فاتن
12-20-2005, 09:06 AM
وليد الطبطبائي
استغربت جدا من الهجوم الاخير من قبل عدد من الزملاء النواب الشيعة في مجلس الامة على مناهج الدولة في وزارة التربية، والزعم بأن هذه المناهج فيها تكفير لاتباع الطوائف الأخرى (مثل الشيعة دون تسميتهم) وأنها تدعو للتطرف والتشدد والغاء الآخر.. الخ وعندما سألت احد الزملاء النواب الشيعة ماذا تقصد من هذا الموضوع؟ حيث اني لم اشعر اطلاقا بوجود مثل هذه الاشياء في مناهج وزارة التربية التي هي مناهج مبسطة ومخففة جدا ولا تدعو للتعصب او التشدد اطلاقا.. فقال: هناك موضوعات تحرم الدعاء للقبور والأموات والذبح للأولياء والنذور للقبور والتوسل بالأموات، وان هذه الأمور، بحسب المناهج، من الشرك والكفر على الرغم من ان طوائف من المسلمين يفعلونها، فهذا تكفير لهذه الطوائف!!
وللأسف فاجأني هذا الزميل بكلامه، ورددت عليه مباشرة بأن ما ذكرته هو من أصول العقيدة الاسلامية التي تحرم كل ما من شأنه هدم اركان التوحيد الذي هو اساس الاسلام والذي لا يصح اسلام المرء حتى يشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله، ومقتضى ذلك ألا يعبد الا الله عز وجل وان تصرف كل العبادات له وحده لا شريك له ومن هذه العبارات (الدعاء والاستغاثة والنذر والذبح.. الخ)... فقاطعني قائلا: هذه الأمور عندكم يا أهل السنة ولا يجب فرضها علينا فقلت له: مهلا.. مهلا غير صحيح فهذه أمور قطعية في القرآن الكريم وهي أصول لجميع المسلمين وهو ما جرى عليه العمل عند أئمة المسلمين جميعهم قبل ان تحرّف العقيدة بعد ذلك.. وعلى سبيل المثال يقول الله عز وجل: «ان المساجد لله فلا تدعو مع الله احدا» والذبح يجب ان يكون لله وحده، قال تعالى: «ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لاشريك له وبذلك أمرت..» والنسك المقصود به الذبح، ومثله النهي عن دعاء الأموات قال تعالى: «وما أنت بمسمع من في القبور» فاذا كانوا لا يسمعون الدعاء فكيف يجيبون وقد طلب الله منا ان نجعل الدعاء خالصا له وحده «فادعوا الله مخلصين له الدين»
ومما أثار استغرابي ان هذه المسلمات في العقيدة ليست فقط عند اهل السنة بل هي مسلمات عند أئمة أهل البيت وقادتهم عليهم السلام الذين استقوا الاسلام من منبعه الصافي من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا الكلام موجود عند المصادر الشيعية كما هو عند المصادر السنية، فعلى سبيل المثال جاء في كتاب وسائل الشيعة 341/28، وبحار الانوار لمحمد باقر المجلسي 96/69 وكتاب الخصال لابي جعفر محمد بن علي بن بابويه القمي 136/1 رواية عن عباس بن يزيد عن ابي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: ان هؤلاء العوام يزعمون أن الشرك أخفى من دبيب النمل في الليلة الظلماء على المسح الأسود! فقال: لا يكون العبد مشركا حتى يصلي لغير الله أو يذبح لغير الله أو يدعو لغير الله عز وجل.
وايضا ورد عن ابي عبد الله عليه السلام انه قال: ذكر أن سلمان قال: ان رجلا دخل الجنة في ذباب، وآخر دخل الجنة في ذباب، فقيل له: وكيف ذا يا ابا عبد الله؟ قال: مرا على قوم في عيد لهم وقد وضعوا أصناما لهم لا يجوز بهم احد حتى يقرب الى اصنامهم قربانا، قل أم كثر فقال احدهما: ما معي شيء اقربه، فأخذ أحدهما ذبابا فقربه، ولم يقرب الآخر وقال: لا اقرب الى غير الله عز وجل شيئا. فقتلوه فدخل الجنة، ودخل الآخرر النار. (انظر وسائل الشيعة: 213/24، وبحار الأنوار: 252/3، وثواب الاعمال 224 لأبي جعفر بن بابويه القمي).
وهكذا بقية عقيدة الاسلام الصافية نجد أئمة أهل البيت وقادتهم عليهم السلام من احرص الناس على توحيد الله وحده لا شريك له والنهي عن الاشراك به في عبادته، بل النهي عن الذرائع المؤدية الى الشرك مثل صنع التماثيل والصور والغلو في الأولياء الصالحين.
فعن أبي عبد الله عليه السلام عن أبيه عن آبائه قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: اياكم وعمل الصور، فانكم تسألون عنها يوم القيامة (انظر مستدرك الوسائل: 210/13 لحسين النوري الطبري) وعن ابي عبد الله عليه السلام قال: قال امير المؤمنين عليه السلام: بعثني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الى المدينة، فقال: لا تدع صورة الا محوتها، ولا قبرا الا سويته، ولا كلبا الا قتلته، (وسائل الشيعة: 562/3)
ومن ذلك النهي عن الغلو فعن امير المؤمنين عليه السلام قال: وسيهلك فيّ صنفان: محب مفرط يذهب به الحب الى غير الحق، ومبغض مفرط يذهب به البغض الى غير الحق، وخير الناس حالا فيّ النمط الأوسط فالزموه. (انظر شرح نهج البلاغة 112/8، وبحار الأنوار: 372/23)
ہہہ........................................
الخلاصة.. مناهجنا تدعو للوسطية والاعتدال..
وحاصل الأمر ان مناهج وزارة التربية هي مناهج وسطية معتدلة جدا، وليس فيها ما يكفر الشيعة او غيرهم، فهي دعوة الى اخلاص التوحيد ونبذ الشرك ايا كان فاعل هذا الشرك سنيا او شيعيا، فهناك من طوائف السنة من يصدر منها الغلو والشرك بالله جهلا و هو واجب المناهج الدراسية توعية الطلبة به دون تجريح او مساس بطائفة معينة وهو ما هو موجود فعلا في مناهج وزارة التربية والحمد لله.
وختاما.. ادعو زملائي النواب الشيعة الى عدم التصعيد واثارة الطائفية لاغراض انتخابية، ودغدغة مشاعر ابناء طائفتهم واظهار انفسهم بأنهم جاءوا لانصاف الشيعة، فالمسلم الشيعي بخير طالما كانت مؤسسات الدولة هي للمسلمين قاطبة دون تفرقة بين مذهب وآخر.. وطائفة وطائفة اخرى.. اما تقسيم هذه المؤسسات الى مؤسسات سنية واخرى جعفرية.. فهذه بداية الفتنة وقانا الله منها. واتقوا الله في بلدكم. والله من وراء القصد.
altabtabae@hotmail.com
تاريخ النشر: الثلاثاء 20/12/2005
استغربت جدا من الهجوم الاخير من قبل عدد من الزملاء النواب الشيعة في مجلس الامة على مناهج الدولة في وزارة التربية، والزعم بأن هذه المناهج فيها تكفير لاتباع الطوائف الأخرى (مثل الشيعة دون تسميتهم) وأنها تدعو للتطرف والتشدد والغاء الآخر.. الخ وعندما سألت احد الزملاء النواب الشيعة ماذا تقصد من هذا الموضوع؟ حيث اني لم اشعر اطلاقا بوجود مثل هذه الاشياء في مناهج وزارة التربية التي هي مناهج مبسطة ومخففة جدا ولا تدعو للتعصب او التشدد اطلاقا.. فقال: هناك موضوعات تحرم الدعاء للقبور والأموات والذبح للأولياء والنذور للقبور والتوسل بالأموات، وان هذه الأمور، بحسب المناهج، من الشرك والكفر على الرغم من ان طوائف من المسلمين يفعلونها، فهذا تكفير لهذه الطوائف!!
وللأسف فاجأني هذا الزميل بكلامه، ورددت عليه مباشرة بأن ما ذكرته هو من أصول العقيدة الاسلامية التي تحرم كل ما من شأنه هدم اركان التوحيد الذي هو اساس الاسلام والذي لا يصح اسلام المرء حتى يشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله، ومقتضى ذلك ألا يعبد الا الله عز وجل وان تصرف كل العبادات له وحده لا شريك له ومن هذه العبارات (الدعاء والاستغاثة والنذر والذبح.. الخ)... فقاطعني قائلا: هذه الأمور عندكم يا أهل السنة ولا يجب فرضها علينا فقلت له: مهلا.. مهلا غير صحيح فهذه أمور قطعية في القرآن الكريم وهي أصول لجميع المسلمين وهو ما جرى عليه العمل عند أئمة المسلمين جميعهم قبل ان تحرّف العقيدة بعد ذلك.. وعلى سبيل المثال يقول الله عز وجل: «ان المساجد لله فلا تدعو مع الله احدا» والذبح يجب ان يكون لله وحده، قال تعالى: «ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لاشريك له وبذلك أمرت..» والنسك المقصود به الذبح، ومثله النهي عن دعاء الأموات قال تعالى: «وما أنت بمسمع من في القبور» فاذا كانوا لا يسمعون الدعاء فكيف يجيبون وقد طلب الله منا ان نجعل الدعاء خالصا له وحده «فادعوا الله مخلصين له الدين»
ومما أثار استغرابي ان هذه المسلمات في العقيدة ليست فقط عند اهل السنة بل هي مسلمات عند أئمة أهل البيت وقادتهم عليهم السلام الذين استقوا الاسلام من منبعه الصافي من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا الكلام موجود عند المصادر الشيعية كما هو عند المصادر السنية، فعلى سبيل المثال جاء في كتاب وسائل الشيعة 341/28، وبحار الانوار لمحمد باقر المجلسي 96/69 وكتاب الخصال لابي جعفر محمد بن علي بن بابويه القمي 136/1 رواية عن عباس بن يزيد عن ابي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: ان هؤلاء العوام يزعمون أن الشرك أخفى من دبيب النمل في الليلة الظلماء على المسح الأسود! فقال: لا يكون العبد مشركا حتى يصلي لغير الله أو يذبح لغير الله أو يدعو لغير الله عز وجل.
وايضا ورد عن ابي عبد الله عليه السلام انه قال: ذكر أن سلمان قال: ان رجلا دخل الجنة في ذباب، وآخر دخل الجنة في ذباب، فقيل له: وكيف ذا يا ابا عبد الله؟ قال: مرا على قوم في عيد لهم وقد وضعوا أصناما لهم لا يجوز بهم احد حتى يقرب الى اصنامهم قربانا، قل أم كثر فقال احدهما: ما معي شيء اقربه، فأخذ أحدهما ذبابا فقربه، ولم يقرب الآخر وقال: لا اقرب الى غير الله عز وجل شيئا. فقتلوه فدخل الجنة، ودخل الآخرر النار. (انظر وسائل الشيعة: 213/24، وبحار الأنوار: 252/3، وثواب الاعمال 224 لأبي جعفر بن بابويه القمي).
وهكذا بقية عقيدة الاسلام الصافية نجد أئمة أهل البيت وقادتهم عليهم السلام من احرص الناس على توحيد الله وحده لا شريك له والنهي عن الاشراك به في عبادته، بل النهي عن الذرائع المؤدية الى الشرك مثل صنع التماثيل والصور والغلو في الأولياء الصالحين.
فعن أبي عبد الله عليه السلام عن أبيه عن آبائه قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: اياكم وعمل الصور، فانكم تسألون عنها يوم القيامة (انظر مستدرك الوسائل: 210/13 لحسين النوري الطبري) وعن ابي عبد الله عليه السلام قال: قال امير المؤمنين عليه السلام: بعثني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الى المدينة، فقال: لا تدع صورة الا محوتها، ولا قبرا الا سويته، ولا كلبا الا قتلته، (وسائل الشيعة: 562/3)
ومن ذلك النهي عن الغلو فعن امير المؤمنين عليه السلام قال: وسيهلك فيّ صنفان: محب مفرط يذهب به الحب الى غير الحق، ومبغض مفرط يذهب به البغض الى غير الحق، وخير الناس حالا فيّ النمط الأوسط فالزموه. (انظر شرح نهج البلاغة 112/8، وبحار الأنوار: 372/23)
ہہہ........................................
الخلاصة.. مناهجنا تدعو للوسطية والاعتدال..
وحاصل الأمر ان مناهج وزارة التربية هي مناهج وسطية معتدلة جدا، وليس فيها ما يكفر الشيعة او غيرهم، فهي دعوة الى اخلاص التوحيد ونبذ الشرك ايا كان فاعل هذا الشرك سنيا او شيعيا، فهناك من طوائف السنة من يصدر منها الغلو والشرك بالله جهلا و هو واجب المناهج الدراسية توعية الطلبة به دون تجريح او مساس بطائفة معينة وهو ما هو موجود فعلا في مناهج وزارة التربية والحمد لله.
وختاما.. ادعو زملائي النواب الشيعة الى عدم التصعيد واثارة الطائفية لاغراض انتخابية، ودغدغة مشاعر ابناء طائفتهم واظهار انفسهم بأنهم جاءوا لانصاف الشيعة، فالمسلم الشيعي بخير طالما كانت مؤسسات الدولة هي للمسلمين قاطبة دون تفرقة بين مذهب وآخر.. وطائفة وطائفة اخرى.. اما تقسيم هذه المؤسسات الى مؤسسات سنية واخرى جعفرية.. فهذه بداية الفتنة وقانا الله منها. واتقوا الله في بلدكم. والله من وراء القصد.
altabtabae@hotmail.com
تاريخ النشر: الثلاثاء 20/12/2005