مجاهدون
12-30-2005, 08:15 AM
الجزائر- إسماعيل طلاي
حرر نحو 180 شاباً جزائرياً من حملة الشهادات الجامعية أطلقوا على أنفسهم اسم «مجموعة القوى الشبانية»، وثيقة من عشرة بنود، طالبوا فيها الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة بـ «تشكيل هيئة يرأسها شخصيا لتوفير فرص عمل لهم، وتخصيص منحة شهرية لخريجي الجامعات العاطلين من العمل». ، بقدر ما أثار الخبر سخرية الكثير من الجزائريين، ولا سيما المسؤولين الحكوميين، رأى فيه آخرون مطلباً مشروعاً لشباب قبلوا أن يستجيبوا لرغبة الرئيس بعدم الهجرة والمساهمة في بناء الوطن، مقابل حق طبيعي بالعمل. وفي الوقت الذي تجتهد فيه الحكومة لايجاد برامج مختلفة لتشغيل الشباب نجحت في امتصاص جزء من البطالة، يراها البعض مجرد «مسكِّنات»، ويرفعون شعار «نريد العمل في شركات النفط المربحة».
«طلبة المعاهد المهنية أوفر حظاً منا في الحصول على العمل بعد تخرجهم، والحكومة تضاعف عدد هذه المراكز بحجة أن الاقتصاد العالمي أصبح يهتم بأصحاب الحرف بدلاً من حاملي الشهادات الذين يفتقدون الخبرة المهنية والتطبيق، أما نحن خريجي الجامعات فحسبنا أن ندرس 4 أو 5 سنوات ثم نسلم أمرنا للقدر» يقول حسام ( 28 عاماً) خريج معهد الهندسة الذي اضطر ان يعمل مصوراً صحافياً، بانتظار فرصة للهجرة.
وتتفق فريال ( 24 عاماً) مع رأي صديقها حسام فتقول: «الرئيس ليس مخطئاً حينما ينتقد مستوى الجامعة الجزائرية، لكن الحكومات المتوالية هي المسؤولة عن الوضع وليس نحن، كما أن سنوات الجحيم التي عشناها انهار فيها كل شيء، والجامعة جزء من ذلك الخراب». وتضيف متحسرة: «فليغلقوا الجامعات إذا، ما داموا لا يعترفون بشهاداتنا! ما معنى 5 سنوات من الشقاء والتعب في الصيدلة لأجد نفسي اليوم موظفة في مقهى للانترنت؟». كانت فريال تتحدث بانفعال شديد عن الانتقادات التي وجهها الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة لمستوى المتخرجين من الجامعات الجزائرية، وقال إنها أصبحت تخرج سنوياً «آلاف البطالين، وأن شهاداتهم لا تساوي شيئاً لدى المعاهد الدولية»، مقارنة بما كان عليه الوضع في سنوات السبعينات. وتلقفت التنظيمات الطلابية الفرصة لتطالب الرئيس بالإسراع في إصلاح الجامعة.
وفجأة، ومن دون سابق إنذار طفت على السطح «مجموعة القوى الشبانية» التي استقطبت اهتمام وسائل الإعلام بمطالبها. وفي وقت قصير، نجح أكثر من 180 شاباً من خريجي الجامعات العاطلين عن العمل من فرض منطقهم، وبدا أنهم تحركوا على خلفية تصريحات الرئيس، فأعدوا لائحة من 10 مقترحات، أصروا على تسليمها اليه شخصياً بعدما يئسوا من وعود الوزراء الذين يرفضون التعامل معهم بحجة أنهم ليسوا تنظيماً معتمداً.
ومن أبرز ما تضمنته اللائحة: تشكيل لجنة يقودها رئيس الجمهورية شخصياً للتكفل بخريجي الجامعات «البطالين»، عقد اجتماع لمجلس الوزراء لدراسة قضيتهم، تخصيص منحة شهرية لهم لا تقل عن 10 آلاف دينار جزائري (الدولار يساوي 75 ديناراً جزائرياً) تعادل الحد الادنى للاجور، إنشاء مصارف خاصة لتشغيل الشباب، الإسراع بإجراءات تقاعد العمال والموظفين الذين بلغوا السن القانونية لتوفير مناصب شغل للمتخرجين من الجامعات، التشدد في العمالة الأجنبية، وتمكين «البطالين» من تأطير أنفسهم داخل تنظيمات مهنية شبيهة بغرف التجارة والصناعة.
وبينما وصف البعض المطالب بـ «الجريئة»، استهجنها المسؤولون واعتبروها خيالية وابتزازية. و يقول محمد خريج معهد الحقوق في بن عكنون: «نحن تصرفنا بطريقة حضارية ومن دون اللجوء للعنف، كل دول العالم تخصص منحاً لمساعدة البطالين». وتسمح المنحة الشهرية التي يطالب بها الجامعيون بضمان حد أدنى من العيش الكريم. «ماذا يعني مبلغ 10 آلاف دينار، إنه حتى لا يكفي شهراً كاملاً، ومادام الرئيس يعيب علينا الهجرة بعد أن ندرس بأموال الجزائر، فنحن مستعدون للبقاء شريطة الاهتمام بمصيرنا».
أمّا منال المستفيدة من برنامج عقود ما قبل التشغيل فتقول: «برنامج الحكومة مكّنني من العمل في مؤسسة خاصة سنة واحدة، مقابل أجر زهيد لا يتعدى 8 آلاف دينار من خزينة الدولة، لكن للأسف ربّ العمل رفض تمديد العقد. نحن تحت رحمة المسؤول، وفي الوقت نفسه، فمشروع الحكومة هو مجرد مسكّن لأن برامج التشغيل الحكومية لا توفر مناصب دائمة». وتكرّر الحكومة على مسمع الجزائريين أنها نجحت في تقليص البطالة إلى حدود 15.3 في المئة نهاية شهر أيلول (سبتمبر) الماضي، وأن برامج التشغيل في إطار الوكالة الجزائرية لدعم تشغيل الشباب منذ نشأتها عام 1997 ، ساهمت في إيجاد 190 ألف منصب عمل، وتطمح لإنشاء 10 آلاف مؤسسة سنوياً، تشغل كل واحدة منها أكثر من أربعة عمال.
راضية ( 33 عاماً) التي لم تتخط عتبة شهادة البكالوريا، بدت متفائلة بمستقبلها وهي تنتظر دورها في وكالة تشغيل الشباب في العاصمة لإتمام الاجراءات الإدارية والحصول على قرض مالي لتحقيق مشروعها المتمثل في فتح مؤسسة للتنظيف: «الحمد لله، الأمور تسير بوتيرة جيدة، تطلب الأمر 20 يوماً لدراسة الملف، وسأبدأ المشروع في كانون الثاني (يناير) المقبل معتمدة على أربعة عمال في مرحلة أولى، لكن بإمكاني أن أوفر مناصب عمل بالمئات لاحقاً لأهمية المشروع». وعن العراقيل التي تكون قد صادفتها، قالت: «في البدء كانت الوكالة ترهن السكن أو المقر كضمان لتسديد القرض، أما اليوم فيرهنون فقط الآلات التي يوفرونها للمشروع، على أن أسدّد قيمة القرض على 5 سنوات».
في المقابل، خرجت مريم من الوكالة محبطة: «لجأت إلى الوكالة متفائلة بعد أن أخبرتني عنها صديقتي، لكني أعود خائبة لأنه لا يمكنني الاستفادة من مشاريع تشغيل الشباب. ببساطة: هذه البرامج الحكومية، تشترط مساهمة مالية لصاحب المشروع من اللحظة الأولى وأنا لا أملك المال فهل أغرق نفسي في الديون؟».
وبسبب تلك العراقيل الإدارية ومحدودية الدخل الذي توفره برامج التشغيل الحكومية - على كثرتها - فإن الشباب الجزائري أصبح في غالبيته يحلم بالظفر بمنصب عمل في شركات النفط وخصوصاً الأجنبية منها، المستثمرة في مناطق الصحراء. ويقول إبراهيم (22 عاماً) الذي يملك شهادة مهنية: «أنا أعمل 8 ساعات يومياً بالتناوب بين الصباح والمساء بأجرة 12 ألف دينار فقط، واضطر للعمل 10 ساعات إضافية في تصليح خزانات المياه والغاز داخل البيوت والشركات لأعين والدي على مصاريف البيت، ما عرضني مراراً للإرهاق الشديد، ولذلك فقد بعثت العشرات من طلبات العمل إلى الشركات البترولية» وأضاف: «أدنى أجر يحصل عليه مساعد أمن في شركة نفطية لا يقل عن 300 دولار شهرياً وقد يصل الى 900 دولار لحملة الشهادات. والأهم أن نظام العمل يمنح 4 أسابيع راحة مقابل اربعة اسابيع عمل وظروف إقامة جيدة».
وبسبب هذه الامتيازات، عرفت بعض مناطق الجنوب في فترة سابقة، أعمال عنف وتظاهرات قادها الشباب من ابنائها، مطالبين بالأولوية في التوظيف في الشركات النفطية الموجودة في مناطقهم الفقيرة والنائية، على حساب شباب المناطق الشمالية، وإشراف هيئة حكومية على التوظيف فيها.
حرر نحو 180 شاباً جزائرياً من حملة الشهادات الجامعية أطلقوا على أنفسهم اسم «مجموعة القوى الشبانية»، وثيقة من عشرة بنود، طالبوا فيها الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة بـ «تشكيل هيئة يرأسها شخصيا لتوفير فرص عمل لهم، وتخصيص منحة شهرية لخريجي الجامعات العاطلين من العمل». ، بقدر ما أثار الخبر سخرية الكثير من الجزائريين، ولا سيما المسؤولين الحكوميين، رأى فيه آخرون مطلباً مشروعاً لشباب قبلوا أن يستجيبوا لرغبة الرئيس بعدم الهجرة والمساهمة في بناء الوطن، مقابل حق طبيعي بالعمل. وفي الوقت الذي تجتهد فيه الحكومة لايجاد برامج مختلفة لتشغيل الشباب نجحت في امتصاص جزء من البطالة، يراها البعض مجرد «مسكِّنات»، ويرفعون شعار «نريد العمل في شركات النفط المربحة».
«طلبة المعاهد المهنية أوفر حظاً منا في الحصول على العمل بعد تخرجهم، والحكومة تضاعف عدد هذه المراكز بحجة أن الاقتصاد العالمي أصبح يهتم بأصحاب الحرف بدلاً من حاملي الشهادات الذين يفتقدون الخبرة المهنية والتطبيق، أما نحن خريجي الجامعات فحسبنا أن ندرس 4 أو 5 سنوات ثم نسلم أمرنا للقدر» يقول حسام ( 28 عاماً) خريج معهد الهندسة الذي اضطر ان يعمل مصوراً صحافياً، بانتظار فرصة للهجرة.
وتتفق فريال ( 24 عاماً) مع رأي صديقها حسام فتقول: «الرئيس ليس مخطئاً حينما ينتقد مستوى الجامعة الجزائرية، لكن الحكومات المتوالية هي المسؤولة عن الوضع وليس نحن، كما أن سنوات الجحيم التي عشناها انهار فيها كل شيء، والجامعة جزء من ذلك الخراب». وتضيف متحسرة: «فليغلقوا الجامعات إذا، ما داموا لا يعترفون بشهاداتنا! ما معنى 5 سنوات من الشقاء والتعب في الصيدلة لأجد نفسي اليوم موظفة في مقهى للانترنت؟». كانت فريال تتحدث بانفعال شديد عن الانتقادات التي وجهها الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة لمستوى المتخرجين من الجامعات الجزائرية، وقال إنها أصبحت تخرج سنوياً «آلاف البطالين، وأن شهاداتهم لا تساوي شيئاً لدى المعاهد الدولية»، مقارنة بما كان عليه الوضع في سنوات السبعينات. وتلقفت التنظيمات الطلابية الفرصة لتطالب الرئيس بالإسراع في إصلاح الجامعة.
وفجأة، ومن دون سابق إنذار طفت على السطح «مجموعة القوى الشبانية» التي استقطبت اهتمام وسائل الإعلام بمطالبها. وفي وقت قصير، نجح أكثر من 180 شاباً من خريجي الجامعات العاطلين عن العمل من فرض منطقهم، وبدا أنهم تحركوا على خلفية تصريحات الرئيس، فأعدوا لائحة من 10 مقترحات، أصروا على تسليمها اليه شخصياً بعدما يئسوا من وعود الوزراء الذين يرفضون التعامل معهم بحجة أنهم ليسوا تنظيماً معتمداً.
ومن أبرز ما تضمنته اللائحة: تشكيل لجنة يقودها رئيس الجمهورية شخصياً للتكفل بخريجي الجامعات «البطالين»، عقد اجتماع لمجلس الوزراء لدراسة قضيتهم، تخصيص منحة شهرية لهم لا تقل عن 10 آلاف دينار جزائري (الدولار يساوي 75 ديناراً جزائرياً) تعادل الحد الادنى للاجور، إنشاء مصارف خاصة لتشغيل الشباب، الإسراع بإجراءات تقاعد العمال والموظفين الذين بلغوا السن القانونية لتوفير مناصب شغل للمتخرجين من الجامعات، التشدد في العمالة الأجنبية، وتمكين «البطالين» من تأطير أنفسهم داخل تنظيمات مهنية شبيهة بغرف التجارة والصناعة.
وبينما وصف البعض المطالب بـ «الجريئة»، استهجنها المسؤولون واعتبروها خيالية وابتزازية. و يقول محمد خريج معهد الحقوق في بن عكنون: «نحن تصرفنا بطريقة حضارية ومن دون اللجوء للعنف، كل دول العالم تخصص منحاً لمساعدة البطالين». وتسمح المنحة الشهرية التي يطالب بها الجامعيون بضمان حد أدنى من العيش الكريم. «ماذا يعني مبلغ 10 آلاف دينار، إنه حتى لا يكفي شهراً كاملاً، ومادام الرئيس يعيب علينا الهجرة بعد أن ندرس بأموال الجزائر، فنحن مستعدون للبقاء شريطة الاهتمام بمصيرنا».
أمّا منال المستفيدة من برنامج عقود ما قبل التشغيل فتقول: «برنامج الحكومة مكّنني من العمل في مؤسسة خاصة سنة واحدة، مقابل أجر زهيد لا يتعدى 8 آلاف دينار من خزينة الدولة، لكن للأسف ربّ العمل رفض تمديد العقد. نحن تحت رحمة المسؤول، وفي الوقت نفسه، فمشروع الحكومة هو مجرد مسكّن لأن برامج التشغيل الحكومية لا توفر مناصب دائمة». وتكرّر الحكومة على مسمع الجزائريين أنها نجحت في تقليص البطالة إلى حدود 15.3 في المئة نهاية شهر أيلول (سبتمبر) الماضي، وأن برامج التشغيل في إطار الوكالة الجزائرية لدعم تشغيل الشباب منذ نشأتها عام 1997 ، ساهمت في إيجاد 190 ألف منصب عمل، وتطمح لإنشاء 10 آلاف مؤسسة سنوياً، تشغل كل واحدة منها أكثر من أربعة عمال.
راضية ( 33 عاماً) التي لم تتخط عتبة شهادة البكالوريا، بدت متفائلة بمستقبلها وهي تنتظر دورها في وكالة تشغيل الشباب في العاصمة لإتمام الاجراءات الإدارية والحصول على قرض مالي لتحقيق مشروعها المتمثل في فتح مؤسسة للتنظيف: «الحمد لله، الأمور تسير بوتيرة جيدة، تطلب الأمر 20 يوماً لدراسة الملف، وسأبدأ المشروع في كانون الثاني (يناير) المقبل معتمدة على أربعة عمال في مرحلة أولى، لكن بإمكاني أن أوفر مناصب عمل بالمئات لاحقاً لأهمية المشروع». وعن العراقيل التي تكون قد صادفتها، قالت: «في البدء كانت الوكالة ترهن السكن أو المقر كضمان لتسديد القرض، أما اليوم فيرهنون فقط الآلات التي يوفرونها للمشروع، على أن أسدّد قيمة القرض على 5 سنوات».
في المقابل، خرجت مريم من الوكالة محبطة: «لجأت إلى الوكالة متفائلة بعد أن أخبرتني عنها صديقتي، لكني أعود خائبة لأنه لا يمكنني الاستفادة من مشاريع تشغيل الشباب. ببساطة: هذه البرامج الحكومية، تشترط مساهمة مالية لصاحب المشروع من اللحظة الأولى وأنا لا أملك المال فهل أغرق نفسي في الديون؟».
وبسبب تلك العراقيل الإدارية ومحدودية الدخل الذي توفره برامج التشغيل الحكومية - على كثرتها - فإن الشباب الجزائري أصبح في غالبيته يحلم بالظفر بمنصب عمل في شركات النفط وخصوصاً الأجنبية منها، المستثمرة في مناطق الصحراء. ويقول إبراهيم (22 عاماً) الذي يملك شهادة مهنية: «أنا أعمل 8 ساعات يومياً بالتناوب بين الصباح والمساء بأجرة 12 ألف دينار فقط، واضطر للعمل 10 ساعات إضافية في تصليح خزانات المياه والغاز داخل البيوت والشركات لأعين والدي على مصاريف البيت، ما عرضني مراراً للإرهاق الشديد، ولذلك فقد بعثت العشرات من طلبات العمل إلى الشركات البترولية» وأضاف: «أدنى أجر يحصل عليه مساعد أمن في شركة نفطية لا يقل عن 300 دولار شهرياً وقد يصل الى 900 دولار لحملة الشهادات. والأهم أن نظام العمل يمنح 4 أسابيع راحة مقابل اربعة اسابيع عمل وظروف إقامة جيدة».
وبسبب هذه الامتيازات، عرفت بعض مناطق الجنوب في فترة سابقة، أعمال عنف وتظاهرات قادها الشباب من ابنائها، مطالبين بالأولوية في التوظيف في الشركات النفطية الموجودة في مناطقهم الفقيرة والنائية، على حساب شباب المناطق الشمالية، وإشراف هيئة حكومية على التوظيف فيها.