سلسبيل
01-16-2006, 01:21 PM
يتكون من عدد لا نهائي من المكاتب والغرف.. وصمم لتحمل هجوم نووي بحجم «هيروشيما»
http://www.asharqalawsat.com/2006/01/16/images/news.343539.jpg
بغداد ـ رويترز
عندما يمثل الرئيس العراقي السابق صدام حسين في الرابع والعشرين من هذا الشهر أمام المحكمة مجددا، قد يلقي نظرة على المكان الذي كان يعتقد أنه سيكون فيه بمأمن من عالم معاد له.
والمخبأ المضاد لأي هجوم نووي في حال يرثى لها شأنه شأن الرئيس السابق الذي خانه عراقيون ودلوا القوات الأميركية عليه. وليس السبب في ذلك القنابل الأميركية التي دمرت القصر الواقع فوقه، بل اللصوص الذين تدفقوا على هذا المكان بعد سقوطه. وقال جون كارتر، وهو مهندس مدني بريطاني يعمل في المجمع ويقوم بدور مرشد سياحي غير رسمي في أوقات الفراغ، ان كثيرا ممن قاموا بأعمال النهب ما زالوا موجودين في المكان وبعضهم يقيم بشكل غير مشروع في شبكة من الانفاق هناك ويجردون المكان تدريجيا من كل ما يمكن حمله من عدد لا نهائي من المكاتب وغرف ادارة الحرب والمطابخ وغرف المعيشة في المجمع.
وبينما تضيء بطارية البقايا المتلفة لغرفة المونتاج التلفزيوني، حيث كان يجري اعداد خطب صدام الاخيرة بعيدا عن القنابل الأميركية يقول كارتر «هناك عدد أكبر مما ينبغي من المداخل وعدد أكبر مما ينبغي من الناس». وأضاف انهم «يسرقون أي شيء...لا يمكن منعهم. في كل مرة آتي الى هنا أكتشف اختفاء شيء ما».
وقد صمم المخبأ مهندس ألماني بناه بحيث يتحمل هجوما نوويا بحجم ما تعرضت له مدينة هيروشيما اليابانية. وتحمل المخبأ فعلا الحرب عام 2003 من دون أن يمسه سوء. ولكن الآن اختفت الصنابير من حمام صدام واتسخ المرحاض بالفضلات واختفى سريره وكذلك السجادة من غرفة نومه الصغيرة المحصنة من أي هجمات بالغازات أو بالمواد الاشعاعية في قلب هذا المجمع الواقع تحت الارض، ويبدو المخبأ وكأنه نسخة معاصرة من مخبأ هتلر.
يقول كارتر «ما زال اللصوص يرتعون.. بعض الناس ما زالوا يعيشون في الانفاق». وهناك ركن واحد على الاقل يشهد على هذه السكنى، اذ يضم كرسيا بذراعين ومكتبا وملصقات لفتيات شبه عاريات. وفي الدور العلوي يتضح الدمار تماما للعيان.
تحت قبة القصر التي يبلغ اتساعها 40 مترا ليس هناك شيء سوى كتلة من الخرسانة المهشمة والصلب المثنى كان صدام يقيم كل يوم مآدب للدائرة المقربة اليه من شخصيات حزب البعث.
ويتردد أنه في ذلك المكان كان يقول لضيوف العشاء ان وجبة الخائن مسمومة، فإذا توقف أحدهم عن المضغ ولو لوهلة كان ذلك كافيا لاختفائه الى الأبد.
والآن عندما يدخل الزوار المكان متعثرين في أكوام من الانقاض فانهم يحبسون أنفاسهم عندما يتضح لهم مدى اتساع المساحة التي تضيئها الانوار الخارجية مثل الكاتدرائيات. المكان أشبه بموقع تصوير لفيلم عن كوارث ودليل على قيام حرب شاملة في ذلك المكان. فهو يشبه ما حدث للرايخستاج في برلين عام 1945.
فجوتان في قمة القبة تدلان على مدى دقة قنبلتين مضادتين للمخابئ توغلتا في أرضية القصر في محاولة للوصول الى المخابئ في مارس (آذار) 2003. وتشهد على قوة الانفجارات الفجوتان المكتظتان بأنقاض وشظايا على ما كانت يوما أرضية من خشب فاخر ونجف وأثاث أنيق. ولكن تحت 20 مترا عبر طبقات وطبقات من الخرسانة ظلت قاعة مؤتمرات صدام، حيث تم تصويره وهو يجتمع مع حكومة الحرب غير الرسمية كما هي دون سوء.. حتى جاء اللصوص.
والآن أصبحت الغرفة منخفضة السقف عارية والأسلاك تبرز من الحائط الذي سرقت منه مفاتيح النور وصناديق القوابس.
المياه تجري تحت الارضية مما يدل على أن اللصوص استهدفوا أدوات السباكة، وهو ما أدى الى غرق الطوابق السفلية للمخبأ بالمياه. ولم ينج من السرقة مصباح واحد ولا قطعة خشبية واحدة من الأثاث بخلاف السرر المكونة من طابقين والمصنوعة من خشب صنوبر مقلد والمثبتة في جدران الغرف التي كانت بمثابة ثكنات عسكرية لقوات الحرس الجمهوري.
وفي المطابخ نجت من السرقة معدات طهي تشبه ما هو مستخدم في الفنادق الى جانب الوحدات الموجودة في المخبأ لتوليد الكهرباء ومعالجة الهواء والماء والأبواب الواقية من الغازات التي تشبه أبواب الغواصات ومصعد الى الطابق العلوي من القصر. وكل تلك الاشياء تحمل علامات الدول المصنعة مثل ألمانيا والسويد ويوغوسلافيا وبلجيكا وبريطانيا ودول اخرى.
ويقول كارتر انه في غرفة واحدة صغيرة هناك كرسي مغطى بالفطريات وعبوات مواد غذائية مسروقة تابعة للجيش الأميركي تعيد للأذهان من كانوا يعيشون في المخبأ بعد الحرب قبل طردهم. ولكن بالرغم من الاجراءات الامنية المشددة المفروضة على المنطقة الخضراء التي تضم أيضا المحكمة التي يمثل أمامها صدام مرة أخرى يوم 24 يناير (كانون الثاني)، ما زال اللصوص يتمكنون من الدخول.
وكان المهندس الالماني الذي أشرف على بناء المخبأ في أوائل الثمانينات قد ذكر أن عشرات من الافراد كان يمكنهم العيش لشهور داخل المخبأ الذي تبلغ مساحته 1800 متر مربع عبارة عن ممرات وغرف. وكان المهندس كارل ايسر قد قال لرويترز خلال الحرب «لا يمكن إحداث شق في المخبأ إلا بواسطة قوات برية أو قنبلة نووية ميدانية».
وكان ايسر الذي يزعم أن له صلة بالمخابئ التاريخية من خلال جدته التي ساعدت في بناء مخبأ لهتلر، محقا فيما قال. فقد تمكنت القوات الأميركية في نهاية الامر من اقتحام المخبأ في ابريل (نيسان) عام 2003 بعد أن فجرت أحد الابواب محكم الاغلاق في مبنى خارجي والتي صممت مثل القصر ذاته جزئيا كهدف خادع لإخفاء المخبأ.
وكما يحاول القضاة في محاكمة صدام معرفة الحقيقة من الخيال يمضي المهندس كارتر أغلب وقته في العراق عندما لا يشرف على مشاريع كبرى لإعادة الاعمار، محاولا فك طلاسم تصميم هذا المخبأ والقصر الذي يضم طوابق زائفة ومداخل سرية وأنظمة محكمة للحفاظ على الحياة.
يقول المهندس البالغ 58 عاما مبديا اعجابه بالتصميم «استغرق فهمه بعضا من الوقت.. انه تصميم عبقري». ولكن مستقبل هذا الهيكل فوق العادة غير واضح. ويقول كارتر «إصلاحه سيتطلب ثروة طائلة». وتساءل قائلا «هل يمكن هدمه..». ولكن حتى القنابل المضادة للمخابئ لا تستطيع انجاز هذه المهمة.
http://www.asharqalawsat.com/2006/01/16/images/news.343539.jpg
بغداد ـ رويترز
عندما يمثل الرئيس العراقي السابق صدام حسين في الرابع والعشرين من هذا الشهر أمام المحكمة مجددا، قد يلقي نظرة على المكان الذي كان يعتقد أنه سيكون فيه بمأمن من عالم معاد له.
والمخبأ المضاد لأي هجوم نووي في حال يرثى لها شأنه شأن الرئيس السابق الذي خانه عراقيون ودلوا القوات الأميركية عليه. وليس السبب في ذلك القنابل الأميركية التي دمرت القصر الواقع فوقه، بل اللصوص الذين تدفقوا على هذا المكان بعد سقوطه. وقال جون كارتر، وهو مهندس مدني بريطاني يعمل في المجمع ويقوم بدور مرشد سياحي غير رسمي في أوقات الفراغ، ان كثيرا ممن قاموا بأعمال النهب ما زالوا موجودين في المكان وبعضهم يقيم بشكل غير مشروع في شبكة من الانفاق هناك ويجردون المكان تدريجيا من كل ما يمكن حمله من عدد لا نهائي من المكاتب وغرف ادارة الحرب والمطابخ وغرف المعيشة في المجمع.
وبينما تضيء بطارية البقايا المتلفة لغرفة المونتاج التلفزيوني، حيث كان يجري اعداد خطب صدام الاخيرة بعيدا عن القنابل الأميركية يقول كارتر «هناك عدد أكبر مما ينبغي من المداخل وعدد أكبر مما ينبغي من الناس». وأضاف انهم «يسرقون أي شيء...لا يمكن منعهم. في كل مرة آتي الى هنا أكتشف اختفاء شيء ما».
وقد صمم المخبأ مهندس ألماني بناه بحيث يتحمل هجوما نوويا بحجم ما تعرضت له مدينة هيروشيما اليابانية. وتحمل المخبأ فعلا الحرب عام 2003 من دون أن يمسه سوء. ولكن الآن اختفت الصنابير من حمام صدام واتسخ المرحاض بالفضلات واختفى سريره وكذلك السجادة من غرفة نومه الصغيرة المحصنة من أي هجمات بالغازات أو بالمواد الاشعاعية في قلب هذا المجمع الواقع تحت الارض، ويبدو المخبأ وكأنه نسخة معاصرة من مخبأ هتلر.
يقول كارتر «ما زال اللصوص يرتعون.. بعض الناس ما زالوا يعيشون في الانفاق». وهناك ركن واحد على الاقل يشهد على هذه السكنى، اذ يضم كرسيا بذراعين ومكتبا وملصقات لفتيات شبه عاريات. وفي الدور العلوي يتضح الدمار تماما للعيان.
تحت قبة القصر التي يبلغ اتساعها 40 مترا ليس هناك شيء سوى كتلة من الخرسانة المهشمة والصلب المثنى كان صدام يقيم كل يوم مآدب للدائرة المقربة اليه من شخصيات حزب البعث.
ويتردد أنه في ذلك المكان كان يقول لضيوف العشاء ان وجبة الخائن مسمومة، فإذا توقف أحدهم عن المضغ ولو لوهلة كان ذلك كافيا لاختفائه الى الأبد.
والآن عندما يدخل الزوار المكان متعثرين في أكوام من الانقاض فانهم يحبسون أنفاسهم عندما يتضح لهم مدى اتساع المساحة التي تضيئها الانوار الخارجية مثل الكاتدرائيات. المكان أشبه بموقع تصوير لفيلم عن كوارث ودليل على قيام حرب شاملة في ذلك المكان. فهو يشبه ما حدث للرايخستاج في برلين عام 1945.
فجوتان في قمة القبة تدلان على مدى دقة قنبلتين مضادتين للمخابئ توغلتا في أرضية القصر في محاولة للوصول الى المخابئ في مارس (آذار) 2003. وتشهد على قوة الانفجارات الفجوتان المكتظتان بأنقاض وشظايا على ما كانت يوما أرضية من خشب فاخر ونجف وأثاث أنيق. ولكن تحت 20 مترا عبر طبقات وطبقات من الخرسانة ظلت قاعة مؤتمرات صدام، حيث تم تصويره وهو يجتمع مع حكومة الحرب غير الرسمية كما هي دون سوء.. حتى جاء اللصوص.
والآن أصبحت الغرفة منخفضة السقف عارية والأسلاك تبرز من الحائط الذي سرقت منه مفاتيح النور وصناديق القوابس.
المياه تجري تحت الارضية مما يدل على أن اللصوص استهدفوا أدوات السباكة، وهو ما أدى الى غرق الطوابق السفلية للمخبأ بالمياه. ولم ينج من السرقة مصباح واحد ولا قطعة خشبية واحدة من الأثاث بخلاف السرر المكونة من طابقين والمصنوعة من خشب صنوبر مقلد والمثبتة في جدران الغرف التي كانت بمثابة ثكنات عسكرية لقوات الحرس الجمهوري.
وفي المطابخ نجت من السرقة معدات طهي تشبه ما هو مستخدم في الفنادق الى جانب الوحدات الموجودة في المخبأ لتوليد الكهرباء ومعالجة الهواء والماء والأبواب الواقية من الغازات التي تشبه أبواب الغواصات ومصعد الى الطابق العلوي من القصر. وكل تلك الاشياء تحمل علامات الدول المصنعة مثل ألمانيا والسويد ويوغوسلافيا وبلجيكا وبريطانيا ودول اخرى.
ويقول كارتر انه في غرفة واحدة صغيرة هناك كرسي مغطى بالفطريات وعبوات مواد غذائية مسروقة تابعة للجيش الأميركي تعيد للأذهان من كانوا يعيشون في المخبأ بعد الحرب قبل طردهم. ولكن بالرغم من الاجراءات الامنية المشددة المفروضة على المنطقة الخضراء التي تضم أيضا المحكمة التي يمثل أمامها صدام مرة أخرى يوم 24 يناير (كانون الثاني)، ما زال اللصوص يتمكنون من الدخول.
وكان المهندس الالماني الذي أشرف على بناء المخبأ في أوائل الثمانينات قد ذكر أن عشرات من الافراد كان يمكنهم العيش لشهور داخل المخبأ الذي تبلغ مساحته 1800 متر مربع عبارة عن ممرات وغرف. وكان المهندس كارل ايسر قد قال لرويترز خلال الحرب «لا يمكن إحداث شق في المخبأ إلا بواسطة قوات برية أو قنبلة نووية ميدانية».
وكان ايسر الذي يزعم أن له صلة بالمخابئ التاريخية من خلال جدته التي ساعدت في بناء مخبأ لهتلر، محقا فيما قال. فقد تمكنت القوات الأميركية في نهاية الامر من اقتحام المخبأ في ابريل (نيسان) عام 2003 بعد أن فجرت أحد الابواب محكم الاغلاق في مبنى خارجي والتي صممت مثل القصر ذاته جزئيا كهدف خادع لإخفاء المخبأ.
وكما يحاول القضاة في محاكمة صدام معرفة الحقيقة من الخيال يمضي المهندس كارتر أغلب وقته في العراق عندما لا يشرف على مشاريع كبرى لإعادة الاعمار، محاولا فك طلاسم تصميم هذا المخبأ والقصر الذي يضم طوابق زائفة ومداخل سرية وأنظمة محكمة للحفاظ على الحياة.
يقول المهندس البالغ 58 عاما مبديا اعجابه بالتصميم «استغرق فهمه بعضا من الوقت.. انه تصميم عبقري». ولكن مستقبل هذا الهيكل فوق العادة غير واضح. ويقول كارتر «إصلاحه سيتطلب ثروة طائلة». وتساءل قائلا «هل يمكن هدمه..». ولكن حتى القنابل المضادة للمخابئ لا تستطيع انجاز هذه المهمة.