المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل مللتم من الأخبار السيئة؟ إليكم إذن هذا الخبر: «2005 سنة جميلة!»



زهير
12-30-2005, 04:35 PM
امير طاهرى

هل مللت من الاطلاع على اخبار سيئة لعام كامل؟ فيما يلي بعض الانباء المريحة: سنة 2005 التي اعتبرها البعض رهيبة اقتربت من نهايتها باعتبارها واحدة من افضل سنوات القرن الجديد حتى الآن.
فلنبدأ بالاخبار السياسية الجيدة إذن..

التقرير السنوي لـ«فريدم هاوس» الذي يقيس تقدم الحريات حول العالم، وصف العام الحالي بأنه افضل سنة منذ بداية ظهور التقرير عام 1975. فمن بين 198 دولة في الامم المتحدة تعرضت 8 دول فقط هي كوبا وكوريا الشمالية وتركمستان والسودان واوزبكستان وسورية وليبيا الى انتكاسات فيما يتعلق بالحريات عام 2005. وبالمقارنة حققت 27 دولة تقدما نحو مزيد من الحرية ـ وهو رقم قياسي. وفي جورجيا وقيرغيستان واوكرانيا نجحت الثورات السلمية في إسقاط أنظمة مستبدة واستبدال حكومات شعبية بها. كما اجريت انتخابات نظيفة في دول اخرى خرجت من سنوات الديكتاتورية والحروب الاهلية والفوضى؛ وواحدة من هذه الدول هي ليبيريا التي تعتبر اكثر دول العالم سيئة الحظ.

كما تبنت كل من افغانستان والعراق دستورا ديمقراطيا جديدا. فقد نظمت افغانستان انتخابات رئاسية وبرلمانية بينما نظم العراق استفتاء على الدستور بالاضافة الى انتخابات مرتين. واثبتت التكهنات قرب اندلاع حرب اهلية في كل من افغانستان والعراق او الانهيار كما تنبأ نوام تشومسكي «التكهن العلمي» بأن 6 ملايين افغاني سيموتون نتيجة لتحريرهم من طالبان.

كما طرأت اخبار جيدة في منطقة الشرق الاوسط.

فقد أجرت مصر اول انتخابات رئاسية فيها في ظروف، وإن كانت ليست بالمثالية، فإنها تمثل تحسنا في الممارسات الاخيرة. ثم تبع ذلك اول انتخابات عامة حقيقية في مصر منذ انقلاب عام 1952 العسكري. كما عقدت السعودية اول انتخابات، وإن كانت على مستوى البلديات المحلية، وبدون مشاركة النساء. وفي الكويت المجاورة، حصلت النساء على حق الانتخاب بعد 40 سنة من الصراع. واعاد لبنان (شحن بطارياته) الوطنية بما عرف بـ«ثورة الأرز» التي انتهت بطرد سورية من لبنان بعد ثلاث عقود من الاحتلال.

كما كان قرار ليبيا بالتخلي عن برنامج اسلحة الدمار الشامل خبرا جيدا ايضا. وكانت كميات العناصر الكيماوية والبكتيريا التي سلمها القذافي للولايات المتحدة وبريطانيا كبيرة بدرجة، انه لو تحولت الى اسلحة لقتلت عشرات الملايين.

وانسحاب اسرائيل من غزة كان خبرا جيدا، ولاسيما انها ادت الى اعادة تنظيم المشهد السياسي الاسرائيلي وظهور قوة وسطية جديدة تتبنى السلام.

وربما تشعر بالدهشة ولكني اعتبر انتخاب محمود احمدي نجاد رئيسا جديدا للجمهورية الاسلامية في ايران خبرا جيدا. السبب بسيط للغاية: احمدي نجادي لديه الشجاعة، ربما يصفها البعض بالتهور، بالتخلي عن قناع النفاق الذي كان يضعه كل من سلفيه، وكلاهما من الملالي رجال الاعمال، في استراتيجية الخداع. فقد تجنب التقية، وهو، صدقوني خبر جيد. وستجبر رئاسته الناس في ايران وباقي العالم إما على التكيف مع الثورة الخمينية او تحديها بطريقة ذات مغزى.

واذا ما نظرنا لأوروبا، فإن افضل الأخبار، هي رفض الفرنسيين والهولنديين للدستور الاوروبي المقترح، وهي وثيقة معقدة من اعداد التكنوقراط لا تهتم بالمبادئ الديمقراطية. ان سر نجاح اوروبا كحضارة هو التنوع، وهي حقيقة سمحت لهؤلاء الذين يعتقدون ويفعلون الاشياء بطريقة مختلفة بالعثور على مسكن داخل القارة. ومشروع قتل هذا التنوع باختراع دولة اوروبية سوبر هو أسوأ تهديد يواجه الحضارة الاوروبية.

وكان من المفترض ان تسقط معارضة تحرير العراق حكومات كل من بريطانيا والدنمارك واستراليا التي التزمت بمساعدة العراق، إلا ان شيئا من ذلك لم يحدث، بل ان حكومات الدول الثلاث حصلت على تفويض جديد من الناخبين. إلا ان جيرهارد شرودر، اكثر المستشارين انتهازية في ألمانيا الفيدرالية منذ تأسيسها، ازيح من منصبه بواسطة أنجيلا ميركل التي لم تذرف دمعة على سقوط صدام حسين.

وفي فرنسا، انتهى حزب جاك شيراك، الذي كل ما في وسعه هو الإبقاء على صدام حسين في السلطة، بخسارة الانتخابات محليا وأوروبيا فضلا عن هزيمته في الاستفتاء حول الدستور الاوروبي. وعلى الرغم من ان العام شهد أنباء سيئة، فإن بعض الخير ساد في نهاية الامر في كل القضايا.

كارثة تسونامي التي وقعت قبل ستة أيام من بداية عام 2005 أودت بحياة مئات الآلاف، لكنها وضعت نهاية لتمرد استمر 40 عاما وأودى بحياة ما يزيد على 100ألف شخص في محافظة آتشيه الاندونيسية. وطبقا لتقارير الامم المتحدة، فإن 60 في المائة من المتأثرين بالكارثة عادوا الى أعمالهم وجرى إسكانهم مجددا، وهذا إنجاز غير مسبوق بكل المقاييس.

مأساة الزلزال الذي دمر كشمير أجبر كلا من الهند وباكستان على فتح خط وقف إطلاق النار لأول مرة منذ عام 1947، والأمر الأكثر اهمية هو توصل الطرفين الى إطار لحل قضية كشمير التي جعلتهما في حالة نزال على مدى ما يزيد على نصف قرن.

سلسلة الأعاصير التي ضربت الولايات المتحدة أودت ايضا بحياة كثيرين، إلا ان مرحلة إعادة تأهيل المناطق المتأثرة اثبتت عدم صحة التكهنات بحدوث انهيار اقتصادي واندلاع حرب عرقية. لا شك ان الإعصار كاترينا ألحق أضرارا عارضة بالاقتصاد الاميركي، لكنه لم يسفر عن نزاعات بين السود والبيض حسبما تمنى البعض. كما ثبتت عدم صحة المزاعم بأن غالبية ضحايا الإعصار كاترينا من الاميركيين السود بصدور قائمة نهائية تؤكد ان غالبية الـ3400 شخص الذي راحوا ضحية الإعصار من البيض الذين ينتمون الى الطبقة الوسطى.

ثمة أنباء سارة ايضا تتمثل في ان عدم تحقق أي من التكهنات السيئة. فـ«الشارع العربي» لم ينفجر حسبما افترض البعض، باستثناء رد الفعل العكسي ضد الارهاب في كل من المغرب والأردن والعراق والسعودية.

وعلى الرغم من ان سعر برميل النفط وصل الى 70 دولارا، فإن ذلك لم يؤدي الى انهيار اقتصادي مفاجئ طبقا للتوقعات، إذ ان الاقتصاد العالمي استطاع امتصاص الصدمة بسهولة نسبية. وزعم البعض ان ارتفاع اسعار النفط ادى الى تحول النقد الى الدول المصدرة للنفط، وزعموا ايضا ان هذه الدول زادت بدورها من وارداتها، مما اعطى دفعة للاقتصاد الراكد لدول مثل ألمانيا واليابان، أي اول وثاني اكبر دول مصدرة في العالم.

وعلى أية حال، حقق الاقتصاد العالمي نموا بنسبة 3.4 في المائة، أي اكبر من النسبة المتوقعة التي اعلن عنها نهاية عام 2004. والاقتصاد الاميركي الذي كان «على حافة الانهيار» منذ مغادرة بيل كلينتون البيت الابيض، حسب زعم صحيفة «نيويورك تايمز»، حقق نموا بنسبة 3.5 بالمائة. حتى اليابان التي خرجت من حالة ركود امتدت حوالي عشر سنوات حققت نسبة نمو اقتصادي بلغ 2.4 في المائة. يضاف الى ذلك ان التراجع المتوقع في الاقتصاد الصيني، وفقا لبعض التوقعات، لم يحدث، بل ان الصين أنهت العام 2005 كرابع أقوى اقتصاد في العالم محققة نموا بلغت نسبته 9.3 في المائة، فيما حققت الهند نسبة نمو اقتصادي بلغت 7.5 في المائة لتصبح ضمن الدول العشر الأقوى اقتصادا في العالم.

كل ذلك لن يسكت المتشائمين الذين سيطلبون انتظار ما سيحدث عام 2006.

يقال ان الشاعر الفارسي سعدي كان يلبس خاتما كتب عليه الحديث النبوي: «الخير في ما وقع»، بينما يلبس زميله الشاعر بيرسي شيلي خاتما يحمل رسالة مختلفة تماما: «الخير لم يأت بعد»!

كل عام والجميع بخير..