المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شكرا للمقاومة ولبدر.. وشكراً أميركا



سياسى
12-22-2005, 12:16 AM
بغداد ـ د.جمال حسين


عودة «المقاومة الراشدة»، كما يسميها علنا النواب «المستقبليون» في البرلمان العراقي وهم كثر هذه المرة إلى العمليات الإجرامية التي تستهدف المواطنين كما بينته هجمات اليومين الماضيين، يعني أن هؤلاء المسلحين أثبتوا بأنهم فعلا «الجناح العسكري» لأحزاب وكيانات سياسية ستدخل إلى البرلمان في عدة قوائم أصبحت معروفة من دون التوقف عند عناوينها.

أصبح لـ«المقاومة» ممثلون في البرلمان الذين حموا المراكز الانتخابية لكي يقدموا واجهتهم السياسية له، التي لم تنس تقديم الشكر العلني لهم كما صرح بذلك أحمد عبد الغفور السامرائي رئيس ديوان الوقف السني والرئيس السابق لهذا الديوان عدنان الدليمي الذي سيترأس ثالث أكبر كتلة في البرلمان المقبل، وهي جبهة التوافق العراقية التي تضم ثلاث حركات سنية كبيرة.

وحين يشكر هؤلاء النواب المستقبليون جماعتهم المسلحة على حماية المراكز الانتخابية، فهم في المقابل لم يدينوهم أو حتى يوبخوهم على ما اقترفته أياديهم منذ الساعات الأولى لرفع حظر التجوال في البلاد.

هل يعني ذلك أن العراق لا يعيش الهدوء إلا عندما تكون الشوارع فارغة من الناس؟!

وماذا يعني أن يحمي مسلحون غير شرعيين مراكز انتخابية؟

حين سلطنا الضوء على ما فعلته قوى الأمن والشرطة وكتائب مسلحة أخرى من جيش المهدي وقوات بدر في الجنوب ودورها أيضا، كما أعلن حماية المراكز الانتخابية، مر الحديث على انتهاكات وضغوط نفسية وحتى دينية مارسها هؤلاء على الناخب بطرق مختلفة، ولكن ماذا عن مسلحي ما يعرف بـ«الجيش الإسلامي» في المناطق الغربية؟ ما الذي فعلوه لكي يحموا المراكز ويحموها ممن لو كانوا هم أصلا رأس البلاء؟

إذن، العملية تتجاوز الحماية (من أنفسهم) إلى ما هو أخطر: ماهية الدور الذي لعبوه يوم الاقتراع.

بدءا، ان رئيس المفوضية العليا للانتخابات في الرمادي تم تعيينه من الحزب الإسلامي العراقي الذي يعتبر أحد أهم عناصر جبهة التوافق الوطني وهذا الخرق القانوني الأول، الذي سيتبعه نزول المسلحين الى الميدان لترتيب مجراها إلى الحد الذي يجعل معارضا مثل عدنان الدليمي يصفها بأنها أنجح انتخابات والاكثر ديموقراطية في العالم.

طبعا، لا توجد جيوش إسلامية تحمي المراكز الانتخابية في الدول الاوروبية العريقة بديموقراطيتها التي أشار إليها الدليمي، وليس ثمة وجه مقارنة لكي يتم التنابز في الديموقراطية في هذا المقام، لكن حماسة «أبو سدارة» تدل وحدها على أن الأمور سارت في مناطقهم كما خططوا له : استلموا الصناديق كمفوضية وافتتحوا المراكز وأغلقوها بمعرفتهم قبل الساعة الخامسة، وفي بعض المناطق طالبوا باستمارات إضافية ومنحتهم المفوضية، التي لم ينتقدها أحد منهم، مائة صندوق إضافي لغاية الثانية عشرة ظهرا.

أما القوائم الأكثر من 300 المتبقية، فلم يسمح لأحد منها تعليق ولو ملصق واحد في المدن والبلدات التي يسيطر عليها مسلحو الدليمي والسامرائي والهاشمي (طارق) الذي صار الرجل الأول في الاخوان، بموافقة او عدم موافقة محسن عبد الحميد مرشدهم المعروف.

ما الذي يفرق ما بين الدور الذي لعبته «كتائب عزرائيل» في الجنوب و "كتائب الجيش الإسلامي" في الغرب؟

أين السلطة الرسمية من كل ما حصل؟

وإذا كانت الجماعة في «الهيئة» و« الجبهة» قد وقعت بيان شرف مع «بدر» في وقت سابق وتحالفت قبل ذلك في عملية الاستفتاء على الدستور ومن ثم عبروا معا الانتخابات بسلام، فلماذا استئناف العمليات الإجرامية في بغداد والمدن الأخرى؟


هل الأمر متعلق باختيار الرئيس العراقي المستقبلي الذي يريده «الاخوان» و«الهيئة» و«الجبهة» منهم وإليهم وكذلك وزارة «الدفاع» وعينهم على سحب «الخارجية» من الكرد، لكي يزكى ميثاق الشرف هذه المرة بحلاوة توزيع المناصب حسب الاستحقاقات الانتخابية ومهر توقيع المفوضية لاستمارات الـ (صح) التي أشر عليها المسلحون في الجنوب وفي الغرب على السواء.

وإذا كانوا متفقين إلى هذا الحد، لماذا يستمرون بقتل العراقيين؟

لم يمر أسبوع من دون أن يلتقي السفير الاميركي زلماي خليل زاده بأحد من ممثليهم وحين شارك رئيس الوزراء إبراهيم الجعفري بالمؤتمر الإسلامي في جدة كان أعضاء في هيئة علماء المسلمين ضمن وفده الرسمي ولم يمر أسبوع دون أن يتغدوا أو يتعشوا في قصر طرف ثالث من «الأعيان»، فلماذا استأنفوا قتل العراقيين؟!

وكيف يجوز تجاوز ما فعلته ساعات نائب الرئيس الاميركي ديك تشيني الثماني في بغداد وتلبيته لمطالب كان الطرف الأكثر عداوة لاميركا قد أعلنها والمقصود القاعدة في بلاد الرافدين الذي كان ينفذ عمليات باسم من أطلق سراحهم تشيني من علماء البرامج الحساسة في النظام السابق؟ ألم يتهم هذا النظام وهؤلاء العلماء بأنهم سيسلمون الإرهابيين في القاعدة أسلحة الدمار الشامل وكان ذلك من أهم أسباب حرب الإطاحة بالنظام؟ وهل أدركت واشنطن بعد ثلاث سنوات من الاعتقال بأن هؤلاء أبرياء ! الآن عرفت أنهم أبرياء بعد أكثر من ألف يوم؟! لماذا يحق لهم التصرف على هذا النحو واللعب بمقدرات الشعب، دون أن يحق لنا التساؤل والربط ما بين إطلاق سراح الـ 25 والاتفاقات الجارية على قدم وساق بين جماعات «الهيئة» و«الجبهة» بتنسيق من «الاخوان» والاميركيين؟ ألم يكن البرنامج الذي بنت عليه «جبهة التوافق» مشروعها الانتخابي تتصدره مسألة إطلاق سراح المعتقلين في السجون العراقية والاميركية؟ ولماذا لا يكشفون الأوراق للناس الذين انتخبوهم، طالما هي مكشوفة؟