المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل إيران دولة برأس كبير وقدمين نحيلتين؟!



هاشم الوزان
12-19-2005, 10:58 AM
نزار آغري- الشرق الاوسط

* كاتب كردي يقيم في السويد

كان مقرراً أن تقلع طائرة الخطوط الجوية الإيرانية من مطار غوتنبرغ بالسويد في الساعة الثانية بعد الظهر ولكنها فعلت ذلك في الساعة الحادية عشرة ليلاً، أي بعد تسع ساعات. كان طابور المسافرين قد تشكل أمام مكتب شركة الخطوط الجوية حين أذيع من مكبر الصوت أن الرحلة تأخرت أربع ساعات. وحين انقضى هذا الوقت أعلن عن تأخير الرحلة خمس ساعات إضافية.
الموظفون، والموظفات، السويديون اعتذروا من المسافرين مراراً عديدة رغم أن الخطأ لم يكن خطأهم بل خطأ الشركة الإيرانية التي يبدو أن طائرتها تأخرت كل هذا الوقت. مع هذا لم يعتذر أي من الموظفين الإيرانيين ولم يقدموا أي تفسير. وحين أبدى بعض الناس تذمرهم نهرهم موظف إيراني، غليظ الشارب، وأمرهم بالسكوت.

ولست أعرف إن كان هذا الحادث وقع بشكل استثنائي أم أنه من عادات الشركة الإيرانية. غير أن معاينة حال الناس في إيران ومن ثم رؤية الرئيس الإيراني أحمدي نجاد في الأمم المتحدة، يهدد ويتوعد، أسبغت على الواقعة مسحة رمزية تفصح عن واقع الحال الإيراني في إجمال صورته. وعلى ما يبدو فإن راحة الناس وأمنهم واستقرارهم ورفاهم آخر ما يفكر به المسؤولون الإيرانيون سواء أكانوا مسؤولين عن طائرة أم عن بلد.

سائق سيارة التاكسي الذي نقلنا من مطار مهرآباد في طهران إلى الفندق لم ينتظر منا سؤالاً كي يشرع في حديث حاد مليء بالمرارة والغضب. وهو لم يكد يطمئن إلى أننا غرباء وقادمون من بلد أوروبي حتى أراد «أن يفتح قلبه لنا» كما قال. هو شاب في الثالثة والعشرين من العمر تخرج من الجامعة حديثاً، وقد أظهر لنا وثيقة محفوظة في مغلف ورقي كان قد وضعه أمامه قال إنها شهادته الجامعية. ولكنه بدل أن يتوظف ويعمل وجد نفسه في الشارع عاطلاً عن العمل. «الحمد لله أنني أملك هذه السيارة القديمة فأحصل بواسطتها على رزقي ورزق عائلتي. هناك الآلاف غيري ممن لا يملكون شيئاً». قال انه لا يكاد يستطيع أن يرى ابنه الصغير البالغ من العمر سنة واحدة. فهو يخرج في الفجر ويعود بعد منتصف الليل، حيث يكون الوليد في الحالتين نائماً. وسيارته القديمة هي من طراز بيام التي تصنعها إيران بترخيص من شركة أوروبية. وطهران مليئة بهذه السيارات المتهالكة التي تشبه سيارات لادا السوفياتية القديمة وتلوث أجواء العاصمة إلى حد الاختناق.

الشعارات الكبيرة التي تمتلئ بلغة القوة والتحدي تملأ الشوارع. وعلى جدران البنايات صور ضخمة لقادة البلاد.

الاستعراض العسكري الكبير في ذكرى الحرب مع العراق، الذي بدا فخماً على الطريقة السوفياتية والكورية الشمالية، كان في تناقض صارخ مع واقع الحال في الشارع. كانت ساحة الاستعراض تمتلئ بالمهابة والبذخ والطاعة والنظام. وكان الجنود وحراس الثورة، وكذلك حارساتها، يسيرون متراصين، حاملين البنادق وقد خلعوا على وجوههم أمارات الجدة والصرامة. أما الصواريخ «العملاقة» والمجسمات المروعة فكانت صورة طبق الأصل من الاستعراضات التي كانت حكومة صدام حسين تحرص على إجرائها في الذكرى نفسها في الغالب.

في الشارع صورة أخرى : فقر وحرمان وفوضى وتلوث بشكل يفوق الوصف.. البؤس يظهر جلياً في كل ركن.

ولكن كيف نفسر المظاهرات الصاخبة والمسيرات الضخمة التي تخرج تأييداً للحكومة؟ أسأل السائق.

«لا تغرنك المظاهر» يجيب ضاحكاً «هذه مظاهرات مصنوعة، مثلها مثل خطب الجمعة، يجري إعدادها بدقة وإتقان. الموظفون والعمال والتلاميذ والطلاب مضطرون للخروج تحت طائلة الحرمان من الوظيفة والعمل والمدرسة والجامعة. ثمة لجان تدوّن أسماء من يخرجون ومن لا يخرجون. فمن يغامر بإضاعة مصدر رزقه؟ المظاهرات نوع من العمل الإجباري الذي لا يمكن التملص منه».

من يسير في شوارع طهران يعتقد أنه يعيش في بلد أوروبي، ولكن فقير. من النادر أن تجد رجلاً معمماً، ولا يعرف المرء من أين يخرج كل هؤلاء المعممين في الحكومة وأثناء خطب الجمعة. والمحجبات يرتدين سراويل الجينز التي تظهر واضحة من تحت الجلباب. الشباب الإيراني أقرب إلى الشباب الأوروبي في الملبس والمسلك وتسريحة الشعر ونوع الموسيقى التي يستمع إليها. محلات بيع الملابس تعرض آخر الصرعات الأوروبية، الرجالية والنسائية، على السواء.

ثمة ازدواجية فاقعة في كل ركن. هناك الظاهر وما وراء الظاهر، والازدواجية هي الاسم المخفف للنفاق الذي يغطي الأشياء ببرقعه الصارخ.

في الطائرة كانت النساء يرتدين الأزياء الاوروبية وقد أطلقن شعورهن للملأ وأبرزن مفاتنهن بدون حرج. كنت غفوت في الرحلة الطويلة وحين استيقظت على الصوت الذي يقول بقرب الوصول إلى طهران ونظرت حولي رأيت النساء وقد التحفن بعباءات سوداء وغطين رؤوسهن فبدون كما لو كن ذاهبات إلى مجلس عزاء. قبل قليل كان كل شيء مختلفاً. لا شك أن تبديل المظهر جرى أمام أعين المضيفين. المسألة أشبه بمسرحية يتفق الجميع على فحواها ولا يملك أحد تبديل فصولها. مع هذا تستمر اللعبة كما لو أنها من طبيعة الأشياء.

في الحديقة القريبة من ساحة ولي العصر علقت لوحة كبيرة تشرح طرق انتقال مرض الإيدز. لم نستطع أن نفهم سبب تعليق اللوحة هناك إلا حين رأينا أحدهم وقد افترش الأرض وراح يستنشق شيئاً من ورقة مطوية مدها له رفيقه أمام الأعين وفي وضح النهار. وحين مضينا قليلاً مرّ بالقرب منا رجل كاد أن يصطدم بنا وقال بصوت خفيض ولكن واضح: دارو دارم. أي لدي دواء. والمقصود بالدواء هو المخدرات.

وأكثر المخدرات انتشاراً في إيران هو الأفيون الذي يباع رخيصاً مقارنة بالأشكال الأخرى.

وطبقا لتقرير المخدرات العالمي عام 2005 الذي أصدرته الأمم المتحدة عن مدمني الأفيون توجد في إيران أعلى نسبة من المدمنين في العالم. وتشير الإحصاءات إلى أن عدد المدمنين في إيران يصل إلى 4 ملايين شخص، وهذا يضعها على قمة الدول من حيث عدد السكان المدمنين على المواد المخدرة بما في ذلك الهيروين. وينتشر تعاطي المخدرات بين الشباب على نطاق واسع ويعد نوعاً من الهروب من مشكلات البطالة والفراغ والفقر.

حين خرجنا من طهران أوقفت سيارتنا نقطة تفتيش تابعة لما أطلق عليه اسم عسكر حمزة. قال السائق إن الأمر يتعلق بإجراء يومي يطلب فيه الجنود رشوة من المسافرين. فإذا رفض المسافر دفع الرشوة سببوا له المشاكل. دفعنا حصتنا ومضينا من دون مشاكل.

تبدو إيران من الخارج مجتمعاً متماسكاً وقوياً غير أن نظرة متفحصة عن قرب تكشف هشاشة ما تسري فيه. هذا مجتمع فيه, كأشباهه من المجتمعات, أمراض وعلل مثل: الفساد والاحتيال والرشوة والسرقة والمخدرات والبطالة والقمع وغياب الحريات وقسر الناس على تبني آراء وأذواق وأزياء من دون إرادتهم. مجتمع تديره عصا السلطة التي تلتحف بالآيديولوجيا الدينية وتتحدث عن الأخطار الخارجية وتلح على الشجاعة وتلوح بالقوة.

ولكنها قوة المظهر.. القوة التي يتم بها تمويه الهزال الذي يعاني منه المجتمع في بنيانه. تماماً مثل قوة الاتحاد السوفياتي السابق: كان يغزو الفضاء ويملك الصواريخ العابرة للقارات، ولكنه انهار مثل برج من ورق.

JABER
12-19-2005, 03:58 PM
اغلب البلدان بها بطالة ورشاوي ومخدرات وليس فقط ايران ، فحتى الكويت البلد الغني بالنفط فيها بطالة ورشاوي ومخدرات وجميع الصحف تتحدث عن ذلك ، وايضا هناك امريكا فيها بطالة على قفا من يشيل والمخدرات تباع بالشارع ، فيكفي ترديد مثل هذه النغمة الممجوجة لانها صارت قديمة.

باباك خورمدين
12-20-2005, 09:28 PM
نعم أخي العزيز .. لا مشكلة في أن تتواجد المخدرات في أي مكان في أمريكا ، فرنسا ، بريطانيا وحتى المملكة العربية السعودية ، لكنها مشكلة فقط عندما تتواجد في إيران .
لا مشكلة من ظهور أي حالات فساد في كل مكان ، أمريكا التي لا يمر عام واحد قبل أن تكتشف الصحف حالة فساد كبرى ، أو ربما فضيحة جنسية لرئيس الجمهورية ، بريطانيا ، فرنسا ، مصر ، لكنها مشكلة وتستحق التوقف وتصبح دليلا على عدم وجود الديمقراطية إذا اكتشفت مجرد حالة فساد وظيفية في إيران .
لا مشكلة من وجود البطالة والفقر الذي وصل تعداد ضحاياه في أمريكا إلى 40 مليون نسمة بينما تنفق الحكومة ملايينها في بناء حاملات الطائرات الفخمة وصناعة الصواريخ العابرة للقارات والباليستية ، لكن هذا لا يعد دليلا على أنها ستهوي كبرج من ورق ، وإنما هو فقط دليل عندما يتعلق الأمر بإيران .
إن هذه النغمة تثير السخرية والشفقة في الواقع ، فإيران كما يدرك هؤلاء تتطور إلى الأفضل في حين تواجه المشاريع العلمانية الأمريكية مأزق غير قابل للحل في العالم الإسلامي ، وبالتالي فلابد من إسقاط هذا النموذج الضخم والذي تمكن حتى الآن من البقاء رغم الحصار والعداء الدولي .
إن نغمة القوة الواثقة لم تثر في هذا الكاتب سوى الزعر لأنها تدليل على مدى ثبات وقوة هذا النظام وهو ما يستطيع أن يتقبله أبناء العلمانية الإقصائية الجديدة .
باباك خورمدين

جمال
12-20-2005, 09:39 PM
اكثر دول العالم تعاني من مشاكل اجتماعية وصحية ، اما ايران فبسبب قربها من افغانستان التى لم يكن فيها نظام مركزي وحكومي قوى منذ سنين عديدة ، فهو سبب رئيسى لإنتشار المخدرات بسبب وجود مزارع المخدرات فى افغانستان المجاورة ، وهو ما ساعد على تهريب هذه المادة الى ايران بكثرة لتكون جسرا الى اوروبا وامريكا ، وقد ساعد نظام الطالبان المقبور على ازدهار هذه التجارة لتمويل دولتهم الدينية .

والتجارة بالمخدرات ساعدت بشكل رئيسي على انتشار البطالة في ايران لأن مردود هذه التجارة الكبير يساعد على ترك العمل المفيد والاتجاه الى هذه التجارة ، بالاضافة الى ما تسببه هذه المخدرات من تحطيم للقوى العاملة والمنتجة التى تتورط بالادمان على هذه المواد .

Monk
12-21-2005, 09:51 AM
قد يكون الكلام الذي ذكره الكاتب به شيئ من الصحة أو الخطأ, فإيران ليست بمدينة إفلاطون الفاضلة.

لكن هل سالنا انفسنا حين ندافع عن (أو نهاجم) الأوضاع بإيران, او باية دولة أخرى, هل نفعل ذلك بمنطقية وحيادية؟

هل العرق أو الاصل او المذهب يكون له دور بطريقة فهمنا للأمور, وحكمنا عليها؟

الإنسان بطبيعته, يميل للدفاع عن بني جلدته, وعمن ينتسب إليهم كأصل او كمذهب, فعلى سبيل المثال لا الحصر, لو كتب أحد الكتاب مقالة شبيهة بهذه المقالة, يشرح بها الاوضاع المزرية بالسعودية, لرأيتم بعض الاعضاء, كسلطان او شيخ السلفية او غيرهم, ممن ترجع أصولهم للجزيرة العربية, لرأيتموهم يبداون بالتهجم على هذا الكاتب, وبان مايكتبه هو كلام عار عن الصحة.


الطبيعة البشرية لا تتغير.