المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : في موضع دار مولد النبي مكتبة الحرمين أما دار السيدة خديجة فقد غابت ملامحه



سلسبيل
01-16-2006, 01:33 PM
حول كتاب عبد الله أبكر ....صور من تراث مكة المكرمة قي القرن 14هـ


http://www.asharqalawsat.com/2006/01/16/images/ksa-local.343456.jpg



حوار: حليمة مظفر

مكة المكرمة قلب الأرض والمسلمين التي تم اختيارها خلال 1426هـ 2005 كأول عاصمة للثقافة الإسلامية، والتي استضافت مؤتمر القمة الإسلامي بحضور قادة وزعماء الأمة الإسلامية هذا العام، تزخر بالكثير من المعاني الإنسانية، ويتحدث بها التاريخ عن ثقافة التسامح كونها منبعا لحضارة عريقة استطاعت هي وجارتها دار الهجرة «المدينة المنورة» أن توصل إلى مختلف بقاع الأرض رسالتها الإنسانية وقيمها الدينية. وكتاب «صور من تراث مكة المكرمة» لمؤلفه عبد الله أبكر من أبناء مكة ليس أول كتاب أو آخر كتاب يسلط الضوء على أبعادها الاجتماعية والثقافية والحضارية والأثرية وإنما كان أول كتاب يسلط على كل ذلك في حياتها خلال القرن 14الهجري، «الشرق الأوسط» التقت بمؤلف الكتاب وحاورته حول وجهها الحضاري والاجتماعي وحول أبرز آثارها وحقائقها التاريخية التي غابت عن أجيال الحاضر بعد ان اندثرت ملامحها.دار مولد النبي والسيدة خديجة رضي الله عنه.


> بدأت في كتابك بالحديث عن الآثار الإسلامية في مكة المكرمة.. فما أبرز هذه الآثار؟

ـ من أبرزها غار حراء الذي كان يتعبد فيه النبي لكنه الآن مهمل، وكذلك دار مولد النبي ـ وهو يعد أساس هذه الآثار الإسلامية في تصوري؛ لأن في هذه الدار ولد الرسول ـ ومنها بُعث، وهي الآن موجودة في شعب بني هاشم، وقد بني في موضعها (مكتبة مكة المكرمة) وتقع الآن خلف المسعى، وقد جُددت وبُنيت وسُكنت من قبل أناس على مرّ القرون الطويلة الذين أفادوا بأنهم لم يصبهم فيها فاقة أو مرض أو شقاء ببركة من ولد فيها، وإنشاء المكتبة في هذا المكان هو نوع من الحفظ لهذه الدار، وجزى الله الشيخ عباس قطان أمين العاصمة الذي سعى إلى الملك عبد العزيز آل سعود في ذلك الوقت لينشيء مكتبة في هذه الدار وقفا لله تعالى.

> هل توجد إشارات ميدانية وتوضيحية تشير إلى أن المكتبة هي دار مولد النبي؟

ـ للأسف لا توجد أي إشارات ميدانية تظهر أن هذه المكتبة هي موضع دار مولد النبي، بل مكتوب عليها «مكتبة مكة المكرمة» فقط، إلا أن الكتب المختصة أشارت إلى ذلك، وحتى الزائر الذي يأتي لمكة لا يستطيع أن يستدل إليها إلا إذا كان لديه علم سابق بها، أو سأل أحداً من أهل مكة ليأخذه إليها.

> ماذا عن دار السيدة خديجة بنت خويلد زوجة النبي.. فهي أيضاً من الآثار الإسلامية المهمة التي عاش فيها الرسول 25 سنة من عمره؟

ـ هذا صحيح، وهي الدار التي وُلد فيها أولاده جميعاً، وموضعها في الجهة الشرقية من الحرم وبجوار دورات المياه وفي ساحة المسعى التي تفرش وتمتد إليها صفوف الصلاة، وهي غائرة أسفل الساحة لأن الدار كانت منخفضة وما تبقى من آثار الدار بعد عوامل التعرية الجغرافية من أمطار وسيول كونها في أرض منبسطة قد أثر على الدار، وبقيت آثارها فيما يشبه حفرة إلى ما قبل 60 سنة ماضية، وكانت واضحة المعالم، حيث حجرة النبي وحجرة السيدة فاطمة والمصلى، وعندما اضطروا إلى البناء في المنطقة لتوسعة المسجد الحرام قاموا بتغطية آثار هذه الدار بالخرسانة ودفنها للبناء عليها، والآن بعد دفن تلك المنطقة أصبح موضعها غير واضح إلا لمن عرفوا المكان وحدوده قبل عملية البناء عليه.

> لقد أشرت في كتابك إلى مواضع عديدة من هذه الآثار الإسلامية التي غابت كدار السيدة خديجة وانمحت معالمها فكيف تنظر لهذه المسألة؟

ـ دائماً ما ندعو للحفاظ على ما تبقى لنا من هذه الآثار التي لنا صلة دينية بها، بل دعيني أؤكد على أهمية الآثار الإسلامية في مكة سواء شخصية منسوبة إلى النبي أو منسوبة إلى الصحابة أو أزواج النبي كغاري حراء وثور، وكدار السيدة خديجة ومولد السيدة فاطمة ودار الأرقم ابن أبي الأرقم ودار عقيل ودار أبي سفيان، وغيرها، فمثل هذه الآثار تعد من الأهمية أن توجب الحفاظ عليها، وأتساءل: ما المانع من وجودها وبقائها أو ما يدل عليها كمَعْلم تاريخي دون أن نتدخل في مسائل الأحكام الدينية وفي الناحية الاعتقادية، وهل ندفنها لمجرد شعور نفسي، وفي رأيي أنها تعتبر ذكريات تاريخية ترجعنا وتطلعنا حقيقة على التأسيس الإسلامي، فعندما نتذكر دار الأرقم، فإن هذه الدار تعود بنا إلى تذكر الصحابة الذين كانوا يختبئون فيها وكان الرسول من خلالها ينشر دعوته سرا إلى أن أنزل عليه قوله تعالى: (فاصدع بما تؤمر)، وكذلك الحال مع دار السيدة خديجة، كونها الدار التي تعد أفضل دار بعد الكعبة المشرفة كما جزم بذلك المؤرخون.

> متى تمت إزالة هذه الآثار أو بعضها تحديداً؟

ـ تمت إزالة بعضها أو أكثرها كاملة أو شبه كاملة في بداية القرن 14هـ وخلاله.

حول الكعبة المشرفة > لقد تحدثت عن الكعبة المشرفة في كتابك وعن مراحل بنائها... حدثنا عنها؟

ـ الذين بنوا الكعبة عشرة، وهم: الملائكة وآدم وإبراهيم وإسماعيل، والعمالقة وجرهم ثم قصي ابن كلاب ثم قريش ثم عبد الله بن الزبير والحجاج ثم جاءت الترميمات، حيث قيل: إن البناء بعد بناء سيدنا إبراهيم وإسماعيل هو عبارة عن ترميم وإصلاحات، أما القواعد الأساسية للبيت الحرام فكانت في أساسها اختيارا من الله تعالى وبأمره جاءت الملائكة وحددت الأماكن التي أمرت بوضع قواعد البيت فيها، وقد أثبت القرآن رفع إبراهيم لقواعد البيت، فسيدنا إبراهيم قام برفع القواعد الموجودة منذ زمن قديم لا يعلمه سوى الله تعالى، أما بناء حِجر سيدنا إسماعيل الذي لم تكتمل بنايته ويعد جزءا من الكعبة التي نطوف حولها، وكونه لم يبن ذلك لتحري المال الحلال منذ ذلك الوقت، فقد كان العرب قبل الإسلام في الجاهلية حريصين على أن لا يبنوا البيت إلا من مال حلال خالص لا شائبة فيه، وهذا من باب احترامهم للكعبة.

> ماذا عن داخل الكعبة المشرفة؟

ـ يوجد داخل الكعبة سقفان، فهناك سقف داخلي وسقف السماء، وثلاثة أعمدة بالنسبة للسقف الداخلي في اتجاه الأركان الأساسية الموجودة وقد زيد وأزيل فيها بحسب البناء، وهذا يجعلنا نتطرق إلى تحديد الصحابة الذين أرادوا عن طريق هذه الأعمدة وكانت في زمن النبي ستة أعمدة، الوصول إلى تحديد موضع صلاة النبي ـ داخلها يوم الفتح، وهي صلاة غير الفريضة وإن كان بعض الأئمة يرى جواز الصلاة فيها، فقد جرى بين الصحابة خلاف كبير حول تحديد الموضع الذي وقف عليه الرسول ـ بالضبط للصلاة، وقد ذكر ذلك الإمام ابن القيم في كتابه زاد المعاد، أما البناء فهي من الداخل بناء حجري غير مستوٍ تبعاً للبناء القديم على عكس بنائها الخارجي المستوي والناعم، ومن المعروف أنه قبل الإسلام كانت توضع داخلها الأصنام وكذلك شعر المعلقات التي كانت تعد جائزة شرفية للشاعر كجائزة نوبل العالمية، كما كان الجاهليون يقدمون لها الهدايا الثمينة من ذهب وفضة وغيرهما، وقد استمر الإهداء إلى الكعبة في صدر الإسلام حتى الآن، أما مفتاح الكعبة فهو لسدنتها الذين توارثوا مفتاحها منذ سيدنا عثمان بن طلحة إلى يومنا هذا، ولا يفتحها غيرهم، والدخول إليها غير مسموح إلا بهم، وكانوا في القديم يدخلونها عند المناسبات الدينية مثل ما هو حاصل الآن بغسل أمير مكة لها في كل عام عند تغيير الكسوة، وقيل إن سيدنا علي بن أبي طالب ولد في داخلها، لكنه قول مردود لأنه ولد في شعب بني هاشم. ويعرف الآن بمولد سيدنا علي بجوار مولد النبي شرقاً.

> وما الحَجر الذي بنيت منه الكعبة؟

ـ الحجر الذي بنيت منه الكعبة هو حجر دنيوي عدا الحجر الأسود الذي أهبط من الجنة، وهو أبيض من اللبن وإنما اسود بسبب ذنوب البشر، وحجر الكعبة لونه أسود وهذا يعود إلى أن جبال مكة كلها أو جلها بهذا اللون، فقيل إنه مأخوذ لبنائها من أجبل هي: حراء (أبو قبيس)، وطور سيناء، لكن أكثر هذه الآراء ترجيحاً أن إبراهيم كان قد أخذ من جبل أبو قبيس لأنه كان الأقرب إليه.

المرأة تدرس الفتيات والصبيان في الكتّاب > ماذا عن الحركة التعليمية في مكة.. لقد أشرت إلى وجود الكتاتيب للبنين والفتيات أيضاً؟

ـ صحيح، كانت هناك كتاتيب في مكة المكرمة منذ أيام الصحابة وامتدت إلى ما قبل أربعين سنة ماضية، وكانت الكتاتيب هي الأسس الأولى للحركة التعليمية في مكة وفي الحجاز عامة، ففيها يبدأ الولد من أربع أو خمس سنوات بالانضمام إليها، وكثيرون ممن يشغلون المناصب المرموقة الآن كانوا قد تعلموا في الكتاتيب، وكانت المرأة المكية تدرس الأولاد مع البنات، وأنا ممن تعلموا داخل هذه الكتاتيب، وكانت المعلمة تلقب بـ (ماما) حيث يتعلم لديها الأولاد والبنات معاً دون فصلهم، وإنما كان الفصل بينهم وفق الأجزاء القرآنية التي حفظوها، فهذا صف جزء عمّ، وآخر صف جزء تبارك، وكان هناك من يستمر حتى سن 12 و13عاماً لديها، بل كان الطالب يدرس لدى المرأة إلى أكبر من هذه السن ويسمِّع لديها القرآن بكل أدب ووقار، و تعليم المرأة كان أكثر فائدة من تعليم الرجال لأنها أحن وأرأف، أما أولى المدارس النظامية الأهلية في مكة فقد كانت مدارس: الخياط بالمسعى والصولتية والفلاح، ومدرسة النجاح الليلية دار الفائزين والعارفية والراقية وغيرها. ثم المدارس الحكومية في العهد السعودي.

الفلسفة والمذاهب الأربعة ومقاماتها في المسجد الحرام > كانت حلقات العلم تقام في المسجد الحرام.. فكيف كانت تدار؟

ـ كان يقوم بها العلماء الكبار، وكل حلقة علمية يقوم بها شيخها ويديرها هو بالكيفية التي يراها مناسبة، وتبدأ عندما يصل الطالب إلى مرحلة التمييز في سن 10 سنوات وما فوق، وهذه الحلقات كانت أكثر تخصصاً في العلوم التي تُدرس بها، فقد كانت هناك حلقات للقرآن والتفسير والحديث وعلومه والفقه وأصوله والمواريث، وضمن ذلك دروس في علم المنطق والفلسفة، وعلم الفلك، والأدب واللغة والنحو وغيرها.

> أنت تشير لعلمي الفلسفة والمنطق بأنهما كانا ضمن الحلقات العلمية في المسجد الحرام ولكنهما الآن يعدان من المحرمات؟

ـ لكني أتوقع أن تكون قريباً من المباحات في مناهج تعليمنا، اعتماداً على أصل المنطق والفلسفة وكونهما يعتبران مهمين لفهم بعض نصوص الدين الإسلامي، فلم نفهم القرآن الكريم ولا السنة المطهرة وأصول الفقه إلا بمبادئ من علم المنطق، وإن كان الإكثار منه والتعمق فيه هو ما لا يحبذ، لأنه قد يغرق الإنسان غير المتمكن، ومع ذلك تعتبر من علوم الآلة التي تقرب من فهم نصوص القرآن والسنة، ولا شك هنا نظريات فلسفية لا نقبلها، لأنها عقلية بحتة لا يؤمن أصحابها بالغيبيات ولا بالله مع العلم بوحدانيته، أما إذا كانت مثل نظريات: (الزنوفنس) و (ديكارت) فمرحباً بها كوسيلة عقلية تزيدنا معرفة لله.

> وكم كان عدد هذه الحلقات وما أشهرها؟

ـ كان عددها يتجاوز 100حلقة في المسجد الحرام، وكان علماؤها وشيوخها يدرسون وفق المذاهب الأربعة التي ينتمون إليها، فهذه الحلقة وفق المذهب المالكي، وأخرى وفق الشافعي، وكانت الصلاة أيضاً داخل المسجد الحرام غير موحدة بإمام واحد يؤم جميع المذاهب كما نراها الآن، وكان ذلك في عهد الأتراك والأشراف إلى دخول الملك عبد العزيز الملك المؤسس، فكل إمام كان يصلي وفق مذهبه، فإمام المذهب المالكي يصلي في الجهة الغربية، والحنفي في الجهة الشمالية، والشافعي في الجهة الشرقية والحنبلي في الجهة الجنوبية، وكل إمام يصلي تحت مقام مذهبه بجماعته ممن ينتمون للمذهب ذاته، وعدم الصلاة جماعة بين أصحاب المذاهب تعود لأسباب لعل أبرزها مساحة المسجد الحرام في ذلك الوقت التي لم تسمح بأن يصلي الجميع معاً، أيضاً لعدم وجود مكبرات الصوت، والطلبة كانوا أيضاً من احترامهم لأئمتهم يفضلون الصلاة معهم وفق مذاهبهم، وسبب آخر يعود إلى اختلاف المذاهب فيما يبنها في تفاصيل أداء الصلاة فهذا يقنت في الفجر وذاك لا، وهذا يسدل وذاك يقبض، وعندما دخل الملك عبد العزيز رحمه الله ورأى هذه الحال من التفرقة وجد أنه ينبغي توحيد المصلين بناء على توحيد المملكة فأمر بتوحيد الصلاة على إمام واحد وفق المذهب الحنبلي، وأزيل ما كان موجودا من بنايات المقامات الأربع، في المطاف بقرب الكعبة.

وكان كل شيخ يختار منهجه العلمي في التدريس وكان الطلبة هم من يختارون الكتب التي يريدون دراستها وقراءتها على الشيوخ، عدا حلقات الحديث التي لا يختار فيها الطالب الكتاب الذي يريد إلا في مسألة تقديم الترمذي على سنن ابن ماجه مثلاً، أما الصحيحان البخاري ومسلم فهذان في المقدمة بعد القرآن، وهذه الحلقات العلمية لم تعد موجودة حالياً، كون الجامعات أخذت عنها هذا الدور، ولكن توجد حلقات للوعظ والإرشاد فقط.

الركب المكي وتدليل أهل مكة للحمير > كان في مكة خلال القرن 14هـ ما يعرف بالركب المكي.. فما هو؟

ـ الركب ينقسم إلى نوعين، ركب عام يخرج فيه جميع الناس من جميع الرجال والنساء وكان أهل مكة يستخدمون الدواب كالجمال التي تصل بهم إلى المدينة المنورة في 13 ليلة، وكان للركب العام وقت محدد، فعند الحج يخرج فيه الجميع من الحجاج والتجار وأهل مكة، وأما الركب الخاص فهو خروج الرجال الأشداء على ظهور الحمير مجموعة.. مجموعة من كل الحارة حارة يقارب عددهم سبعين حمارا وعليها راكبها، إلى المدينة وتستغرق الرحلة 9 ليال، والأكثر كان اعتمادهم على الحمير داخل مكة وفي حالات السفر، ولم يستخدموا الخيول في السفر وإن كانت موجودة في عهد الأتراك والأشراف داخل مكة، بسبب غلائها ولأنها أيضاً ليست كالحمير قادرة على التحمل والصبر أثناء السفر، وقد قال حمد الجاسر رحمه الله «إن الحمير بمكة كان يؤتى بها إليها من الأحساء والشرقية» وأفضل أنواع الحمير في مكة هي الحمير الحساوية وهي بليدة فتتخرج في مكة. وكان لأهل مكة دراية بالحمير ولهم قدرة على تدريبها وقد اهتموا بتزيينها وتدليلها، وهي أسهل من الجمال والخيول، ولذلك كثر استخدامهم لها، وقد ظلت عادة الركب حتى عام 1395هـ تقريباً، حيث توقف الركب ويعود ذلك لرأي بعض علماء الدين من أنه لا داعي لاستخدام الحمير في الركب المكي ما دامت الحاجة قد سُدت بالسيارات.

أول سيارة في مكة المكرمة > متى دخلت أول سيارة إلى مكة المكرمة؟

ـ أول سيارة دخلت مكة كانت في سنة 1340هـ مهداة لملك الحجاز حينها وهو الشريف الحسين بن علي رحمه الله، وقد قدمها له تاجر هندي هدية، وكان يوقفها بجوار بيته ولم يستخدمها للركوب بسبب عدم وجود الطرقات المعبدة داخل مكة، إلى جانب أنها كانت شيئاً جديداً بالنسبة لهم لم يألفوه، وقيل كان يركبها نادراً وفضل الاستمرار في ركوب الدواب عنها، وعندما تولى الملك عبد العزيز الحجاز سنة 1343هـ وفي 1346هـ تطورت الطرق واتسع العمران، كان ذلك سبباً لأن توجد السيارات، أما البسكليتات والدراجات النارية فقد كانت قليلة أيضاً لقلة استخدامها مقابل كثرة استخدام الحمير.

المرأة المكية وتغييبها > لقد لاحظت في كتابك أن المرأة لم تأخذ مساحتها الكافية في الظهور بين أعلام مكة بجوار الرجل، بالرغم من أن المجتمع المكي كان يزخر بالعالمات والفاعلات اجتماعياً ولم تذكرهن.. فلماذا؟ ـ لكني أفردت فصلاً كاملاً في الكتاب من مهمات وعادات ربات البيوت في مكة، وأتيت على ذكرها في هذا الفصل.

> هذا صحيح، ولكنك حصرتها في مهمة ربة البيت فقط ولم تأت على مشاركتها في القيادة الفكرية والثقافية؟ ـ معك حق في ذلك، فهناك سيدات عالمات وفقيهات، ولم أذكر في الكتاب هذا الجانب للمرأة في المجتمع المكي، لأنها لم تكن في حدود الظهور الرسمي مثلها مثل الرجل، كون نشاطهن منازلهن، وكما قلت لك إننا والأجيال التي قبلنا درسنا وتعلمنا في كتاتيب النساء، وأصدقك القول أن المراجع التي اطلعت عليها وأخذت منها للكتاب لم تذكر المرأة في هذا الجانب، ويكاد يكون كتاب (نشر النور والزهر في تراجم أفاضل مكة في القرن العاشر إلى القرن الرابع عشر) للشيخ عبد الله مرداد من المراجع القليلة التي عنيت بذكر العالمات في المجتمع المكي في القرن الرابع عشر، فقد ذكر ما يقارب 30 عالمة وفقيهة وأديبة، وقد تخرج على أيديهن علماء لهم شأن بارز، أما الكتب الأخرى فوجدت فيها بعض الإشارات لدورهن لكنها إشارات غير موضحة لتفاصيلها، وهذا يعود ربما لتحفظهم على ذكر المرأة، هذا بالرغم من وجود تراجم الفاسي وابن فهد والسخاوي في القرون الأولى عن عالمات وفقيهات مكة.

المركاز والغناء وأثرهما الفكري والاجتماعي > المركاز في مكة أخذ أبعادا واسعة في عالم الثقافة والفكر، كيف ذلك؟

ـ نعم، المركاز من أبرز العادات الاجتماعية المكية، وله أصل في السنة يتمثل في الجلوس بالطرقات، وحقاً أن الرسول سن ذلك بإقراره، لكنه في ذات الوقت قال: (إذا جلستم في الطرقات فأعطوا الطريق حقها) ولهذا كان في كل حارة أكثر من مركاز لها ولعمدتها، ويجلس فيه كبار رجال الحارة، ويمضون وقتهم به من بعد صلاة الصبح إلى وقت العمل، ومن بعد العصر حتى آخر الليل، يتدارسون فيه شؤون الحارة وأخبارها، ويتسلون أحياناً بشيء من الأناشيد والأغاني المكية كالصهبة والدانة، ومن ثم امتدت هذه المراكيز لتكون (القهوة) والمقاهي وهذه تميزت بكبر مساحتها وتعدد خدماتها.

> وما أشهر هذه المقاهي في مكة خاصة تلك التي كان يجلس بها المثقفون والمغنون؟

ـ أشهرها كان بستان الفارسي في المسفلة ويقع ما بين مقهى باجرادة ومقهى النبّاني، وكانت هناك «قهوة» السقيفة في المسفلة وكذلك «قهوة القبو، وقهوة» عبد الحي، و«قهوة» السرحة بالقشاشية، وكان يجتمع فيها أهل الغناء ـ الصهبة واليماني ـ وأهل الفكر والثقافة يستمتعون خلال جلساتهم فيها بأنغام الغناء والأشعار والأحاديث الثقافية.

> أنت أدخلتنا إلى باب آخر وهو الغناء المكي.. فهل حقاً الغناء الحجازي انطلق من مكة المكرمة؟

ـ هذا صحيح، فقد تطورت الأغنية من المجس المكي، والمجس هو جس النبض وجس المقام، و«المغنوجي» أو المغني يعرّف الحاضرين ليجس نبضهم فيما يتناسب مع حالتهم، ووفق تقديره هذا يقوم بإنشاد مقام أو مجس يتناسب معهم، ولذلك سموه بالمجس وهذا موجود بمكة منذ أيام الصفا وأجياد وأسواق منى وعكاظ، إلى النصف الثاني من القرن الثالث للهجرة، حيث تطور الغناء الحجازي بمكة والمدينة، ومنهما انطلق إلى العراق والشام وغيرهما من البلاد، ولو عدنا للتاريخ القديم لوجدنا أن نقل الغناء من مكة كان على أيدي النساء، حيث كنّ مغنيات فائقات معروفات، وقد تخرج على أيديهن مغنيون من تلامذتهن، حتى قيل إنهن علّمن إبراهيم الموصلي نديم الخلفاء، وتعلمنه، والموصلي والد إسحاق وسيد (زرياب) مؤصل ألحان الموشحات الأندلسية، أما في مكة خلال القرن الرابع عشر فقد كان هناك من يؤدون الدانة اليماني والصهبة المصري، وهناك مدرسة حسن جاوا والكردوس ومن جاء بعدهما، وقد تطورت الأغنية الحجازية من خلال المجس المكي فبذرة الغناء كانت من مكة الغناء هو الصوت الحسن. وشكراً لكي ولصحيفة الشرق الأوسط على هذا اللقاء الأحسن.

هاشم
01-18-2006, 07:49 PM
هناك الكثير من الاثار الاسلامية الهامة اختفت او تم طمسها بسبب العناد الوهابى والغباء السعودى الرسمى المتماشى مع العقائد الوهابية ، نتمنى ان يتم قريبا تدارك هذه الاخطاء بارجاع معالم هذه الاثار الاسلامية لما فيه خير الامة وتكريما لنبى الاسلام .

فاطمي
07-31-2009, 02:48 PM
شوهوا الكعبة بالفنادق العملاقة حواليه فقط للكسب المادي واضاعوا معالم الحرمين