فاتن
12-15-2005, 07:58 AM
صفقة وتكريم!
محمد عبدالقادر الجاسم
10/12/2005
ماذا تستفيد الكويت من تولي الشيخ صباح مسند الإمارة؟
لا شيء...
نعم لاشيء, فالشيخ صباح اخرج كل ما عنده.. فقد مضى على اشتراكه في ادارة البلاد نحو نصف قرن حيث تدرج من رئيس لدائرة المطبوعات الى الحاكم الفعلي للبلاد, وهو خلال السنوات الثلاث الماضية استهلك واستنفد كل ما لديه من افكار وطاقة, وها نحن نراه هو شخصيا غير سعيد بما أداه وان كان يضع اللوم على غيره في اخفاقه. لقد اجتهد فيما اعتقد انه يحقق مصلحة بلاده وكانت له نجاحاته واخفاقاته. ولا اظن ان توليه منصب الإمارة في هذه السن المتأخرة سوف "يقدح" عقله ويغير افكاره فيستكمل مسيرة الشيخ عبدالله السالم في تعزيز الديمقراطية والحريات في البلد مثلا!! وعلى ذلك يمكنني القول ان المهمة الوحيدة التي يمكن للشيخ صباح القيام بها بعد توليه مسند الإمارة كحاكم "رسمي" هي تصحيح الاخطاء التي ارتكبها هو نفسه حين كان حاكما "فعليا" للبلاد! وربما تبقى لديه فكرة واحدة يتمنى ان يتمكن من تنفيذها وهي تحويل مجلس الامة الى مجلس للشورى وتعيين جاسم الخرافي رئيسا له مدى الحياة!!
ان تولي الشيخ صباح مسند الإمارة لا يخرج عن كونه تحقيقا لطموح شخصي قديم لديه, بل هو قديم جدا لمن يعرف الشيخ صباح عن قرب, وهذا الطموح الشخصي لم يهدأ حتى بعد ان اصبح الشيخ صباح حاكما فعليا للبلاد فهو يريد ان يسجل اسمه في تاريخ الكويت كأمير لها لذلك نراه, كحال اي شخص طموح, دائم التوتر ولن يهدأ له بال مالم يستلم مسند الإمارة رسميا.
والسؤال الذي يجدر طرحه والاجابة عليه بصراحة هو هل هناك من يعترض على تولية الشيخ صباح مسند الإمارة؟
حسب معلوماتي لا يوجد من يعترض على ذلك لا من الأسرة الحاكمة, حتى الشيخ سالم العلي, ولا من الشعب. وعدم الاعتراض لا يعود بالضرورة الى القناعة بحسن ادارة الشيخ صباح للبلاد لكن عدم الاعتراض يعود الى امور اخرى اهمها ان الأسرة الحاكمة في الكويت لم تتبنى من قبل معيار الكفاءة في االمفاضلة بين المرشحين للحكم فلماذا تتبنى هذا المنهج حين جاء الدور على الشيخ صباح؟
قلت اكثر من مرة ان الشيخ سالم العلي لم يطرح نفسه كمرشح للحكم رغم انه لو "بغاها واشتغل عليها" فإنه حتما سوف يحصل عليها ولن يكون بمقدور الشيخ صباح منعه, لكن طالما كان الشيخ سالم عازفا عن الحكم وليس هناك من الشيوخ ممن هم في طبقة عمر الشيخ صباح من يسعى للحكم فإنه, أي الشيخ صباح, يصبح المرشح الوحيد لتولي الإمارة. غير ان الشيخ صباح استعجل الأمور في شهر رمضان الماضي فسعى لوراثة الاحياء بكل ما يملك من قدرات وباستنفار كامل لأفراد فريقه مع تسخير زخم اعلامي هائل محلي وعبر وكالات انباء عالمية واستخدام مكثف لسلاح الاشاعات فضلا عن محاولة تصوير مسألة اسناد الإمارة او ولاية العهد الى الشيخ صباح وكأنها مطلب شعبي وكان ذلك من خلال استخدام جاسم الخرافي في مسرحية الحسم وكانت النتيجة الفشل الذريع.
واذ تراجع الشيخ صباح ومعه الخرافي عن فكرة وراثة الاحياء فقد تعززت مكانة الشيخ سالم العلي داخل الأسرة الحاكمة بعد ان تمكن من احياء معادلة القطبية وطبق مقولة "السلطة تحد السلطة", اما على المستوى الشعبي فقد ظهر فريق الشيخ صباح بصورة مهزوزة ومصداقية مضروبة. ورغم ان تصريحات الشيخ صباح بشأن ترتيب بيت الحكم توحي بأنه تم اغلاق الملف إلا ان الواقع هو انه تم فتح صفحة جديدة من الملف وتجري حاليا محاولة هادئة للترتيب وقد نشرت الصحف تلميحات عنها في اطار الاجتماع الذي عقد قبل نحو اسبوعين بين الشيخ سالم العلي والشيخ صباح.
واذا كان من الصعب معرفة مادار بين الشيخين في ذلك الاجتماع معرفة دقيقة فإننا لا نملك الا ان نشيد بالاسلوب الذي يتبع حاليا لترتيب بيت الحكم وهو اسلوب رجال الدولة الذين يتحدثون بوحي من المسؤولية خلف ابواب مغلقة وبصراحة تامة, واتمنى من الشيخ صباح ان يستغني في هذه المرحلة تحديدا من مفاوضاته مع الشيخ سالم العلي عن خدمات فرقة احمد حسب الله وجاسم الخرافي كي لا "تخترب عليه الطبخة" وكي لا يضطر لتسديد "فواتير الدعم" مستقبلا.
ان تولية الشيخ صباح مسند الإمارة يجب ان ينظر اليه على انه بمثابة "تكريم" له لا باعتبار ان توليته سوف تقود البلاد الى عصر النهضة, فليس لدى الشيخ صباح افكارا جديدة, واعوانه مشغولين بالهبش يمينا وشمالا, والشيخ صباح ليس بالعمر الذي يمكنه من تحقيق نقلة نوعية في ادارة البلاد, ولو كان لديه شيئا مميزا لاستخدمه طوال السنوات الثلاث الماضية فهو المتصرف بشؤون الدولة لوحده. كما ان منهجه في الادارة معروف واختياراته للأشخاص معروف اساسها ولا داعي ان نكرر الحديث حول بطانته. وعلى ذلك يجب على الأسرة الحاكمة والشعب التعامل مع تولية الشيخ صباح باعتبارها "تكريم" له في ختام حياته العملية, ومن جهته هو عليه ان ينظر اليها باعتبارها "ترضية" لطموح قديم تأخر تنفيذه, وعليه ان يسترخي من بعد تحقيق هذا الطموح الشخصي ويبتعد نهائيا لمصلحته ومصلحة الكويت عن ادارة الشؤون اليومية.
ان هذه النظرة لتولية الشيخ صباح مسند الإمارة من شأنها ان تفتح الباب على مصراعيه لاستقرار الأسرة الحاكمة ولتحقيق مصلحة البلاد. ويتحقق ذلك اذا تم ترتيب صفقة متكاملة (باكج ديل) تشمل "تنصيب" الشيخ صباح اميرا للبلاد وتسمية ولي عهده ورئيس الوزراء على ان تسند امور الحكم الفعلي لولي العهد ورئيس الوزراء فيما يبتعد الشيخ صباح عن الادارة اليومية. واقول هنا وبكل صراحة اننا لا نريد ان ينفرد الشيخ صباح باختيار ولي عهده ولا رئيس الوزراء فاختياراته مبنية دائما على معايير غير موضوعية بل هي معايير شخصية بحتة لذلك يجب ان يرتبط "تنصيب" الشيخ صباح بموافقته على من يتم اختيارهما لولاية عهده ورئاسة الوزراء في مرحلته.
ان صفقة مثل هذه يدعمها الشيخ سالم العلي سوف توحد الأسرة الحاكمة خلف شيوخها الكبار وتغلق ملف الخلافة لأطول مدة حيث تكون امور الخلافة قد حسمت على مستوى جيلين من الحكم من بعد الشيخ صباح. أما بالنسبة لموقف الشعب الكويتي من تلك الصفقة فمن المؤكد ان رد الفعل سوف يكون ايجابيا الى ابعد الحدود خاصة اذا كان اختيار ولي العهد ورئيس الوزراء اختيارا موضوعيا سليما.
واذا كانت تولية الشيخ صباح في اطار صفقة الترضية له امر ميسور فإن اختيار ولي عهده ورئيس الوزراء يحتاج الى حديث صريح.
لقد سبق لي ان ناديت بضرورة تخطي شيوخ الصف الثاني في ترتيبات الحكم, وهم الشيخ نواف الاحمد والشيخ مشعل الاحمد وغيرهما من نفس الجيل( راجع مقال الانتقال الافقي للحكم) واسناد الامورلأكفأ افراد شيوخ الصف الثالث, ولابد هنا من تحقيق تطور جوهري في اطار اسناد المناصب للشيوخ. فلم يعد مناسبا اليوم تغليب اعتبارات السن والفرع والولاء الشخصي على اعتبار الكفاءة. ان الغاء هذه الاعتبارات غير المجدية يأتي بهدف توفير قائمة من الاختيارات من بين صفوف شباب الأسرة وهي قائمة يجب ان تقيدها قاعدة دستورية واحدة هي ان يكون الاختيار من بين ذرية مبارك.
واظن ان هناك من يشاركني الرأي بأن قائمة الاختيار على اساس الكفاءة تبقى محدودة جدا قياسا على قائمة العمر والفرع والولاء الشخصي فهناك مشكلة حقيقية في الكفاءة لدى شباب الأسرة الحاكمة. ولا يخطرعلى البال حين نحاول وضع "قائمة الكفاءة" غير الشيخ الدكتور محمد الصباح والشيخ محمد الخالد والشيخ علي سالم العلي. اما عن الشيخ احمد الفهد فلابد من استبعاده نهائيا من قائمة الكفاءة فقد استهلك رصيده الشعبي بل واستدان من رصيد والده رحمه الله وهو غامر بمصداقيته وثقة الناس به فخسر المغامرة وليس هناك من شك في ان ظلال فضيحة هاليبرتون وهي الفضيحة المرشحة للتفاعل قريبا ومعها كذلك فضيحة التجاوزرات المالية المنسوبة للجنة المنظمة لدورة كأس الخليج لكرة القدم وكذلك قضية الافلاس... كل هذه القضايا وقضايا اخرى من شأنها ان تقضي على المستقبل السياسي للشيخ احمد الفهد مالم ينقذه الشيخ صباح وان كنت اشك في امكانية مثل هذا الانقاذ باعتبار ان الشيخ احمد الفهد بدأ يشكل عبئا على الشيخ صباح في توقيت يحتاج فيه الشيخ صباح لكسب الشعبية والظهور بمظهر الاصلاحي الذي يحارب الفساد!
ان ما يميز الشيخ الدكتور محمد الصباح والشيخ محمد الخالد والشيخ على سالم العلي انهم لم يتلوثوا سياسيا ولا تدور حول ذمتهم المالية اية شبهات كما انهم لم يدخلوا في خصومات سياسية ولم تتسخ ايديهم باستخدام المال السياسي وليس في سجلهم السياسي ما يشير الى كراهيتهم للحريات والديمقراطية.
ختاما اعلم ان هذا المقال سوف يثير جدلا كبيرا بسبب اشارتي لأسماء "قائمة الكفاءة" رغم ان الهدف من هذا المقال ليس تلك التسمية وانما الهدف هو دعم وتشجيع "صفقة الترضية".. فاعطوا الشيخ صباح الحكم وامنحوا الكويت في المقابل الأمان والاستقرار مع قائمة الكفاءة.. اما بطانة الشيخ صباح وفرقة احمد حسب الله فأروقة الديوان يمكن ان "تضفهم"!!
محمد عبدالقادر الجاسم
10/12/2005
ماذا تستفيد الكويت من تولي الشيخ صباح مسند الإمارة؟
لا شيء...
نعم لاشيء, فالشيخ صباح اخرج كل ما عنده.. فقد مضى على اشتراكه في ادارة البلاد نحو نصف قرن حيث تدرج من رئيس لدائرة المطبوعات الى الحاكم الفعلي للبلاد, وهو خلال السنوات الثلاث الماضية استهلك واستنفد كل ما لديه من افكار وطاقة, وها نحن نراه هو شخصيا غير سعيد بما أداه وان كان يضع اللوم على غيره في اخفاقه. لقد اجتهد فيما اعتقد انه يحقق مصلحة بلاده وكانت له نجاحاته واخفاقاته. ولا اظن ان توليه منصب الإمارة في هذه السن المتأخرة سوف "يقدح" عقله ويغير افكاره فيستكمل مسيرة الشيخ عبدالله السالم في تعزيز الديمقراطية والحريات في البلد مثلا!! وعلى ذلك يمكنني القول ان المهمة الوحيدة التي يمكن للشيخ صباح القيام بها بعد توليه مسند الإمارة كحاكم "رسمي" هي تصحيح الاخطاء التي ارتكبها هو نفسه حين كان حاكما "فعليا" للبلاد! وربما تبقى لديه فكرة واحدة يتمنى ان يتمكن من تنفيذها وهي تحويل مجلس الامة الى مجلس للشورى وتعيين جاسم الخرافي رئيسا له مدى الحياة!!
ان تولي الشيخ صباح مسند الإمارة لا يخرج عن كونه تحقيقا لطموح شخصي قديم لديه, بل هو قديم جدا لمن يعرف الشيخ صباح عن قرب, وهذا الطموح الشخصي لم يهدأ حتى بعد ان اصبح الشيخ صباح حاكما فعليا للبلاد فهو يريد ان يسجل اسمه في تاريخ الكويت كأمير لها لذلك نراه, كحال اي شخص طموح, دائم التوتر ولن يهدأ له بال مالم يستلم مسند الإمارة رسميا.
والسؤال الذي يجدر طرحه والاجابة عليه بصراحة هو هل هناك من يعترض على تولية الشيخ صباح مسند الإمارة؟
حسب معلوماتي لا يوجد من يعترض على ذلك لا من الأسرة الحاكمة, حتى الشيخ سالم العلي, ولا من الشعب. وعدم الاعتراض لا يعود بالضرورة الى القناعة بحسن ادارة الشيخ صباح للبلاد لكن عدم الاعتراض يعود الى امور اخرى اهمها ان الأسرة الحاكمة في الكويت لم تتبنى من قبل معيار الكفاءة في االمفاضلة بين المرشحين للحكم فلماذا تتبنى هذا المنهج حين جاء الدور على الشيخ صباح؟
قلت اكثر من مرة ان الشيخ سالم العلي لم يطرح نفسه كمرشح للحكم رغم انه لو "بغاها واشتغل عليها" فإنه حتما سوف يحصل عليها ولن يكون بمقدور الشيخ صباح منعه, لكن طالما كان الشيخ سالم عازفا عن الحكم وليس هناك من الشيوخ ممن هم في طبقة عمر الشيخ صباح من يسعى للحكم فإنه, أي الشيخ صباح, يصبح المرشح الوحيد لتولي الإمارة. غير ان الشيخ صباح استعجل الأمور في شهر رمضان الماضي فسعى لوراثة الاحياء بكل ما يملك من قدرات وباستنفار كامل لأفراد فريقه مع تسخير زخم اعلامي هائل محلي وعبر وكالات انباء عالمية واستخدام مكثف لسلاح الاشاعات فضلا عن محاولة تصوير مسألة اسناد الإمارة او ولاية العهد الى الشيخ صباح وكأنها مطلب شعبي وكان ذلك من خلال استخدام جاسم الخرافي في مسرحية الحسم وكانت النتيجة الفشل الذريع.
واذ تراجع الشيخ صباح ومعه الخرافي عن فكرة وراثة الاحياء فقد تعززت مكانة الشيخ سالم العلي داخل الأسرة الحاكمة بعد ان تمكن من احياء معادلة القطبية وطبق مقولة "السلطة تحد السلطة", اما على المستوى الشعبي فقد ظهر فريق الشيخ صباح بصورة مهزوزة ومصداقية مضروبة. ورغم ان تصريحات الشيخ صباح بشأن ترتيب بيت الحكم توحي بأنه تم اغلاق الملف إلا ان الواقع هو انه تم فتح صفحة جديدة من الملف وتجري حاليا محاولة هادئة للترتيب وقد نشرت الصحف تلميحات عنها في اطار الاجتماع الذي عقد قبل نحو اسبوعين بين الشيخ سالم العلي والشيخ صباح.
واذا كان من الصعب معرفة مادار بين الشيخين في ذلك الاجتماع معرفة دقيقة فإننا لا نملك الا ان نشيد بالاسلوب الذي يتبع حاليا لترتيب بيت الحكم وهو اسلوب رجال الدولة الذين يتحدثون بوحي من المسؤولية خلف ابواب مغلقة وبصراحة تامة, واتمنى من الشيخ صباح ان يستغني في هذه المرحلة تحديدا من مفاوضاته مع الشيخ سالم العلي عن خدمات فرقة احمد حسب الله وجاسم الخرافي كي لا "تخترب عليه الطبخة" وكي لا يضطر لتسديد "فواتير الدعم" مستقبلا.
ان تولية الشيخ صباح مسند الإمارة يجب ان ينظر اليه على انه بمثابة "تكريم" له لا باعتبار ان توليته سوف تقود البلاد الى عصر النهضة, فليس لدى الشيخ صباح افكارا جديدة, واعوانه مشغولين بالهبش يمينا وشمالا, والشيخ صباح ليس بالعمر الذي يمكنه من تحقيق نقلة نوعية في ادارة البلاد, ولو كان لديه شيئا مميزا لاستخدمه طوال السنوات الثلاث الماضية فهو المتصرف بشؤون الدولة لوحده. كما ان منهجه في الادارة معروف واختياراته للأشخاص معروف اساسها ولا داعي ان نكرر الحديث حول بطانته. وعلى ذلك يجب على الأسرة الحاكمة والشعب التعامل مع تولية الشيخ صباح باعتبارها "تكريم" له في ختام حياته العملية, ومن جهته هو عليه ان ينظر اليها باعتبارها "ترضية" لطموح قديم تأخر تنفيذه, وعليه ان يسترخي من بعد تحقيق هذا الطموح الشخصي ويبتعد نهائيا لمصلحته ومصلحة الكويت عن ادارة الشؤون اليومية.
ان هذه النظرة لتولية الشيخ صباح مسند الإمارة من شأنها ان تفتح الباب على مصراعيه لاستقرار الأسرة الحاكمة ولتحقيق مصلحة البلاد. ويتحقق ذلك اذا تم ترتيب صفقة متكاملة (باكج ديل) تشمل "تنصيب" الشيخ صباح اميرا للبلاد وتسمية ولي عهده ورئيس الوزراء على ان تسند امور الحكم الفعلي لولي العهد ورئيس الوزراء فيما يبتعد الشيخ صباح عن الادارة اليومية. واقول هنا وبكل صراحة اننا لا نريد ان ينفرد الشيخ صباح باختيار ولي عهده ولا رئيس الوزراء فاختياراته مبنية دائما على معايير غير موضوعية بل هي معايير شخصية بحتة لذلك يجب ان يرتبط "تنصيب" الشيخ صباح بموافقته على من يتم اختيارهما لولاية عهده ورئاسة الوزراء في مرحلته.
ان صفقة مثل هذه يدعمها الشيخ سالم العلي سوف توحد الأسرة الحاكمة خلف شيوخها الكبار وتغلق ملف الخلافة لأطول مدة حيث تكون امور الخلافة قد حسمت على مستوى جيلين من الحكم من بعد الشيخ صباح. أما بالنسبة لموقف الشعب الكويتي من تلك الصفقة فمن المؤكد ان رد الفعل سوف يكون ايجابيا الى ابعد الحدود خاصة اذا كان اختيار ولي العهد ورئيس الوزراء اختيارا موضوعيا سليما.
واذا كانت تولية الشيخ صباح في اطار صفقة الترضية له امر ميسور فإن اختيار ولي عهده ورئيس الوزراء يحتاج الى حديث صريح.
لقد سبق لي ان ناديت بضرورة تخطي شيوخ الصف الثاني في ترتيبات الحكم, وهم الشيخ نواف الاحمد والشيخ مشعل الاحمد وغيرهما من نفس الجيل( راجع مقال الانتقال الافقي للحكم) واسناد الامورلأكفأ افراد شيوخ الصف الثالث, ولابد هنا من تحقيق تطور جوهري في اطار اسناد المناصب للشيوخ. فلم يعد مناسبا اليوم تغليب اعتبارات السن والفرع والولاء الشخصي على اعتبار الكفاءة. ان الغاء هذه الاعتبارات غير المجدية يأتي بهدف توفير قائمة من الاختيارات من بين صفوف شباب الأسرة وهي قائمة يجب ان تقيدها قاعدة دستورية واحدة هي ان يكون الاختيار من بين ذرية مبارك.
واظن ان هناك من يشاركني الرأي بأن قائمة الاختيار على اساس الكفاءة تبقى محدودة جدا قياسا على قائمة العمر والفرع والولاء الشخصي فهناك مشكلة حقيقية في الكفاءة لدى شباب الأسرة الحاكمة. ولا يخطرعلى البال حين نحاول وضع "قائمة الكفاءة" غير الشيخ الدكتور محمد الصباح والشيخ محمد الخالد والشيخ علي سالم العلي. اما عن الشيخ احمد الفهد فلابد من استبعاده نهائيا من قائمة الكفاءة فقد استهلك رصيده الشعبي بل واستدان من رصيد والده رحمه الله وهو غامر بمصداقيته وثقة الناس به فخسر المغامرة وليس هناك من شك في ان ظلال فضيحة هاليبرتون وهي الفضيحة المرشحة للتفاعل قريبا ومعها كذلك فضيحة التجاوزرات المالية المنسوبة للجنة المنظمة لدورة كأس الخليج لكرة القدم وكذلك قضية الافلاس... كل هذه القضايا وقضايا اخرى من شأنها ان تقضي على المستقبل السياسي للشيخ احمد الفهد مالم ينقذه الشيخ صباح وان كنت اشك في امكانية مثل هذا الانقاذ باعتبار ان الشيخ احمد الفهد بدأ يشكل عبئا على الشيخ صباح في توقيت يحتاج فيه الشيخ صباح لكسب الشعبية والظهور بمظهر الاصلاحي الذي يحارب الفساد!
ان ما يميز الشيخ الدكتور محمد الصباح والشيخ محمد الخالد والشيخ على سالم العلي انهم لم يتلوثوا سياسيا ولا تدور حول ذمتهم المالية اية شبهات كما انهم لم يدخلوا في خصومات سياسية ولم تتسخ ايديهم باستخدام المال السياسي وليس في سجلهم السياسي ما يشير الى كراهيتهم للحريات والديمقراطية.
ختاما اعلم ان هذا المقال سوف يثير جدلا كبيرا بسبب اشارتي لأسماء "قائمة الكفاءة" رغم ان الهدف من هذا المقال ليس تلك التسمية وانما الهدف هو دعم وتشجيع "صفقة الترضية".. فاعطوا الشيخ صباح الحكم وامنحوا الكويت في المقابل الأمان والاستقرار مع قائمة الكفاءة.. اما بطانة الشيخ صباح وفرقة احمد حسب الله فأروقة الديوان يمكن ان "تضفهم"!!