فاتن
01-15-2006, 12:30 AM
كتب:جابر سيد خلف البهبهاني
كانت الساعة الثامنة صباحا حين وصلنا الى منفذ الرقعي وهو احد المنفذين الذي يدخل القادم من الكويت من خلالهما اراضي المملكة العربية السعودية، وفور وصولنا بدأنا اجراءات ختم الجوازات وتخليص الجمارك. لم تتم هذه الاجراءات في غرف مبنية ذات مكاتب وثيرة مزودة بكمبيوترات بل كانت في خيام. نعم في خيام الموظفون فيها يؤدون عملهم وهم جلوس على الارض، تدقيق الجوازات في خيمة وختمها في خيمة اخرى وتصريح دخول السيارة في خيمة تليها، ثم تذهب الى خيمة تخليص البضائع التجارية التي كانت عبارة عن مجموع ما تصطحبه حملات الحج معها من مواد غذائية وغيرها من احتياجات لتسيير امور الحجاج، واخيرا تخضع لاجراءات التفتيش وما ادراك ما هي عين حامية.
كان هذا في عام 1979 وهي اول رحلة لي الى الحج مع حملة كويتية تأسست حديثا اخذ مؤسسوها بقيادة العم كاظم عبد الحسين على عاتقهم محاولة تطوير اداء حملات الحج ذات الاداء الذي اقل ما يمكن تقييمه هو دون مستوى التواضع. فالشيء الاكيد والوحيد التي كانت تضمنه هذه الحملات هو نقل الحاج الى الديار المقدسة، وفي الديار المقدسة يواجه الحاج مصيره ويجد نفسه في وضع مع الحملة اشبه بوضع «اذهب انت وربك فقاتلا انا ههنا قاعدون»، السكن فيها لمن سبق لبق غرفة بالكاد تسع لأربعة تخصص لثمانية وفي وقتها تكون الغرفة بو خمس نجوم اذا كانت مفروشة بسجادة، والوجبات الغذائية في تناولها تعتمد على المخامط والشاطر يأخذ حقه بذراعه والضعيف ما له فيها من نصيب، اما مناسك الحج عادة ما تكتفي الحملات بالشرح النظري وتترك الحاج يؤديها بمعرفته الشحيحة.
هذا في المدينة المنورة ومكة المكرمة، اما عن الوقوف بعرفات وما يليه من مناسك الحج المبيت في المزدلفة ومنى ورمي الجمار والنحر في ايام العيد فالمشاكل والحوادث التي تقع فيها للحاج حدث فيها ولا حرج، والكثير من هذه المشاكل والحوادث تكون مؤذية ومؤلمة في وقتها، ولكنها تتحول فيما بعد العودة الى ارض الوطن سالمين غانمين الى ذكريات غنية بالطرائف واللطائف وعند البعض بالمصائب. ويعود سببها ليس فقط الى الادارة المتواضعة لحملات الحج التي نقدر ونحترم اصحابها فقد ادوا ما عليهم بكل ما لديهم من امكانات ادارية ونسأل الله لمن توفي منهم المغفرة والرحمة وللباقين الصحة وطول العمر، وانما يعود السبب ايضا الى عدم الاستعداد الرسمي الكافي الذي يتناسب مع حركة الاعداد الضخمة في مساحة محصورة بين الجبال وفي مواقيت محددة لا يمكن تجاوزها وهما عنصران مهمان لصحة مناسك الحج.
ولهذا لم تكن رحلة الحج مشوقة أو محفزة الا لمن اتى الله بقلب سليم، فالشباب كانوا عازفين عن الحج لأن رفاهية العيش التي ينعمون بها في وطنهم قد فعل فيهم فعلته ويخافون ان يفقدوا بعض الترف الذي اعتادوه، وكبار السن لا يقوون على مواجهة وتحمل المشاكل والحوادث التي يسمعون عنها في موسم الحج، اما النساء فبالتأكيد سوف يقعن في حرج دون مرافقة محرم لهن يجنبهن المخاطر ويأمنهن من الحوادث والمشاكل. واذا حصل عقد احدهم العزم على الحج فإنه يجد نفسه مضطرا الى تجهيز العدة والعتاد من الابرة الى الفراش، وكنا نعرف السيارة المتجهة الى الحج من اباريج الوضوء المتدلية منها. وللاسف كنتيجة لهذه المعاناة والمشقة فإن الكثير من الحجاج بدلا من أن يعقد العزم على العودة والتكرار يعاهد نفسه وهو في الديار المقدسة بأن تكون هذه اول وآخر حجة له، ولا يرجع الى اهله الا بالتربطم والتحلطم والتقرطم خالي الوفاض من منافع الحج التي بشر بها الله سبحانه الحاج في الآية الكريمة «ليشهدوا منافع لهم».
مواليد 1979 قد يستغربون من هذا الوصف ويجدون فيه كثيرا من المبالغة، ولكن من عايشها يقول ان هذا الوصف فيه كثير من التحفظ ولم يستطع الكاتب نقل الصورة كما هي للقارئ، والكاتب يقول انه عايش جزءا من هذا الوصف وسمع عن الجزء الآخر وما هذه المقالة الا خواطر لعلها تنفع المؤمنين.
www.alwalaa.com
تاريخ النشر: الاربعاء 11/1/2006
كانت الساعة الثامنة صباحا حين وصلنا الى منفذ الرقعي وهو احد المنفذين الذي يدخل القادم من الكويت من خلالهما اراضي المملكة العربية السعودية، وفور وصولنا بدأنا اجراءات ختم الجوازات وتخليص الجمارك. لم تتم هذه الاجراءات في غرف مبنية ذات مكاتب وثيرة مزودة بكمبيوترات بل كانت في خيام. نعم في خيام الموظفون فيها يؤدون عملهم وهم جلوس على الارض، تدقيق الجوازات في خيمة وختمها في خيمة اخرى وتصريح دخول السيارة في خيمة تليها، ثم تذهب الى خيمة تخليص البضائع التجارية التي كانت عبارة عن مجموع ما تصطحبه حملات الحج معها من مواد غذائية وغيرها من احتياجات لتسيير امور الحجاج، واخيرا تخضع لاجراءات التفتيش وما ادراك ما هي عين حامية.
كان هذا في عام 1979 وهي اول رحلة لي الى الحج مع حملة كويتية تأسست حديثا اخذ مؤسسوها بقيادة العم كاظم عبد الحسين على عاتقهم محاولة تطوير اداء حملات الحج ذات الاداء الذي اقل ما يمكن تقييمه هو دون مستوى التواضع. فالشيء الاكيد والوحيد التي كانت تضمنه هذه الحملات هو نقل الحاج الى الديار المقدسة، وفي الديار المقدسة يواجه الحاج مصيره ويجد نفسه في وضع مع الحملة اشبه بوضع «اذهب انت وربك فقاتلا انا ههنا قاعدون»، السكن فيها لمن سبق لبق غرفة بالكاد تسع لأربعة تخصص لثمانية وفي وقتها تكون الغرفة بو خمس نجوم اذا كانت مفروشة بسجادة، والوجبات الغذائية في تناولها تعتمد على المخامط والشاطر يأخذ حقه بذراعه والضعيف ما له فيها من نصيب، اما مناسك الحج عادة ما تكتفي الحملات بالشرح النظري وتترك الحاج يؤديها بمعرفته الشحيحة.
هذا في المدينة المنورة ومكة المكرمة، اما عن الوقوف بعرفات وما يليه من مناسك الحج المبيت في المزدلفة ومنى ورمي الجمار والنحر في ايام العيد فالمشاكل والحوادث التي تقع فيها للحاج حدث فيها ولا حرج، والكثير من هذه المشاكل والحوادث تكون مؤذية ومؤلمة في وقتها، ولكنها تتحول فيما بعد العودة الى ارض الوطن سالمين غانمين الى ذكريات غنية بالطرائف واللطائف وعند البعض بالمصائب. ويعود سببها ليس فقط الى الادارة المتواضعة لحملات الحج التي نقدر ونحترم اصحابها فقد ادوا ما عليهم بكل ما لديهم من امكانات ادارية ونسأل الله لمن توفي منهم المغفرة والرحمة وللباقين الصحة وطول العمر، وانما يعود السبب ايضا الى عدم الاستعداد الرسمي الكافي الذي يتناسب مع حركة الاعداد الضخمة في مساحة محصورة بين الجبال وفي مواقيت محددة لا يمكن تجاوزها وهما عنصران مهمان لصحة مناسك الحج.
ولهذا لم تكن رحلة الحج مشوقة أو محفزة الا لمن اتى الله بقلب سليم، فالشباب كانوا عازفين عن الحج لأن رفاهية العيش التي ينعمون بها في وطنهم قد فعل فيهم فعلته ويخافون ان يفقدوا بعض الترف الذي اعتادوه، وكبار السن لا يقوون على مواجهة وتحمل المشاكل والحوادث التي يسمعون عنها في موسم الحج، اما النساء فبالتأكيد سوف يقعن في حرج دون مرافقة محرم لهن يجنبهن المخاطر ويأمنهن من الحوادث والمشاكل. واذا حصل عقد احدهم العزم على الحج فإنه يجد نفسه مضطرا الى تجهيز العدة والعتاد من الابرة الى الفراش، وكنا نعرف السيارة المتجهة الى الحج من اباريج الوضوء المتدلية منها. وللاسف كنتيجة لهذه المعاناة والمشقة فإن الكثير من الحجاج بدلا من أن يعقد العزم على العودة والتكرار يعاهد نفسه وهو في الديار المقدسة بأن تكون هذه اول وآخر حجة له، ولا يرجع الى اهله الا بالتربطم والتحلطم والتقرطم خالي الوفاض من منافع الحج التي بشر بها الله سبحانه الحاج في الآية الكريمة «ليشهدوا منافع لهم».
مواليد 1979 قد يستغربون من هذا الوصف ويجدون فيه كثيرا من المبالغة، ولكن من عايشها يقول ان هذا الوصف فيه كثير من التحفظ ولم يستطع الكاتب نقل الصورة كما هي للقارئ، والكاتب يقول انه عايش جزءا من هذا الوصف وسمع عن الجزء الآخر وما هذه المقالة الا خواطر لعلها تنفع المؤمنين.
www.alwalaa.com
تاريخ النشر: الاربعاء 11/1/2006