المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مسافر بلا خيال......الفريد فرج... ذكريات



المهدى
12-16-2005, 07:39 AM
محسن محمد


كانوا خمسة
ولدوا في الإسكندرية وتخرجوا في كلية الآداب بجامعتها، وقامت بينهم زمالة وصداقة.
محمود مرسي الفنان الشهير، ولم يكن حينذاك قد أدرك الشهرة، ولكنه كان يطمح للوصول إليها.
وفؤاد دوارة، الذي صار واحدا من أكبر وأصدق نقاد الأدب والفن في مصر، أما الثالث فكان والده تاجرا ناجحا، ومن هنا كان يشتري أغلي كتب الأدب والفن ويوزعها علي المجموعة يطالعونها ثم يعيدونها إليه.
وكانت هذه الكتب أهم مصادر المعرفة بالنسبة لهم.
وكانوا جميعا يتوقعون أن يصل صاحبهم إلي أعلي قمم الفن لولا أنه التحق بوظيفة حكومية بعد التخرج مباشرة.
والوظيفة لم تكن عائقا أمام مستقبل فني فبعض زملائه التحقوا بوظائف ولكن مشكلته الكبري أنه أحب بعنف وقوة
ولكن الحبيبة الغالية مثل الأفلام المصرية لم تستطع انتظاره حتي يصبح مؤهلا وقادرا علي الزواج دون مساعدة أبيه الذي كان يري أن علي ولده الانتظار.
تزوجت الحبيبة
وأدرك صاحبنا اليأس فأصر علي الابتعاد عن الإسكندرية وطلب نقله إلي أسوان.
وفي أسوان كان يمشي وحده علي النيل ويجلس أمامه صامتا لا يتكلم ورآه زملاؤه الموظفون فظنوا، وكان في تلك الأيام ما يدعوهم للظن بأنه من رجال المخابرات فمن ذا الذي يطلب النقل من الإسكندرية إلي أسوان إلا أن يكون في مهمة علي درجة كبيرة من الأهمية.
المهم
عاد من أسوان فكان الزملاء قد تفرقوا فتزوج وأنجب واستمر في الوظيفة الحكومية وترك مستقبلا مرموقا كان ينتظره.
الرابع وكان أسبقهم إلي عمل فني، التحق بجريدة الزمان مراسلا يتجول في كل مكان من الإسكندرية، يلتقط أخبار الحوادث والسفن القادمة والمسافرة.
ولكن شاء حظه أن يتدرب في الصحافة علي يد صحفي قدير عبقري هو محمد رشاد السيد الذي لمع كرئيس لتحرير جريدة الجورنال ديجبت، ولم يلمع في صحافة مصر العربية.
وكانت فترة العمل في جريدة الزمان بالإسكندرية هي التي أهلته لمشواره الصحفي الطويل، آخر المجموعة هو الفريد فرج.
في تلك الأيام كان قارئا نهما لكل ما يتعلق بالمسرح، وكأنه أدرك وهو شاب صغير السن أن حياته ومستقبله في المسرح.
قرأ في تلك الأيام قبل نصف قرن مسرحية جاء يحدث زملاءه عنها.
قال لهم بحماس:
طالعوا معي هذه المسرحية، وانظروا إلي حبكتها ولكن الأعجب نهايتها، إنها تدل علي عبقرية الكاتب.
وبعث الفريد فرج إلي مجلة آخر ساعة بالمسرحية.
ترجمها من الإنجليزية إلي العربية ونشرتها آخر ساعة في صفحتين، وكانت أول عمل أدبي لألفريد فرج.
وهذه هي المسرحية، أو فكرتها.
.....
فر صاحب الجلالة ملك بريطانيا من قصره هربا من الثوار.
وأدرك الثوار أن صاحب الجلالة لابد أنه في الطريق إلي فرنسا راقبوا السفن المغادرة وعرفوا أن الملك لم يغادر انجلترا بعد.
بعثوا بمجموعات منهم متنكرين في ملابس وأدوار شتي إلي المدن والقري قرب الساحل ليتابعوا الملك الهارب وليقبضوا عليه ويعيدوه إلي لندن لمحاكمته والحكم عليه.
هنا ينتقل المشهد إلي مطعم وبار يطل علي البحر.
إحدي المجموعات المكلفة بالقبض علي الملك تدخل المطعم لتناول العشاء والشراب.
يتطلعون إلي الجالسين في المطعم لعل صاحب الجلالة بينهم.
وكل منهم يتكلم عن الشخصيات التي رآها في المدينة ومن منهم يمكن أن يكون الملك متنكرا.
ويشرك 'الرفاق' الجرسون الذي يقوم علي خدمتهم وتقديم الطعام والشراب لهم، ويعرفونه بمهمتهم ويطلبون مساعدته.
ولا يجلس الجرسون معهم فليس من عمله وأصوله أن يجالس الزبائن والعملاء.
إنه يدلي بدلوه عن مكان اختفاء الملك وأين يوجد وكيف يتنكر، وعندما ينتهي الجميع من الطعام، يقوم رئيسهم بدفع الثمن، ويمنح الجرسون بقشيشا ضخما قائلا له بصوت خافت:
مساء الخير يا صاحب الجلالة!


فاتورة الفندق


في فرنسا مجلس للمنافسة، الهدف منه تشجيع المنافسة بين المؤسسات ومنع الاحتكار، وقد أصدر المجلس قرارا بتغريم أكبر ستة فنادق في باريس مبالغ تتراوح بين 55 ألف يورو و248 ألفا لأن هذه الفنادق اتفقت فيما بينها علي منع المنافسة وتحديد أسعار الإقامة بحيث لا يستطيع الزبون أن يقارن بين فندق وآخر أو يفضل أحدها علي الآخر.
المهم أن سعر الإقامة في هذه الفنادق يتراوح بين 700 يورو للحجرة و 6000 يورو للجناح.
الغرامة الكبري وقعت علي فندق 'كريون' الذي اعتاد النزول فيه امبراطور اليابان هيرو هيتو ونجمة الغناء مادونا.
ويليه فندق 'موريس' الذي نزل فيه الرئيس الأمريكي ويلانو روزفلت، وقد اقمت في الكريون ليلة واحدة.
كانت فرنسا قد غيرت عملتها من الفرنك القديم إلي فرنك جديد ولم أعرف ذلك.
وكان الفرنك القديم يساوي ألف سنت بينما الجديد يساوي عشرة.
وكان الوفد المصري برئاسة إسماعيل فهمي وزير الخارجية ينزل في 'الكريون' فرأيت النزول فيه.
وعندما قرأت الأسماء وجدتها قليلة فقلت:
ما المانع من النزول في هذا الفندق.
ولم أعرف أن الإدارة قد وضعت قائمة الأسعار بالفرنك الجديد وأنها علي هذا الأساس غالية ومرتفعة جدا.
ومن حسن الحظ أن نائب المدير كان شابا مصريا فخفض السعر بالنسبة لي والأستاذ محفوظ الأنصاري الذي تولي بعد ذلك رئاسة مجلس إدارة وكالة أنباء الشرق الأوسط.
أخذ نائب المدير يطوف بنا الفندق فقادنا إلي الممر الذي كانت تمشي فيه ماري أنطوانيت ملكة فرنسا في الفندق عندما كان قصرا وقبل أن يتحول إلي فندق.
قلت له:
هل هذا هو الممر الذي كان مقبرة الملكة وهي في طريقها إلي المقصلة.
قال:
ولماذا.. إنه كان مجرد قصر.
قلت:
لابد أنها سارت فيه قبل إعدامها.
قال:
ولماذا تعدم.
قلت وأنا أنظر إلي قائمة الأسعار:
لأنها لم تستطع سداد فاتورة الفندق!