفرق كبير في المجتمع بين اولئك الذين يعلمون كيف يحكمون شعبا صعبا وبين الذين لا يعلمون كيف يدبّرون امر حتى انفسهم، ولكن كيف الامر؟ ان اسوأ انواع الحاكمين هم اولئك الذين يعدون انفسهم كالالهة والطواغيت او كالمبعوثين في دينهم وكأن السماء قد اختارتهم للزعامة على الارض فيطغون ويتجبرون ويتحيزون.. ثم هناك النوع الاخر من الذين لم يصدّقوا ابدا انهم اصبحوا زعماء قط في دنياهم التافهة او الساخرة التي رفعتهم فجأة الى مصاف الزعماء فترى احدهم وقد اصبح زعيما مراهقا وغدا ندا للزعماء العقلاء.. وهو بعيد كل البعد عن الحلم والمقدرة والفهم والحكمة والكياسة والفراسة وعن بعد النظر وتقدير الامور ورؤية المستقبل!
وسواء كان الزعيم ينبعث عن عوامل دين او تخلقه ظروف دنيا، سواء صنعته خلايا حزب او خلقه ميدان ثكنة فكلّ من هؤلاء يضر بمصالح عليا ليس لدولهم واحزابهم حسب، بل لكل المنطقة والعالم. وعليه، لابد من التأمل في النص : " كيفما تكونوا يوّلى عليكم "!؟؟ ان الامر مختلف بين اليوم وبين ما كان عليه العالم قبل عشرات او مئات السنين.. وسواء صفّق الناس لانقلابات عسكرية، او قدّسوا جماعة سمّت نفسها بـ " ضباط احرار " خانوا الامانة وخرقوا القسم الذي أدّوه، او خرجت الناس تؤلّه طغاة، أو رقص شيوخ المجتمع في حضرة جلاد، وسواء استخدم الناس صندوق الانتخابات الذي يتشدقون بمشروعيته وهو مزيّف الاخر كونه اعتمد على من تلاعبت بعقولهم العواطف الشخصية او النزوعات الدينية او البلادة الطائفية او المصالح المالية وشراء الضمائر او استخدام العواطف بعيدا عن الخيارات السياسية الحرة..
الشرعية.. من يمتلكها؟
ان الشعوب اذا ما تبلّدت عقولها وتغّيب وعيها وماتت وطنيتها، فاننا سنرى زعماء مضحكين فيها لا يودون ببلادهم الا الى الخراب والنكبات والتهلكة والظلام، وستجدهم وقد اصبحوا يمارسون الدكتاتورية والشمولية او تضادها من انفلات وضياع، فيصنعون الكوارث والويلات من دون اي شعور بالمسؤولية ومن دون اي تحسّس بالمستقبل والمصير. ان عدة تجارب قد مرت على بلداننا في عالمنا نحن وشهدنا انواعا عدة من الزعماء في القرن العشرين، فمنهم من امتلك شرعية تاريخية من خلال مواريث ملكية او اميرية او مشيخية، ومنهم من افرزته مؤسسة امنية بوليسية او دفعته ثكنة عسكرية لكي يبقى زعيما ابديا، ومنهم من جاء من خلال حزب هيمن بنفسه على الحياة وفرض نفسه زعيما او دكتاتورا وجلادا.. ومنهم من امتلك شرعية سياسية من خلال صندوق انتخابات ولكن مورست على هذا الصندوق سلطات متعددة يدركها الجميع في المجتمع.. ان ما يهمنا حقا الوعي بمفهوم الزعامة ومن يحق له ان يكون زعيما حقيقيا بامتلاكه مشروعية من نوع ما. يقولون ان فن السياسة قد ولد مع ميكافيللي في كتابه " الامير "، ولكن ليس من يقرأ هذا الكتاب سيصبح سياسيا ماهرا وقائدا حاذقا كما يفعل بعضهم.. ان " الامير " صورة مستنسخة لقائد او زعيم سياسي يمتلك منذ صغره مقدرات تجذب الناس اليه وان الجاذبية لا تكفي في صناعة قائد - كما يقول ماكس فيبر -، ولكنه بحاجة الى موهبة السياسي والحنكة وسرعة البديهة وقوة الخطاب وهيبة التأثير والخفة والتواضع.. انه بحاجة الى المناورة الخفية وسداد الرأي.. ولقد شهد القرن العشرون العديد من اقوى الزعماء الذين أثّروا في التاريخ، وكانت لهم بصماتهم اللامعة مقارنة بآخرين فشلوا في هكذا مهنة صعبة جدا.
مراهقون سياسيون
ان واقعنا اليوم وفي عالمنا هذا الذي نتجاذب معه صراع الارادات يفترض ان يختار الشعب من يتلاءم مع الحاجة والضرورة مهما كان دينه او طائفته او اتجاهه او عرقه او قبيلته.. اذا ما اعتمدت المعايير الوطنية، ونحن نشهد بأن الزعيم الحقيقي نادر الوجود ولكنه يثوي في مجموعة من المتطلعين واللاهثين للسلطة.. وبطبيعة الحال فان مثل هؤلاء يقترفون ذنوبا ويرتكبون اخطاء ويتصدرون مواقف سلبية تودي الى المهالك.. ولا ادري حتى الان كيف خرج العرب من مرحلة الثورة المزيفة وزمن الشعارات الواهية ليرث الاخ الحكم عن اخيه في نظام جمهوري كالعراق او ليرث الابن الحكم عن ابيه في نظام جمهوري كسوريا. ان العالم كله لا يعرف الناس والشعوب الا من خلال زعمائهم فهم الذين ينبغي ان يمثلوا شعوبهم ومجتمعاتهم اصدق تمثيل. ان المراهقين السياسيين ان استحوذوا على سدة الحكم فتلك مصيبة والمصيبة اعظم ان تحّول هؤلاء باسم شعارات الدين او الطائفة او القبيلة او الحزب الى طغاة وآلهة لا يستطيع الشعب محاسبتهم ابدا.. ولنا ان نتخيّل ان لم تكن هناك ارادة دولية لتغيير المنطقة، فهل سيحدث كل ما نراه من احداث؟؟ ابدا، والمشكلة في مثل هؤلاء الحكام ان العالم كله يراهم في حالة وهم ينظرون الى انفسهم والعالم في حالة اخرى.. انهم لا يعترفون باخطائهم ابدا، ولم يتعلموا من تجارب غيرهم ابدا، وهم مجلبة للمهالك والمصائب القاتلة..
متى يتعلموّن؟
ان تجربة صدام حسين مثالا حيا وجديدا في تاريخنا المعاصر.. افلا يتعظ زعماء دول واحزاب منها؟ لماذا كل هذا التنطع والهيجان والعزّة بالاثم واذكاء روح التمرد في زمن تحتاج فيه المنطقة الى علاجات والى هدوء حتى تمر العاصفة من دون اي تدخلات دولية.. متى يتم استنباط الوسائل التي تعيد بعض الزعماء والحكام الى رشدهم والى الصراط المستقيم؟ اي تعيدهم الى شعوبهم وتعيد لهم قوتهم وثقتهم بانفسهم بعد ان تكشّفت حقائقهم وتعّرت اوضاعهم وانفضحت مؤامراتهم وجرائمهم؟؟ متى يتخلصّون من عقدة " الانا "؟ متى يتمكن بعضهم الاخر من عقلنة انفسهم قبل ان يطالبوا بقهر شعوبهم؟ متى يتوقفوا عن التدخّل في شؤون جيرانهم؟ متى يعلموا بأن القضية المركزية لم تعد قميص عثمان يلبسونه متى شاؤوا وينزعونه متى ارادوا؟ متى يكونوا بشرا سويا يساعدون شعوبهم ويطوروها ويبعدون عنهم الكوارث والمآسي؟؟ متى يكونوا اداة حقيقية للاخاء والاستقرار بعيدا الارهاب وتدبير المؤامرات واثارة القلاقل مترجمين تناقضاتهم في هذه المرحلة المصيرية على اراضي غيرهم؟ متى يؤمنوا بأن طريق المستقبل سوف لن يكون لهم وهم يكرسون الهمجية وخلط الاوراق؟ متى يتخلصوا من ازدواجيتهم اذ لابد ان يكونوا في خط واحد لا ان يلعبوا على الحبال؟
قوة الزعماء في ادارة الازمات وخدمة الشعب
ان ادارة الازمات في اي مكان من الوجود بحاجة ماسة الى من يكون مؤهلا لها من اجل اعادة الامور الى نصابها وضبط الاوضاع التي تتداخل فيها السياسة مع الامن وخشية من التدهور والتمادي في الانهيار لابد من زعامات تقّر قرارات جريئة لتطبيق الاحكام الاستثنائية او تغيير الوزارة والاتيان باناس مؤهلين لادارة الازمات الداخلية والخروج من اي مأزق تعيشه البلاد اذ سينتج عن ذلك اعادة للوضع واستتاب للامن وضبط للاوضاع.. وهذا لا يتأتى الا من خلال اناس مخلصين للبلاد ولهم القدرة على ادارة الازمات.. علما بأن الازمات تختلف في طبيعتها، ولا اعتقد ان مشروعات قتل الابرياء تعد من الازمات البسيطة، بل هي من الازمات الصعبة خصوصا وان في بلدان بدت مخترقة على اشد ما يكون الاختراق وانفلتت الامور واخترقت الحدود.. ثمة مسألة اخرى لابد ان ينتبه اليها الزعماء الجدد ذلك ان نجاح اي زعيم يكمن في قدرته على صنع القرارات الاستراتيجية والتكتيكية، اي ان تكون له القدرة على اتخاذ القرارات المتنوعة.. من يفشل في صنع الاستراتيجية ويبرع في التكتيك اعتبره زعيم غير واقعي.. اما من ينتصر في قراراته الاستراتيجية ويترك التكتيكات لمسؤولين آخرين وللمؤسسات فهو زعيم واقعي جدا.. ولكن ربما لا تخدمه الظروف الدولية والاقليمية. ولنا ان نتأمّل فشل زعماء عرب كبار لهم مكانتهم في القرن العشرين، فالمثاليون يكسبون الجماهير ويخسرون التاريخ والواقعيون يخسرون الجماهير ويكسبون التاريخ.. الثوريون من الزعماء فشلوا فشلا ذريعا والتقليديون من الزعماء نجحوا نجاحا باهرا.. وهنا أشير ثانية على النخبة الجديدة من الزعماء العرب الذين دشنوا مسؤولياتهم التاريخية في مطلع القرن الواحد والعشرين ان يتأملوا طويلا في تجارب من سبقهم من الزعماء عربا كانوا ام غير عرب، وان يجددوّا في طبيعة الزعامة من أجل تأسيس تقاليد في الحكم تتلاءم مع متطلبات المرحلة الجديدة.. وفي ذلك تفصيلات يمكنني ان أؤجلها الى بحث مفّصل في تحليل تاريخ الزعامات في المنطقة.
مشروع اصلاح
لقد دعا بعض الزعماء العرب الى مأسسة عملية الإصلاح والتحديث والتطوير في مختلف أجهزة الحكم، وحملوا مسؤولية العمل الجاد والمسؤول على مكافحة الفساد والمفسدين ومحاربة المحسوبية ومروجي الاتهامات الباطلة التي يراد منها اغتيال الشخصية، كما دعوا إلى العمل الجاد لمحاربة ثقافة التكفير والإرهاب. وقال احدهم : أن الإصلاح لم يعد خيارا فقط بل هو ضرورة حياتية. أن الديمقراطية ليست مجرد شعارات ترفع في المناسبات، وعلى الحكومة أن تعمل على مأسسة عملية الإصلاح والتحديث والتطوير. وطالب بالإسراع لاعداد جملة قوانين عصرية تتوخى العدالة والمتغيرات من ضمنها قوانين جديدة بما يسمح تجديد الحياة السياسية والبرلمانية ويضمن مشاركة أوسع في عملية صنع القرار. كما دعا الحكومة إلى الالتزام بالمحاور الاجتماعية والاقتصادية التي تناولتها الأجندة الوطنية وفق الأولويات التي تأخذ بعين الاعتبار مصالح الوطن العليا. كما شدد على ضرورة تبني استراتيجية شاملة في مواجهة ثقافة التكفير بحيث لا تأخذ الحل الامني فقط بل تتناول الابعاد الفكرية والثقافية والسياسية للتصدي للذين اختطوا طريق التخريب والدمار للوصول إلى مآربهم ما يستدعي الاسراع في وضع قانون لمكافحة الارهاب وشن حرب لا هوادة فيها على مدارس التكفير.
وأخيرا: ماذا اقول؟
واخيرا، اقول بأن البعض من الزعماء الجدد في المنطقة يعلمون علم اليقين بحجومهم، وهم يدركون مستوياتهم ويعرفون انهم في مواقعهم جناية على بلدانهم وشعوبهم، وعندما تحدث الكوارث بسببهم لا يعرفون ماذا يفعلون! ومن الانفع لهم اّلا يبقوا في السلطة ساعة واحدة، اذ ينبغي احترام ارادة شعوبهم فيغادروا مواقعهم لمن يكون مؤهلا للزعامة، فلقد وصلوا اليها في غفلة تاريخية.. وعليهم ان يؤمنوا بالديمقراطية الحقيقية لا باسمها المزّيف، ومن اجل ان ينتخب الشعب زعيمه ضمن آلية دساتير مدنية فقط او ضمن آليات شرعية توارثتها المجتمعات منذ مئات السنين.. انه نداء صريح من اجل ان يكونوا اصحاب كلمة حق وان يتوقفوا عن اجندتهم الدموية او الطائفية او وهم يفرشون الطريق الى الكوارث المدمرة والى المزيد من النكبات المؤلمة. فهل سيتحقق حلم العقلاء بوصول زعماء عقلاء الى السلطة العليا؟؟ هذا ما سيكشفه المستقبل عاجلا ام آجلا.
"حتى اذا رفع اللواء رأيته تحت اللواء على الخميس زعيما" (شاعر عربي قديم)
مقدمّة : لماذا هذا المقال؟
يتخيلون انهم من الزعماء الحقيقيين ويعتقدون انهم يدركون كل شيئ!! يتصّورون انفسهم انهم يملكون الحقيقة وغيرهم لا يعرف شيئا ! يعتبرون انفسهم فعلا رؤساء دول وحكومات وقادة احزاب ورموز حكم واعلام ثقافة.. بل ويعتقدون بأن لهم "دولا" لها مؤسسات حقيقية عريقة!! او ان لهم عدة احزاب سياسية لا تتلاعب بها التعصّبات ولا الاهواء؟؟ يؤمنون حقا بأن عندهم "ديمقراطية حقيقية" وان الشعب قد اختارهم انفسهم، ولم يختر اجندة معينة او شعارات مقّدسة.. وهم لا يدركون بأن اشكالهم وهيئاتهم لا تنبؤ بأي حال من الاحوال عن كونهم شخصيات سياسية رسمية في دول معتبرة.. بل تعلمنا صورهم وحركاتهم وتصرفاتهم وكأنهم باعة خردة في ورشات متسخّة!! ومعنى الزعامة – كما جاء في لسان العرب لأبن منظور – هي: السيادة والرياسة.
كم كان القادة ورؤساء الدول والحكومات لهم شخصياتهم ورونقهم وسحرهم في الماضي؟ وكم كان من يقف على رأس الدولة او الحكومة او حتى الوزارة له جاذبيته سواء في صنع القرار او في تلاوة بيان او في القاء خطاب او في الادلاء بحديث!! ويبدو ان الزمن التعيس الذي يمّر بهذه المنطقة قد أتى بزعماء مضحكين ليس لهم شجاعتهم وليس لهم سحرهم.. خصوصا وان الشعوب لم يعد باستطاعتها ان تقّدم هذا على ذاك نتيجة عمى التفكير وغياب الوعي.. وان الاقدار المفجعة قد اتت ببعض من المراهقين السياسيين كي يكونوا قادة كيانات او زعماء دول هزيلة واحزاب عصابية وجماعات غريبة جدا على هذا العصر الذي لا يمكن ان يبرز فيه الا الحاذقون والمهرة والاذكياء من اصحاب الكاريزمات وذوي الجاذبية في مجتمعات تّقدر رجالها ونسائها حق قدرهم، ويعرف الناس فيها قدر انفسهم!
حاذقون مضوا في القرن العشرين
دعوني قرائي الاعزاء ان لا اذكر اي اسم من الزعماء العرب والمسلمين الجدد لأن ذلك سيدخلني في درس مقارن ونحن بأمس الحاجة الى دراسة علمية مقارنة ومطّولة اعكف عليها اليوم لدراسة " الزعامة " في منطقتنا ابان القرن العشرين. ولكنني اقول بأن التاريخ سيذكر العديد من الزعماء المتميزين الذين انجبتهم المنطقة في القرن العشرين وسواء نجح بعضهم في حكمهم ام اخفق البعض الاخر في صنع الاحداث، فلقد كان لهم تأثيرهم في حياة مجتمعاتهم وكانت لهم ادوارهم التاريخية في صنع قرارات مصيرية.. سيذكر التاريخ في قابل الايام ( سواء اتفقنا مع سياساتهم ام اختلفنا ) : محمد علي جناح ورضا بهلوي ومصطفى كمال اتاتورك وفيصل الاول وعبد العزيز آل السعود وجعفر العسكري وسعد زغلول ونوري السعيد ومصطفى النحاس وانطون سعادة ومصدّق ايران وفاضل الجمالي وعدنان مندريس ومحمد الخامس والحبيب بورقيبة وجمال عبد الناصر واحمد سوكارنو وجواهر لال نهرو وعبد الكريم قاسم والحسين بن طلال والحسن الثاني وعبد الله السالم الصباح وكمال جنبلاط وفيصل آل السعود وزايد بن سلطان آل نهيان وراشد آل مكتوم والهواري بومدين وانور السادات ووصفي التل ومحمد علي بوتو وياسر عرفات ومصطفى البارزاني وانديرا غاندي وامير عباس هويدا وروح الله الخميني وغيرهم.
راحلون وقادمون
ويبدو ان من النادر في منطقتنا وعالمنا ان يصل زعماء لهم سحرهم وحكمتهم ولهم ريادتهم ولهم معرفتهم بقدر انفسهم الى السدة العليا من اجل قيادة بلداننا العربية والاسلامية. ان من يتمتع بأي نوع من فن القيادة ستجده وقد اختارته الناس وملك قلوبها واندمج معها معّبرا عن مصالحها، وجعل نفسه في خدمتها.. والاهم من كل هذا وذاك كان فوق كل ميول الناس واتجاهاتهم وتعصباتهم واهوائهم.. لقد رحل معظم زعماء العرب الذين قادوا بلداننا في القرن العشرين، وبقدر ما كان الرأي العام يهاجمهم وينتقد اساليبهم، فان اغلبهم قد نجح في ارساء تقاليد قيادية وسخروا مكانتهم في خدمة بلدانهم.. ولقد خلفهم زعماء جدد منهم من نجح حتى الان في تكوين زعامته اذ اختط له شخصية قيادية جديدة، وهناك من فشل في قيادته وقاد بلاده الى ازمة دولية.. انني اعتقد بأن اي دولة قد ترّسخت مؤسساتها، فان قيادتها الجديدة لا يصعب عليها الحكم، وبعكسه فان الزعامة ستكون في مأزق حقيقي. وقد ثبت لي ان هناك نوعين من هؤلاء الزعماء العرب الجدد، زعماء لهما القدرة على تجاوز الازمات وانهم اقدر من غيرهم في ادارة الازمات وقد تعّلم كيف يكون فنانا في القيادة والتمّرس في ذلك.. وهناك زعامات من نوع آخر على عكس غيرهم اذ اثبتوا فشلا ليس في الادارة السياسية، بل حتى في حّل المشكلات الصغيرة.
زعماء صنعتهم فرص القدر السيئة
ان من السهولة وصول شخص معين الى سدة الحكم، ولكن من الصعوبة ان يتعامل كما يتعامل العقلاء والحكماء والقادة الاذكياء - كما يقول كارل مانهايم -.. والفرق كبير في المجتمع بين اولئك الذين يعلمون كيف يحكمون شعبا صعبا وبين الذين لا يعلمون كيف يدبّرون امر حتى انفسهم، ولكن كيف الامر؟ ان اسوأ انواع الحاكمين هم اولئك الذين يعدون انفسهم كالالهة والطواغيت او كالمبعوثين في دينهم وكأن السماء قد اختارتهم للزعامة على الارض فيطغون ويتجبرون ويتحيزون.. ثم هناك النوع الاخر من الذين لم يصدّقوا ابدا انهم اصبحوا زعماء قط في دنياهم التافهة او الساخرة التي رفعتهم فجأة الى مصاف الزعماء فترى احدهم وقد اصبح زعيما مراهقا وغدا ندا للزعماء العقلاء.. وهو بعيد كل البعد عن الحلم والمقدرة والفهم والحكمة والكياسة والفراسة وعن بعد النظر وتقدير الامور ورؤية المستقبل!
وسواء كان الزعيم ينبعث عن عوامل دين او تخلقه ظروف دنيا، سواء صنعته خلايا حزب او خلقه ميدان ثكنة فكلّ من هؤلاء يضر بمصالح عليا ليس لدولهم واحزابهم حسب، بل لكل المنطقة والعالم. وعليه، لابد من التأمل في النص : " كيفما تكونوا يوّلى عليكم "!؟؟ ان الامر مختلف بين اليوم وبين ما كان عليه العالم قبل عشرات او مئات السنين.. وسواء صفّق الناس لانقلابات عسكرية، او قدّسوا جماعة سمّت نفسها بـ " ضباط احرار " خانوا الامانة وخرقوا القسم الذي أدّوه، او خرجت الناس تؤلّه طغاة، أو رقص شيوخ المجتمع في حضرة جلاد، وسواء استخدم الناس صندوق الانتخابات الذي يتشدقون بمشروعيته وهو مزيّف الاخر كونه اعتمد على من تلاعبت بعقولهم العواطف الشخصية او النزوعات الدينية او البلادة الطائفية او المصالح المالية وشراء الضمائر او استخدام العواطف بعيدا عن الخيارات السياسية الحرة..
الشرعية.. من يمتلكها؟
ان الشعوب اذا ما تبلّدت عقولها وتغّيب وعيها وماتت وطنيتها، فاننا سنرى زعماء مضحكين فيها لا يودون ببلادهم الا الى الخراب والنكبات والتهلكة والظلام، وستجدهم وقد اصبحوا يمارسون الدكتاتورية والشمولية او تضادها من انفلات وضياع، فيصنعون الكوارث والويلات من دون اي شعور بالمسؤولية ومن دون اي تحسّس بالمستقبل والمصير. ان عدة تجارب قد مرت على بلداننا في عالمنا نحن وشهدنا انواعا عدة من الزعماء في القرن العشرين، فمنهم من امتلك شرعية تاريخية من خلال مواريث ملكية او اميرية او مشيخية، ومنهم من افرزته مؤسسة امنية بوليسية او دفعته ثكنة عسكرية لكي يبقى زعيما ابديا، ومنهم من جاء من خلال حزب هيمن بنفسه على الحياة وفرض نفسه زعيما او دكتاتورا وجلادا.. ومنهم من امتلك شرعية سياسية من خلال صندوق انتخابات ولكن مورست على هذا الصندوق سلطات متعددة يدركها الجميع في المجتمع.. ان ما يهمنا حقا الوعي بمفهوم الزعامة ومن يحق له ان يكون زعيما حقيقيا بامتلاكه مشروعية من نوع ما. يقولون ان فن السياسة قد ولد مع ميكافيللي في كتابه " الامير "، ولكن ليس من يقرأ هذا الكتاب سيصبح سياسيا ماهرا وقائدا حاذقا كما يفعل بعضهم.. ان " الامير " صورة مستنسخة لقائد او زعيم سياسي يمتلك منذ صغره مقدرات تجذب الناس اليه وان الجاذبية لا تكفي في صناعة قائد - كما يقول ماكس فيبر -، ولكنه بحاجة الى موهبة السياسي والحنكة وسرعة البديهة وقوة الخطاب وهيبة التأثير والخفة والتواضع.. انه بحاجة الى المناورة الخفية وسداد الرأي.. ولقد شهد القرن العشرون العديد من اقوى الزعماء الذين أثّروا في التاريخ، وكانت لهم بصماتهم اللامعة مقارنة بآخرين فشلوا في هكذا مهنة صعبة جدا.
مراهقون سياسيون
ان واقعنا اليوم وفي عالمنا هذا الذي نتجاذب معه صراع الارادات يفترض ان يختار الشعب من يتلاءم مع الحاجة والضرورة مهما كان دينه او طائفته او اتجاهه او عرقه او قبيلته.. اذا ما اعتمدت المعايير الوطنية، ونحن نشهد بأن الزعيم الحقيقي نادر الوجود ولكنه يثوي في مجموعة من المتطلعين واللاهثين للسلطة.. وبطبيعة الحال فان مثل هؤلاء يقترفون ذنوبا ويرتكبون اخطاء ويتصدرون مواقف سلبية تودي الى المهالك.. ولا ادري حتى الان كيف خرج العرب من مرحلة الثورة المزيفة وزمن الشعارات الواهية ليرث الاخ الحكم عن اخيه في نظام جمهوري كالعراق او ليرث الابن الحكم عن ابيه في نظام جمهوري كسوريا. ان العالم كله لا يعرف الناس والشعوب الا من خلال زعمائهم فهم الذين ينبغي ان يمثلوا شعوبهم ومجتمعاتهم اصدق تمثيل. ان المراهقين السياسيين ان استحوذوا على سدة الحكم فتلك مصيبة والمصيبة اعظم ان تحّول هؤلاء باسم شعارات الدين او الطائفة او القبيلة او الحزب الى طغاة وآلهة لا يستطيع الشعب محاسبتهم ابدا.. ولنا ان نتخيّل ان لم تكن هناك ارادة دولية لتغيير المنطقة، فهل سيحدث كل ما نراه من احداث؟؟ ابدا، والمشكلة في مثل هؤلاء الحكام ان العالم كله يراهم في حالة وهم ينظرون الى انفسهم والعالم في حالة اخرى.. انهم لا يعترفون باخطائهم ابدا، ولم يتعلموا من تجارب غيرهم ابدا، وهم مجلبة للمهالك والمصائب القاتلة..
متى يتعلموّن؟
ان تجربة صدام حسين مثالا حيا وجديدا في تاريخنا المعاصر.. افلا يتعظ زعماء دول واحزاب منها؟ لماذا كل هذا التنطع والهيجان والعزّة بالاثم واذكاء روح التمرد في زمن تحتاج فيه المنطقة الى علاجات والى هدوء حتى تمر العاصفة من دون اي تدخلات دولية.. متى يتم استنباط الوسائل التي تعيد بعض الزعماء والحكام الى رشدهم والى الصراط المستقيم؟ اي تعيدهم الى شعوبهم وتعيد لهم قوتهم وثقتهم بانفسهم بعد ان تكشّفت حقائقهم وتعّرت اوضاعهم وانفضحت مؤامراتهم وجرائمهم؟؟ متى يتخلصّون من عقدة " الانا "؟ متى يتمكن بعضهم الاخر من عقلنة انفسهم قبل ان يطالبوا بقهر شعوبهم؟ متى يتوقفوا عن التدخّل في شؤون جيرانهم؟ متى يعلموا بأن القضية المركزية لم تعد قميص عثمان يلبسونه متى شاؤوا وينزعونه متى ارادوا؟ متى يكونوا بشرا سويا يساعدون شعوبهم ويطوروها ويبعدون عنهم الكوارث والمآسي؟؟ متى يكونوا اداة حقيقية للاخاء والاستقرار بعيدا الارهاب وتدبير المؤامرات واثارة القلاقل مترجمين تناقضاتهم في هذه المرحلة المصيرية على اراضي غيرهم؟ متى يؤمنوا بأن طريق المستقبل سوف لن يكون لهم وهم يكرسون الهمجية وخلط الاوراق؟ متى يتخلصوا من ازدواجيتهم اذ لابد ان يكونوا في خط واحد لا ان يلعبوا على الحبال؟
قوة الزعماء في ادارة الازمات وخدمة الشعب
ان ادارة الازمات في اي مكان من الوجود بحاجة ماسة الى من يكون مؤهلا لها من اجل اعادة الامور الى نصابها وضبط الاوضاع التي تتداخل فيها السياسة مع الامن وخشية من التدهور والتمادي في الانهيار لابد من زعامات تقّر قرارات جريئة لتطبيق الاحكام الاستثنائية او تغيير الوزارة والاتيان باناس مؤهلين لادارة الازمات الداخلية والخروج من اي مأزق تعيشه البلاد اذ سينتج عن ذلك اعادة للوضع واستتاب للامن وضبط للاوضاع.. وهذا لا يتأتى الا من خلال اناس مخلصين للبلاد ولهم القدرة على ادارة الازمات.. علما بأن الازمات تختلف في طبيعتها، ولا اعتقد ان مشروعات قتل الابرياء تعد من الازمات البسيطة، بل هي من الازمات الصعبة خصوصا وان في بلدان بدت مخترقة على اشد ما يكون الاختراق وانفلتت الامور واخترقت الحدود.. ثمة مسألة اخرى لابد ان ينتبه اليها الزعماء الجدد ذلك ان نجاح اي زعيم يكمن في قدرته على صنع القرارات الاستراتيجية والتكتيكية، اي ان تكون له القدرة على اتخاذ القرارات المتنوعة.. من يفشل في صنع الاستراتيجية ويبرع في التكتيك اعتبره زعيم غير واقعي.. اما من ينتصر في قراراته الاستراتيجية ويترك التكتيكات لمسؤولين آخرين وللمؤسسات فهو زعيم واقعي جدا.. ولكن ربما لا تخدمه الظروف الدولية والاقليمية. ولنا ان نتأمّل فشل زعماء عرب كبار لهم مكانتهم في القرن العشرين، فالمثاليون يكسبون الجماهير ويخسرون التاريخ والواقعيون يخسرون الجماهير ويكسبون التاريخ.. الثوريون من الزعماء فشلوا فشلا ذريعا والتقليديون من الزعماء نجحوا نجاحا باهرا.. وهنا أشير ثانية على النخبة الجديدة من الزعماء العرب الذين دشنوا مسؤولياتهم التاريخية في مطلع القرن الواحد والعشرين ان يتأملوا طويلا في تجارب من سبقهم من الزعماء عربا كانوا ام غير عرب، وان يجددوّا في طبيعة الزعامة من أجل تأسيس تقاليد في الحكم تتلاءم مع متطلبات المرحلة الجديدة.. وفي ذلك تفصيلات يمكنني ان أؤجلها الى بحث مفّصل في تحليل تاريخ الزعامات في المنطقة.
مشروع اصلاح
لقد دعا بعض الزعماء العرب الى مأسسة عملية الإصلاح والتحديث والتطوير في مختلف أجهزة الحكم، وحملوا مسؤولية العمل الجاد والمسؤول على مكافحة الفساد والمفسدين ومحاربة المحسوبية ومروجي الاتهامات الباطلة التي يراد منها اغتيال الشخصية، كما دعوا إلى العمل الجاد لمحاربة ثقافة التكفير والإرهاب. وقال احدهم : أن الإصلاح لم يعد خيارا فقط بل هو ضرورة حياتية. أن الديمقراطية ليست مجرد شعارات ترفع في المناسبات، وعلى الحكومة أن تعمل على مأسسة عملية الإصلاح والتحديث والتطوير. وطالب بالإسراع لاعداد جملة قوانين عصرية تتوخى العدالة والمتغيرات من ضمنها قوانين جديدة بما يسمح تجديد الحياة السياسية والبرلمانية ويضمن مشاركة أوسع في عملية صنع القرار. كما دعا الحكومة إلى الالتزام بالمحاور الاجتماعية والاقتصادية التي تناولتها الأجندة الوطنية وفق الأولويات التي تأخذ بعين الاعتبار مصالح الوطن العليا. كما شدد على ضرورة تبني استراتيجية شاملة في مواجهة ثقافة التكفير بحيث لا تأخذ الحل الامني فقط بل تتناول الابعاد الفكرية والثقافية والسياسية للتصدي للذين اختطوا طريق التخريب والدمار للوصول إلى مآربهم ما يستدعي الاسراع في وضع قانون لمكافحة الارهاب وشن حرب لا هوادة فيها على مدارس التكفير.
وأخيرا: ماذا اقول؟
واخيرا، اقول بأن البعض من الزعماء الجدد في المنطقة يعلمون علم اليقين بحجومهم، وهم يدركون مستوياتهم ويعرفون انهم في مواقعهم جناية على بلدانهم وشعوبهم، وعندما تحدث الكوارث بسببهم لا يعرفون ماذا يفعلون! ومن الانفع لهم اّلا يبقوا في السلطة ساعة واحدة، اذ ينبغي احترام ارادة شعوبهم فيغادروا مواقعهم لمن يكون مؤهلا للزعامة، فلقد وصلوا اليها في غفلة تاريخية.. وعليهم ان يؤمنوا بالديمقراطية الحقيقية لا باسمها المزّيف، ومن اجل ان ينتخب الشعب زعيمه ضمن آلية دساتير مدنية فقط او ضمن آليات شرعية توارثتها المجتمعات منذ مئات السنين.. انه نداء صريح من اجل ان يكونوا اصحاب كلمة حق وان يتوقفوا عن اجندتهم الدموية او الطائفية او وهم يفرشون الطريق الى الكوارث المدمرة والى المزيد من النكبات المؤلمة. فهل سيتحقق حلم العقلاء بوصول زعماء عقلاء الى السلطة العليا؟؟ هذا ما سيكشفه المستقبل عاجلا ام آجلا.