المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أقدم «محتجة» في العالم: رجال الأمن في البيت الأبيض سلطوا عليّ أشعة حارقة لإبعادي



زوربا
12-27-2005, 09:21 AM
http://www.asharqalawsat.com/2005/12/26/images/news.340190.jpg


تنصب خيمة منذ ربع قرن قبالة أهم مكان في واشنطن.. وترفع شعارات ضد الحروب والأسلحة النووية


واشنطن: طلحة جبريل


قالت أقدم «متظاهرة» في العالم، تنصب خيمة أمام البيت الأبيض، منذ صيف عام 1981، إنها تعرضت لأشعة حارقة بواسطة الليزر خلال اليومين الماضيين، «لإجباري على ترك هذا المكان» على حد زعمها.
وقالت كونسبسيون بيسيوتو لـ«الشرق الأوسط»: «تعرضت لأشعة ليزر، مما أدى إلى حرق بعض أجزاء من وجهي واضطرني هذا إلى الذهاب إلى طبيب مختص في الأمراض الجلدية».

وتبدو بالفعل آثار حروق صغيرة وتسلخات جلدية على وجه هذه السيدة، الاسبانية الأصل، والتي طبقت شهرتها الآفاق، على اعتبار أنها أقدم «محتجة» في العالم.

وكانت بيسيوتو التي ولدت في غرب اسبانيا، قد هاجرت إلى نيويورك، لتحقق حلم حياتها بالهجرة إلى أميركا، ووصلت إلى هنا وعمرها آنذاك 18 سنة، وعملت في البداية سكرتيرة في القنصلية الاسبانية في نيويورك، ثم تزوجت رجل أعمال إيطاليا، وكان عمرها 21 سنة ورزقت بابنة وحيدة عام 1973 ثم انفصلت عن زوجها. وترفض بيسيوتو الحديث عن هذه التفاصيل، وحين سألتها عن أخبار زوجها ردت باستياء «لا أعرف». كما لا تتحدث عن ابنتها. وانتقلت بيسيوتو إلى واشنطن، بعد أن فقدت في نيويورك كل شيء بما في ذلك حضانة ابنتها، حيث خسرت عدة قضايا للحضانة في محاكم «مانهاتن» و«البني».

وكذا فقدت هذه السيدة عملها ومنزلها وزوجها وابنتها.

وفي العاصمة الأميركية، حاولت أن تشرح هذه «الاوديسا» لأعضاء الكونغرس، لكن من دون جدوى، وبعدها قررت أن تحمل قضيتها إلى الشارع.. قبالة البيت الابيض.

ونصبت بيسيوتو خيمة قرب سياج البيت الابيض، وهي تطالب بـ«العدالة» في أميركا وخارجها.

وتقول بيسيوتو إن السياسة الاميركية، هي سبب شقاء العالم. بيد أنها بدأت تحمل أيضاً «إسرائيل والصهيونية»، النصيب الأكبر من هذه المشاكل. وهي تعتقد «أن اسرائيل وراء كل المشاكل». على حد تعبيرها.

في البداية كانت بيسيوتو «معادية» للقضايا العربية، لكن تحولاً كبيراً حدث لها منذ سنوات. وحين سألتها عن سبب معاداتها للقضايا العربية، عندما بدأت حركتها الاحتجاجية فقالت «كان ذلك بسبب نقص المعلومات».

وتقول بيسيوتو إنها ليست المرة الأولى، التي تتعرض فيه «لاعتداء» من طرف السلطات الأمنية في البيت الابيض، بل سبق أن ضربت ضرباً مبرحاً، حتى تنقل خيمتها من جوار السياج الى الجهة المقابلة من الشارع قرب حديقة «لافيت بارك». وأخرجت من الخيمة بعض الصور التي تظهر آثار الضرب على وجهها.

وفي الأيام الأخيرة أصبح أحد أصدقاء بيسيوتو، يعوضها كثيراً بعد أن نالت منها السنون، حيث أن عمرها الآن 60 سنة، خاصة أنها تنام أحياناً في درجة حرارة تحت الصفر خلال أيام الشتاء، إضافة الى تكدس الثلوج فوق خيمتها الصغيرة.

وأوضحت بيسيوتو أن صديقها وليام توماس، الذي يبقى في الخيمة حين تغيب لأي سبب، يفعل ذلك في بعض الأحيان وليس باستمرار. «هو يأتي مكاني فقط حين أذهب للاستحمام في شقته، حيث يسكن مع زوجته».

يشار إلى أن توماس نفسه لديه حكاية طويلة، إذ سبق أن طرد من بريطانيا، بعد أن مزق جواز سفره الأميركي، وأعلن بأنه «مواطن بلا وطن».

ولا تواجه بيسيوتو فقط المتاعب مع أحوال الطقس المتقلبة والسيئة وشرطة الحديقة في بعض الأحيان، لكن من المتشردين الذين يأتون إلى الحديقة، وكثيراً ما تحرش بها هؤلاء.

تقول بيسيوتو «هل تعرف أنني رأيت بعض الناس يتجمدون من البرد حتى الموت، في هذه الحديقة على مقربة من البيت الأبيض، حيث يوجد أقوى رئيس في العالم».

وتعيش هذه المحتجة الأشهر على الإطلاق، على ما يجود به السياح الذين يزورون واشنطن لمشاهدة البيت الأبيض والتقاط صور أمامه، وتضع إناء أمام الخيمة لهذا الغرض، وهي تقتات على الخبز وقطع الحلوى والقهوة. «في بعض الأحيان يأتي لي بعض الأصدقاء بساندوتشات وجبن وفواكه»، كما تقول.

وتستعمل بيسيوتو مراحيض مطعم مجاور لقضاء الحاجة. وتقول إنها تنام اربع ساعات.. لا أكثر. وهي ترتدي ملابس رثة، كما ترتدي قبعة تتكون من عدة قطع من الثياب، لتقي رأسها من برد قارس هذه الأيام. وترفع بيسيوتو شعارات كثيرة فوق الخيمة، تندد كلها بالحروب والظلم والأسلحة النووية، وتدعو للحرية والسلام، لكنها تركز على أسلحة الدمار الشامل، كما ترتدي إشارة تندد بإسرائيل. وهي تناهض بشدة الحرب في العراق.

تتحدث بيسيوتو الإنجليزية بلكنة اسبانية، وفوجئ سياح من البرازيل جاؤوا لالتقاط صور معها، حين وجدوها تتحدث البرتغالية. قالت «هذه لغة قريبة من لغتي الاسبانية، وهي لغتي الأصلية». ثم اتجهت نحوي ونطقت عبارة «السلام عليكم» بالعربية.

وتوضح بيسيوتو «المؤكد أنني أستطيع العودة مجدداً للحياة الطبيعية، لكن الله اختارني لعمل عظيم».