المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : غجر العراق.. كانوا فقراء دائما والآن باتوا خائفين أيضا



Osama
01-06-2006, 01:08 AM
http://www.asharqalawsat.com/2006/01/05/images/news.341755.jpg

مجمعاتهم تعرضت لقصف بالهاون.. والميليشيات الدينية تضايقهم

حديد (العراق) ـ رويترز

من بين ملايين الفقراء في العراق، يعتقد جميل محمود حسان، أنه ينتمي لأكثر الجماعات فقرا.. فهو من غجر العراق الذين يقيمون بوضع اليد منذ سنوات على قطعة أرض في قرية بشمال العراق. عاش حسان عمره كله في الفقر والقذارة والآن يشعر بالخوف أيضا. ومنزله لا يزيد على خيمة مهترئة فيها سجاد ممزق ومشدودة على أوتاد في قطعة ارض تتناثر فوقها أكياس بلاستيكية قذرة وعلب صدئة وزجاجات مكسرة. وتستخدم مجموعة من علب الكيروسين المغطاة بالطين كموقد متنقل. والذباب يحلق فوق كل شيء.. القمامة والاطفال وهم يلعبون وكلب مربوط الى شجرة.

وداخل الخيمة يتكدس اطفاله الخمسة وزوجته بملابس متسخة بالطين على قطع من السجاد وسرير طفل صغير. ومصباح الكيروسين هو مصدر الدفء الوحيد في صباح شتوي بارد. ووجبة من الطماطم والخيار والفاصوليا هي ما تتناوله الاسرة عادة على الافطار والغداء والعشاء. اللحم عملة نادرة لا يرونها إلا مرة كل بضعة أسابيع. ومنذ فترة يشعر حسان بالخوف من أن تقبض عليه ميليشيا دينية وتجبره على الانتقال الى مكان آخر. ويقول «ليس لدينا شيء.. نحن فقراء. اننا فقط نبحث عن مكان آمن نختبئ فيه».

ويعيش غجر العراق الذين ينبذهم المجتمع في وضع محفوف بالمخاطر. فهم يفتقرون لأي تعليم أو مهارات ويحتلون أدنى درجات السلم الاجتماعي العراقي. ومع ذلك فان غجر قرية حديد القريبة من بعقوبة على مسافة 65 كيلومترا شمال شرقي بغداد، قد يكونون الاسعد حظا بين غجر العراق. فقد تعرضت قبائل أخرى من الغجر للملاحقة والهجمات من جانب الميليشيات الدينية التي يتزايد نفوذها والتي تعتبرهم وصمة عار على المجتمع.

ويقول العراقيون ان الغجر كانوا يتمتعون بقدر من الحماية من الاضطهاد في عهد صدام حسين في مقابل انهم كانوا يقدمون الراقصات. لكن هذه الحماية اختفت مع سقوط صدام، مما تركهم عرضة لهجمات الميليشيات الدينية الناقمة على اساليبهم المتحررة في الحياة.

وكانت قبيلة من الغجر تضم نحو 250 أسرة تقيم في قرية بالقرب من مدينة الديوانية الجنوبية؛ واحدة من العديد من القبائل التي عانت من سطوة الجماعات الدينية. ففي يوم رأس السنة من العام الماضي أطلقت قذائف الهاون على قريتهم المكونة من أكواخ من الطين والقصب فقتلوا امرأة وجرحوا ثلاثة أشخاص. وفر الغجر الذين كانوا مقتنعين بأن الذي هاجمهم هو جيش المهدي التابع للزعيم الشيعي مقتدى الصدر تحت جنح الليل قبل ان يطلبوا المساعدة من زعماء دين. وعادوا لديارهم بعد أن وعدهم مساعدون للصدر والزعيم الشيعي الاكبر آية الله علي السيستاني بأنهم لن يتعرضوا لمزيد من المضايقات ليجدوا القرية قد نهبت. فتركت المدرسة الابتدائية والعيادة الصحية اللتان بنتهما حكومة صدام بلا نفع ودمرت منازل الغجر. وعاد الفقر الذي كانوا يتصورون انهم خرجوا من تحت وطأته.

وقال بزاي البارودي، شيخ القبيلة «الاحزاب الدينية عذبتنا». وأضاف «كنا قد بلغنا مستوى لائقا من الحياة، لكن بعد الهجوم الاخير كان علينا أن نبدأ من الصفر». وما زالت آثار الهجوم بادية على ميادة التميمي، 20 عاما، فقد سقطت احدى قذائف المورتر على منزلها وقتلت والدتها وكسرت ذراعها التي تقول انه ما زال يتعين عليها علاجها. وأضافت «اذا وجدت عملا شريفا ونظيفا فلن اتردد في ترك هذا القبر والعيش مثل أي فتاة في مثل سني».

ومثل غيرهم من غجر العراق يشعر الكثيرون من أفراد قبيلة ميادة بالغضب من انهم مجبرون على العيش وهاربون ومطاردون في أرضهم. وتقول القبيلة إن جذورها ترجع الى إسبانيا وانها استوطنت العراق قبل نحو 150 عاما. وأغلب غجر العراق ترجع جذورهم للهند، في حين جاء قلة منهم من دول من الشرق الاوسط.

ورغم انهم يتحدثون العربية ويقولون انهم مسلمون إلا ان بشرتهم الداكنة وملامحهم الحادة تميزهم عن بقية السكان، ويشكون من الاضطهاد العنصري. ويقول البارودي «نحن مسلمون وبشر ونتمتع بالجنسية العراقية... لا نريد سوى العيش في سلام».