المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ماذا يفعل الوليد بن طلال بكل هذه الثروة؟ يقنع «سي إن إن» بشيء ما... وصحافي يدفع عنه ا



موالى
01-02-2006, 01:27 AM
فايننشال تايمز ـ سيمون كوبر


متى يتناول الأمير الوليد طعام الغداء؟ الساعة 6,30 مساء,,, وأين: في فندقه جورج الخامس في باريس,,, هل يقيم فيه دائماً عندما يكون في باريس؟ في الواقع انه يمتلكه.
الأمير الوليد وهو خامس أكثر الناس ثراء في العالم بثروة تقدر بـ 21,5 مليار دولار يحب امتلاك الأشياء, ثروته تشمل حصصاً قوية في سيتي غروب ونيوزكورب، بالاضافة الى يورو ديزني وكناري وارف، هيولت باكرد وتايم وارنر وغيرها.

وعلى الرغم من ان احد اجداده اسس المملكة العربية السعودية والثاني كان أول رئيس وزراء مستقل في لبنان، فالأمير الوليد بن طلال يعتبر بالفعل رجلاً عصامياً لدرجة انهم اطلقوا عليه اسم وارين بوفيت السعودية والسبب الرئيسي في ذلك هو شراؤه أسهماً بقيمة 800 مليون دولار في شركة سيتي غروب ثم تحولت قيمة هذه الحصة الى ما قيمته 10 مليارات دولار, لم يقنع بكونه ثرياً بل ان لديه اقتناعاً بأن عليه دوراً مقدساً في الجمع بين الشرق والغرب.

كنت انتظر الامير في بهو فندق جورج الخامس بينما الامير كان مشغولاً مع رفاقه ريتشارد بارسونز رئيس مجلس الادارة والمدير التنفيذي لمجموعة تايم وارنر وساندي ويل رئيس مجلس ادارة مجموعة سيتي غروب، بعدها ذهب لأداء الصلاة.

وعندما اقتربت تدريجياً من المنطقة التي يجلس فيها في البهو، اكتشفت ان تناول الغداء معه ليس مجرد مقابلة خاصة معه وجهاً لوجه، لكن اخذت برهة لكي اتعرف عليه, كان رجلاً ذا شارب وشعراً كثيفاً ونحيفاً لدرجة ملحوظة تحيط به حاشية من المساعدين, المصور شبك ميكروفوناً في سترتي قائلاً «يجب ان نصور غداءنا», وحتى تكتمل تجربة الوسائط المتعددة كان التلفزيون يعرض شريطاً مسجلاً فيه اخبار العالم في نشرة محطة الـ بي بي سي البريطانية بطريقة سريعة.

وعندما شاهد صرافه دهشتي وسط هذا الجمع واسمه مايك جينسون مازحني قائلاً: «لا تقلق فلن تدفع مقابل ذلك»، وصحح له الأمير: «فقط لثلاثة اشخاص»، وقلت له ان «الفايننشال تايمز» ستدفع الحساب وقدر الامير ان يغدق علينا بالمساعدة في دفع فاتورتنا, ووجه كلامه للنادل قائلاً: «سأتناول السلطة الخاصة بي»، وكانت سلطة الدوكولا مع الطماطم التي لم تكن ضمن اصناف القائمة.

الأمير البالغ من العمر الخمسين كان يصوم الستة ايام التطوع بعد انتهاء صيام شهر رمضان وكان نادراً ما يأكل شيئاً في النهار, كان يتحدث الانكليزية بسرعة غير عادية اكتسبها خلال فترة تعليمه في كلية مينلو في كاليفورنيا وقال: «كنت سميناً جداً من قبل وكان اعلى وزن وصلته, وسألني هل اريد معرفته بالرطل أم بالكيلو؟ فرد 89 كيلو ثم انخفض وزني الى 60 كيلو, لا اتناول الاسباغيتي ولا الخبز ولا الزبد ولا اللحوم وهذا نظام ثابت عندي, وأنا اتناول وجبة واحدة يومياً, وما زالت هذه الحمية مستمرة منذ 15 عاماً ولكن ذلك لا يعني انه لا يتناول طعاماً غير هذه الوجبة الوحيدة، فهو يقول انه يكثر صيامه وانه يطبع جدولاً بقائمة الطعام للعشاء في الثانية ليلاً, والامير الوليد لا يريد حتى مجرد التفكير في انه نحيف بل يريد ان يفكر في انه رجل تصريحات, وعندما وصل طبق السلطة تجاهله ليشرح مهمته في تقريبه بين الناس حول العالم وقال: «لقد أكرمني الله بثروة كبيرة, وبعد 11 سبتمبر وقع شقاق كبير بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة والشرق والغرب والمسيحية والاسلام، وانا اعتقد ان دوري هو ردم الهوة بينهم بسبب النعمة التي انعم الله عليّ بها».

في اليوم التالي سيقوم بالتوقيع على اتفاقية مع جامعتي «هارفارد» و«جورج تاون» لتمويل بعض اقسام الدراسات الاسلامية, وكلها جزء من ردم الهوة, ويقول: «لهذا السبب نحن نركز على الساحل الشرقي للولايات المتحدة ففيها تتم عملية اتخاذ القرار مع جل الاحترام للساحل الغربي والساحل الشمالي والساحل الجنوبي».

واشهر محاولات الامير لردم هذه الهوة باءت بالفشل فقد تبرع بمبلغ 10 ملايين دولار لمدينة نيويورك بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر، لكنه دعا الحكومة الاميركية لتبني سياسة اكثر توازناً عند تعاملها مع الشأن الفلسطيني، عندما قام رودلف جولياني عمدة نيويورك وقتها بإعادة الشيك واتهمه بأنه يحاول تبرير ما حدث من هجمات, ونشرت صحيفة سعودية لاحقاً على لسان الامير انه القى باللوم على جماعات الضغط اليهودية التي دفعت جولياني لرفض عرضه.

ولكن هل اعتذر سموه تجاه التصريحات الفلسطينية: «ان صديقاً ما لامه عليه ان يقول الحقيقة في اي وقت, ورغم ذلك إذا ما سألتني سؤالاً: هل إذا تم حل المشكلة الفلسطينية قبل 11 سبتمبر بيوم، ترى هل كانت ستقع احداث 11 سبتمبر أم لا؟ على الاغلب انها كانت ستقع، نعم, ليس لدي مشكلة, جميع اصدقائي الجالسين هنا: السيد بارسونز مسيحي، ساندي ويل رجل يهودي، من اسرائيل من الولايات المتحدة، مسلم,,, مسيحي,,, يهودي لا يهمني كل ذلك».

وبالفعل فالامير يعتبر وفقا للمعايير السعودية رجلاً ليبرالياً فهل يتوقع مثلا ان يقوم عمه الملك عبدالله بالتوجه نحو الديموقراطية؟ قائلا: «ان تستخدم كلمة ديموقراطية وأنا اقول «مشاركة الناس في العملية السياسية، هذا لان هناك اشكالا عدة منها وأنا اؤمن مثلا باهمية مشاركة الشعب، كما أعتقد بان الانتخابات البلدية التي جرت هي حقيقة واقعة وان هناك مؤشرا على ان الملك عبدالله في نهاية يومه يفكر في اجراء انتخابات لمجلس الشورى وهو يمثل لدينا البرلمان».

وأنا أعتقد ان هناك على ما يبدو بعض الانشقاق داخل المملكة العربية السعودية فسألني الامير «انشقاق عن ماذا», فاجبت عن النظام الملكي، فقال: «من أين اتيت بهذا؟» فاجبت «من الصحف»، فرد: «لكي أكون صريحا معك أنا لا أعتقد ذلك مطلقاً، فغالبية الشعب في المملكة موالون للحكومة وإذا كنت تنظر للمعارضة خارج المملكة فمصدرها سعد الفقيه فقط (منشق سعودي يقيم في لندن) وهذا امر رائع في بلد يعيش فيه 16 مليون مواطن و 6 ملايين وافد منهم شخص واحد فقط يظهر بشكل علني, وليس من المعقول ان نذكر منشقا سعوديا اخر هو اسامة بن لادن.

لقد غضب الاميركيون تحديدا عندما ظهر ان 15 من بين 19 ممن قاموا بهجمات 11 سبتمبر كانوا من السعوديين، فهل ساهم الامير بطريقة جزئية عن طريق حصته في شركات وسائل الاعلام الغربية في إزالة سوء الفهم بين الشرق والغرب؟

الامير رد قائلا: «استثماراتي في الولايات المتحدة بالفعل ليست بالدرجة التي تؤثر في السياسة العامة ولكن عندما قابلت السيد «روبرت» مردوخ من شركة نيوز كورب التي تمتلك شبكة «فوكس» الاخبارية وكذلك شبكة «بي سكاي بي»، او عندما قابلت السيد بارسونز الذي يسيطر على شبكة «سي إن إن» ومجلة «فورتشن» و«بيبول» و«تايمز» وموقع «اميركا اون لاين».

فأنا لا أتدخل في ادارة هذه الشركات، ومع ذلك فانا انقل لهم الرسالة عما اعتقد انهم اخطأوا فيه, والامر بعد ذلك متروك لهم لتقرير ما يقومون به، مهمتي هي ان افتح اعينهم على اشياء قد يكونون لم يروها.
سألت الامير عن احد الامثلة لذلك فرد: «في احد المرات تحدثت قناة «سي إن إن» عن الفلسطينيين الذين يقومون بعمليات ارهابية ضد الاسرائيليين، عندها تحدثت لهم وقلت لهم: «انظروا عليكم ان تنقلوا الوجه الاخر للمعادلة، انظروا ما يفعله الاسرائيليون بالفلسطينيين, وبالفعل فعلوا ذلك وتعرضوا للقطع من الرقابة وقوبلوا بتعنيف شديد من جانب الاسرائيليين, لا ادعي ان من حقي التدخل ولكن كان علي ان ابذل ما بوسعي لكي احاول التأثير على الاحداث».

ويحاول الامير حاليا مساعدة مردوخ في مجموعة «نيوز كورب» لصد هجوم من المستثمر جون مالون, ولا شك انه لاسباب ادبية فقط قام مردوخ بنشر سيرة ذاتية مبجلة للوليد بن طلال من دار النشر المعروفة «هاربر كولينز» وحمل الكتاب اسم «الوليد: رجل أعمال، ملياردير، أمير» وكتب هذه السيرة كبير مذيعي محطة «سي إن إن» السابقة «ريز خان» وكان الى جانب الامير نسخة من هذا الكتاب وعلق الامير عليها بقوله «مرسلة من الرئيس كارتر»، ثم قال: «نعم لقد ارسلها لي الرئيس كارتر».
في هذا الكتاب وصف ريز خان الامير بانه: «رجل سريع الحركة، منظم بشكل لا يصدق وتشكيلة فريدة من الشرق الاوسط والغرب,,, وهو أكثر مليارديرات العالم اجتهادا في عمله»، سألت الامير عن رأيه في الكتاب فرد قائلا: «اعتقد انه يعكس,,, حقيقة»، وعندما ظهر الرئيس شيراك على شاشة التلفزيون تمتم قائلا «آه منك يا شيراك» وقام برفع صوت التلفزيون وعلق «نسمع من نبرة صوته الاحترام والعدل والمساواة»، فالامير يعرف شيراك جيدا، ثم قال استطيع ان اقابل اي رئيس واي ملك واي سلطان واي رئيس شركة، انه مكان فريد».

سألته: «هل يشعرك المال الكثير بالسعادة؟ فرد: «فقط عندما انفقه، فعندما وقع تسونامي كنت اكبر متبرع فردي في العالم، وعندما وقع زلزال باكستان,,, كنت أكبر متبرع فردي حول العالم, لقد ذهب الى باكستان شخصياً وعندها قال لي رئيس الوزراء:
ايها الامير زيارتك لنا أهم لدينا مما يمكن ان تدفعه لنا».

وطلبنا القهوة وجاءت قهوته اولا واصر على ان يعطيها لي اولا رغم انني طلبتها بسكر زيادة وهو طلب ملعقة واحدة ثم اكمل حديثة قائلا: «شيء آخر يعطيني دفعة وهو عندما اركز اهتمامي بأمر ما غير ناجح وفجأة تنقلب الامور ويصبح ناجحا، «فسيتي غروب» مثلا كانت جاثية على ركبتيها عندما استثمرت فيها للمرة الاولى وانظر اليها الان لقد اصبحت اول مؤسسة مصرفية دولية حول العالم والشركة رقم واحد في العالم، (فندق) جورج الخامس- كان عبارة عن مقلب مهملات وعندما اشتريته كنت عندما تطلب اسباغيتي مثلا كانوا يقولون لك لا توجد لدينا هل نعطيك ارزا؟ وانظر الان، تشتريه ثم تغلقه ثم تطوره والان توقع ماذا اصبح بعد ذلك، الفندق رقم 1 على العالم لمدة 5 سنوات، باختصار امر غير عادي بالنسبة لمستثمر مشهور ان يستثمر امواله من اجل الحافز اكثر من مجرد تحقيق الربح.

وما زال لا يضيع فرصة, فعندما وقفت وشكرته على الوقت الذي منحني اياه رد علي «علينا دفع الفاتورة الان وعرض ان يدفع هو فرفضت ولحسن الحظ كان المبلغ في حدود المعقول وهي من فوائد الرجيم وتركت الوليد ليربط بين الشرق والغرب حتى يحين موعد نومه المحدد في الفجر».


(ترجمة: عمرو زين العابدين)