زوربا
01-16-2006, 12:20 AM
جدة: أميمة الفردان
بأمر إلهي من فوق سبع سماوات، يتماهى الطائفون حولها مع الملائكة الطائفين بالبيت المعمور الذي لا يفصله عن ارتفاع الكعبة المشرفة إلا مسافة التحليق عبر السماء الدنيا، بيت الله المحرم المكان الذي تهوي إليه الأفئدة من كافة أرجاء المعمورة، البناء المكعب الشكل بزواياه الأربعة أو أركانه العتيدة المعتقة بجلال اسم الله وهيبته، بين الركن العراقي المتجه جهة الشمال والركن الشامي المتجه إلى جهة الشام والمغرب، يطل اليمانيان المتجه أحدهما إلى جهة اليمن، فيما يتزين الركن الشرقي أو الركن الأسود بحجر الجنة «الحجر الأسود»، حيث بداية طواف المحرم لله«بسم الله، والله أكبر"، متوجها بيدين متذللتين حول البيت العتيق.
تتميز الكعبة الشريفة عن غيرها بأن أول من بناها الملائكة الذين حجوا إليها قبل آدم بألفي عام، ثم آدم، وحسب ما ورد في كتاب التاريخ القويم لمحمد طاهر الكردي «أن الكعبة كانت غثاء على الماء قبل أن يخلق الله عز وجل السموات والأرض بأربعين سنة، ومنها دحيت الأرض» وقد كانت أول بقعة تم تحديد موضعها من الأرض، خمسة بناءات تلاحقت على الكعبة منذ أن بناها أبو الأنبياء إبراهيم وولده إسماعيل عليهما السلام.
من رفع قواعد البيت التي أمر الله بها خليله ليبدأ البناء من حجارة الرضم «وهي عبارة عن حجارة بعضها فوق بعض» كما جاء في كتاب التاريخ القويم لمكة وبيت الله الكريم للمؤرخ محمد الكردي، التي كان يأتي إسماعيل بها لأبيه حتى اعتلى البناء وارتفع، وعجزت الأيدي المباركة عن الوصول إليه، لتحمل اليد الإسماعيلية الطاهرة حجر المقام ليقف عليه صفي الله ويستكمل بناء الكعبة دون سقف أو باب بلسان يلهج بالدعاء تردد صداه أمة أحرمت لله في أيام معدودات «ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم».
تغيير البناء من الصفة الإبراهيمية التي كانت عليها الكعبة المشرفة، تسببت فيه كثرة السيول والأمطار ومرور السنين، التي عرضت جدرانها للتصدع وإضعاف متانتها حتى أوشكت أن تنهار، فما كان إلا أن قامت قريش بتجديد البناء، قبل البعثة النبوية بخمس سنوات، حين كان عمره عليه الصلاة والسلام خمسا وثلاثين عاما، كما ورد في كتاب الكردي «أبرز الترميمات للبيت المحرم في العصور القديمة، كانت تلك التي قامت بها قريش وكان الرسول عليه السلام ينقل الحجارة مع قريش لبناء الكعبة».
إلا أن تهيب قريش أن يحل عليها سخط من الله جراء الهدم، الذي اتخذ قرارا به حينها أبو وهب بن عمرو أحد رجالات قريش، لم يمنع ضربة أول معول في بناء الكعبة المتهاوي للوليد بن المغيرة، التي ترافقت مع الكلمات التي شدت السواعد القرشية للإصلاح والبناء، مرددين معه «اللهم لم نزغ، ولا نريد إلا الخير»، قصر النفقة الحلال التي اشترطتها قريش لإعادة البناء كانت نتيجته إخراج الحطيم من حدود بناء الكعبة، فيما وضعت علامة للاستدلال على ذلك، الإجماع على إعادة البناء لم يقطعه إلا الخلاف حول التشرف بوضع الحجر الأسود الذي كان من نصيب أول الداخلين لبيت الله الحرام محمد بن عبد الله ولتحمله يده الشريفة إلى موضعه في الركن الشرقي. بين تطاير الشرر من مجمرة المرأة بجبل أبي قبيس، التي أدت لاحتراق الكعبة، ولجة النار في حجر قواعد البيت العتيق، التي حاول عبد الله بن الزبير تحريكها لإصلاح الكعبة، تعبر مسافة الزمن التي كسى فيها الزبير الكعبة الشريفة بالديباج، وعتق جدرانها برائحة المسك والعنبر، بعد أن فرغ من البناء، كما أوضح ابن سادن البيت الحرام نزار الشيبي «آخر بناء للكعبة في العصور القديمة كان في عهد الزبير، لأنه زاد عليه ما قصرت عنها نفقة قريش بالستة أذرع من الحجر والزيادة في ارتفاع الكعبة، قدرت بعشرة أذرع، حتى أصبح سبعا وعشرين ذراعا، لينتهي البناء في شهر رجب سنة 649 للهجرة».
إلا أن إصرار الحجاج بن يوسف الثقفي على إعادة بنائها على ما كانت عليه من باب الاجتهاد في الرأي مستخدما حجارة المنجنيق حتى أخرج الحجر منها. ليس ثمة مدخل أشرف ولا أطهر من باب يعتلي البيت المحرم، والذي قامت ببنائه قريش وحرصت على أن يكون مرتفعا فأوجدت له سلما يرتقي به الداخل للكعبة، فيما كونت الأسياف الذهبية التي ضربها عبد المطلب جد الرسول أول باب حديدي لها، بين مصراعي الباب الذي أغلق أسعد الحميري أحد ملوك اليمن خلاله الدخول للكعبة، تعبر بالحاج مسافة المكان الموصولة بخطوات الداخل لأجواء إيمانية عابقة بنسمات من ريح الجنة، جسدها حرص عبد الله بن الزبير على أن يكون للكعبة بابان، أحدهما للدخول وآخر للخروج بمصراعين كبيرين من جهتي الشرق والغرب، قبل أن يسد الحجاج بن يوسف الباب الغربي بكلتا يديه، ويرفع الباب الشرقي عن الأرض، كما ذكر الكردي في كتابه.
شكل باب الكعبة المعظمة، حلقة تنافس عليها الحكام والأمراء، الذين تولوا أمر بيت الله الحرام، من خلال رصد الأموال الطائلة لتزيينه بأثمن الخامات الموجودة في تلك العصور، بين خشب الساج الذي عتق به باب الكعبة، وشغله بالذهب والفضة، تطل الواجهة المطعمة بأرطال الذهب البندقي في عهد السلطان مراد الرابع، فيما احتفلت الدولة السعودية بتجديد الباب في العام 1370 هـ والمشغول من صفائح الذهب والفضة في عهد المغفور له الملك عبد العزيز آل سعود. ويتوج الباب عقد مستقيم أملس بدون تدوير أو انحناء، تزينه كلمات تباينت بين آية من القرآن الكريم إلى أبيات من الشعر مؤرخة بحسب ما ذكره الكردي في كتابه لأيام السلطان العثماني أحمد خان الثالث، «مكتوبة بخط الثلث على ستة رقائق من الذهب الخالص باللون الأسود» وبين العقد الماثل للحاج تبرز عتبة الباب المشيدة من حجارة مكة الصماء والتي توازي في طولها طول الباب وفي وسطها خرق مدور بمثابة ميزاب يخرج منه الماء عند غسيل الكعبة.
تجاوز العتبة الشريفة هو أول خطوة تدنو بالحاج، للدخول إلى عالم تحتويك أجواؤه الروحانية، وتحلق بك نحو السماء السابعة، ليستقبلك على يمينها الدرج الزجاجي المستقيم الذي يصلك بسطح الكعبة كما أوضح نزار الشيبي «كان الدرج في السابق من الخشب، يتم الصعود عليه من خلال باب يطلق عليه باب التوبة، وتم استبدالها في عهد المغفور له الملك فهد بن عبد العزيز بسلالم زجاجية متكئة على الدرابزين الزجاجي تفصل بين كل ثلاث درجات منها عتبة»، وفي ذات السياق أوضح الكردي أن عدد هذه الدرجات في السابق كان 35 درجة تفاوت صنعها بين الخشب والمرمر، أما ما يوصل منه لسطح الكعبة فكان من الخشب الساج القوي والغليظ لتحتمل الصعود لإلباس الثوب.
لم يكن تماهيا مع أساطين الزبرجد المغطاة بالياقوتة الحمراء للبيت المعمور الواقفة تحت العرش، أن تعمل أساطين للبيت العتيق تقع في وسطه تفاديا لتهاوي البناء بسبب كثرة السيول والأمطار التي أغرقت البيت العتيق ووصلت لقناديل البيت، وقد كانت تلك بمثابة الإشارة التي تلقاها الجد الرابع للرسول عليه الصلاة والسلام قصي بن كلاب لسقف الكعبة بخشب الدوم وجريد النخيل، وبحسب نزار الشيبي فإن عهد هذه الأعمدة أو الأساطين مختلف عليها «هناك خلاف حول أول من وضع هذه الأعمدة إلا أن القول الراجح في ذلك أنها ترجع لعبد الله بن الزبير، وهي مصنوعة حاليا من خشب التك»، فيما أورد كتاب الكردي أن تلك الأعواد كانت من أعواد شجر الهيل والماورد لغلو ثمنها.
على يسار الداخل وبجانب باب الكعبة تقع الطاولة من الخشب والمغطاة بستارة من الحرير الأخضر موضوع عليها كيس مفتاح الكعبة كما ذكر الكردي في كتابه، وبين الخلاف حول وجود الطاولة أو الكرسي، أوضح الشيبي «الكرسي الموجود داخل الكعبة عادي يجلس عليه السادن ليست له أي ميزة»، فيما وصف محمد طاهر الكردي في كتابه الكرسي الذي كان موجودا في العام1275هـ سداسي الشكل متساوي الأضلاع يشبه كراسي الفوانيس، يضع فيه السدنة قفل باب الكعبة ومفتاحها وكيس المفتاح وزجاجة عطر، فيما يبلغ طول كل ضلع من أضلاعه نصف متر، وارتفاعه ثمانون سنتيمتر محفور عليه بعض الجمل ربما كان أبرزها «جدد هذا الصندوق في عهد سلطان المسلمين» مما يعني وجود كرسي آخر قبله.
بين أول تجديد لبناء الكعبة تعبر بالذاكرة مسافة الزمن تصلنا لآخر تجديد شامل تم على يد المغفور له الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود والذي عمل على ترميم جدار الكعبة من الخارج والداخل ليشمل الحوائط الداخلية للكعبة الشريفة والأعمدة الثلاثة بما في ذلك سقفا الكعبة خاصة السقف الموازي للسماء والمفروشة أرضه بالرخام الأبيض.
بأمر إلهي من فوق سبع سماوات، يتماهى الطائفون حولها مع الملائكة الطائفين بالبيت المعمور الذي لا يفصله عن ارتفاع الكعبة المشرفة إلا مسافة التحليق عبر السماء الدنيا، بيت الله المحرم المكان الذي تهوي إليه الأفئدة من كافة أرجاء المعمورة، البناء المكعب الشكل بزواياه الأربعة أو أركانه العتيدة المعتقة بجلال اسم الله وهيبته، بين الركن العراقي المتجه جهة الشمال والركن الشامي المتجه إلى جهة الشام والمغرب، يطل اليمانيان المتجه أحدهما إلى جهة اليمن، فيما يتزين الركن الشرقي أو الركن الأسود بحجر الجنة «الحجر الأسود»، حيث بداية طواف المحرم لله«بسم الله، والله أكبر"، متوجها بيدين متذللتين حول البيت العتيق.
تتميز الكعبة الشريفة عن غيرها بأن أول من بناها الملائكة الذين حجوا إليها قبل آدم بألفي عام، ثم آدم، وحسب ما ورد في كتاب التاريخ القويم لمحمد طاهر الكردي «أن الكعبة كانت غثاء على الماء قبل أن يخلق الله عز وجل السموات والأرض بأربعين سنة، ومنها دحيت الأرض» وقد كانت أول بقعة تم تحديد موضعها من الأرض، خمسة بناءات تلاحقت على الكعبة منذ أن بناها أبو الأنبياء إبراهيم وولده إسماعيل عليهما السلام.
من رفع قواعد البيت التي أمر الله بها خليله ليبدأ البناء من حجارة الرضم «وهي عبارة عن حجارة بعضها فوق بعض» كما جاء في كتاب التاريخ القويم لمكة وبيت الله الكريم للمؤرخ محمد الكردي، التي كان يأتي إسماعيل بها لأبيه حتى اعتلى البناء وارتفع، وعجزت الأيدي المباركة عن الوصول إليه، لتحمل اليد الإسماعيلية الطاهرة حجر المقام ليقف عليه صفي الله ويستكمل بناء الكعبة دون سقف أو باب بلسان يلهج بالدعاء تردد صداه أمة أحرمت لله في أيام معدودات «ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم».
تغيير البناء من الصفة الإبراهيمية التي كانت عليها الكعبة المشرفة، تسببت فيه كثرة السيول والأمطار ومرور السنين، التي عرضت جدرانها للتصدع وإضعاف متانتها حتى أوشكت أن تنهار، فما كان إلا أن قامت قريش بتجديد البناء، قبل البعثة النبوية بخمس سنوات، حين كان عمره عليه الصلاة والسلام خمسا وثلاثين عاما، كما ورد في كتاب الكردي «أبرز الترميمات للبيت المحرم في العصور القديمة، كانت تلك التي قامت بها قريش وكان الرسول عليه السلام ينقل الحجارة مع قريش لبناء الكعبة».
إلا أن تهيب قريش أن يحل عليها سخط من الله جراء الهدم، الذي اتخذ قرارا به حينها أبو وهب بن عمرو أحد رجالات قريش، لم يمنع ضربة أول معول في بناء الكعبة المتهاوي للوليد بن المغيرة، التي ترافقت مع الكلمات التي شدت السواعد القرشية للإصلاح والبناء، مرددين معه «اللهم لم نزغ، ولا نريد إلا الخير»، قصر النفقة الحلال التي اشترطتها قريش لإعادة البناء كانت نتيجته إخراج الحطيم من حدود بناء الكعبة، فيما وضعت علامة للاستدلال على ذلك، الإجماع على إعادة البناء لم يقطعه إلا الخلاف حول التشرف بوضع الحجر الأسود الذي كان من نصيب أول الداخلين لبيت الله الحرام محمد بن عبد الله ولتحمله يده الشريفة إلى موضعه في الركن الشرقي. بين تطاير الشرر من مجمرة المرأة بجبل أبي قبيس، التي أدت لاحتراق الكعبة، ولجة النار في حجر قواعد البيت العتيق، التي حاول عبد الله بن الزبير تحريكها لإصلاح الكعبة، تعبر مسافة الزمن التي كسى فيها الزبير الكعبة الشريفة بالديباج، وعتق جدرانها برائحة المسك والعنبر، بعد أن فرغ من البناء، كما أوضح ابن سادن البيت الحرام نزار الشيبي «آخر بناء للكعبة في العصور القديمة كان في عهد الزبير، لأنه زاد عليه ما قصرت عنها نفقة قريش بالستة أذرع من الحجر والزيادة في ارتفاع الكعبة، قدرت بعشرة أذرع، حتى أصبح سبعا وعشرين ذراعا، لينتهي البناء في شهر رجب سنة 649 للهجرة».
إلا أن إصرار الحجاج بن يوسف الثقفي على إعادة بنائها على ما كانت عليه من باب الاجتهاد في الرأي مستخدما حجارة المنجنيق حتى أخرج الحجر منها. ليس ثمة مدخل أشرف ولا أطهر من باب يعتلي البيت المحرم، والذي قامت ببنائه قريش وحرصت على أن يكون مرتفعا فأوجدت له سلما يرتقي به الداخل للكعبة، فيما كونت الأسياف الذهبية التي ضربها عبد المطلب جد الرسول أول باب حديدي لها، بين مصراعي الباب الذي أغلق أسعد الحميري أحد ملوك اليمن خلاله الدخول للكعبة، تعبر بالحاج مسافة المكان الموصولة بخطوات الداخل لأجواء إيمانية عابقة بنسمات من ريح الجنة، جسدها حرص عبد الله بن الزبير على أن يكون للكعبة بابان، أحدهما للدخول وآخر للخروج بمصراعين كبيرين من جهتي الشرق والغرب، قبل أن يسد الحجاج بن يوسف الباب الغربي بكلتا يديه، ويرفع الباب الشرقي عن الأرض، كما ذكر الكردي في كتابه.
شكل باب الكعبة المعظمة، حلقة تنافس عليها الحكام والأمراء، الذين تولوا أمر بيت الله الحرام، من خلال رصد الأموال الطائلة لتزيينه بأثمن الخامات الموجودة في تلك العصور، بين خشب الساج الذي عتق به باب الكعبة، وشغله بالذهب والفضة، تطل الواجهة المطعمة بأرطال الذهب البندقي في عهد السلطان مراد الرابع، فيما احتفلت الدولة السعودية بتجديد الباب في العام 1370 هـ والمشغول من صفائح الذهب والفضة في عهد المغفور له الملك عبد العزيز آل سعود. ويتوج الباب عقد مستقيم أملس بدون تدوير أو انحناء، تزينه كلمات تباينت بين آية من القرآن الكريم إلى أبيات من الشعر مؤرخة بحسب ما ذكره الكردي في كتابه لأيام السلطان العثماني أحمد خان الثالث، «مكتوبة بخط الثلث على ستة رقائق من الذهب الخالص باللون الأسود» وبين العقد الماثل للحاج تبرز عتبة الباب المشيدة من حجارة مكة الصماء والتي توازي في طولها طول الباب وفي وسطها خرق مدور بمثابة ميزاب يخرج منه الماء عند غسيل الكعبة.
تجاوز العتبة الشريفة هو أول خطوة تدنو بالحاج، للدخول إلى عالم تحتويك أجواؤه الروحانية، وتحلق بك نحو السماء السابعة، ليستقبلك على يمينها الدرج الزجاجي المستقيم الذي يصلك بسطح الكعبة كما أوضح نزار الشيبي «كان الدرج في السابق من الخشب، يتم الصعود عليه من خلال باب يطلق عليه باب التوبة، وتم استبدالها في عهد المغفور له الملك فهد بن عبد العزيز بسلالم زجاجية متكئة على الدرابزين الزجاجي تفصل بين كل ثلاث درجات منها عتبة»، وفي ذات السياق أوضح الكردي أن عدد هذه الدرجات في السابق كان 35 درجة تفاوت صنعها بين الخشب والمرمر، أما ما يوصل منه لسطح الكعبة فكان من الخشب الساج القوي والغليظ لتحتمل الصعود لإلباس الثوب.
لم يكن تماهيا مع أساطين الزبرجد المغطاة بالياقوتة الحمراء للبيت المعمور الواقفة تحت العرش، أن تعمل أساطين للبيت العتيق تقع في وسطه تفاديا لتهاوي البناء بسبب كثرة السيول والأمطار التي أغرقت البيت العتيق ووصلت لقناديل البيت، وقد كانت تلك بمثابة الإشارة التي تلقاها الجد الرابع للرسول عليه الصلاة والسلام قصي بن كلاب لسقف الكعبة بخشب الدوم وجريد النخيل، وبحسب نزار الشيبي فإن عهد هذه الأعمدة أو الأساطين مختلف عليها «هناك خلاف حول أول من وضع هذه الأعمدة إلا أن القول الراجح في ذلك أنها ترجع لعبد الله بن الزبير، وهي مصنوعة حاليا من خشب التك»، فيما أورد كتاب الكردي أن تلك الأعواد كانت من أعواد شجر الهيل والماورد لغلو ثمنها.
على يسار الداخل وبجانب باب الكعبة تقع الطاولة من الخشب والمغطاة بستارة من الحرير الأخضر موضوع عليها كيس مفتاح الكعبة كما ذكر الكردي في كتابه، وبين الخلاف حول وجود الطاولة أو الكرسي، أوضح الشيبي «الكرسي الموجود داخل الكعبة عادي يجلس عليه السادن ليست له أي ميزة»، فيما وصف محمد طاهر الكردي في كتابه الكرسي الذي كان موجودا في العام1275هـ سداسي الشكل متساوي الأضلاع يشبه كراسي الفوانيس، يضع فيه السدنة قفل باب الكعبة ومفتاحها وكيس المفتاح وزجاجة عطر، فيما يبلغ طول كل ضلع من أضلاعه نصف متر، وارتفاعه ثمانون سنتيمتر محفور عليه بعض الجمل ربما كان أبرزها «جدد هذا الصندوق في عهد سلطان المسلمين» مما يعني وجود كرسي آخر قبله.
بين أول تجديد لبناء الكعبة تعبر بالذاكرة مسافة الزمن تصلنا لآخر تجديد شامل تم على يد المغفور له الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود والذي عمل على ترميم جدار الكعبة من الخارج والداخل ليشمل الحوائط الداخلية للكعبة الشريفة والأعمدة الثلاثة بما في ذلك سقفا الكعبة خاصة السقف الموازي للسماء والمفروشة أرضه بالرخام الأبيض.