المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصتي مع الاستخبارات الأميركية!



المهدى
12-21-2005, 10:58 AM
لوس انجلوس تايمز


خالد المصري

سياسة ''التسليم الاستثنائي'' التي تتبعها الولايات المتحدة حيال المشتبه في علاقتهم بالإرهاب كان لها وجه إنساني هو وجهي أنا شخصياً· فأنا لا زلت حتى الآن أحاول التعافي من آثار التجربة القاسية التي مررت بها، والتي كانت خارج أي إطار قانوني، ونظراً لأنني أؤمن بنظام العدالة الأميركي، فإنني قمت برفع قضية على المدير السابق لـ''السي·آي·إيه'' الأسبوع الماضي·

أنا مواطن ألماني ولدت في الكويت وتربيت في لبنان· وفي عام 1985 وعندما كان لبنان يعاني من ويلات الحرب الأهلية قمت بالهروب إلى ألمانيا بحثاً عن حياة أفضل· وهناك أصبحت مواطناً، وكونت أسرتي الخاصة·

وقصتي تبدأ في الحادي والثلاثين من ديسمبر من عام 2003 عندما سافرت في حافلة من ألمانيا إلى مقدونيا، وعندما وصلت إلى مقدونيا بدأ الكابوس· حيث قام رجال استخبارات مقدونيون بمصادرة جواز سفري واحتجازي لمدة 23 يوماً لم يسمح لي خلالها بالاتصال بأي أحد·

وفي نهاية هذه الفترة أرغمت على تسجيل شريط فيديو أقول فيه إنني قد عوملت معاملة جيدة· بعد ذلك تم تقييد يديَّ ووضع عصابة على عيني واقتيادي إلى مبنى حيث تعرضت لضرب مبرح· وللإهانة والإذلال·

وفي النهاية نزعت العصابة عن عيني ورأيت رجالاً ويرتدون أقنعة سوداء تغطي وجوههم· وبعد ذلك تم وضعي في شيء يشبه القماط عبارة عن حزام متصل بسلاسل تم تقييد معصميّ وكاحليّ بها ثم تغطية أذنيّ وعيني، وألقي بي وأنا على هذا الوضع في طائرة بعد تخديري وعندما أفقت علمت أنني قد نُقلت إلى أفغانستان·

وهناك تعرضت للضرب مرة أخرى وتركوني في زنزانة إسمنتية صغيرة قذرة وباردة· في الليلة الأولى تم اقتيادي إلى غرفة التحقيق، حيث رأيت رجالا يغطون وجوههم بأقنعة سوداء· وقام هؤلاء بنزع ملابسي عني وتصويري ثم أخذوا عينات بول ودم مني، وبعد ذلك تمت إعادتي للزنزانة التي قدر لي أن أمضي فيها قرابة أربعة شهور· وفي الليلة التالية بدأ استجوابي· سألوني في البداية ما إذا كنت أعرف لماذا تم اعتقالي أم لا؟

فقلت إنني لا أعرف· بعد ذلك قالوا لي إنني الآن في دولة ليس بها قانون وسألوني عما إذا كنت أعرف ما يعنيه ذلك أم لا؟ واستجوبوني عدة مرات عما إذا كنت أعرف الأشخاص الذين قاموا بتنفيذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر أم لا·· وعما إذا كنت قد جئت قبل ذلك إلى أفغانستان للتدريب في معسكراتها، وعما إذا كانت لي علاقة أو اتصالات مع أشخاص ذكروا لي أسماءهم يقيمون في نفس المدينة التي أقيم فيها في ألمانيا· ونفيت لهم كل ذلك بشدة· وطلبت منهم مراراً وتكراراً أن يُسمح لي بالالتقاء مع ممثل للحكومة الألمانية أو محامٍ أو تقديمي للمحاكمة، ولكن طلباتي كانت تقابل بالتجاهل دائماً· ولما استبد بي اليأس قمت بالإضراب عن الطعام وبعد أن أمضيت 37 يوماً بدون طعام تم سحبي إلى غرفة التحقيق حيث تم إدخال أنبوب تغذية رغما عني عبر الأنف إلى المعدة حتى لا أموت جوعاً·

وبعد ثلاثة شهور تم اقتيادي لمقابلة شخص أميركي قال لي إنه قد جاء من واشنطن ووعدني بأنه سيتم الإفراج عني عما قريب، كما تم تحذيري من الحديث عن أي شيء من الأشياء التي حدثت لي· وفي 28 مايو، ،2004 أي بعد مرور خمسة شهور على اختطافي من مقدونيا تمت تغطية عيني مجدداً وتقييد يدي وربطي بسلاسل إلى مقعد في طائرة· وأثناء الرحلة أخبروني أننا سنهبط في بلد آخر غير ألمانيا· وبعد أن هبطت الطائرة تم اقتيادي إلى منطقة منعزلة ونزعت القيود والعصابة وأمروني بأن أمشي في طريق مظلم وألا أنظر إلى الخلف وأحسست عندها أنه سيتم إطلاق الرصاص عليَّ من الخلف·

بعد ذلك جاء ثلاثة رجال وقالوا إنني أقيم بشكل غير قانوني في ألبانيا واقتادوني إلى المطار حيث اشتريت تذكرة عودة لألمانيا (بعد أن أعاد من خطفوني محفظتي إليَّ)· وعندما عدت وأنا في حالة يرثى لها لم أجد أطفالي، بعد أن ظنت زوجتي أنني قد هجرتهم وسافرت إلى لبنان، والحمد لله التأم شملنا الآن مرة ثانية في ألمانيا·

إنني حتى الآن لا أعرف لماذا حدث معي ذلك ولقد علمت أن وزيرة الخارجية الأميركية أخبرت المستشارة الألمانية في لقائهما الأخير أن ما حدث معي كان ''خطأ''· ومع ذلك لم يتصل بي أحد من الحكومة الأميركية كي يقدم لي تفسيراً لما حدث، أو اعتذاراً عن الخطأ الذي وقع· وعلى الرغم من أن وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس قد أدلت بتصريح خلال لقاء فيما يخص قضيتي قالت فيه ''إن أية سياسة لابد وأن تنتج عنها أخطاء'' إلا أن ما أود قوله هو أن هذا هو تحديداً السبب الذي يجعل من ''التسليم الاستثنائي'' مسألة خطيرة للغاية· فكما أوضح المحققون معي بجلاء عندما قالوا لي إنهم يعتقلونني في بلد ليس فيه قانون، فإن هدف التسليم الاستثنائي هو حرمان الشخص من حماية القانون· لقد التمست من خاطفيَّ عدة مرات أن يقدموني للمحاكمة كي أشرح للقاضي أن هناك خطأ ما قد وقع· ولكنهم كانوا يرفضون ذلك في كل مرة·

إن من اعتقلوني رفضوا تقديمي إلى محاكمة، ولذلك قمت أنا الأسبوع الماضي بالتقدم إلى المحكمة، وذلك بعد أن قمت بمساعدة من ''اتحاد الحريات المدنية الأميركية'' برفع قضية على الحكومة الأميركية، لأنني أعتقد أن ما حدث لي لم يكن قانونياً ولا يجب أن يتكرر مع آخرين· وأنا أعتقد أن الشعب الأميركي سيتفق معي عندما يقرأ قصتي·